احتفالات إثيوبيا بالعام الجديد 2015.. تقويم مختلف وطقوس فريدة

احتفالات الشعوب والقوميات برأس السنة الإثيوبية تطغى عليها عادات وتقاليد قديمة (رويترز)

أديس أبابا- تحتفل إثيوبيا الأحد المقبل بالعام الجديد 2015 والذي يوافق حسب التقويم الميلادي يوم 11 سبتمبر/أيلول من كل عام، في تقويم مختلف، حيث لا تزال البلاد متمسكة بتقويم الكنيسة القبطية والمعروف محليا بالتقويم الإثيوبي، والذي يتأخر عن التقويم الميلادي بأكثر من 7 سنوات.

ودأبت إثيوبيا على الاحتفال بعامها الجديد على طريقتها، إذ تستمر الاحتفالات أسبوعا كاملا تتخلله برامج رسمية لمدة 5 أيام، بجانب الاهتمامات الشعبية من توزيع الهدايا والبرامج الأسرية المتكاملة والتي من بينها الذبائح.

الاحتفال بـ "يوم الوحدة"

وكانت اللجنة المنظمة للاحتفال السنوي أعلنت، مطلع الأسبوع الماضي، أن البعثات الدبلوماسية والقنصلية والتمثيلية بالخارج والإثيوبيين سيحتفون بـ "يوم الوحدة " في 10 سبتمبر/أيلول 2022 باحتفالية وكرنفال كبير تحت شعار "أنا أقف من أجل وحدة بلادي".

وعبر الصحفي والباحث الإثيوبي، كمال سليمان، عن سعادته بقدوم سنة 2015، وقال إنها تعني الكثير حيث يترقبها الجميع في الداخل والخارج، ويسبقها تحضيرات على المستوى الرسمي والشعبي من خلال باقة متنوعة من الأنشطة التي تتزين بها البيوت والشوارع والمكاتب العامة.

وأوضح سليمان، للجزيرة نت، أن العام الجديد يتطلع فيه الجميع إلى مشاهد وأمنيات جديدة يتبادلها الجميع مسلمين ومسيحيين باعتباره التقويم الذي يعمل به جميع الإثيوبيين منذ القدم.

احتفالات العام الجديد بإثيوبيا يسبقها تحضيرات على المستوى الرسمي والشعبي عبر أنشطة متنوعة (رويترز)

السنة الإثيوبية من 13 شهرا

تتفرد هذه البلاد بتقويمها الخاص، إذ تتكون السنة الإثيوبية من 13 شهرا، ويبلغ عدد أيام كل شهر من شهورها الـ 12 الأولى 30 يوما، بينما يبلغ عدد أيام الشهر الـ 13 5 أو 6 أيام في السنة الكبيسة التي تأتي مرة كل 4 أعوام.

ويعرف الشهر الـ 13 باسم "باغمي" باللغة الأمهرية، ويكون في آخر العام، ولا تدفع فيه الأجور للموظفين والعمال، وهو عندهم شهر أيام شروق الشمس، وتمارس فيه طقوس غريبة.

ويعد من الأشهر المقدسة لمسيحيي إثيوبيا، خاصة أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، حيث يستحم فيه لمدة 5 أو 6 أيام في الأنهار والبحار، وتعتبر أيام الغسل من الذنوب، وهي من المعتقدات التي ما تزال متداولة هناك.

استعدادات رسمية وشعبية

وفي إطار الاستعدادات للاحتفال برأس السنة الجديدة، أقيمت بالعاصمة أديس أبابا معارض مختلفة (مستلزمات الأسر من ملابس وحلوى وزينة منازل وألعاب أطفال) إيذانا بانتهاء 2014 وقدوم 2015، حسب التقويم الإثيوبي.

وفي مشهد كرنفالي تتخلله طقوس فريدة وعادات لا تجدها إلا بهذا البلد الأفريقي، اكتست الشوارع وتزينت الطرقات منذ أسبوع بالأعلام ولافتات التهاني أمام المؤسسات الحكومية والهيئات الخاصة، استعدادا للاحتفال بقدوم العام الجديد.

وأطلقت الحكومة برنامج للأيام الخمسة من شهر "باغمي" لأعمال الخير والتعاون والتطوع والسلام، وخصصت اليوم الأول والذي وافق الثلاثاء الماضي بيوم الرحمة والخير، في حين خصص اليوم الثاني للتطوع وخدمة الآخرين، وهكذا يوم السلام والمحبة.

ووفق توزيع الأيام وشعاراتها، انتظمت بالعاصمة والمدن الكبرى برامج تطوعية تقدمها الوزراء والمسؤولون على مختلف مستوياتهم لتقديم الخدمات والأعمال الخيرية في مساعدة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، ومشروعات إصلاح البيئة بالمدن إلى جانب مخاطبات وإرشادات.

احتفالية دينية وقومية

تعد احتفالية رأس السنة الإثيوبية مهرجانا دينيا وقوميا حيث يحرص المواطنون على ارتداء الزي الشعبي الذي غالبا ما يأتي باللون الأبيض تفاؤلا واستبشارا بالعام الجديد، وإن تخللته ألوان أخرى تبعا لتعدد ثقافات الشعوب والقوميات في هذا البلد والتي تبلغ نحو أكثر من 80 قومية.

وعاد الصحفي سليمان ليشير إلى علاقة العام الإثيوبي بالتقويم القبطي المصري، قائلا إن التقويم الأثيوبي يعتبر تقويما شمسيا من 13 شهرا، وتم تداوله على مر التاريخ واعتمدته الكنيسة القبطية المصرية التي كانت تشرف على الكنائس الإثيوبية الأرثوذكسية، وفي السابق.

وأضاف أن التقويم له سمة مرتبطة بالتقويم الشمسي ومتعارف عليه ومعمول به لدى الكنائس الإثيوبية التي كان لها تأثير كبير سياسيا ودينيا واقتصاديا، فأصبح بعدها متداولاً حتى اليوم كتقويم منفرد في إفريقيا ويعمل به في الدوائر الحكومية والخاصة وله طابع ديني وقومي وثقافي لدى الشعوب الإثيوبية.

ولفت سليمان إلى أن دور العبادة خاصة لدى المسيحيين (الأرثوذكس) خلال هذه الأيام (العام الجديد) تكتظ بالعبادة والترانيم، والنظر إلى المحطات الأخيرة من العام.

لهذا فهو يعتبر احتفالا دينيا لارتباطه بالتقويم الديني الكنسي الخاضع لإشراف الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية التي تعتقد أن المسيح عليه السلام ولِد في غَير اليوم الذي تعتقد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أنه ولِد فيه، وهو ما يوجد فرقا مقداره 7 أو 8 سنوات بين التقويم الإثيوبي والميلادي.

ويقال إن الاحتفال بالعام الإثيوبي الجديد يعود إلى الوقت الذي عادت فيه بلقيس ملكة سبأ من زيارتها للملك سليمان بالقدس عام 980 قبل الميلاد، حيث تم الترحيب بها في بلدها بالعديد من المجوهرات، والمعروفة أيضًا باسم "أنقوطاطاش" في اللغة الوطنية الرسمية.

Turmi, Ethiopia - September 2017: Unidentified Ethiopian people celebrating the Meskel festival in Ehtiopia. Meskel commemorates the finding of the True Cross
دور العبادة خاصة لدى المسيحيين (الأرثوذكس) خلال أيام العام الجديد تكتظ بالترانيم (شترستوك)

أنقوطاطاش.. طقوس فريدة

ضمن احتفالات الشعوب والقوميات الإثيوبية برأس السنة، تطغى عادات وتقاليد، تشترك في تزيين المنازل والطرقات بزهور برية صفراء لا تنبت إلا في هذا البلد وتعرف باسم "أدي أبابا" بلونها الأصفر الزاهي حيث يتفاءلون بظهورها أول شهر من السنة الإثيوبية ويعرف بـ "مسكرم".

ويتبادل الإثيوبيون كلمة "أنقوطاطاش" التي تحمل مدلولات تتضمن التيمن بالعام الجديد وكذلك الشهر الذي تنبت فيه الزهور وتخضر الأرض، كما يتبادلون التهاني بعبارات "ملكام حديث عامت" وتعني (عاما سعيدا).

و"أنقوطاطاش" تعني "هدية الجواهر" وتحمل الكثير من الرمزية التفاؤلية بنهاية موسم الأمطار، بعد أن اكتست الأرض بالخضرة وتحولت إلى ساحات وواحات خضراء على امتداد البلاد.

وقد عبرت بيتي قيتاجو (موظفة، 35 عاما) عن سعادتها بقدوم السنة الإثيوبية الجديدة قائلة "أتمنى لكل شعب إثيوبيا عاما جديدا مليئا بالأفراح والسعادة والأمن والاستقرار".

وأضافت -للجزيرة نت- أنها دأبت على الإعداد للاحتفال بالسنة الجديدة بشراء الملابس لها ولأسرتها، وتزيين منزلها بالورود والعشب الأخضر تفاؤلا بالسنة الجديدة.

وعادة ما تستمر احتفالات العام الإثيوبي الجديد إلى أسبوع في تجمعات عائلية، وتنحر الذبائح، ويحتفل الأطفال على طريقتهم، حيث يلفون شوارع مدنهم حاملين باقة من الزهور وأوراقا كتبت عليها عبارات التهاني والتبريكات بالسنة الجديدة، ويقدمونها للكبار مرددين عبارة "أنقوطاطاش".

ويقضي الإثيوبيون عامهم الجديد، الأحد المقبل، في المنازل بالمشاركة في الأطعمة والمشروبات التقليدية، حيث تتولى المرأة مهمة إعداد الطعام والشراب، ويقوم الرجال بتقديم الذبيحة وشراء الهدايا.

المصدر : الجزيرة