شاهد: الصينيون يحتفلون بعيد الربيع بأساليب جديدة بسبب كورونا

تحاول تشن فاي إخفاء دموعها عن والدتها أثناء اتصال بالفيديو، قبل دقائق من بدء عشاء العيد الذي يقام في بيت عائلتها الواقع في منغوليا الداخلية شمالي الصين، احتفالا بالسنة الصينية الجديدة "فالمشاعر مختلفة عن أي مناسبة أخرى" كما تقول.

وفي بكين، التي تبعد نحو 400 كيلومتر عن منزل عائلتها، قضت الفتاة العشرينية أيام العيد مع أصدقائها، في محاولة لخلق جو عائلي يشعرهم بـ"لمّ الشمل" وهو جوهر عيد رأس السنة الصينية المعروف باسم "عيد الربيع".

أزمة مرورية أمام أحد المراكز التجارية وسط بكين (الجزيرة)

الاحتفال في مكان الإقامة

وعلى غير ما كان مألوفا في السنوات السابقة، بدت شوارع العاصمة بكين تعجّ بكثير من السيارات والمارّة الساعين إلى الاحتفال بالعيد في مرافق المدينة الرحبة. ويظهر الفيديو المرفق في النصف الأول منه كيف كان يتنقل الصينيون في الأعياد، وفي النصف الثاني يبرز المشهد المختلف تماما هذا العام إضافة إلى إرتداء الكمامات.

وأصدرت الحكومات المحلية دعوات للاحتفال بالعام الجديد في مكان الإقامة، وتجنب السفر غير الضروري، للتخفيف من مخاطر انتشار الفيروس وخروجه عن السيطرة.

وكان واضحا حجم الالتزام بالدعوات الحكومية، إذ قرر أكثر من 48 مليون شخص في 36 مدينة رئيسة قضاء العطلة في أماكنهم دون السفر إلى المدن الأخرى.

وانخفضت رحلات السكك الحديدية في 15 يوما هي ذروة السفر لعيد الربيع بنسبة 70% عن العام الماضي، إذ توقعت سلطات النقل الصينية وصول العدد مع الرحلات اليومية إلى 40 مليون شخص، لكنها سجلت ما معدله 12 مليون راكب يوميا.

كاريكاتير عن أساليب الاحتفال الجديدة (الصحافة الصينية)

احتفال بمزايا جديدة

ومن بين الذين فضلوا البقاء في مكان الإقامة ما هونغ يو التي تعمل في بكين، فتقول إن تأسيس عائلتها الصغيرة ودائرة الأصدقاء ساعدوها على تجاوز قضية السفر إلى عائلتها ولمّ شملها بهم، خصوصا أنها تمكنت من زيارتهم قبل شهرين، مضيفة -للجزيرة نت- أن بقاءها كان فرصة للتعرف على عادات بكين الفريدة وتذوق وجبات المدينة المشهورة.

وتشابهت تجارب كثيرين ممن فضلوا ألا يسافروا إلى مسقط رؤوسهم، فكانت رفقة الأصدقاء السمة الأبرز التي تميز الاحتفال. وتروي شياو يوي للجزيرة نت فتقول "إن جوهر عيد الربيع في لم الشمل، وما دام قد تعذر ذلك مع العائلة فلتكن سهرة العيد مع الأصدقاء".

وتبدأ عادة وجبة العشاء بالتزامن مع حفل يبثه التلفزيون الرسمي يمتد نحو 5 ساعات، تحرص كل فئات المجتمع على متابعته، ويضم العروض الغنائية والمسرحية وغيرها.

وفي أيام العيد الثمانية ظهرت في العاصمة الصينية أساليب احتفال جديدة فرضتها ظروف العام الحالي مع تعذر السفر واجتماع بعض العائلات، تنوعت ما بين زيارة أماكن الجذب السياحي والمراكز التجارية ودور السينما.

وذكر مكتب بلدية بكين للثقافة والسياحة أن 147 موقعا رئيسا في المدينة استقبلت نحو 2.76 مليون زيارة في الأيام الثلاثة الأولى من السنة الصينية الجديدة.

أزمة مرورية في أيام العيد وسط العاصمة بكين (الجزيرة)

شباك أفلام عيد الربيع

ومع اختيار كثير من الناس دور العرض (السينما) مكانًا للترفيه، قدمت سوق الأفلام الصينية أداء جيدا في رأس السنة هذا العام. ووفقا لتوقعات منصة دنغ تا، فإن شباك التذاكر لأفلام عيد الربيع بلغ ما يقارب 6.2 مليارات يوان (960 مليون دولار) في 7 أيام.

وتشعر هان لي بالرضا إزاء ما وصفته بـ"تبدل الروتين" في أيام عيد الربيع، إذ تقول "إن الوقت قد حان لتغيير عادات الاحتفال التي أصبحت مثل قواعد ملزمة".

وتضيف -في حديثها للجزيرة نت- أن مهرجان الربيع لا يجب أن يتمتع بنمط ثابت، فالشعور بالراحة والرضا أفضل ما في العيد، مشيرة إلى أن تناول فنجان قهوة في المقهى والنظر إلى كتاب يمكن أن يكون تجربة فريدة من نوعها في عيد الربيع.

أصدقاء يختارون لعب البوكر عقب تناول عشاء العيد معا (الجزيرة)

التقويم الصيني

وتضم دورة التقويم الصيني 12 عاما، لكل سنة اسم محدد مقترن بحيوان وفق الأبراج، وهذه هي السنة الثانية من الدورة التي تأخذ اسم الثور.

وتبدأ السنة الصينية الجديدة عادة في نهاية شهر يناير/كانون الثاني وبداية شهر فبراير/شباط من كل عام، ويحتفل بها سكان الصين وكوريا والفلبين فضلا عن ماليزيا ومناطق أخرى.

وليست السنوات سواسية، فحسب الأساطير القديمة تضطلع كل سنة بدور مهم في تحديد مستقبل المواليد في ذلك العام، فينعكس اسم السنة على شخصية المولود، ومن كان حظه عاثرا بسنة ذات فأل سيئ فليس أمامه سوى التحصن باللون الأحمر طوال العام، فاللون الأحمر -وفق الأساطير- يخيف الوحوش والأرواح الشريرة.

المصدر : الجزيرة