منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.. شرطي فرضته الحرب الباردة

epa05925032 OSCE cars parked near of the Organization for Security and Co-operation in Europe (OSCE) Special Monitoring Mission office on the pro-Russian rebels controlled territory in Luhansk, Ukraine, 24 April 2017. One US man was killed and two observers from Germany and Czech Republic were injured in result explosion of OSCE car on an anti-tank mine near the small village of Pryshyb, Luhansk area, which is controlled by pro-Russian rebels as Alexander Hug, Deputy Chief Monitor of the Organization for Security and Co-operation in Europe (OSCE) Special Monitoring Mission to Ukraine, told during his press conference in Kiev, 23 April 2017. EPA/ALEXANDER ERMOCHENKO
في عام 1994 تغير اسم المنظمة من "مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا" إلى "منظمة الأمن والتعاون الأوروبي" (الأوروبية)

انطلقت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OECD) عام 1975، وتعد أكبر منظمة دولية للتعاون الإقليمي، تضم في عضويتها 57 دولة مشاركة من أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا حتى عام 2022.

تعدّ المنظمة منتدى للحوار السياسي حول مجموعة من القضايا الأمنية، ومنصة مشتركة للعمل على تحسين حياة الأفراد والمجتمعات في الجانب السياسي العسكري والاقتصادي والإنساني، من خلال التعاون على منع النزاعات وإدارة الأزمات وإعادة التأهيل بعد الصراع.

اللغات الست الرسمية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والروسية.

المصدر: Central Intelligence Agency الرابط: https://www.osce.org/whatistheosce
في 1972 اجتمع ريتشارد نيكسون (يمين) وليزنيد بريجنيف (يسار) لتأسيس مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (الصورة من موقع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي)

الأهداف والمهام

وتشمل اختصاصات منظمة الأمن والتعاون الأوروبي قضايا مثل الحدّ من التسلح، وتعزيز حقوق الإنسان، وحرية الإعلام، ومراقبة الانتخابات وتقييمها في دولها الأعضاء، وتهتم بمنع نشوب الصراعات وإدارة الأزمات وإعادة التأهيل في مرحلة ما بعد الصراعات.

تنشط المنظمة في محاربة الاتجار بالبشر والأسلحة الخفيفة والمخدرات، ومكافحة الإرهاب، وحقوق الأقليات، وأعمال الشرطة، وحفظ أمن المدن، وسيادة القانون.

تهدف المنظمة بشكل أساسي إلى دعم الليبرالية السياسية ودفع الاقتصاد العالمي نحو النمو والتجارة والاستثمار الخارجي، من خلال مؤسساتها ووحدات الخبراء وشبكة العمليات الميدانية، فتتناول القضايا التي لها تأثير على الأمن المشترك للدول الأعضاء، كالحد من التسلح والنزاعات، وتعزيز حقوق الإنسان، وحرية الرأي.

ترى المنظمة أن من مهامها دعم ما تسميه "التحول الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط"، و"تشجيع التطور الاقتصادي لمحاولة خلق فرص عمل في المنطقة، ولتحسين المستوى المعيشي فيها"، وتستخدم لتحقيق ذلك "نهجا شاملا لتحقيق الأمن يشمل الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية، والبيئية والإنسانية".

ومنذ التوقيع على اتفاقية "هلسنكي" عام 1975، أكدت المنظمة صلتها بخطة "التنمية المستدامة" التي اعتمدها قادة الدول في القمة التي عقدت في سبتمبر/أيلول 2015 في الولايات المتحدة الأميركية.

وتعتمد خطة التنمية المستدامة على 17 هدفا، منها القضاء على الفقر والجوع، وتحقيق صحة وتعليم جيدين، وتطبيق مبدأ المساواة، وتأمين مياه وطاقة نظيفة، مع تأمين عمل لائق للنمو الاقتصادي، والحفاظ على السلام والعدل.

وتتمتع جميع الدول المشاركة البالغ عددها 57 دولة بمراكز متساوية، وتتخذ القرارات بالإجماع بين الدول على القضايا المطروحة، وبعد الإجماع يجب على الدول تطبيقها.

المصدر: Central Intelligence Agency الرابط: https://www.osce.org/whatistheosce
في 1973 انطلقت المرحلة الأولى لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا على المستوى الوزاري (الصورة من موقع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي)

النشأة والتأسيس

بدأت مشاورات متعددة الأطراف في مبنى ديبولي في فنلندا حول عقد "مؤتمر" للأمن والتعاون في أوروبا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1972.

في 24 مايو/أيار 1972 اجتمع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون وسكرتير الحزب الشيوعي السوفياتي ليزنيد بريجنيف خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (بعد الحرب العالمية الثانية) لعقد مفاوضات ثنائية بين البلدين، من أجل تقليص عدد قواتهما في أوروبا.

خاض البلدان سلسلة من المفاوضات اتفقا فيها على تأسيس مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (CSCE) (تغير الاسم فيما بعد إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) للتعامل مع القضايا السياسية، كما اتفقا على تقليص متزامن ومتوازن لقواتهما في أوروبا.

ثم في 26 مايو/أيار 1972 وقع الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في موسكو اتفاقية "سالت الأولى" للحد من نشر منظومة الدرع الصاروخية، و"الاتفاقية المؤقتة" الخاصة ببعض الإجراءات في مجال الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، مع تأسيس علاقات اقتصادية بينهما.

انتهت مشاورات "ديبولي" في الثامن من يونيو/حزيران 1973، وخرجت بالتوصيات النهائية لمشاورات هلسنكي أو ما يسمى "الكتاب الأزرق" الذي اقترح مجموعة توصيات لبناء عمل أوروبي مشترك في مجالات مختلفة.

وبين الثالث والسابع من يوليو/تموز 1973 انطلقت في هلسنكي المرحلة الأولى لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا على المستوى الوزاري، وبدأت 35 دولة بالمشاركة في تبنّي توصيات "الكتاب الأزرق" تمهيدا لاتفاقية "هلسنكي".

ثم في 18 سبتمبر/أيلول 1973 بدأت المرحلة الثانية للمؤتمر في جنيف بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في "الكتاب الأزرق".

وفي عام 1974 استمرت في جنيف المرحلة الثانية من مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، وانقسم المشاركون فيها إلى 3 لجان ومجموعات: لجنة للعمل السياسي العسكري، وأخرى للعمل الاقتصادي البيئي، وثالثة للعمل الإنساني.

في 30 يوليو/تموز- الأول من أغسطس/آب 1975 انطلقت في هلسنكي المرحلة الثالثة والقمة الأولى من المؤتمر على مستوى رؤساء الدول والحكومات، حتى تم التوصل بعد عامين إلى توقيع وثيقة "هلسنكي" في العاصمة الفنلندية (هلسنكي) في الأول من أغسطس/آب 1975، لتعلن نهاية المرحلة الثانية وانطلاقة مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي.

وأرست الاتفاقية 10 مبادئ تحكم سلوك الدول تجاه مواطنيها وتجاه بضعها بعضا.

توسع المؤتمر بعد 1990 وشكّل مؤسسات دائمة تابعة له، وغيّر اسمه إلى "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، وذلك بعد انعقاد قمة "بودابست" في ديسمبر/كانون الأول 1994.

في 1975 انطلقت القمة الأولى من المؤتمر على مستوى رؤساء الدول والحكومات (الصورة من موقع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي)

القمم

عقدت القمة الأولى في 30 يوليو/تموز-الأول من أغسطس/آب 1975 في هلسنكي بهدف توقيع اتفاقية "هلسنكي".

عقدت القمة الثانية في باريس بتاريخ 19-21 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، ووقعت فيها الدول الأعضاء "ميثاق باريس" لأوروبا الجديدة بعد انتهاء الحرب الباردة.

ثم تلتها قمم أخرى أرست معالم وأصدرت وثائق مهمة في تاريخ المنظمة، منها: 1992 في هلسنكي، و1994 في بودابست، و1996 في لشبونة، و1999 في إسطنبول، و2010 في أستانا.

هياكل المنظمة ومؤسساتها

المجلس الوزاري

يتألف من وزراء خارجية الدول الأعضاء، ويعدّ الهيئة المركزية لصنع القرار والهيئة الحاكمة للمنظمة، وتعقد الاجتماعات الوزارية سنويا، وتستضيفه الدولة التي تتولى الرئاسة وقتئذ.

الجمعية البرلمانية

تضم 323 برلمانيا من الدول الأعضاء، وهدفها الأساسي تفعيل البرلمانات في عمل المنظمة على نحو أكثر، وتنعقد في كوبنهاغن بالدانمارك.

مكتب التعاون الأمني

يعمل على حفظ الأمن والاستقرار العسكريين في أوروبا، ويسهر على تطبيق بعض أهم الاتفاقيات السياسية والعسكرية للدول المشاركة في المنظمة، ويساعد في تنفيذ تدابير بناء الثقة والأمن لتنظيم تبادل المعلومات العسكرية والتحقق المتبادل بين الدول.

المفوضية العليا لشؤون الأقليات القومية

تسعى إلى منع التوتر العرقي ومعالجة أسبابه وتداعياته في الدول الأعضاء وتقترح لها خططا لمعالجة بعض التوترات، ومقرها في هولندا.

مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان

يعدّ أكبر مؤسسة تابعة للمنظمة، ويهدف للترويج لحقوق الإنسان والديمقراطية عن طريق تنفيذ بعض المشروعات وبعثات مراقبة الانتخابات وإسداء النصح التشريعي، وهو مسؤول عن تطوير مفاهيم حقوق الإنسان، ومقره وارسو في بولندا.

مكتب حرية وسائل الإعلام

يراقب مدى التزام الدول الأعضاء بحرية التعبير، ومقره فيينا في سويسرا.

في عام 1975 تم توقيع وثيقة "هلسنكي" وإعلان انطلاقة مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي (الصورة من موقع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي)

محكمة التوفيق والتحكيم

مكلفة بحل النزاعات بين الدول الأطراف في ميثاق التوفيق والتحكيم المنبثق عن المنظمة، ومقرها جنيف في سويسرا.

مجموعة مينسك 

مجموعة مينسك (Minsk) أنشئت بهدف حل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان بسبب منطقة ناغورني قره باغ.

المجلس الدائم

هو الهيئة الأساسية لاتخاذ القرارات ويجتمع أسبوعيا، ومقره فيينا، ويتألف من مندوبي الدول الأعضاء.

وللمجلس الدائم عدد من اللجان الفرعية غير الرسمية، منها اللجنة الأمنية واللجنة الاقتصادية والبيئية ولجنة حقوق الإنسان.

هيئات أخرى وشركاء

توجد بعض الهيئات غير التابعة لكن لها صلة بالمنظمة، منها اللجنة الاستشارية للأجواء المفتوحة، أنشئت عام 2002، وهي مسؤولة عن تنفيذ اتفاقية "الأجواء المفتوحة"، لتنظيم رحلات المراقبة الجوية غير المسلحة فوق أراضي الدول الـ33 الموقعة عليها.

وأيضا المجموعة الاستشارية المشتركة التي تعمل من فيينا وتتعامل مع المسائل المتعلقة بتنفيذ الدول لأحكام معاهدة 1990 للقوات المسلحة في أوروبا.

وللمنظمة 11 شريكا آسيويا بهدف التوسط من أجل معالجة التحديات الأمنية المشتركة، مثل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود وإدارة المياه وتحديات الأمن البيئي وإدارة الهجرة والحوار بين الثقافات والأديان والتسامح وعدم التمييز.

المصدر : مواقع إلكترونية