كيف تتعامل الزوجات مع أزواج مدمنين على الألعاب الإلكترونية ومشاهدة مباريات كرة القدم؟

مع مرور الوقت يصبح مدمن الألعاب الإلكترونية انطوائيا ومنعزلا ثم عاجزا عن الاندماج في المجتمع (بيكسلز)

بيروت- تشكو العديد من الزوجات من كثرة الوقت الذي يقضيه أزواجهن في الألعاب الإلكترونية، وهي مشكلة حقيقية يقع فيها الأطفال والمراهقون أيضا، وحينها يحتاج الأمر إلى علاج وخطة للتخلص منه.

وينطبق الأمر على إدمان الأزواج على مشاهدة مباريات كرة القدم، وهي ظاهرة تعاني منها كثير من الزوجات بسبب هوس أزواجهن بهوايتهم المفضلة.

وتحدثت الجزيرة نت إلى نساء حول تأثير الانشغال المبالغ فيه من أزواجهن بمتابعة مباريات كرة القدم التي حوّلت بعض المنازل إلى ساحات نزاع وتوتر دائم، وحول التعلق الزائد بالألعاب "بلايستيشن" وانعزالهم الكامل عن أفراد الأسرة.

زوجة خالد .م. ميسون .م. تقول إن المرور أمام التلفاز، أو التحدث بصوت عالٍ ممنوع وقت المباراة، وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية (صورة تعبيرية- بيكسلز)

كرة القدم لها الأفضلية

وتقول زوجة خالد.م. ميسون.م. (الأسماء مستعارة) إن المرور أمام التلفاز، أو التحدث بصوت عالٍ، أو في الهاتف بجانبه ممنوع، إنها تواجه هذه الأمور بشكل شبه يومي في وقت المباريات. وتضيف أن كل هذه الأمور تحدث لهوسه الشديد بكرة القدم وخاصة لدى مباريات كأس العالم، وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية، بحسب الزوجة.

وتشير ميسون إلى أن اهتمامات الرجال وهواياتهم مختلفة تماما عن ميول النساء، وهي متفهمة لهذا الأمر، لكن ليس لهذه الدرجة، رغم أنها حاولت عدة مرات الاندماج معه والجلوس معه وتحضير بعض الوجبات الخفيفة، لكنها سرعان ما تشعر بالملل وعدم الرغبة بالاستمرار. وأيقنت أن مشاهدة كرة القدم بالنسبة لزوجها لها الأفضلية.

لذلك قررت بحث الأمر معه بجدية تامة وناقشت معه بهدوء بأنه يجب عدم إهمال واجباته المنزلية والأسرية لمجرد تعلقه الزائد بالمباريات والبحث عن حل للوصول إلى اتفاق معه بهذا الشأن.

زوجتي تبالغ

أما الزوج خالد فيرى أن زوجته تبالغ بالموضوع، فهو متفق معها مسبقا على أن مشاهدة مباريات كرة القدم مهمة جدا بالنسبة له ولا يستحق الأمر غضبها، لأنه ليس متكررا إنما هنالك وقت مخصص لذلك ولا داعي للعصبية الزائدة، خاصة أنه يسعى لتجديد حياتهما بالخروج في نزهة أو مطعم أو زيارة أصدقاء، كما يحاول أن يقوما بأمور مشتركة معا لتعزيز العلاقة بينهما، لكنها لا تتحلى بالصبر وتفتعل المشاكل لدى رؤيته جالسا مستمتعا بمشاهدة مباراة كرة القدم غير مبالٍ بما حوله.

الزوجة ديانا المر تشعر بغياب زوجها وإن كان حاضرا بجسده، وبأنها وحدها (الجزيرة)

حاضر غائب

أما الزوجة ديانا المر فألقت الضوء على مشكلتها قائلة: "بدأت القصة مع زوجي قبل عامين عندما أخبره أصدقاؤه عن لعبة "جوكر" المعتمدة على لعب الأوراق بين مجموعات من المشاركين عبر أحد التطبيقات الإلكترونية، ومن حينها أصبح يقضي فيها ساعات طويلة".

أما في يوم عطلته فيتجاوز 10 ساعات، وعندما كنت أتساءل كيف له أن يقضي كل تلك الأوقات بلا ملل، كان يجيب بأن "فائدة هذه الألعاب هي أنها تجعله يفكر بشكل إستراتيجي"، لكنني أشعر بأنه ابتعد كثيرا عن عالمه الحقيقي وأسرته، حتى أصبحت عاجزة عن مشاركته في حديث يتعلق بشؤون أسرتنا، وأشعر بغيابه وإن كان حاضرا بجسده، وبأنني وحدي، كما تقول ديانا للجزيرة نت.

أخذتْ كل وقته ووظيفته

فادي سلوم أحد مدمني الألعاب الإلكترونية. تعلق بالأساس بألعاب إطلاق النار الفردية، حتى أنه أمضى 48 ساعة كاملة أمام الحاسوب، ووصل إلى مراحل متقدمة في اللعب، لدرجة أنها أخذت كل وقته وفقد وظيفته وخسر عائلته وتركته زوجته وأطفاله، لأنه كان دائم الصراخ عليهم حتى يبعدهم عنه.

وبعد أن فقد كل شيء، شعر فجأة بأنه بات وحيدا ومدمنا على الألعاب، عصبيا وانطوائيا ومضطربا في كل النواحي، وندم كثيرا على أنه ضيّع كل وقته وجهده وتفكيره على هذه الألعاب. ومن بعدها اتخذ قراره باللجوء إلى طبيب علاج نفسي للتخلص من حالة الإدمان التي دمرت حياته الشخصية والعملية والعودة إلى الحياة الطبيعية تدريجيا.

نصائح ضرورية

باتت ظاهرة الإدمان على ألعاب البلايستيشن ومشاهدة كرة القدم من المشاكل الأساسية التي تواجهها كثير من العائلات، لذلك يقدم خبير العلاقات الأسرية أندريه غزيري بعض النصائح المهمة.

ويقول للجزيرة نت إن بعض الأزواج يلجؤون إلى الألعاب الإلكترونية لتحقيق الإحساس بالنشوة، وبالقوة التي يشعر بها الشخص في فضاء الألعاب الإلكترونية والتي يفتقدها في الواقع، وللقضاء على حالة الفراغ المادي والشخصي، والهروب من العالم الواقعي بمشاكله وهمومه إلى عالم الألعاب المرح، حيث يضحي مدمنوها بأوقاتهم ومسؤولياتهم في سبيل الحصول على سعادة افتراضية يفتقدونها في حياتهم، وقد تكون السبيل لمن يعانون فراغا ويسعون إلى شغل الوقت بالألعاب.

ويضيف أنها قد تكون أيضا رغبة في إيجاد حياة اجتماعية لمن يفتقدها في المجتمع، ومع مرور الوقت يصبح الأشخاص انطوائيين ومنعزلين، ثم عاجزين عن الاندماج في المجتمع، ما يؤدي لوجود خلل في الحياة الاجتماعية، بحسب غزيري.

ومن أعراض الظاهرة التي يصاب الزوج بها هي التوتر واضطراب النوم والاكتئاب، وهو ما يبرر حالة العزلة وربما العنف ضد الزوجة، وعلى الزوج البحث عن أنشطة حياتية مفيدة كالرياضة والتقرب من الأهل لعلاج إدمان وأعراض الألعاب الإلكترونية.

غزيري يعتبر أنه يجب على الزوج البحث عن أنشطة حياتية مفيدة لمواجهة إدمان الألعاب الإلكترونية (الجزيرة)

نصائح للزوجات

ويقترح غزيري بعض النصائح للزوجات حول كيفية مساعدة أزواجهن للتخلص من إدمان الألعاب:

  1. يجب التحلي بالصبر والهدوء لدى التعامل مع الزوج، وضرورة التحدث معه عن تخصيص وقت أقل دون إظهار رغبة في التخلي التام عن اللعب.
  2. التفكير بإيجاد أنشطة مشتركة ومشاركته في قضاء وقت معه ودعوة أصدقائه.
  3. التحفيز على الجلوس على مائدة الطعام لتناول الطعام مع الأسرة في وقت معين بعيدا عن التلفاز.
  4. تجديد الروتين والاهتمام بالزوج وخلق أوقات ممتعة معه للتغلب على مشكلة الإدمان.
  5. الحرص على إيجاد حلول ووسائل ترفيهية مشتركة متنوعة بين الزوجة والزوج، وبينه وبين الأولاد مما يزيد قوة العلاقة.
لا تقومي بأعمال يمكن أن تزعج زوجك أثناء لعبه أو حتى مشاهدته لمباريات كرة القدم (بيكسلز)

تحذيرات للزوجات

ومن أهم النصائح للتعامل مع الزوج المهووس بمشاهدة كرة القدم، بحسب خبير العلاقات الأسرية أندريه غزيري:

  1. لا تقومي بالأعمال التي يمكن أن تزعج زوجك أثناء مشاهدته لمباريات كأس العالم كالمرور أمام شاشة التلفاز، أو الاستماع للموسيقى بصوت عالٍ، أو التحدث عن الفريق الذي يشجعه زوجك بالسوء في حالة هزيمته، فهذه الأمور قد تزعجه وبالتالي تؤدي لمشاكل أنتِ في غنى عنها.
  2. كما يمكنك أن تستغلي وقت المباراة في الجلوس بجوار زوجك، بعد تحضير طبق من الفواكه أو الوجبات الخفيفة لتشاهدي المباراة معه.
  3. حاولي الاندماج معه بدلاً من الانعزال التام عنه، اجعليه يعلمك بعض قواعد كرة القدم.
  4. حاولي معرفة معلومات عن المباراة التي يشاهدها وأسماء اللاعبين، ربما تبدو هذه الفكرة بسيطة ولكنها ستجعل زوجك متشوقا للمكوث معك بل تجعله أيضا متشوقا أكثر للتحدث معك بعد المباراة، وهذا يساعد في تقوية العلاقة بينكما.
  5. حافظي على هدوئك قدر الإمكان عند التعامل مع زوجك خلال وقت المباراة وبعد انتهائها، فإذا كان من النوع العصبي فلا تقابلي ثورته بعصبية وصراخ، بل حاولي امتصاص غضبه والتعامل معه بحكمة وصبر، ثم تحدثي إليه بهدوء ولين في وقت لاحق عندما يهدأ تمامًا، وأخبريه بما يزعجك من تصرفاته.

نصيحة أخيرة

استغلي الموقف لصالحك، يقول الخبير غريزي، أحيانًا تحتاجين للمقايضة واستغلال الظروف لصالحك، بأن تفاوضي زوجك على أن يمنحك الوقت للخروج مع صديقاتك، مثلما يقضي الوقت أمام المباراة، وأن عليه الجلوس مع الأطفال حتى تستطيعي الاستمتاع بوقتك أيضا.

المصدر : الجزيرة