رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان

رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشنيان (وكالة الأناضول)

نيكول باشينيان صحفي وسياسي أرمني ولد عام 1975، طرد من الجامعة في عامه الأخير وكان قد عمل صحفيا أثناء دراسته، وشغل منصب رئيس وزراء أرمينيا في الفترة ما بين مايو/أيار 2018 و25 أبريل/نيسان 2021 حين استقال، ثم عاد إلى المنصب ذاته بعد فوزه بالانتخابات المبكرة التي جرت في العام نفسه. 

عرف باشينيان بمعاداته للحزب الجمهوري، وكان الصراع المحتدم بين أرمينيا وأذربيجان على منطقة ناغورني قره باغ في عهده.

المولد والنشأة

ولد نيكول باشينيان في الأول من يونيو/حزيران 1975، في مدينة إيجوان الواقعة شمال شرق أرمينيا، والتي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي، وتعد الآن عاصمة لمحافظة تاووش.

وكان باشينيان أصغر الأبناء الثلاثة لوالده المعلم فوفا ووالدته سيفتلانا، والتي توفيت وهو ابن 12 عاما.

بعد وفاة أمه تزوج والده من امرأة تدعى يرجانيك، وأدت دورا هاما في حياته اللاحقة وفي تربيته.

وأثناء نشأته كان الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف ينفذ برنامجا بعيد المدى للامركزية، أدى فيما بعد إلى استقلال أرمينيا وجمهوريات أخرى عن الاتحاد السوفياتي.

نيكول باشينيان يخاطب أنصاره المتجمعين في ساحة الجمهورية وسط مدينة يريفان في 25 فبراير/شباط 2023 (الفرنسية)

التكوين العلمي

أدت الإصلاحات التي فرضها غورباتشوف إلى هامش أكبر في حرية للصحافة، وازدهرت أكثر بسقوط الاتحاد السوفياتي. والتحق باشينيان بجامعة يريفان الحكومية عام 1993 ودرس الصحافة، لكنه طرد من الجامعة عام 1995 بعد اتهامه إدارتها بالفساد.

وبالتزامن مع طرده من الجامعة، كانت قوات الأرمن في ناغورني قره باغ قد بسطت سيطرتها على المنطقة وأكدت "استقلالها".

التجربة الصحفية

بدأ باشينيان عمله الصحفي مبكرا، إذ عمل مراسلا لعدد من الصحف أثناء دراسته، وبعد طرده من الجامعة بسنتين، أي عام 1997 أسس صحيفة معارضة، اتهمت رئيس ناغورني قره باغ روبرت كوتشاريان ودائرته بالفساد في عدة مقالات نشرتها عام 1999، ما عرض مقر الصحيفة لإطلاق النار.

ورُفعت دعوى قضائية ضد باشينيان بتهمة تشويه سمعة شخصية سياسية أرمينية، وتحقير موظف حكومي رسمي، بعد أن رفض التراجع عن اتهامه أو دفع غرامة، ثم حكم عليه بالسجن لمدة سنة.

تصادف يوم صدور الحكم مع وجود رئيس الاتحاد الأوروبي في أرمينيا رسل جونستون، الذي عبر عن رأيه في قضية باشينيان خلال محادثاته مع الحكومة.

ونظرا لكونه أول صحفي في أرمينيا المستقلة توجه له تهم جنائية، واجهت السلطات الأرمينية ضغطا دوليا لإعادة النظر في قضيته، وأمرت محكمة الاستئناف بوقف تنفيذ الحكم، بشرط خضوعه باستمرار لرقابة الشرطة.

European Political Community (EPC) Holds Inaugural Meeting
في منتصف يناير/كانون الثاني 2019 أدت حكومة باشينيان الجديدة اليمين الدستورية (غيتي)

وعلى الرغم من ذلك أغلقت الحكومة صحيفته، وفرضت عليها غرامة مقدارها 25 ألف دولار، وخلفتها صحيفة "هايكاكان زاماناك"، وفي أواخر عام 2004 تعرضت سيارة باشينيان إلى التفجير خارج مقر الصحيفة.

وخلص تقرير الشرطة إلى أن الانفجار صادر عن مشاكل تقنية، وقد حدث الانفجار بعد يوم واحد من إصدار الصحيفة نقدا ضد رئيس الشرطة الأرمينية. ولم تحقق الشرطة بالانفجار إلا بعد 10 أيام من وقوعه على خلفية تصريح الدفاع المدني أن الانفجار كان بسبب تدخل خارجي.

عمل نيكول باشينيان رئيس تحرير لصحيفة "هايكاكان زاماناك" حتى عام 2008، وبقي في منصب رئيس التحرير شكليا حتى عام 2012.

النشاط السياسي

في عام 2008 دعم نيكول باشينيان حملة تير بيتروسيان للعودة للحكم، لكنه لم يفز بالانتخابات التي انتقد نيكول نزاهتها.

وكان ممن نظموا تجمعات دعت لإعادة الانتخابات، وواجهت تلك التجمعات حملة قمع واسعة وعنيفة في مارس/آذار 2008. واختبأ باشينيان حتى يوليو/تموز 2009، ثم سلم نفسه للقضاء وأُدين، ووصف نفسه في بيان نشره بأنه سجين سياسي.

وأطلق سراحه في 27 مايو/أيار 2011، بعد إصدار الحكومة الأرمينية قرارا بالعفو العام، وكان قد قضى في السجن قرابة عامين.

وفي عام 2012 انضم باشينيان إلى البرلمان بعد ترشحه في حزب تير بتروسيان. وفي عام 2015 شارك في تأسيس حزب العقود المدنية، ونافس في انتخابات 2017 ضمن تحالف "يلك" الانتخابي، وكان ذلك التحالف منشقا عن حزب تير بتروسيان، وقد فاز التحالف بـ9 مقاعد فقط حينها، بينما فاز تحالف حزب تير بيتروسيان بـ31 مقعدا.

Russia's President Putin meets with Armenia's Prime Minister Pashinyan in Moscow
رئيس الوزراء الأرميني (يسار) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

باشينيان رئيسا للوزراء

وفي مايو/أيار 2017، ترأس نيكول باشينيان تحالف الحزب البرلماني "يلك" في الجمعية الوطنية.

وفي 31 مارس/آذار 2018 بدأ حركة في ميدان "جيومري للفاردانتس"، وأدى ذلك إلى ثورة شعبية سُميت بـ"الثورة المخملية" استمرت شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار من العام نفسه.

وفي الثامن من مايو/أيار 2018، انتخب باشينيان رئيسا لوزراء أرمينيا في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وكان ذلك التنصيب بناء على طلب الحركة الشعبية. واستقال في 16 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، لإجراء انتخابات سريعة، ومارس مهام رئيس الوزراء بالنيابة، تماشيا مع التعهد الانتخابي.

وأدى ذلك إلى حل الجمعية الوطنية، والاستعداد لانتخابات مبكرة، أجريت في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2018، حقق فيها التحالف الذي يترأسه باشينيان فوزا ساحقا، إذ حصل على أكثر من 70% من الأصوات.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2019، أدت حكومة باشينيان الجديدة اليمين الدستورية، وأصدرت خطة للإصلاح الاقتصادي، كما كانت لها أهداف متفائلة، لكنها انتُقدت بسبب تفاصيلها الغامضة.

وكانت روسيا -التي تعد الضامن الأهم لأمن أرمينيا وشريكها التجاري الأكبر- معادية لحكومة باشينيان، مما دفعه للبحث عن صفقات تجارية في أماكن أخرى خاصة في إيران.

المفاوضات مع أذربيجان

أحيت الحكومة الجديدة الآمال في بدء المفاوضات مع أذربيجان حول منطقة ناغورني قره باغ، فعقدت اجتماعات بين الطرفين حضرها باشينيان ورئيس أذربيجان إلهام علييف، في أواخر مارس/آذار 2019.

لكن انهيار الدبلوماسية بين البلدين أدى إلى تصاعد التوترات في منتصف عام 2020، ونشبت اشتباكات عنيفة في ناغورني قره باغ في يوليو/تموز من العام نفسه، واستمرت التوترات إلى أواخر سبتمبر/أيلول 2020.

وأدى الصراع إلى تدمير القوات الأرمينية، وانتهى الأمر في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بعد أن وافق باشينيان على سحب القوات الأرمنية والتخلي عن السيطرة الأرمنية على جزء كبير من المنطقة.

الانتخابات المبكرة

في أعقاب ذلك الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، اندلعت مظاهرات في يريفان نتيجة صدمة الأرمن من الحرب، والضغط الاقتصادي الذي سببه تدفق اللاجئين، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية المصاحبة لجائحة (كوفيد-19).

واقتحم المتظاهرون مبنى البرلمان في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مطالبين باستقالة الحكومة. وكان أرمين سركيسيان رئيس الحكومة السابق؛ من الدعاة إلى تنحي باشينيان، كما دعته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة إلى الاستقالة بعد عدة أشهر.

وفي مارس/آذار 2021 ومع تصاعد الضغوط، وافق باشينيان على إجراء انتخابات مبكرة في يونيو/حزيران 2021، واستقال رسميا في أبريل/نيسان مع بقائه في منصب تصريف الأعمال.

وكان التحدي الانتخابي الأضخم الذي واجهه قادم من ترشح روبرت كوتشاريان، الذي اجتذب الناخبين الأكثر اهتماما بالأمن القومي، إلا أن كوتشاريان ظل مرتبطا بالفساد والحرس القديم الذي أطاح به باشينيان.

وأثبت باشينيان أنه الأكثر شعبية، كما أظهرت استطلاعات الرأي تشاؤما واسع النطاق بشأن قدرة كل مرشح على التعامل مع شؤون أرمينيا الحالية، وفاز باشينيان وحزبه في تلك الانتخابات.

وعلى الرغم من فوزه، فإنه فقد شعبيته لدى قسم من شعبه بعد التوقيع على اتفاق السلام الذي أبرمته موسكو لإنهاء الحرب مع أذربيجان على ناغورني قره باغ.

فيما اتهمته المعارضة بفشله في تنفيذ الإصلاحات الموعود بها، وتسليم الأراضي لأذربيجان في إطار صفقة السلام التي عقدت عام 2020.

الموقف من قره باغ 2023

وفي 19 سبتمبر/أيلول 2023 أعلنت أذربيجان القيام بعملية عسكرية في قره باغ قالت عنها إنها عملية لمكافحة الإرهاب وفرض النظام، وأدت العملية إلى أكثر من 200 قتيل وأكثر من 400 جريح وإجلاء عشرات الآلاف من الناس.

وعلى إثر العملية العسكرية خرجت مظاهرات في 19 سبتمبر/أيلول 2023 في العاصمة الأرمينية تطالب باستقالة رئيس الحكومة نيكول باشينيان، كما تظاهر محتجون أمام السفارة الروسية، وذلك عقب إطلاق أذربيجان عملية عسكرية تستهدف التشكيلات الأرمينية المسلحة في إقليم ناغورني قره باغ.

وتجمع مئات المتظاهرين في ساحة الجمهورية، أمام مقر باشينيان احتجاجا على إدارته لأزمة قره باغ، ورددوا هتافات منها "نيكول استقل، نيكول خائن".

وندد رئيس الوزراء بما سماه "الدعوات للانقلاب على الحكومة "، وقال في خطاب متلفز "علينا ألا نسمح لأطراف معينة وقوى معينة بتوجيه ضربة للدولة" الأرمينية.

وفي اليوم التالي للعملية أي الأربعاء 20 سبتمبر/ أيلول 2023 أعلنت أذربيجان سيطرتها على الإقليم، وأُعلن عن قيام مباحثات بين أرمينيا وأذربيجان برعاية قوات حفظ السلام التابعة لموسكو.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات