بعد واقعة متحرش المعادي.. هل يحمي القانون المصري الأطفال من الاعتداءات الجنسية؟

التحرش بالأطفال
واقعة التحرش بطفلة المعادي لم تكن الأولى التي تهز الشارع المصري (شترستوك)

رصدت منصات التواصل الاجتماعي وقائع عديدة للتحرش بالأطفال، كان بطلها كاميرا المراقبة التي سجلت جرائم وانتهاكات في حق القُصر ممن لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.

قبل أيام تكررت إحدى هذه الجرائم، والتي عرفها الإعلام باسم "واقعة متحرش المعادي" وكانت ضحيتها طفلة بائعة مناديل، عمرها لا يتجاوز 6 سنوات، من قبل شخص يبلغ من العمر 37 عاما، حاول استدراجها بمدخل إحدى البنايات في حي المعادي، جنوب القاهرة، ليتدخل القدر في صورة سيدة تعمل في مركز طبي، تتابع كاميرات المراقبة في مدخل البناية، لتكتشف الواقعة وتفزع لنجدة الطفلة التي فرت هاربة، ليقف المتهم في مواجهة الكاميرا ومصيره المحتوم.

خلال ساعات قليلة نشرت المرأة الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، داعية روادها إلى التعرف على الشخص المتهم بالتحرش الذي بدت صورته واضحة في الفيديو، ليبدأ النشطاء في التعرف على هويته والوصول إلى حسابه الشخصي على فيسبوك، وفي اليوم التالي ألقت الشرطة القبض عليه، ليطالب بعدها المصريون بالإعدام للمتهم، وتبدأ التساؤلات حول العقوبة المتوقعة.

طفلة البامبرز

الواقعة لم تكن الأولى في سجل قضايا التحرش بالأطفال، الذي انتشر الآونة الأخيرة بمصر، فخلال الأعوام القليلة الماضية، شهدت البلاد أكثر من واقعة تحرش بالأطفال، وتعدى الأمر في بعض الحالات ليصل إلى الاغتصاب، كما حدث في واقعة جنى "طفلة البامبرز" الشهيرة، والتي عوقب مرتكبها بالإعدام شنقا منتصف عام 2019، بعد تأييد محكمة النقض للحكم الأول الذي قضى بإعدام المتهم باغتصاب الطفلة.

انتهاكات الأطفال جريمة ترصدها دوما كاميرات المراقبة، لا سيما في غياب الأهل وتوعية الأطفال. أواخر سبتمبر/أيلول 2020، رصدت كاميرا مراقبة، في ضاحية القاهرة الجديدة، متحرشا بـ 3 أطفال في سيارته. وبعد تداول مقطع الفيديو على نطاق واسع، نجحت قوات الأمن في القبض عليه، معترفا أنه قام بالاعتداء على الأطفال، ولم تكن تلك هي المرة الأولى بل سبقتها مرة أخرى.

في سبتمبر/أيلول 2020، كان المصريون على موعد مع جريمة أخرى، هذه المرة في منطقة المقطم، بطلها مدرس تجاوز السبعين من العمر، تركته امرأة مع ابنتها الصغيرة التي يقوم بتعليمها دروس العربية، لتفاجأ بأن جيرانها التقطوا فيديو للمدرس، من النافذة المواجهة لها وهو يتحرش بطفلتها. ونشر الجيران فيديو التحرش مطالبين بأقصى عقوبة للمدرس، وفي نفس الحين انتشر وسم عبر تويتر يطالب بإعدامه.

وفي محافظة بورسعيد، قبل ٧ سنوات، حدثت واقعة دامية راحت ضحيتها الطفلة زينة التي لا يتجاوز عمرها 5 سنوات، إذ اغتصبها متهمان وألقيا بها من سطح البناية، لتلقى الصغيرة حتفها في الحال، ولم يتمكن القضاء من توقيع عقوبة الإعدام على المتهمين لعدم تجاوزهما سن 18 عاما، وأعربت المحكمة عن أسفها أثناء إعلان الحكم لتقيدها بقانون الطفل، ومن ثم وقعت عقوبة ١٥ عاما على المتهمين.

ورغم بشاعة الجرم، وسرعة رجال الشرطة في القبض على المتهمين بالتحرش، فإن أحدا لا يعرف ماذا يتم بعد ذلك، وماذا يحدث في سير القضايا، وبماذا يعاقب المتهمون بانتهاك الأطفال؟ فقط اغتصاب جنى هو القضية الوحيدة التي تمت متابعتها إعلاميا حتى النهاية وأسدلت ستارها بإعدام المتهم. لكن ماذا أصاب الباقين، وهل عاد رصيد الستر ليمتد إليهم، فتوقفت وسائل الإعلام ومواقع التواصل عن تتبعهم وكشف ما حل بهم.

التحرش بالأطفال
ما زالت عقوبات القانون المصري غير رادعة للمتحرشين بالأطفال (شترستوك)

ماذا يقول القانون المصري؟

العقوبة التي سنها المشرع المصري ضد كل من انتهك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك، جاء ذكرها في المادتين 268 و269، من الباب الرابع لقانون العقوبات، حيث نصت على العقوبة بالسجن المشدد، أما في حالة إذا ما كان المعتدي على طفل لم يبلغ 18 عاما، أو كان مرتكب الواقعة أو أحد مرتكبيها له صلة (رحم) بالمجني عليه، أو القائم على تربيته، أو من أحد خدمه، فيعاقب بالسجن المشدد 7 سنوات.

يقول أحمد العشماوي المحامي بمجلس الدولة، للجزيرة نت، إن قانون العقوبات الحالي لم يتضمن أي عقوبة صريحة في جريمة التحرش بالطفل، غير أن العقوبة الحالية طبقا للمادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات تنطبق على التحرش بصفة عامة، وهي الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 5 آلاف، أو بإحدى العقوبتين.

وتشير المادة 306 مكرر إلى أن "عقوبة التحرش تندرج تحت بند كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل، بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية".

كما أشار المحامي إلى أن "العقوبة تكون أقصى وأشد وهي الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا تكرر الفعل من الجاني، من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه".

وأوضح أنه "إذا كان الحادث اغتصابا فيعد ذلك جريمة جنائية تصل عقوبتها إلى الإعدام، إذا نتج عن الفعل وفاة المجني عليها، أو إذا وقعت الجريمة تحت تأثير السلاح، بجانب ذلك إذا قام بالجريمة أكثر من شخص" منوها إلى أن القول الحكم في الأمر يرجع لتحقيقات النيابة التي تتحكم في اختلاف العقوبة من تحرش إلى هتك عرض أو اغتصاب.

المصدر : الجزيرة