شتيرن منظمة صهيونية متطرفة شاركت في مذبحة دير ياسين

مزيد من التفاصيل Logo of the Lehi movement, a historic militant revisionist Zionist movement State of Israel Armed Forces
شعار منظمة شتيرن الصهيونية المسلحة (الجزيرة)

منظمة "لحمي حيروت إسرائيل" أو (المحاربون من أجل حرية إسرائيل)، وتعرف اختصارا بـ"ليحي" أو "شتيرن" نسبة إلى مؤسسها أبراهام شتيرن، إحدى أكثر المنظمات اليهودية المسلحة تطرفا في تاريخ إسرائيل، شاركت في مجزرة دير ياسين، وخاضت صراعا مسلحا ضد بريطانيا واغتالت وزيرها المقيم لشؤون الشرق الأوسط.

النشأة والتأسيس

تأسست عام 1940 بعد انشقاق أبراهام شتيرن عن منظمة الأرغون التي كان يشغل عضوية قيادتها العليا، وأطلق عليها اسم "لحمي حيروت إسرائيل" أي (المحاربون من أجل حرية إسرائيل) وتسمى اختصارا "ليحي"، لكنها اشتهرت أكثر باسم مؤسسها شتيرن.

انتهجت السرية في العمل، وبدأت بتوزيع منشورات تعرّف بأفكارها وكيفية صنع الأسلحة والمتفجرات للتحريض على الفلسطينيين، وتشير المصادر إلى أن العديد من أعضائها تلقوا تدريبات عسكرية في إيطاليا الفاشية وعلى يد مدربين بولنديين.

الفكر والأيديولوجيا

تبنت المنظمة فكرا متطرفا حتى بالنسبة للمنظمات اليهودية المعاصرة لها وسعت إلى تطبيقه بشتى الطرق، مما جعلها تميل إلى العمل المستقل بعيدا عن وصاية المنظمة الصهيونية العالمية، وحتى عن الهاغاناه التي كانت تصطدم معها أحيانا في بعض المواقف السياسية.

ورفعت حلم إنشاء "دولة إسرائيلية" من الفرات إلى النيل، ومن أجل ذلك تبنت الحرب على بريطانيا -وهي تحارب العدو المشترك ألمانيا النازية- حتى تنسحب بالكامل من أرض فلسطين باعتبارها أرض اليهود.

كما أنها تبنت التعاون التكتيكي مع أي جهة تقف إلى جانبها في عملياتها العسكرية ضد الانتداب البريطاني الذي رأت فيه عائقا أمام الإسراع في تحقيق حلم قيام "الدولة الإسرائيلية".

الأعلام والرموز

يعتبر مؤسس المنظمة أبراهام شتيرن أشهر رموزها وارتبطت باسمه، وكان معاديا للبريطانيين، ونفذت المنظمة في عهده العديد من الهجمات ضد سلطات الانتداب، وامتد الصراع بعد مقتله إلى أوروبا والولايات المتحدة.

وهو يهودي من أصل بولندي ولد عام 1907 وجاء إلى فلسطين عام 1925، درس في القدس وحصل على منحة لدراسة اللغات والأدب الكلاسيكي في جامعة فلورنسا بإيطاليا، لكنه عاد إلى فلسطين عام 1929 للعمل ضمن عصابات المستوطنين، وكُلف بشراء أسلحة من الدول الأوروبية، ويقول أنصاره إن المحققين البريطانيين قتلوه بالرصاص بعد القبض عليه في مكان اختبائه داخل شقة في تل أبيب يوم 12 فبراير/شباط 1942.

كما يعد إسحاق شامير -وهو من مواليد 1915 في بولندا وتوفي عام 2012 في إسرائيل- الشخصية الثانية في منظمة شتيرن، وتولى قيادتها بعد مقتل مؤسسها، وقاد فترة من الصراع مع البريطانيين خلال الأربعينيات.

وبعد قيام إسرائيل عمل شامير في الموساد، ثم انتخب في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وتولى منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي لفترتين منفصلتين خلال الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الـ20.

مجازر واعتداءات

تعتبر مجزرة دير ياسين -التي استهدفت القرية الواقعة غربي القدس المحتلة يوم 9 نيسان/أبريل 1948- أبشع المجازر التي نفذتها منظمة شتيرن، وكانت بالتعاون مع منظمة الأرغون.

كان زعيم المنظمة إسحاق شامير أحد المشاركين في المجزرة، وكان يرى في المجازر أسلوبا فعالا لطرد الفلسطينيين وإبادتهم.

وتتداول بعض الروايات التاريخية أن الإسرائيليين ذبحوا بين 250 و300 فلسطيني ومثّلوا بالجثث وبقروا بطون الحوامل وجردوا البعض من ملابسهم وطافوا بهم في الشوارع اليهودية من القدس، حيث تعرضوا لسخرية المستوطنين اليهود وإهانتهم.

A photograph released on 30 June 2012 of former Israeli Prime Minister Yitzhak Shamir, of the Likud party, as he addresses the Madrid Peace Conference in a photograph from 30 October 1991. At right is American Dennis Ross who would go on to try to keep the Palestinian - Israeli peace process on track for almost two decades. Shamir, who served twice as Prime Minister, died at age 96 on 30 June 2012.
إسحاق شامير الشخصية الثانية في منظمة شتيرن وتولى قيادتها بعد مقتل مؤسسها أبراهام شتيرن (الأوروبية)

في حين يرى مؤرخون فلسطينيون أن ضحايا المجزرة كانوا أقل من 100، وأن الإحصائيات الإسرائيلية تعمدت وقتها تضخيم عدد الضحايا، لبث الرعب في نفوس باقي الفلسطينيين بالقرى المجاورة لإجبارهم على الهروب من منازلهم.

كما نفذت شتيرن يوم 4 أبريل/نيسان 1948 ما عرفت بعملية "نسف" (السرايا القديمة) في مدينة يافا، والتي أدت إلى استشهاد 17 فلسطينيا وجرح أكثر من 100 ما بين شيوخ وأطفال كانوا في ملجأ للفقراء والأيتام، مما تسبب في نكبة يافا وأدى إلى هجرة كبرى بين سكانها الذين أدركوا بشاعة جرائم العصابات الصهيونية.

كما شاركت المنظمة في العديد من المجازر والاعتداءات وعمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين والتحريض عليهم.

حرب ضد بريطانيا

خاضت منظمة شتيرن حربا طويلة ضد الانتداب البريطاني ونفذت العديد من العمليات، فهي ترى أن زعماء اليهود خلال عهد الانتداب لم يكونوا يعرفون قول "لا" للبريطانيين الذين تعتبرهم عدوا يحتل الأرض ويعيق مشروع دولة إسرائيل.

وصل الصراع ذروته في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1942، وهو تاريخ قتل البريطانيين مؤسس المنظمة، مما تسبب في إضعاف نشاطها، لكنها سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها واغتالت الوزير البريطاني المقيم لشؤون الشرق الأوسط اللورد موين في القاهرة يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1944.

وامتد الصراع مع بريطانيا إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث نفذت شتيرن العديد من العمليات، منها تفجير السفارة البريطانية بروما في أكتوبر/تشرين الأول 1946، وتوجيه رسائل مفخخة إلى العديد من كبار الشخصيات البريطانية، وغيرها، وبالمقابل لاحقت بريطانيا مسؤولي المنظمة في الداخل والخارج.

وفي مايو/أيار 1948 انضمت شتيرن إلى الجيش الإسرائيلي، ولكن جناحها العامل في القدس ظل متمردا وأطلق على نفسه اسم "جبهة الوطن"، وهو الذي نسق مع العصابات الأخرى لاغتيال أول وسيط للأمم المتحدة الكونت برنادوت يوم 17 سبتمبر/أيلول 1948.

أثار هذا الحادث حفيظة الكثير من حكومات العالم، وأجبر الحكومة الإسرائيلية على ملاحقة أعضاء منظمة شتيرن واعتقال قادتها، وحكم على اثنين منهم بالسجن 8 سنوات و5 سنوات على التوالي، ولكن سرعان ما أطلق سراحهما بعفو خاص.

المصير

بعد فوز نتان فريدمان -وهو أحد المحكوم عليهم في اغتيال برنادوت- في انتخابات الكنيست الأولى عام 1949 عن قائمة المحاربين وقعت انقسامات في صفوف شتيرن فأصبحت 3 أجنحة.

تزعَّم الجناح الأول فريدمان الذي انضم في ما بعد إلى الهستدروت، وانضم الجناح الثاني إلى بعض الحركات اليسارية المتطرفة، وأسس الجناح الثالث الذي تتزعمه جمعية المحاربين القدامى.

وفي ما بعد اعترفت الحكومة الإسرائيلية بأن الخدمة العسكرية في صفوف شتيرن خدمة خاضعة للتقاعد، فصرفت لجميع الذين خدموا فيها رواتب التقاعد المستحقة لهم ومنحت بعضهم وسام محاربي الدولة، ثم ذابت المنظمة داخل الجيش الإسرائيلي بمرور السنين، كما صدر عفو عام في 1980 عن أعضاء شتيرن المدانين من القضاء.

وعلى الصعيد السياسي، لم يعد للمنظمة كيان قائم ولم ينبثق عنها حزب سياسي كما حصل مع منظمات أخرى، لكن أفكارها ظلت حاضرة بقوة، إذ تشكل إلهاما للعديد من عصابات المستوطنين التي ظهرت بعد قيام إسرائيل.

ومن خلال متحف "ليحي" أو بيت "يائير" -الذي أقيم في منزل بتل أبيب يُزعم أن شرطة الانتداب البريطاني قتلت فيه شتيرن- تقدم عروض عن حياة مؤسس المنظمة ونشاطها للزائرين من السياح والطلاب والتلاميذ وغيرهم.

المصدر : مواقع إلكترونية