سائحة واحدة تنجح بزيارة بوتان بجبال الهيمالايا منذ إغلاقها بسبب الوباء

يتعين على كل سائح لمملكة بوتان دفع رسم سياحي ثابت بواقع 250 دولارا كل يوم، تخصص منها 65 دولارا لحماية البيئة

السائحة الأميركية (وسط) تصف دولة بوتان بأنها "مركز التعافي للكون" (وكالة الألمانية)

أصبحت امرأة أميركية تعزف على آلة الجونج الموسيقية بغرض التفريج عن نفسها، في وضع يثير العجب، حيث إنها هي السائح الوحيد الذي تمكن من زيارة مملكة بوتان، منذ أجبرت جائحة كورونا المملكة التي تقع في منطقة جبال الهيمالايا على إغلاق حدودها أمام القادمين من الخارج إلى أراضيها.

وتقول السائحة فران باك (70 عاما) "استقبلت وكأنني من نجوم غناء موسيقى الروك، فقد أعطى وصولي الأمل لسكان بوتان، بأنه سيتم قريبا فتح باب السياحة مرة أخرى".

وهذه المملكة الصغيرة التي تقيس مؤشرات التنمية فيها باستخدام مؤشر السعادة بدلا من المؤشرات الاقتصادية التقليدية، ليست على عجلة من أمرها لفتح أبوابها أمام الأجانب، على الرغم من أن قطاع السياحة يعد ثاني أكبر مصدر للدخل بعد الطاقة الكهربائية من المصادر المائية.

مجلس بوتان للسياحة

وقرر مجلس بوتان للسياحة في سبتمبر/أيلول 2020، السماح بدخول السياح على أساس دراسة كل حالة بمفردها، غير أن السائحة الأميركية باك تعد الشخص الوحيد حتى الآن الذي تلقى تأشيرة دخول، وتم ذلك فقط بعد أن تم تطعيم أكثر من 90% من سكان بوتان الراشدين بالكامل، باللقاح المضاد لفيروس كورونا.

وبشكل عام، اعتبرت باك بمثابة اختبار بالنسبة لمجلس بوتان للسياحة الذي يضع القواعد المنظمة الخاصة بالقطاع فيما يتعلق بالجائحة، رغم أنه من المرجح أن تستغرق عملية فتح الباب أمام السائحين مزيدا من الوقت، نظرا لظهور سلالات متحورة من الفيروس.

سر سعادة مملكة بوتان بلاد التنين التي لا يعرفها إلا المغامرون (مواقع التواصل)
مملكة بوتان ليست على عجلة من أمرها لفتح أبوابها أمام السياح (مواقع التواصل)

21 يوما في الحجر الصحي

ويقول ماثيو دي سانتيس مؤسس شركة "ماي بوتان" (May Bhutan) للرحلات السياحية إنه كان يتعين على باك أن تحصل على موافقة سلطات الهجرة، إلى جانب تصريح من "فريق مكافحة كوفيد-19".

كما يقول دورجي درادول المدير العام لمجلس السياحة "إنها اختارت أن تمضي فترة 21 يوما في الحجر الصحي على نفقتها الخاصة".

ويضيف "شعرنا بارتياح لاستقبالها، فقد علمنا أن لها معرفة سابقة بالوضع هنا، ونحن لا نريد أن نخاطر باستقبال أي سائح جديد".

وبعد أن أمضت باك فترة 3 أسابيع في الحجر الصحي، قضت 3 أشهر في جولات شملت عددا من مناطق بوتان، لمشاهدة المعالم المختلفة وتنظيم ورش عمل لتعليم العزف على آلة الجونج.

وداومت باك -التي تقيم في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية- على العزف على آلة الجونج، معتبرة أنها نوع من العلاج الروحي، بعد أن فقدت زوجها عام 2018، ثم سافرت في وقت لاحق إلى آسيا بحثا عن العزاء والسلوى الروحية.

السائحة الأميركية مع دليلها البوتاني جيبمبو إن بي (يسار) وسائقها تاشي تشيرينج (الألمانية)

مركز التعافي للكون

بعد جولاتها في مناطق عديدة من بوتان وهي تعزف على الجونج، تصف باك هذه الدولة التي تسودها السكينة بأنها "مركز التعافي للكون".

وبوتان مقصد سياحي راق، بغاباتها البكر وما تتمتع به من نباتات وحيوانات فريدة من نوعها، وجبال ساحرة وأديرة مهيبة وقصور فاخرة، وبيوت قروية تنبض بالبساطة، وأيضا التركيز العام على العافية الذهنية والبدنية والسعادة.

كما نجحت بوتان في التعامل مع جائحة كورونا، حيث بلغ إجمالي الحالات المسجلة فيها 2600 فقط، و3 وفيات فحسب، حتى الآن.

ويوجد حاليا عدد قليل من الإصابات بفيروس كورونا في المملكة، رغم أن المسؤولين لا يزالون يشعرون بالقلق، حيث إنه سيكون من الصعب مواجهة حدوث إصابات واسعة النطاق، نظرا لإمكانات البنية الأساسية الصحية المحدودة.

تناول الفريق في دراسته جبال الهيمالايا الوسطى والشرقية في كل بوتان ونيبال لدراسة معدلات التعرية (بيكساباي)
شركات السياحة في بوتان تأمل بفتح موسم السياحة لربيع 2022 (بيكسابي)

برامج الرعاية الاجتماعية

في هذا الصدد يقول درادول "يجب علينا أن نتوخى الحذر وأن نضع في الحسبان أن تفشي كورونا من شأنه أن يمثل كارثة لا يمكن التسامح معها، حيث إنها يمكن أن تمحو الإنجازات التي حققناها في مجال إدارة أزمة كورونا حتى الآن، تحت حكم القيادة الرائعة لملكنا".

وكان للجائحة تداعيات حادة بالنسبة لآلاف السكان في بوتان، الذين يعيشون بطبيعة الحال على الدخل من السياحة.

وأشرف عاهل بوتان الملك جيغمي نامجيل وانجتشوك بنفسه على جهود مكافحة جائحة كورونا، وعمل على كفالة حصول كل مواطن على المساعدة من صندوق الإغاثة من كوفيد-19، وغيره من برامج الرعاية الاجتماعية، لدعم السكان خلال الأشهر الصعبة التي واجهتهم.

وفي إطار هذه الجهود تم تقديم قروض، وتأجيل سداد فواتير الكهرباء والإيجار والتنازل عن الضرائب.

وبينما تأمل الشركات الكبرى العاملة في مجال السياحة في فتح موسم السياحة لربيع 2022، يقول درادول إن أية إعادة فتح لهذا القطاع، تتوقف على وضع حالات العدوى بفيروس كورونا، سواء داخل بوتان أو في العالم الخارجي.

ويضيف درادول أنه عندما يتحقق فتح الباب أمام حركة السياحة، ستكون بوتان مستعدة تماما لتطبيق سياستها المستمرة منذ 50 عاما، تحت شعار "قيمة عالية، وأعداد منخفضة"، حيث سيكون هذا الشعار هو الأمر الطبيعي الجديد في عالم ما بعد انتهاء الجائحة.

يذكر أنه يتم تنظيم زيارات أفواج السياح لبوتان بشكل صارم، ولا يتم إصدار تأشيرات دخول للأفواج كبيرة العدد.

ويشير درادول إلى أن هذا الجهد يهدف إلى إحداث توازن بين المكاسب الاقتصادية، وبين الحفاظ على النظام البيئي الهش لبوتان، وهو ينتمي لمنطقة الهيمالايا، وكذلك الحفاظ على هوية المملكة وتراثها الثقافي.

ويتعين على كل سائح دفع رسم سياحي ثابت بواقع 250 دولارا كل يوم، تخصص منها 65 دولارا لحماية البيئة.

المصدر : وكالة الأنباء الألمانية