رياض الترك.. معارض سوري اعتقله 4 رؤساء

رياض الترك دخل السجن لأول مرة عام 1952 (رويترز)

رياض الترك سياسي سوري، ومن أبرز معارضي النظام السوري وحكم عائلة الأسد، مما تسبب باعتقاله وزجّه في السجن لنحو 18 عاما في عهد حافظ الأسد، وسنتين تحت حكم ابنه بشار. توفي في الغربة بالعاصمة الفرنسية باريس بداية عام 2024.

المولد والنشأة والدراسة

ولد رياض الترك -الملقب بين رفاقه بـ"ابن العم"- عام 1930 بمدينة حمص السورية، وفيها عاش طفولته داخل دار أيتام تابعة للجمعية الإسلامية الخيرية.

درس الترك في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ومنها حصل على إجازة في المحاماة عام 1958. وحينها كان قد بدأ نشاطه السياسي.

التجربة السياسية

دخل الترك السجن لأول مرة عام 1952 لمدة 5 أشهر في عهد الرئيس السوري أديب الشيشكلي (قائد الانقلاب العسكري الثالث في تاريخ سوريا). واعتقل للمرة الثانية عام 1960 أيام وحدة سوريا ومصر 15 شهرا.

غادر سوريا عام 1963 فور تولي حزب البعث السلطة، وعاد للبلاد بعد عامين تقريبا.

في سبعينيات القرن الماضي تولى الترك منصب الأمين العام لـ"الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي"، وكان حينها محظورا من قبل النظام السوري، وفور بداية تسلم بشار الأسد مقاليد الحكم، غُيّر اسم الحزب إلى "حزب الشعب الديمقراطي السوري".

كان الترك قد عارض انضمام حزبه إلى الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 (ائتلاف من منظمات تحالفت مع حزب البعث العربي الاشتراكي)، لينشق بعدها بعام منشئا "الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي". قبل أن يتنحى عن منصبه عام 2005.

إبان حكم حافظ الأسد، الذي تولى رئاسة البلاد عقب انقلاب عسكري ترأسه حزب البعث، اعتقل الترك عام 1980 في زنزانة انفرادية دون محاكمة بسبب انتقاده الطريقة الأمنية التي تدار بها البلاد، ولعضويته في "الحزب الشيوعي". وبعد 18 عاما من السجن خرج من المعتقل عام 1998 مريضا متأثرا بظروف الاعتقال.

عام 2000 أجرى الترك مقابلة مع قناة الجزيرة، إبان وفاة حافظ الأسد، ووصفه أثناء المقابلة بالـ"دكتاتور"، فتم الزج به في السجن عامين ونصف العام تحت ضغط من أنيسة مخلوف، التي طالبت ابنها بشار باعتقاله، فتدهورت أوضاعه الصحية قبل أن يطلق سراحه أواخر عام 2002.

 

وفي عام اعتقاله كان قد كتب مقالا بعنوان "حتى لا تكون سوريا مملكة للصمت"، انتقد فيه تعديل المادة 83 من الدستور السوري لتناسب سن بشار الأسد كي يتولى الحكم.

وبعد عام ونصف من خروجه قال "خرجت من السجن الصغير إلى السجن الكبير، وعلينا جميعا أن نسعى إلى فتح أبوابه. لن أتخلى عن حقي في ممارسة السياسة مهما كانت الظروف. وأهلا بالسجن إذا كان ثمنا للتمسك بالرأي وحرية التعبير".

رياض ترك في مناظرة يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2003 في مقر "منظمة العفو الدولية" بباريس (الفرنسية)

ربيع دمشق

مع بداية الألفية وفور موت حافظ الأسد دعا قرابة 100 مثقف وفنان سوري يوم 26 سبتمبر/أيلول 2000 إلى إطلاق سراح سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ التي أعلنت منذ عام 1963، وشكلت هذه الحركة بداية الصحوة السياسية لدى السوريين.

منذ بداية "ربيع دمشق" وتنفس البلاد شيئا من الحرية وحتى فبراير/شباط 2001، شهدت البلاد تغييرات نسبية، مع وجود قدر من حرية التعبير وإنشاء منتديات سياسية غير رسمية، ما لبثت أن أغلقت بعد توقيف 10 معارضين للنظام، فانتهى "الربيع" سريعا.

يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2005 أطلقت المعارضة السورية "إعلان دمشق"، وهو وثيقة وقعت عليها عدد من القوى السياسية والشخصيات المدنية المعارضة للنظام، دعت فيها إلى إنهاء حكم الأسد وإقامة نظام ديمقراطي تعددي مع رفع حالة الطوارئ، وكان الترك أحد موقعيها.

رد النظام فورا على البيان بسلسلة اعتقالات واسعة طالت معارضين كثرا، منهم الترك الذي اعتقل عام 2001، وشنت حملة قمع ضد الموقعين على البيان، وزادت رقابة الدولة على المواطنين وضيق الجيش الخناق وقمع المعارضين في محاولة لوقف الحراك الشعبي.

حكمت محكمة أمن الدولة على الترك بالسجن عامين ونصف العام بتهمة "الاعتداء على الدستور وإلقاء الخطب بقصد العصيان وإثارة الفتنة، ونشر أنباء كاذبة توهن عزيمة الأمة ونفسيتها، وبجنحة النيل من هيبة الدولة".

مع اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 أعلن الترك تأييده الكامل لها ودعمه للحراك السلمي ضد النظام السوري، وكان من أبرز ما قاله عامها "ثورتنا سلمية شعبية ترفض الطائفية، والشعب السوري واحد. لا تنازل ولا تفاوض".

رفض الخروج من سوريا أول الثورة، لكن بعد أن باتت حياته مهددة خرج منها عام 2018 إلى تركيا متخفيا، إذ كان النظام السوري يلاحقه لنشاطه المعارض للسلطة، قبل أن يستقر في فرنسا.

المناصب والمسؤوليات

  • كان من المساهمين في تأسيس المجلس الوطني السوري بين عامي 2012-2014.
  • كان عضوا في المجلس الوطني الانتقالي السوري، الذي كان بمثابة حكومة مؤقتة في المناطق المحررة من النظام السوري.
  • كان أمينا عاما للجناح الثالث في "الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي".

الوفاة

توفي في الأول من يناير/كانون الثاني 2024 عن عمر ناهز 93 عاما في العاصمة الفرنسية باريس.

المصدر : مواقع إلكترونية