قيادة المرأة للسيارة بالسعودية.. محطات وتطورات

قيادة المرأة للسيارة في السعودية

قررت السعودية رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات، لتضع بذلك حدا لعقود من المطالبات والحملات الهادفة لرفع ذلك الحظر المستند -وفقا للسطات السعودية- لاعتبارات شرعية واجتماعية.

ويستند الحظر الحكومي لقيادة المرأة للسيارات إلى فتوى رسمية مصدقة من المؤسسة الدينية الرسمية إبان قيادة رئيسها الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز والمعروفة باسم "بيان 1411هـ"، (1990م) وتقضي "بعدم جواز قيادة النساء للسيارات، ووجوب معاقبة من يقوم منهن بذلك".

وصدرت فتاوى عدة تمنع النساء من قيادة السيارات خشية اختلاطهن مع رجال خارج نطاق عائلاتهن.

ومرت قضية الحظر والمطالبة برفعه بمحطات عدة من أهمها:
– في العام 1990 نشرت هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في السعودية، فتوى تعتبر أن قيادة المرأة السيارة أمر مخالف للشريعة الإسلامية.

في نوفمبر/تشرين الثاني 1990 شاركت مجموعة من النساء في حملة تطالب بالسماح لهن بقيادة السيارات، ولكن السلطة واجهت مطالبهن بالرفض واعتقلتهن وأفشلت حملتهن المطالبة بالسماح بقيادة السيارات.

– مع بداية الألفية الجديدة عاد موضوع قيادة المرأة للسيارة ليطرح نفسه من جديد في أوساط متعددة، خصوصا بعد حصول السعوديات وللمرة الأولى في تاريخ السعودية على بطاقات هوية بموجب قرار اتخذ عام 1999 بعد جدل طويل، حيث كن يدرجن على بطاقات الهوية التي يحملها الزوج أو الأب ويمنحن جوازات سفر لكنها لا تعتبر وثيقة هوية. ولكن مسؤولين سعوديين أكدوا أن منح المرأة السعودية هوية شخصية لا يمثل تمهيدا للسماح لها بقيادة السيارة لأنه موضوع يخضع للحكم الشرعي وفق قولهم.

– وفي أواخر 2005 قدم عضو مجلس الشورى محمد آل زلفة توصية -خلال مناقشة مشروع نظام المرور- بإضافة مادة نظامية تجيز قيادة المرأة السيارة داخل المدن السعودية أسوة بالرجل.

– وفي مايو/أيار 2005 قال وزير الداخلية السعودي الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز إن السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة "شأن اجتماعي يقرره المجتمع".

– وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2005 ألمح ولي العهد السعودي حينها الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى إمكانية السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة شرط موافقة ولي أمرها.

وقال الأمير سلطان في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية إن السلطات مستعدة للنظر في أي طلب يقدمه ولي أمر المرأة سواء كان والدها أو زوجها أو أخاها للسماح لها بقيادة السيارة، مشيرا إلى أن احدا لن يستطيع أن يجبرهم في حال طلبوا عكس ذلك.

– وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2005 أظهر استطلاع للرأي نشر في الرياض أن 60% من الرجال السعوديين يؤيدون رفع الحظر الذي تفرضه المملكة على قيادة النساء للسيارات مقابل 40% عارضوا ذلك لاعتبارات اجتماعية وشرعية مختلفة.

– وعادت القضية مرة أخرى إلى واجهة الجدل الشرعي في السعودية بعد تصريحات لعضو المؤسسة الدينية الرسمية (هيئة كبار العلماء) قيس المبارك اعتبر فيها أن قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة لذاتها. وأوضح المبارك "حديثي عن قيادة المرأة للسيارة ليس شيئا حديثا، فمنذ أكثر من عشرين عاما كنت حين ألتقي ببعض الفقهاء والقضاة أطلب منهم أن يوضِّحوا للناس أن قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة لذاتها".

– وفي 3 ديسمبر/كانون الثاني 2010 أجاز رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة أحمد بن قاسم الغامدي قيادة المرأة للسيارة، مما أثار جدلا في أوساط بعض الفقهاء الذين قالوا إن هذا الموقف يربك المجتمع السعودي ويتجاوز خطوط المؤسسة الدينية الرسمية.

وخلال السنوات اللاحقة لجأت بعض النسوة السعوديات إلى "المطالبة بالقيادة" عبر تسجيل مرئي، حيث يظهرن في مقاطع تنشر على اليوتيوب وهن يقدن السيارة، وتكرر ذلك يوم 8 مارس/آذار 2009 المصادف ليوم المرأة العالمي حين قادت الناشطة البارزة وجيهة الحويدر سيارتها الخاصة "كأسلوب ممانعة وتحد ضمني".

– وفي خضم حراك الربيع العربي تعالت الأصوات المطالبة برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وحددت ناشطات يوم 17 يونيو/حزيران 2011 موعدا لحملة تحت شعار "سأقود سيارتي بنفسي" وذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أن نسوة سعوديات قمن -خلال هذه الحملة- بقيادة سياراتهن والخروج بها إلى الشوارع في السعودية، دون خوف من السلطات أو القوانين التي تحظر قيادة المرأة في البلاد.

وأوضحت إندبندنت أن نسوة سعوديات خرجن إلى الشارع في مظهر يوحي بتحدي الحظر المفروض على المرأة بشأن قيادة السيارات، مضيفة أن مراسلة الصحيفة رافقت إحدى النساء السعوديات وهي المواطنة مها القحطاني التي قادت السيارة رفقة زوجها، وتنقلت بها الجمعة في شارع الملك فهد بالرياض.

وأما صحيفة فايننشال تايمز البريطانية فذكرت أن 29 امرأة سعودية على الأقل قمن بقيادة سياراتهن الجمعة داخل السعودية في أعقاب حملة نظمنها عبر شبكة الإنترنت، مضيفة أن امرأة من بينهن ربما يكون جرى اعتقالها في العاصمة السعودية الرياض.

كما أشارت الصحيفة إلى مها القحطاني (39 عاما) التي قادت سيارتها لحوالي 35 دقيقة رفقة زوجها، قبل أن تحاصر سيارات الشرطة سيارتها.

– وجاءت الحملة الثالثة بعد حملتي 1990 و2011 حين طالب أكثر من ستة آلاف امرأة ورجل في بيان وقعوا عليه تحت عنوان "قيادة المرأة للسيارة اختيار وليس إجبارا" الدولة السعودية بتوفير السبل المناسبة لإجراء اختبارات قيادة للمواطنات الراغبات وإصدار تصاريح ورخص للواتي يتجاوزن هذا الاختبار، وذلك بما أنه لا يوجد مبرر يقضي بأن تمنع الدولة السعودية المواطنات البالغات اللواتي يتقن قيادة السيارة من القيادة، وفق الموقعين.

وحدد من أطلقوا هذه الحملة يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2013 للخروج إلى الشارع وقيادة السيارة ورفع مقاطع تظهر ذلك على اليوتيوب.

– ولاحقا رفض مجلس الشورى السعودي الأخذ بتوصية من ثلاث نساء أعضاء به بالسماح للنساء بقيادة السيارات. ودعت الأعضاء الثلاث في دراسة تقدمن بها للمجلس إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة وقلن إن الحظر يصعب مهمة المرأة في إيجاد عمل أو رعاية أسرهن كما يسبب مشاكل مالية للأسر التي تضطر للاستعانة بسائق.

– ولم يتوقف الجدل ولم تهدأ المطالبة برفع الحظر، حيث استمر في الأعوام التالية عبر مطالبات وحملات ووسوم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتنوعت هذه الوسوم بين المطالبة برفع الحظر والرافضة له، ومن بينها وسم ‏#لن_نسمح_بقيادة_المرأة_للسيارة.

-وفي 26 سبتمبر/أيلول 2017 أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أمرا بمنح المرأة حق قيادة السيارات، ونشرت وكالة الأنباء السعودية أمرا ملكيا يخول المرأة هذا الحق الذي منعت منه لعقود.

واستند المرسوم الملكي إلى "ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، والإيجابيات المتوخاة من السماح لها بذلك مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها".

وجاء في نص المرسوم أن أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية أفتوا بأن الأصل في قيادة المرأة للمركبة الإباحة.

ونص المرسوم على أن تنفيذه سيبدأ منتصف العام المقبل بعد اتخاذ الإجراءات ووضع الضوابط الضرورية لاستصدار رخص القيادة وملاءمة قانون المرور مع التطورات الجديدة.

يشار إلى أن السعودية كانت الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من قيادة السيارات بمبررات دينية يرفضها معظم علماء المسلمين.

المصدر : الجزيرة + وكالات