جزيرة الوراق بمصر.. ربع قرن من الثرثرة فوق النيل

Egyptians shout slogans against the government while on a ferry during the funeral of Syed Tafshan, who died in clashes with residents of the Nile island of al-Warraq island, when security forces attempted to demolish illegal buildings, in the south of Cairo, Egypt July 16, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
جزيرة الوراق تقع في قلب نهر النيل بمصر وتتبع إداريًّا محافظة الجيزة (رويترز)

جزيرة الوراق واحدة من كبرى الجزر الواقعة في قلب نهر النيل بمصر، وتتبع إداريًّا محافظة الجيزة، موقعها المتميز كمحطة التقاء محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) وضعها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، في نزاع على الملكية بين الأهالي والحكومات المتعاقبة.

الموقع

تقع جزيرة الوراق في قلب نهر النيل، وتتبع إداريًّا محافظة الجيزة، في نطاق حي الوراق الذي يضم وراق العرب والحضر وجزيرة الوراق.

المساحة

تبلغ مساحة الجزيرة 1516 فدانًا (الفدان الواحد يساوي نحو 4200 متر).

السكان

لا يوجد إحصاء رسمي بعدد سكان الجزيرة، لكن "مجلس عائلات الوراق (يضم ممثلين عن أهالي الجزيرة)" ذكر عبر صفحته بموقع فيسبوك في ديسمبر/كانون الأول 2018، أن العدد يقارب 100 ألف نسمة، فيما تشير تقديرات وزير الإسكان عاصم الجزار، منتصف أغسطس/آب 2022 إلى وجود قرابة 6 آلاف منزل بالجزيرة.

يعمل سكانها في وظائف حكومية ومهن بسيطة كالعمل في المحلات التجارية والحرفية الصغيرة، وتمثل الزراعة المتواضعة والصيد التقليدي باب الرزق الرئيسي بالجزيرة.

"المعدية" -وهو قارب صغير- هي وسيلة المرور الوحيدة إلى الجزيرة، فيما يعد "التوك توك"، هو وسيلة نقل صغيرة بـ3 إطارات، الوسيلة الرئيسية داخل الجزيرة التي تفتقد لخدمات الصرف الصحي أو التخطيط العمراني.

تاريخ الأزمة

ظهرت بوادر النزاع على ملكية الجزيرة، حين قررت الحكومة عام 1998 وضعها ضمن نطاق المحميات الطبيعية أي "تبقى على نموها الطبيعي ولا يقطنها البشر".

وفي عام 2000، قررت الحكومة تحويل الوضع القانوني للجزيرة إلى جانب جزيرة الذهب (نيلية تقع بالقرب من الوراق) من محمية طبيعية إلى أملاك ذات منفعة عامة (تعني عدم جواز تقنين وضع اليد).

وقتها احتج قرابة 40 ألفًا من قاطني الجزيرتين على القرار، وتبنت الحكومة موقفها باعتبار الجزيرتين "منافع عامة" كونهما طرح النهر وظهرتا بعد تشييد السد العالي (1960 – 1970)، فيما يؤكد مؤرخون وجود الجزيرتين على خرائط رسمية تعود إلى ما قبل بناء السد بعقود، وأنهما كانتا مأهولتين بالسكان وتمارس فيهما الزراعة والعمران القروي.

وينطبق توصيف "المنافع العامة" على الأراضي التي أضيفت حول الجزر النيلية نتيجة هبوط مستوى النهر بعد بناء السد، وهي أراض هامشية.

في عام 2002، حصل الأهالي على حكم لصالحهم بتملك أراضي الجزيرة، وفي عام 2010، أعلنت الحكومة، ترسيم الحدود الإدارية لـ5 محافظات، كانت بينها محافظة الجيزة، وضمنها الوراق، ووضعت خطة لتطوير الجزيرة، قبل أن تهدأ الأمور في الجزيرة لبضع سنوات بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981 – 2011).

تجدد النزاع

عاودت السلطات المصرية مساعيها في نزع ملكية أراضي الوراق بداية من عام 2017، بدعوى أنها أملاك للدولة، وهو ما قابله السكان بالاحتجاج المتكرر ورفع دعاوى قضائية تختصم رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان.

وبموجب قرار حكومي في العام ذاته، تم استبعاد 17 جزيرة من قرار المحميات الطبيعية، وتحويل الوراق إلى منطقة استثمارية.

في يونيو/حزيران 2017، كلفت رئاسة الجمهورية وزارة الإسكان وهيئة التخطيط العمراني بإعادة إحياء مخطط تطوير الجزر النيلية الذي تم إعداده عام 2010، على أن تكون البداية جزيرة الوراق، بحيث تصبح مركزًا كبيرًا للمال والأعمال.

وبالتزامن مع تصاعد الأزمة، نشر المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي شهادة وفاة لسيدة ولدت على الجزيرة منذ 100 عام، وعقود بيع مشهرة خلال عامي 1905 و1923، وعقدا مشهرا بسنة 1313 هجرية (1895)، ورخصة مبان عام 1994، مشددًا على أنها أوراق ثبوت للملكية، وفق قوله.

قانون نزع الملكية

في فبراير/شباط 2018، وافق البرلمان المصري على قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، وهو القانون الذي منع الطعن على قرارات نزع الملكية للمصلحة العامة ومقدار التعويض، على خلاف ما كان معمولاً به.

نشرت الجريدة الرسمية قرار رئيس مجلس الوزراء السابق شريف إسماعيل، في يونيو/حزيران 2018، بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (حكومية).

وفي سبتمبر/أيلول 2018، وافق مجلس إدارة المجتمعات العمرانية على مذكرة بشأن إنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي الجزيرة، تحت مسمى جهاز تنمية جزيرة الوراق الجديدة.

وفي أبريل/نيسان 2019، وافقت الحكومة على استصدار قرار جمهوري، بنقل تبعية الجزيرة لهيئة المجتمعات، تمهيدًا للبدء في تنفيذ مخططات تطويرها بالكامل، وذلك بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وفي يوليو/تموز 2020، وافق مجلس الوزراء على إعلان منطقة جزيرة الوراق كمنطقة إعادة تخطيط، في إطار الحد من النمو العشوائي غير المخطط.

بعدها بعامين، نشرت الهيئة العامة للاستعلامات صورًا لمخطط تطوير الجزيرة التي اختير لها اسم جديد هو "مدينة حورس (إله الشمس عند الفراعنة)".

ووصفت الخطة التي نشرتها الهيئة بأنها: "مدينة ومركز تجاري عالمي على أرض مصرية يضاهي أبرز المراكز التجارية حول العالم"، مشيرة إلى تكلفة إجمالية للمشروع تبلغ 17.5 مليار جنيه (الدولار=19.14 جنيها)، في حين تبلغ الإيرادات السنوية 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.

وفي 18 أغسطس/آب 2022، كشف وزير الإسكان عن خطة الدولة لتطوير الجزيرة، معلنًا بدء تنفيذ ما أسماه "سياسة الشراء الرضائي".

احتجاجات الأهالي

واجه الأهالي الإجراءات الحكومية المتلاحقة منذ عام 2017 لنزع ملكية الجزيرة، باحتجاجات ومظاهرات لرفض الإخلاء والاشتباك مع الشرطة، ما دفع السلطات إلى تأجيل قرار الإخلاء.

ومنتصف أغسطس/آب 2022، ألقت قوات الأمن القبض على 23 من أهالي الجزيرة بسبب محاولاتهم مقاومة عمليات رفع قياسات منازل بها تمهيدًا لنزع ملكيتها، وهدمها لاحقًا.

وحاول جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية التواصل مع عدد من الأهالي لحضور اجتماع يجمع الطرفين مع أعضاء لجنة الـ15، التي تضم ممثلين عن 15 عائلة من عائلات الجزيرة، والتي تأسست عام 2019 لاحتواء التوترات لكن الاجتماع لم يتم.

وزير الإسكان عاصم الجزار أعلن في 18 أغسطس/آب 2022، عن بدء تنفيذ سياسة "الشراء الرضائي" من الأهالي، بموجب 6 ملايين جنيه للفدان، موضحًا أن الحكومة اشترت 888.6 فدانًا حتى أغسطس/آب 2022 تمثل نسبة 71% من مساحة الجزيرة.

وأكد توفير وحدات سكنية بديلة في المدن الجديدة أو التي ستبنى بالجزيرة، إضافة إلى توفير بديل للأراضي الزراعية بمبادلة فدان أرض بالجزيرة بـ19 فدانًا بمدينة السادات بمحافظة المنوفية (شمال).

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية