ما التقويم الغريغوري؟ وماذا تعني أسماء الأشهر الميلادية؟

تمثال البابا غريغوري الذي سمي "التقويم الميلادي" باسمه (غيتي إيميجز)

يشير مصطلح "التقويم الغريغوري" إلى "التقويم الميلادي" ذاته الذي يستخدم على نطاق واسع في معظم دول العالم. وقد تم اعتماده بالقرن 16، من قبل البابا غريغوري الـ 13، الذي قرر الاستغناء عن التقويم اليولياني الذي استخدمته الكنيسة سنوات عديدة، بسبب خطأ بسيط بهذا التقويم أدى إلى عدم القدرة على تحديد تاريخ عيد الفصح بشكل دقيق.

ما التقويم الغريغوري؟

يسمى التقويم الغريغوري الغربي أو النصراني أو المسيحي. وسمي أيضا "التقويم الميلادي" لأن السنة تبدأ فيه مع بداية ميلاد المسيح عليه السلام، كما كان يعتقد الراهب الأرمني دنيسيوس الصغير الذي وضع حسابات خاصة تقدر موعد ميلاد المسيح.

والسنة في التقويم الغريغوري شمسية، بمعنى أنها تمثل الوقت اللازم لدوران الشمس دورة كاملة في منازلها، وهي مدة تساوي 12 شهرا، وتتكون الشهور من عدد أيام يتراوح بين 28 و31 يوما.

أما عن عدد الأيام الدقيق في سنة واحدة من التقويم الغريغوري فهو 365.2422 يوماً، ومن الجدير بالذكر أن الكنيسة اعتمدت قبله "التقويم اليولياني" وهو رومي وضعه يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد، ويفترض "اليولياني" خطأ أن السنة تتكون من 365.25 يوماً.

shutterstock_2229295419-[Converted] Monthly Calendar Template Hijri islamic on Ramadan - Shawwal 1444 and Gregorian on april 2023. Vector layout simple calendar Arabic and English with week start sunday for print.

عيد الفصح والتقويم الغريغوري

جاء التقويم الغريغوري بمنزلة إصلاح لـ "اليولياني" وأقره البابا غريغوري الـ 13 بتاريخ 24 فبراير/شباط 1582.

فقد أثبت علماء الفلك أن هناك خطأ في التقويم اليولياني بمقدار 0.0075 يوم، وقد يبدو هذا المقدار ضئيلاً إلا أنه كان كفيلاً بإحداث خلل في حساب موعد الاعتدال الربيعي الذي يجب أن يوافق تاريخ 21 مارس/آذار، وهو موعد بالغ الأهمية للكنيسة لأنها تعتمده في تحديد موعد عيد الفصح بدقة، إذ يفترض "اليولياني" أن السنة عبارة عن 365.25 يومًا (وهو رقم غير دقيق) وهو ما أدى إلى تغيير موعد الاحتفال بعيد الفصح عاماً بعد عام.

وعلى هذا الأساس تم اقتراح نظام التقويم الغريغوري الذي تتكون فيه السنة من 365 يوماً، على غرار "اليولياني" لكن الفرق بينهما أن "الغريغوري" أضاف يوماً إلى فبراير/شباط في السنة الكبيسة التي نعيشها مرة واحدة فقط كل 4 سنوات.

وهكذا تم ابتكار السنة الكبيسة التي حلت الخلل الذي ولده التقويم اليولياني، والذي تسبب في عدم القدرة على الاحتفال بعيد الفصح بنفس التاريخ الذي احتفلت فيه الكنيسة بهذه المناسبة للمرة الأولى.

وعلى الرغم من توصية المجمع الكنسي الأول لنيقية عام 325 م أنه يجب على جميع المسيحيين الاحتفال بعيد الفصح في يوم موحد، فقد استغرق الأمر ما يقرب من 5 قرون قبل أن تتحقق هذه التوصية مع ابتكار التقويم الغريغوري.

احتفالات رأس السنة.. هل يحتكرها التقويم الميلادي؟
الكنيسة قررت تبني التقويم الغريغوري (الميلادي) بشكل رسمي عام 1582

قصة اعتماد التقويم الغريغوري

كان العلماء الأوروبيون على دراية جيدة بانحراف التقويم منذ أوائل فترة العصور الوسطى، وقد اعتبرت الكنيسة أنه من غير المقبول الاحتفال بعيد الفصح في تواريخ مختلفة كل عام.

فقد كتب الراهب الإنجليزي "بيدي" بالقرن الثامن أنه يتم الاحتفال بعيد الفصح بخطأ يقدر بأكثر من 3 أيام عن التاريخ الصحيح، بينما ذكر الراهب والفيلسوف "كان روجر بيكون" عام 1200 أن الخطأ بات يقدر بـ 7 أو 8 أيام.

وقام رئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا سيكستوس الرابع بمحاولة إصلاح التقويم اليولياني عام 1475 فاستدعى عالم الرياضيات والفلك يوهانس كونيغسبرغ إلى الفاتيكان لهذا الغرض، لكن الأخير توفي بعد فترة قصيرة من وصوله إلى روما مما حال دون إصلاح التقويم القديم.

ومع حلول القرن 16 وتطور المعرفة في مجال علم الفلك، عادت المحاولات لإصلاح التقويم إلى الواجهة فدعت العديد من المنشورات على مدار العقود التالية إلى إصلاح التقويم، من بينها ورقتان بحثيتان أرسلتهما جامعة سالامانكا إلى الفاتيكان عامي 1515 و1578، لكن الإصلاح المرجو لم يحدث ولم يتم تناول المشروع مرة أخرى حتى أربعينيات القرن 16.

ففي عام 1545، أذن مجمع ترينت (وهو المجلس المسكوني الـ 19 للكنيسة الكاثوليكية) للبابا بولس الثالث بإصلاح التقويم، شرط أن يتيح التقويم الجديد إعادة تاريخ الاعتدال الربيعي إلى ما كان عليه وقت انعقاد المجلس الأول لنيقية عام 325م، وأن يكون التقويم الجديد مصمماً بحيث لا يتغير موعد الاعتدال الربيعي مجدداً في المستقبل، ومن ثم ستتمكن الكنيسة بالاعتماد عليه من تحديد موعد عيد الفصح بدقة.

لهذا الغرض، تمت الاستعانة بعالم الفلك كالابريا ألويسيوس ليليوس، الذي اقترح تقليل عدد السنوات الكبيسة في 4 قرون من 100 إلى 97، وهذا يعني أن السنة الكبيسة تمر مرة واحدة فقط كل 4 سنوات.

كما اقترح ليليوس تعديلاً على طول السنة اليوليانية، التي تتكون من 365.25 يوماً وتؤدي إلى تغير موعد عيد الفصح بمقدار 3  أيام كل 400 عام.

وتم توسيع مقترحات ليليوس من قبل عالم الرياضيات الألماني كريستوفر كلافيوس، الذي يعتبر مهندس التقويم الغريغوري، والذي ألف مجلداً مكوناً من 800 صفحة واضعاً فيه أسس التقويم الجديد ومدافعاً فيه عن مقترحات ليليوس في وجه منتقديها.

وأخيراً، وفي عهد البابا غريغوريوس، قررت الكنيسة أخيراً تبني التقويم الجديد بشكل رسمي عام 1582، مع العلم أنه في ذلك الوقت كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح بخطأ مقداره 10 أيام عن التاريخ المعتمد من قبل مجمع نيقية، ففي ذاك العام كان الاعتدال الربيعي يوافق يوم 10 أو 11 مارس/آذار بدلاً من الموعد الكنسي المحدد في 21 من الشهر نفسه، ولو لم يتم إصلاحه من قبل الكنيسة لكان هامش الخطأ سيصبح أكبر مع مرور الوقت.

تبني التقويم الغريغوري بدول العالم

رغم أن اعتماد التقويم الغريغوري قد صدر على شكل قانون كنسي، فإنه لم يتم تطبيقه سوى في المناطق التابعة لسلطة الكنيسة الكاثوليكية، ولم يتم الاعتراف به من قبل الكنائس البروتستانتية والأرثوذكسية الشرقية، ومن ثم اختلفت الكنائس مرة أخرى فيما بينها بموعد الاحتفال بعيد الفصح والأعياد ذات الصلة.

ومع الوقت، بدأ التقويم يتخذ شعبية لدى الكنائس الأخرى بالرغم من المعارضة التي تلقاها في البداية، خاصة من قبل البروتستانت الذين نظروا إلى التقويم الغريغوري على أنه مؤامرة كاثوليكية.

وبعد مرور 3 قرون تبنت الدول البروتستانتية أخيراً هذا التقويم، وكذلك فعلت الدول الأرثوذكسية الشرقية، وكانت اليونان آخر دولة أوروبية تتبناه عام 1923.

وخلال القرن العشرين، أصبح هذا التقويم أكثر شيوعا وتبنته معظم الدول في جميع أنحاء العالم.

شهور التقويم الغريغوري

من الجدير بالذكر أن التقويم الغريغوري اعتمد الأشهر اليوليانية ذاتها، والتي حملت أسماء لاتينية ولم تكن متساوية في عدد أيامها، وكانت الأشهر كالتالي:

  1. يناير/كانون الثاني (31 يوما) أو "شهر يانوس" باللاتينية، وبه تبدأ السنة قد سمي تيمنا باسم آلهة البوابات والمداخل والبدايات والنهايات عند الرومان.
  2. فبراير/شباط (28 يوما) في السنوات البسيطة و29 يوما في السنوات الكبيسة، أو "شهر فيبروا" باللاتينية وقد سمي تيمناً بمهرجان التطهير الروماني.
  3. مارس/آذار (31 يوما) أو "مونسيس مارتيوس" باللاتينية، وقد سمي تيمناً بآلهة الحرب الروماني.
  4. أبريل/نيسان (30 يوما) أو "أبريليس" باللاتينية، وهي كلمة ذات معنى غير مؤكد، ويعتقد أنها قد تكون إشارة إلى الآلهة أفروديت.
  5. مايو/مايو (31 يوما) أو "مايوس" باللاتينية، وقد سمي تيمنا بآلهة النباتات الرومانية "مايا".
  6. يونيو/حزيران (30 يوما) أو "جونو" باللاتينية نسبة إلى آلهة الزواج والولادة الرومانية.
  7. يوليو/تموز (31 يوما) أو "يوليوس" باللاتينية، وهو شهر ولادة يوليوس قيصر.
  8. أغسطس/آب (31 يوما) الذي سمي بهذا الاسم تكريما للإمبراطور الروماني أغسطس المعروف أيضاً باسم "أوكتافيان".
  9. سبتمبر/أيلول (30 يوما) ويعني الرقم 7 باللاتينية (فقد كان سابع أشهر السنة في أقدم تقويم اعتمده الرومان).
  10. أكتوبر/تشرين الأول (31 يوما) ويعني الرقم 8 باللاتينية (فقد كان ثامن أشهر السنة في أقدم تقويم اعتمده الرومان).
  11. نوفمبر/تشرين الثاني (30 يوما) ويعني الرقم 9 باللاتينية (فقد كان تاسع أشهر السنة في أقدم تقويم اعتمده الرومان).
  12.  ديسمبر/كانون الأول (31 يوما) ويعني الرقم 10 باللاتينية (فقد كان عاشر أشهر السنة في أقدم تقويم اعتمده الرومان).
المصدر : مواقع إلكترونية