الثورة السورية.. تعدد المبادرات دون حل

ما إن اندلعت الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011، حتى تفاقمت الأوضاع على الأرض، خصوصا مع حرص النظام على صبغ الاحتجاجات بالدم، وإصراره على استخدام  كل ما لديه من السلاح لقمع الحراك الشعبي.

ومع غرق البلاد في طوفان من حمامات الدم، وتدفق ملايين السوريين لاجئين إلى دول الجوار، وهجرة الآلاف منهم إلى أوروبا؛ أخذت الدعوة إلى التفاوض لحل الأزمة زخما جديدا في ظل خريطة رمال المواقف المتحركة للاعبين الكبار خصوصا أميركا وروسيا.

وتاليا أبرز المبادرات والجهود العربية والدولية لحل الأزمة في سوريا:

المبادرات العربية
 
طُرحت أول مبادرة عربية لحل الأزمة السورية في أواسط نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ومنحت السلطات مهلة ثلاثة أيام للتوقيع على اتفاق لإرسال مراقبين عرب إلى البلاد لتقصي الأحداث، لكن مع مُمطالة الحكومة في التوقيع على البروتوكول استمرَّ تمديد المهل أكثر من شهر حتى 19 ديسمبر/كانون الأول 2011، حين وقَّعت الحكومة السورية أخيرا.

لكن تفويض البعثة انتهى في أواخر شهر يناير/كانون الثاني 2012، وهُنا طرحت الجامعة مُبادرة جديدة تقضي هذه المرَّة بتنحي بشار الأسد عن الحُكم وتفويض نائبه لتولِّي مهامه.

وفي 22 يناير/كانون الثاني 2012، أعلن وزراء الخارجية العرب مبادرة جديدة تنص على نقل سلطات الرئيس السوري بشار الأسد إلى نائبه فاروق الشرع، على غرار المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية.

وبعد مرور يومين فقط على هذا الإعلان وفي 24 من الشهر نفسه، أغلق النظام السوري الباب في وجه أي حل عربي، وأكد تصميمه على قمع الاحتجاجات الشعبية ضده، واختفى فاروق الشرع من المشهد السياسي.

مؤتمر "أصدقاء سوريا"
في 24 فبراير/شباط 2012، عقد اللقاء الأول لمجموعة "أصدقاء سوريا"، وتضمن عددا كبيرا من الدول، لكن روسيا والصين قاطعتاه.

وفي إطار هذا اللقاء، نظمت الكثير من الاجتماعات لممثلي الدول الداعمة للمعارضة السورية، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وطالبت المعارضة في كل هذه الاجتماعات بدعمها بالسلاح، لكن هذا الأمر لم يتحقق بشكل يمكنها من تحقيق ميزان عسكري على الأرض للدفع في اتجاه حل سياسي.

خطة أنان
في 12 أبريل/نيسان 2012، بدأ سريان وقف لإطلاق النار بموجب خطة للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي عُين مبعوثا للمنظمة الدولية والجامعة العربية، لكنه لم يصمد أكثر من ساعات. وما لبث أنان أن استقال من مهمته.

جنيف1
في 30 يونيو/حزيران 2012، اتفقت مجموعة عمل مؤلفة من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وتركيا ودول عربية، في جنيف على مبادئ مرحلة انتقالية، لكن الأطراف المعنية بالنزاع من السوريين وغير السوريين اختلفوا على تفسير هذه المبادئ التي لم تلحظ بوضوح مصير الرئيس بشار الأسد الذي تطالب المعارضة برحيله.

واعتبرت واشنطن أن الاتفاق يفسح المجال أمام مرحلة "ما بعد الأسد"، في حين أكدت موسكو وبكين أنه يعود إلى السوريين تقرير مصيرهم.

undefined
       
اتفاق الأسلحة الكيميائية
في 14 سبتمبر/أيلول 2013، أبرمت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقا في جنيف حول إتلاف الترسانة السورية من الأسلحة الكيميائية. وجاء الاتفاق بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية شنه جيش النظام على ريف دمشق وتسبب بمقتل المئات، وتجنب النظام -بموافقته على الاتفاق- ضربة عسكرية أميركية على سوريا.

وعلى الرغم من إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تخلص دمشق من أسلحتها هذه، فإنها أكدت استخدام غاز الكلور في النزاع بشكل "منهجي".

جنيف2
في الفترة من 22 إلى 31 يناير/كانون الثاني 2014، عقدت مفاوضات في سويسرا بين المعارضة والنظام، بضغط من الولايات المتحدة الداعمة للمعارضة ومن روسيا الداعمة للنظام، لكنها انتهت من دون نتيجة ملموسة.

وتلتها جولة ثانية انتهت في 15 فبراير/شباط 2014، وأعلن وسيط الأمم المتحدة في ذلك الوقت الأخضر الإبراهيمي -الذي حل محل أنان- وصول النقاش إلى طريق مسدودة.

وفي 13 مايو/أيار 2014، استقال الإبراهيمي بعد أكثر من عشرين شهرا من الجهود العقيمة.

خطة الأمم المتحدة
في 17 أغسطس/آب 2015، أعلن مجلس الأمن الدولي أنه يدعم بالإجماع مبادرة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.

محادثات فيينا
بعد مرور شهر على بدء الحملة الجوية الروسية في سوريا الداعمة للنظام السوري، اجتمعت 17 دولة كبرى في العاصمة النمساوية  فيينا في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2015، بينها روسيا والولايات المتحدة والسعودية وإيران وتركيا، لبحث الحل السياسي في سوريا. وخلا الاجتماع من وجود ممثلين للمعارضة السورية أو للنظام، واتفق المجتمعون على السعي إلى وضع أطر انتقال سياسي، بينما اختلفوا على مستقبل بشار الأسد.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، توصلت الدول الكبرى في فيينا إلى "خريطة طريق" تنص على تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول يناير/كانون الثاني 2016، من دون الاتفاق على مصير الأسد. 

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2015، اجتمعت في العاصمة السعودية الرياض -للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في سوريا- مكونات معارضة سياسية وعسكرية، شكلت هيئة من 33 عضوا للتفاوض مع النظام.

قرار مجلس الأمن
في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع وللمرة الأولى منذ بدء النزاع قرارا يحدد "خارطة طريق" تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة في يناير/كانون الثاني 2016، وينص على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا، من دون أن يشير إلى مصير بشار الأسد.

جنيف3
في 20 يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن اجتماع المعارضة في الرياض تعيين عضو المكتب السياسي في فصيل "جيش الإسلام" محمد علوش، كبيرا للمفاوضين في المحادثات التي كان من المفترض عقدها في 25 من الشهر ذاته، قبل أن تؤجل أربعة أيام نتيجة خلافات على أسماء ممثلي وفد المعارضة.

وفي 28 يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت المعارضة السورية المجتمعة في الرياض رفضها المشاركة في مفاوضات جنيف قبل تطبيق مطالب إنسانية في سوريا تتعلق بإيصال مساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف قصف المدنيين.

وفي 29 يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت الأمم المتحدة بدء المفاوضات في غياب المعارضة قبل أن تنضم الأخيرة لها بعد يومين.

مفاوضات أستانا
وفي 23 يناير/كانون الثاني 2017 انطلقت مفاوضات أستانا بين المعارضة والنظام برعاية روسية تركية وحضور أميركي إيراني، وترأس وفد المعارضة محمد علوش، الذي شدد خلال كلمته الافتتاحية على أن المعارضة تتطلع لتثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل، وتطبيق انتقال سياسي يبدأ برحيل بشار الأسد ونظامه.

بينما قاد بشار الجعفري وفد النظام، وذكر في كلمته الافتتاحية أنه يتطلع لهدنة محددة للفصل بين من وصفهم بالإرهابيين وبين التنظيمات الراغبة بالمصالحة. 

ونصت مسودة البيان الختامي للدول الراعية لمفاوضات أستانا على إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة وضمان وقف إطلاق النار، إلى جانب بدء محادثات سياسية بما يتفق مع قرار الأمم المتحدة رقم 2254، علما أن المعارضة عبرت عن رفضها بعضا من بنود المسودة.

وجددت المعارضة رفضها المفاوضات المباشرة مع نظام الأسد.

المصدر : الجزيرة + وكالات