تبتلع ثلثي رواتبهم.. منظمات يمنية تتحايل على موظفي مشاريع دولية

يكشف التحقيق كيفية استغلال منظمات أهلية يمنية ممولة دوليا حاجة شباب اليمن للعمل، باقتطاعها أجزاء معتبرة من رواتبهم الأصلية من دون مسوّغ قانوني.

عام  مضى والموظفون اليمنيون بلا رواتب
العديد من المنظمات الأهلية اليمنية تتلقى تمويلا من الأمم المتحدة ومنظمات دولية (الجزيرة- أرشيف)
العديد من المنظمات الأهلية اليمنية تتلقى تمويلا من الأمم المتحدة ومنظمات دولية (الجزيرة- أرشيف)

طوال عام 2019، ظل ياسر الخولاني (اسم مستعار) يتقاضى راتبا قدره 500 دولار (ما يعادل 500 ألف ريال يمني) نظير عمله مسؤولا عن الدعم اللوجستي لدى منظمة مجتمع مدني محلية في عدن جنوبي اليمن، واكتشف صدفة -بعد انقضاء عقده- أن راتبه الحقيقي (الرسمي) في السجلات يبلغ 3 أضعاف ما كان يتقاضاه.

يقول ياسر "عملت لدى المنظمة لأكثر من 6 أشهر مسؤولا عن الدعم اللوجستي مقابل 500 دولار شهريا. وبعد انتهاء عقدي، حصلت على العقد الموقع بين المنظمة التي أعمل لديها والمنظمة الداعمة، لأتفاجأ أن مرتبي كان في الأصل 1500 دولار (1.5 مليون ريال يمني)، وليس 500 دولار".

اتخذت منظمات مجتمع مدني محلية في اليمن من حاجة العشرات من شباب وشابات اليمن إلى الوظيفة طريقا لكسب آلاف الدولارات، مستغلة حالة الخوف، وتقصير الجهات الرسمية في الرقابة عليها وعلى مشاريعها وتمويلها بموجب للقوانين اليمنية ذات الصلة.

في هذا التحقيق، الذي استمر العمل عليه لأشهر، تتبعنا العديد من القصص المشابهة لقصة ياسر لكشف واقع عمل منظمات المجتمع المدني المحلية في اليمن التي تتلقى تمويلات ضخمة من منظمات تتبع الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، وفي ظل الحرب التي بسببها فقد الكثير من الشباب اليمني وظائفهم أو توقفت رواتبهم يتم استغلالهم، ولا يكون أمامهم خيار إلا القبول بما تفرضه عليهم تلك المنظمات.

يقول رئيس المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني في اليمن، عبد الرزاق العزعزي، الذي اهتم بهذه القضية منذ عام 2013 عبر بحث غير منشور، إن الفساد الذي تمارسه كثير من المنظمات عبر الخصم من رواتب موظفيها ظاهرة غير جديدة وغير صحية أيضا، إذ تُشجّع على تحويل عمل المنظمات من "تنمية المجتمع إلى تنمية الرصيد المالي لرؤسائها"، وهو ما يؤثر -بحسبه- سلبًا على سمعة العمل المجتمعي.

تحدثنا -أثناء العمل على التحقيق- مع العديد من الأشخاص الذين عملوا مع المنظمات المحلية في اليمن، وكان حديث أغلبهم متطابقا حول تعرضهم للتحايل أو الإجبار على العمل براتب أقل من الراتب المرصود رسميا، بسبب حاجتهم الماسة إلى العمل والحصول على أي مبلغ يعينهم على تكاليف الحياة في ظل الحرب.

المصدر : الجزيرة