بعد عامين من الانقطاع بسبب كورونا.. مساجد بالكويت تفتح أبوابها للمعتكفين

الكويت ـ بعد عامين من الانقطاع عن الاعتكاف بسبب كورونا، تفتح بعض مساجد الكويت أبوابها مجددا للمعتكفين وفق قائمة حددتها وزارة الأوقاف قبل نحو أسبوعين.

وأعلنت الكويت تخصيص 30 معتكَفا موزعة على محافظات البلاد الست، ليقبل راغبي الاعتكاف على المساجد بشوق وقد أعدّوا العدة ليدخلوا بحقائب كأنهم مسافرون إلى الله على متن الرحلة الرمضانية مدة 10 أيام متصلة تقودهم إلى التغير الإيجابي في حياتهم.

يستعد عبد الله مرزوق العبد الله أو كما يطلق عليه رجال الجمعيات الخيرية الشيخ أبو أيوب، لفرط نشاطه في خدمة الآخرين، بفرش للنوم وقليل من الشاي والقهوة والسكر ويذهب إلى مسجد مقبرة الصليبخات البعيد عن بيته وهناك يقضي العشر الأواخر من شهر رمضان.

ويقول العبد الله -للجزيرة نت- إنه يحرص على الاعتكاف منذ أكثر من 20 عاما فهو سنّة نبوية تجعل الإنسان في خلوة مع الله سبحانه، "وينعزل عن الدنيا وعن الناس كي يراجع نفسه ويغسل النفس من الذنوب والإغراءات والانشغالات".

ويضيف أنه قابل في حياته العديد من الناس الذين تغيرت حياتهم تماما بعد الاعتكاف، موضحا أن المعتكفين يقسمون المهام فيما بينهم فهناك المسؤول عن إعداد الإفطار وآخر عن إعداد السحور، "ونكون في العادة بين 10 أشخاص إلى 15 شخصا، ندخل معا التجربة الروحانية الجميلة".

التفرغ للعبادة

أما الشيخ أحمد عبد المنعم الإمام و الخطيب بوزارة الأوقاف الكويتية فيرى أن الاعتكاف حالة يصاحبها الانقطاع عن العلاقات والتفرغ لعبادة الخالق.

ويضيف عبد المنعم -للجزيرة نت- أن هناك بعض الأمور التي يجب على المعتكف تحديدها قبل شروعه في الأمر، "فمثلا اختيار المسجد الذي توجد فيه صحبة تعين على الطاعة مع إعداد الورد اليومي أو ما أقوم به من أمور تعبدية خلال الاعتكاف سواء مع نفسي أو بمشاركة الآخرين، وهناك بعض الإجراءات عند دخول المسجد منها أن نقوم بملء استمارة تعارف فيها كل البيانات وتوضع عند إمام المسجد الذي غالبا ما يوضح بيان آداب الاعتكاف والأمور التي يلتزم بها المعتكف داخل الاعتكاف".

ويوضح أن برنامجه شخصيا يشمل "حضور الصلوات مبكرا مع قراءة ورد القرآن يوميا ثم جلسة تصحيح التلاوة من بعد صلاة العصر، وبعد الإفطار والتراويح نعقد مجلسا إيمانيا يتحدث فيه أحد الضيوف أو أحد المعتكفين وأحيانا نعقد حلقة نقاش عامة حول أحد المواضيع التي تهم المسلمين".

ويشير عبد المنعم إلى أن "أجمل ما في الاعتكاف حالة الألفة التي تنشأ بين المعتكفين من المعايشة والاجتماع على طاعة الله تعالى إلى جانب اكتشاف الإنسان لنفسه؛ فهو في وسط المجموعة يشعر بأهميته وفاعليته وأنه من الممكن أن يكون أفضل مما هو عليه بكثير".

منذ الصغر

أما سمير رزق فبدأ تجربته في الاعتكاف وهو صغير السن، فكان يعتكف مع والده، ويهتم بحلق الذكر ودورس العلم.

ويقول رزق للجزيرة نت "بدأنا الاعتكاف بصفاء الذهن للابتعاد عن مشاغل الحياة و صخبها، والتدبر ومحاسبة النفس، ويمثل تجربة شخصية جيدة للمحاسبة، وفيه فتوحات من الله، وشحنة إيمانية، أكتفي بالقليل من الطعام، وأفضّل الاعتكاف وحدي، حتى لا يخوض الإنسان في كثير من الكلام أثناء الاعتكاف ويفسد المقصد الأعظم منه".

أما الدكتور مسعود صبري فبدأ الاعتكاف في المرحلة المتوسطة ويلتزم به حتى اليوم، قائلا "نعتكف في الدور العلوي من المسجد، وتغمرنا الفرحة، لأننا سنعيش العشر الأواخر في بيت الله تعالى ولا نخرج منه، مع صحبة صالحة طيبة، نشغل أنفسنا بقراءة القرآن قراءة فردية، وحضور درس شيخ المسجد بعد صلاة العصر".

ويضيف أن "هناك حلقات لتعليم قراءة القرآن الكريم، وكان من أهم ما يميز الاعتكاف الانشغال بكثرة الذكر، سواء أكانت أذكار الصباح والمساء أم كانت أذكار الحال، فضلا عن قيام الليل، وقد كنا نتناوب الإمامة في قيام الليل، فكانت متعة طول القراءة وطول الركوع والسجود والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، كما كان هناك وقت لقراءة بعض الكتب في الرقائق والأخلاق والسيرة وغيرها".

تتواصل أيام الاعتكاف ولياليه وقد بدأ هلال الشهر الكريم بالتناقص لكن مع كل تجربة اعتكاف جديدة تضاء أقمار جديدة في النفوس بأن المجتمع ما زال يحافظ على شعائر دينه وتعاليمه السمحة.