أدولف هتلر.. زعيم ألمانيا "النازية"

epa01388204 A picture made available 19 June 2008 of a copy of an photo of Adolf Hitler in German by a ten-year-old German student, Gunther Himpfel in 1939 to mark Hitler's 50th birthday in Church Stretton, Britain.
في طفولته كان هتلر يخاف من والده ويكرهه لأنه كان عنيفًا في معاملته له ولأمه وكان يضربه بقسوة (مواقع التواصل)

أدولف هتلر سياسي ألماني ولد في قرية صغيرة بالنمسا وبعد وفاة والديه انتقل إلى فيينا ليحقق حلمه في أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة ويصبح رساما لكنه فشل، قاتل كجندي في الحرب العالمية الأولى وأصيب فيها، وتسبب في إشعال الحرب العالمية الثانية واحتلال 11 دولة لينتهي به المطاف منتحرا.

 

المولد والنشأة

ولد أدولف هتلر يوم 2 أبريل/نيسان 1889 بقرية صغيرة تقع في إقليم النمسا العليا على الحدود مع جمهورية ألمانيا الفدرالية تسمى "براوناو أم إن" واختصار "بيرونو".

هتلر هو الابن الرابع من أصل ستة أبناء لأب يعمل موظفا بالجمارك هو ألويس هتلر، وأم من أسرة مزارعة هي كلارا هتلر الزوجة الثالثة لأبيه.

بعد تقاعد والده من دائرة الجمارك الحكومية، أمضى أدولف هتلر معظم طفولته في لينز، عاصمة النمسا العليا، وظلت مدينته المفضلة طوال حياته، وأعرب عن رغبته في أن يدفن هناك.

في طفولته كان هتلر يخاف من والده ويكرهه لأنه كان عنيفًا في معاملته له ولأمه وكان يضربه بقسوة، في المقابل كان هتلر ابنًا مخلصًا لوالدته التي ماتت عام 1907، بعد وفاة زوجها بنحو 4 سنوات، إثر إصابتها بسرطان الثدي عن عمر يناهز 47 عامًا.

 

الدراسة والتكوين

دخل هتلر المدرسة الابتدائية في"لينز"، وكان في هذه المرحلة تلميذا متفوقا، لكن هذا التفوق لم يستمر معه في المرحلة الثانوية، مما أثار حفيظة والده الذي كان يرغب في أن يكون ابنه موظفا حكوميا على غراره.

توفي والده ألويس هتلر عام 1903 لكنه ترك معاشًا ومدخرات كافية لإعالة زوجته وأطفاله.

بعد وفاة والدته عام 1907 انتقل هتلر إلى فيينا بعد أن انتهى من الثانوية في محاولة منه لتحقيق حلمه الفني، وخلافا لرغبة والده كان يطمح هتلر في أن يصبح رساما، لكنه لم ينجح في امتحان دخول كلية الفنون الجميلة، فحاول مرة أخرى وفشل أيضا.

الوظائف والمسؤوليات

لم يكن هتلر يرغب في الوظائف الحكومية العادية، ويقول عن نفسه "على الرغم من حداثة سني، رحت أفكر في المستقبل فما استهوتني مهنة ولا حرفة، وما راودني قط ميل إلى السير على منوال والدي، فقد بدت لي الوظيفة وكأنها حبل يشد المرء دائما إلى أسفل".

اضطر في بدايات حياته للقيام بأعمال متنوعة لتوفير متطلبات المعيشة، إلا أنه كان مسكونا برغبة جامحة في الوصول إلى ما هو أكبر، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى تطوع للخدمة في الجيش الألماني وشارك في الحرب وجرح، وتلقى ميداليتين على شجاعته في القتال.

وبعد سنين حافلة بالنشاط والسعي إلى القمة أصبح مستشار ألمانيا (برتبة رئيس الوزراء) عام 1933، وفي السنة الموالية جمع السلطة بيده بعد وفاة الرئيس الألماني هندبنرغ، فحكم ألمانيا وأطلق على نفسه لقب "زعيم ألمانيا ومستشارها".

الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)

في عام 1913 انتقل هتلر إلى ميونيخ، وتم فحصه للخدمة العسكرية النمساوية في فبراير/شباط 1914، وصُنف على أنه غير لائق بسبب نحافته وضعف بنيانه الجسدي، لكن عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في 28 يوليو/تموز عام 1914، التمس من الملك البافاري لويس الثالث السماح له بالخدمة وتمت قبول طلبه.

وبعد حوالي ثمانية أسابيع من التدريب، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1914، تم توزيع هتلر ضمن فوج المشاة الاحتياطي البافاري السادس عشر الذي حارب في بلجيكا وفرنسا.

تولى هتلر مهمة من أخطر الوظائف في الحروب حيث كان رسولا بين الجيوش على الجبهة الغربية، كما اشترك في عدد من المعارك الرئيسية وهي: يبريس الأولى، والسوم، وآراس، وباسكيندايلي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1916، أثناء مشاركته في معركة السوم أصيب هتلر في رجله، وبعد عامين تم نقله إلى المستشفى إثر إصابته بعمى مؤقت عقب تعرضه لهجوم بغاز الخردل قبل أيام من انتهاء الحرب في نوفمبر/تشرين الثاني 1918.

وتقديرًا لشجاعته في الحرب، تقلد هتلر وسام الصليب الحديدي من الدرجة الثانية عام 1914، ووسام الصليب الحديدي من الدرجة الأولى عام 1918.

التوجه الفكري

في الحرب العالمية الأولى كان هتلر جنديا وشهد بأم عينه كيف خسرت بلاده الحرب وأجبرت على توقيع التزامات مذلة، وهو ما ساهم في تكوينه الفكري ونظرته للعالم من حوله.

كان هتلر نمساويا من الناطقين بالألمانية، وأثناء إقامته في فيينا كره غير الألمان لأنه اعتبر نفسه ألمانيا، وقد سخر من الحكومة النمساوية التي كانت تعترف بثماني لغات رسمية، وآمن أنه ما من حكومة يمكن أن تبقى في السلطة إذا حاولت معاملة كل الجماعات العرقية بالتساوي.

تضمنت أفكار هتلر عدم المساواة بين الأعراق والأمم والأفراد كجزء من نظام طبيعي غير قابل للتغيير يمجد "العرق الآري" كعنصر إبداعي للبشرية.

وفقًا لهتلر، كانت الوحدة الطبيعية للبشرية هي الفولك ("الشعب")، والتي كان الشعب الألماني أعظمها، علاوة على ذلك، كان يعتقد أن الدولة موجودة لخدمة فولك – وهي المهمة التي خانتها جمهورية فايمار الألمانية.

قام توجهه على "الشوفينية" المبنية على النقاء العرقي، فقسم البشر إلى قسمين رئيسيين: بناة الحضارة ومحطموها، واعتبر أن الآريين هم بناة الحضارة، وأصحاب العلوم والفنون والآداب والصناعات والاختراعات، وحذر من التفريط في نقاء هذا الجنس لئلا يفقد خصائصه المميزة.

أعلن هتلر قانون المواطنة بـ"الرايخ" وهو قانون حماية الدم الألماني والشرف الألماني وقانون علم الرايخ حيث أقرّت جلسة خاصة للرايخستاغ (مجلس النواب حينها) -بالتزكية- تشريعات تحرم اليهود كمواطنين في الرايخ (الاسم الرسمي لألمانيا في الفترة من 1871-1945) من الحقوق السياسية، ومنعتهم من الزواج أو ممارسة الجنس مع أشخاص يعرفون بأنهم العنصريون الألمانيون، وحظرت أي عرض لليهود بالألوان الوطنية أو العلم الوطني الجديد، وهو اللافتة ذات الصليب المعقوف.

لم يكن العدو الأكبر للنازية، من وجهة نظر هتلر، الديمقراطية الليبرالية في ألمانيا، التي كانت بالفعل على وشك الانهيار، بل كانت الماركسية، بإصرارها على الأممية والصراع الاقتصادي.

وبعيدًا عن الماركسية، كان هتلر يعتقد أن أعظم عدو على الإطلاق هو اليهودي، الذي كان بالنسبة لهتلر تجسيدًا للشر.

التجربة السياسية

بعد انتهاء الحرب اتجه هتلر للعمل السياسي في ميونيخ حيث انضم ـ مثل كثير من الجنود العائدين من الحرب ـ إلى حزب "العمال الألماني الصغير" في سبتمبر/أيلول 1919، وفي عام 1920 تم تكليفه بدعاية الحزب الذي تغيير اسمه في ذلك العام إلى "الحزب النازي".

استخدم هتلر مهاراته التنظيمية لتطوير الحزب من خلال تجسيد أفكاره ورؤاه، فرفع شعارات تدعو الألمان إلى التوحد في أمة واحدة، ونظم جيشا خاصا سماه "جنود العاصفة".

قاد الحزب النازي محاولة انقلاب في نوفمبر/تشرين الثاني 1923 ففشلت المحاولة وحكم على هتلر بالسجن 5 سنوات بتهمة الخيانة، قضى منها 9 أشهر فقط في قلعة لاندسبيرغ، استغلها في إنهاء المجلد الأول من كتاب "كفاحي" الذي لخص سيرته الذاتية، وضمنه مبادئ الحركة النازية، وأكمله عام 1927.

بعد خروجه من السجن مُنع هتلر من إلقاء الخطب، أولاً في بافاريا (أغنى ولايات ألمانيا الستة عشر)، ثم في العديد من الولايات الألمانية الأخرى وظل هذا المنع ساريا حتى عام 1928.

بعدها بدأ نجم هتلر في السطوع عندما حقق حزبه نتائج معتبرة في انتخابات مجلس النواب عام 1928، وارتفع عدد أعضاء الحزب مرة أخرى بفضل الدعاية المتواصلة واستغلال الأزمة الاقتصادية العالمية، وبرزت شخصية هتلر والتفت حولها الجماهير.

أدى ظهور الكساد عام 1929 إلى فترة جديدة من عدم الاستقرار السياسي في ألمانيا، وفي عام 1930، تحالف هتلر مع القومي ألفريد هوغنبرغ لشن حملة ضد "خطة يونغ" التي تقضى بدفع ألمانيا 269 مليار مارك (خفضت إلى 129 مليار مارك) كتعويضات لصالح الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وهو ما كان يرفضه هتلر.

وضعت الإعانات التي تلقاها هتلر من الصناعيين حزبه على أساس مالي آمن ومكنته من جعل جاذبيته العاطفية فعالة للطبقة الوسطى والدنيا والعاطلين عن العمل.

ارتفع أسهم حزب هتلر وفي انتخابات سبتمبر/أيلول 1930، حصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات في الانتخابات الوطنية، مقارنة بنسبة 2.6 في المائة عام 1928.

في 13 يناير/كانون الثاني 1933 عينه الرئيس هندبنرغ مستشارا لألمانيا وبمجرد وصوله إلى السلطة، أسس هتلر ديكتاتورية مطلقة فأخذ في القضاء على خصوم النازية، وحظر الصحافة "المعارضة للأهداف القومية والوطنية للحزب النازي" كما حظر جميع نقابات العمال والأحزاب السياسية المضادة.

وعندما أجريت الانتخابات في 5 مارس/آذار 1933، حصل النازيون على 43.9 بالمئة من الأصوات بعدها يومين تم تمرير مشروع قانون التمكين الذي يمنح سلطات كاملة لهتلر.

انسحب هتلر من مؤتمر نزع السلاح ومن عصبة الأمم في أكتوبر/تشرين الأول 1933، فيما وقع معاهدة عدم اعتداء مع بولندا في يناير/كانون الثاني 1934.

جاءت النقلة الأكبر في أغسطس/آب 1934، عندما توفي الرئيس الألماني هندبنرغ، وافق قادة الجيش على دمج المستشارية والرئاسة في منصب واحد انتقلت معها القيادة العليا للقوات المسلحة إلى الرايخ (الاسم الرسمي لألمانيا) وأدى الضباط والرجال قسم الولاء لهتلر شخصيًا.

حكم هتلر ألمانيا جميعها وأطلق على نفسه لقب زعيم ألمانيا ومستشارها، وعرفت فترة حكمه بعهد "الرايخ الثالث".

في نوفمبر/تشرين الثاني 1937، وفي اجتماع سري لقادته العسكريين، حدد هتلر خططه للغزو المستقبلي بدءًا من النمسا وتشيكوسلوفاكيا، وفي يناير/كانون الثاني 1938، أعلن هتلر استغناءه عن خدمات أولئك الذين لم يكونوا مخلصين في قبولهم للديناميكية النازية، معلنا عن امتنانه الذي لا ينضب لموسوليني قائد إيطاليا (الفاشية).

لم يكمل عامه الثالث في السلطة حتى انطلقت غزواته الخارجية بدءا بإرسال قوات إلى منطقة الراين، ثم اجتياح النمسا، ثم تشيكوسلوفاكيا، ومناطق وبلدان كثيرة في أوروبا، مشكلا محورا مع اليابان وإيطاليا، في مقابل التحالف الفرنسي البريطاني الأميركي السوفياتي.

كان هدف هتلر هو التمهيد لوضع أرضية لنظام جديد في أورويا (1933 ـ 1939) وطرد اليهود من الرايخ الألماني الأكبر، وفي عام 1941 تغيرت هذه السياسة من الطرد إلى الإبادة.

تسبب غزوه لبولاندا عام 1939 في إعلان الحلفاء الحرب عليه، وأثناء الحرب اجتاحت قواته مساحات واسعة من أوربا واستولى على مساحات شاسعة من الاتحاد السوفياتي مما أدى إلى مقتل ما يقرب من ثلاثة ملايين روسي، قبل أن يتمكن السوفيات من سحق الجيش الألماني في معركة "ستالينغراد" التي استمرت عدة شهور.

كانت تلك الهزيمة نقطة تحول رئيسية في الحرب، ثم انهزمت القوات الألمانية في معركة العلمين بمصر في النصف الثاني من عام 1942 أمام الحلفاء، وأخذ الجيش الألماني بالانكسار حتى تراجع إلى ألمانيا، وألقي القبض على موسوليني في يوليو/تموز 1943 وأعدم في أبريل/نيسان 1945.

وفي عام 1945 نجحت جيوش الحلفاء في اجتياح ألمانيا من جميع جوانبها حتى سقطت برلين فانتحر هتلر (حسب أغلب الروايات) في مركز قيادته مع عشيقته وزوجته إيفا براون تحت الأرض.

ولم تقتصر فظاعات حكم هتلر على ضحايا الحرب، بل تفنن في القتل وقام بفتح معسكرات لاحتجاز السجناء السياسيين ومعارضي النظام، كما قام بعمليات إبادة جماعية لليهود في ما عرف  بـ"الهولوكوست" التي راح ضحيتها كثير من اليهود.

محاولات اغتيال

تم التخطيط لعدة محاولات لاغتيال هتلر خلال عامي 1943-1944، لكن المحاولة الأكثر نجاحًا تقريبًا كانت في 20 يوليو/تموز 1944، عندما فجر العقيد كلاوس فون شتاوفنبرغ قنبلة في مؤتمر عقد في مقر هتلر في شرق بروسيا، لكن هتلر نجا بإصابات سطحية، وتم إعدام أغلب المتورطين في محاولة الاغتيال.

المؤلفات

أصدر كتابا بعنوان "كفاحي".

الوفاة

منتصف ليل 28-29 أبريل/نيسان 1945، تزوج هتلر من عشيقته إيفا براون، بعدها مباشرة أملى وصيته السياسية وعين الأدميرال كارل دونيتز رئيسًا للدولة وجوزيف جوبلز مستشارًا

وفي 30 أبريل/نيسان 1945، ودع جوبلز وعدد قليل من رفقائه، ثم تقاعد إلى جناحه وأطلق النار على نفسه، وأخذت زوجته السم وفقًا لتعليماته، وتم حرق جثثهم.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية