الإمبراطورية الروسية.. شملت 3 قارات وعاشت نحو قرنين حتى أسقطها البلاشفة

Flag of Russia (1914-1917) المصدر: ويكيبديا
علم الإمبراطورية الروسية (ويكيبديا)

من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ، امتدت حتى شملت 3 قارات وغطت مساحة 22.4 مليون كيلومتر مربع، أسسها بطرس الأكبر عام 1721م، وكان لها دور في الأحداث الأوروبية منها مواجهة نابليون. 

سقطت مع الثورة البلشفية عام 1917، مما أدى إلى سقوط النظام القيصري وقيام الاتحاد السوفياتي، مخلفة إرثا تاريخيا وثقافيا عميق الأثر.

امتدادها

امتدت الإمبراطورية الروسية من البحر الأسود في أوروبا إلى مضيق بيرينغ في أقصى شرق آسيا، وكان الانتقال من بدايتها إلى نهايتها يستغرق 10 أيام على الأقل في حال السفر بالقطار.

وبحلول نهاية القرن الـ19 بلغت مساحتها ما يقارب 22.4 كيلومترا مربعا، أي ما يعادل سدس مساحة الكرة الأرضية، وكانت منافستها الوحيدة من حيث المساحة حينها الإمبراطورية البريطانية.

نشأة الإمبراطورية

تشكلت الإمبراطورية من إمارات سلافية صغيرة توحدت لاحقا تحت ما سمي "روسيا الكييفية" منذ عام 1537م، لكنها كانت تعيش في عزلة بعد الغزو المغولي، وبنظام ديني صارم يتبع الكنيسة الأرثوذكسية، قبل أن تبدأ توجهاتها التوسعية والاستعمارية نحو آسيا.

نشأت الإمبراطورية مع انتهاء الحرب الشمالية مع السويد، التي بدأت عام 1700م، واستمرت لما يزيد عن 20 عاما، وحينها طلب أعضاء مجلس الشيوخ من القيصر بطرس الأول قبول ألقاب "بطرس الأكبر" و"إمبراطور عموم روسيا" و"والد الأمة"، ليتم إعلان الإمبراطورية ومنح بطرس الأكبر ألقابه الإمبراطورية الجديدة.

Pfandzelt (Pfandzelt, Fanzelt), Lucas Konrad (1716-1788) Portrait of Peter III credit : hermitage museum
بطرس الأكبر أدخل الثقافة الغربية على روسيا وأدخل إصلاحات جذرية على البلاد (متحف الأرميتاج)

 

محطات تاريخية

قام بطرس الأكبر بإصلاحات جذرية لتحديث روسيا، مستلهما من الغرب. فأعاد هيكلة الجيش بأساليب حديثة وسعى لتحويل روسيا إلى قوة بحرية. كما فرض تغييرات اجتماعية بإدخال الأزياء الغربية والمعايير الثقافية، مثل حلق اللحى وتبني اللباس الفرنسي.

وأطلق مشاريع للتصنيع تركز على التعدين والأخشاب. ولتعزيز الوجود البحري لروسيا، سعى للحصول على منافذ بحرية جديدة، مواجها التحديات الجغرافية والسياسية مع السويد والإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية.

الحرب الروسية الفارسية  (1722-1723): خلال الحرب الروسية الفارسية، سعت الإمبراطورية الروسية لتوسيع نفوذها في بحر قزوين والقوقاز لمنع العثمانيين من استغلال ضعف الدولة الصفوية.

الحرب التي بدأت بمبادرة من بطرس الأكبر، استغلت الوضع الهش لإيران، مما أدى إلى توسع روسيا جنوبا. وبنهاية الصراع، اضطرت إيران للتنازل عن أراض مهمة لروسيا، بما في ذلك دربنت وباكو، وذلك وفقا لمعاهدة سانت بطرسبورغ (1723م)، مما عزز الوجود الروسي في المنطقة.

أول رحلة استكشافية في كامتشاتكا: أمر بها بطرس الأكبر وقادها فيتوس بيرينغ من عام 1725م إلى 1731م، وكانت البعثة الروسية الأولى لاستكشاف ساحل آسيا والمحيط الهادئ. أكدت الرحلة وجود مضيق بين آسيا وأميركا، المعروف الآن بمضيق بيرينغ، وأعقبتها بعثة استكشافية ثانية إلى كامتشاتكا عام 1732م.

الإمبراطورة آنا: بعد وفاة بطرس الأكبر عام 1725م، تولت الإمبراطورة آنا العرش، وقادت حملة عسكرية ناجحة ضد الإمبراطورية العثمانية. مما أضعف بشكل كبير خانية القرم، الحليفة للعثمانيين والعدو الدائم لروسيا.

معاهدة كياختا 1727م: نظمت العلاقات بين الإمبراطورية الروسية وإمبراطورية تشينغ الصينية حتى منتصف القرن الـ19، جنبا إلى جنب مع معاهدة نيرشينسك (1689م)، ضمنت هذه المعاهدة السلام والتجارة بين الدولتين، ووقعها في كياختا الروسية، توليسن والكونت سافا لوكيش راغوزينسكي-فلاديسلافيتش.

الحرب الروسية التركية: نشبت بسبب غارات تتار القرم على أوكرانيا وتحركاتهم في القوقاز عام 1735م، وكانت تعكس جهود روسيا للوصول إلى البحر الأسود.

تدخلت النمسا ضد العثمانيين عام 1737م لكنها تعرضت لهزائم، وأجبرت روسيا على التوقيع على معاهدة نيش عام 1739م بسبب الضغوط الخارجية، منهية الحرب بتعزيز سيطرتها على آزوف وزابوريزهيا. بينما تكبدت النمسا هزيمة كبيرة، وعانت القوات الروسية من خسائر عدة.

الحرب الروسية السويدية (1741-1743): كانت مدفوعة بأطماع الحزب السياسي السويدي "القبعات" والدبلوماسية الفرنسية، أرادت السويد استعادة أراض فقدتها لصالح روسيا في حرب الشمال الكبرى وتشتيت انتباه روسيا عن دعمها لهابسبورغ. لكن انتهت الحرب بكارثة على السويد، حيث فقدت خلالها المزيد من الأراضي لصالح روسيا.

حرب السنوات السبع: تحالفت الإمبراطورية الروسية في البداية مع النمسا ضد بروسيا للحد من طموحاتها في الكومنولث البولندي الليتواني، لكن بتولي القيصر بيتر الثالث حكم الإمبراطورية عام 1762م، تغيرت سياسة روسيا. حيث سعت النمسا لاستعادة سيليزيا من بروسيا، فتحالفت الأخيرة مع روسيا وفرنسا ضدها في 1756م.

كشف النزاع نقاط ضعف لوجستية روسية، مما أدى إلى تطوير إستراتيجيات جديدة في حملات لاحقة، كما أثقلت الضرائب المرتفعة لتمويل الحرب كاهل الشعب الروسي، وكما فعلت السويد، وقعّت روسيا سلاما منفصلا مع بروسيا.

تولي بيتر الثالث العرش: بعد تولي بيتر الثالث العرش الروسي، أنهى مشاركة روسيا في حرب السنوات السبع ووقّع سلاما مع بروسيا، متخليا عن الأراضي الروسية المفتوحة، وعرض الدعم العسكري لفريدريك الثاني. وتحولت روسيا بذلك من عدو إلى حليف لبروسيا.

كان بيتر من مواليد ألمانيا، وكان يفتقر للشعبية بسبب سياساته المؤيدة لبروسيا وعدم إتقانه الروسية، فأطاحت به قوات موالية لزوجته كاثرين الثانية، التي عرفت بقوميتها الروسية. وتوفي بيتر في الأسر تحت ظروف مشبوهة، قيل إنها ربما بموافقة كاثرين.

Russian Royalty, pic: 18th Century, Empress Catherine II of Russia, who lived 1729-1796, known as Catherine the Great (Photo by Popperfoto via Getty Images/Getty Images)
كاثرين الثانية كانت أطول إمبراطورة حكما للبلاد وتولت الحكم بعد الانقلاب على زوجها بيتر الثالث (متحف الأرميتاج)

عصر كاثرين

خلال عهد كاثرين (1762-1796)، قادت البلاد إلى النمو الإقليمي والثقافي، وكانت أطول إمبراطورة حكما للبلاد، ووصلت إلى السلطة بعد انقلاب أطاح بزوجها وابن عمها الثاني بيتر الثالث.

في عهدها، نمت روسيا بشكل أكبر، وتم الاعتراف بها بصفتها واحدة من القوى العظمى في أوروبا. أصلحت إدارة المحافظات الروسية، وأنشأت عددا من المدن والبلدات الجديدة، وعرف عصرها بالعصر الذهبي لروسيا، وشهد ترويجها للمثل الكلاسيكية ودعمها لمبادئ التنوير.

الحرب الروسية التركية (1768-1774): حققت فيها روسيا انتصارات مهمة على العثمانيين، موسعة نفوذها في أوروبا الشرقية وآسيا، بما في ذلك ضم قبارديا وييديسان وشبه جزيرة القرم.

وعلى الرغم من الفتوحات، حدت التحديات الدبلوماسية الأوروبية من الضم المباشر لأراض عثمانية أخرى. وعززت الحرب مكانة روسيا قوة عسكرية رئيسية، وأدت إلى توسعها الإقليمي وتأكيد هيمنتها على الكومنولث البولندي الليتواني، ممهدة الطريق للتقسيم الأول لبولندا.

استعمار نوفوروسيا: خلال استعمار نوفوروسيا، برز الأسطول الروسي في البحر الأسود قوة كبيرة بحلول عام 1787م، مع 27 سفينة خط، مما وضع روسيا في مكانة مرموقة بحريا. ولعب الأمير غريغوري بوتيمكين دورا محوريا، مكافئا المستوطنين الجدد ومضاعفا عدد سكان نوفوروسيا وآزوف بشكل كبير.

خلال تلك الفترة شهدت المنطقة تنوعا سكانيا، بما في ذلك الروس والقوزاق واليهود. تدخل أيضا لضمان حقوق المستوطنين، وعزز الدفاعات عبر خط دفاع آزوف-موزدوك، مؤسسا حصونا ومستوطنات جديدة.

ضم خانات القرم: في مارس/آذار 1783م، حث الأمير بوتيمكين الإمبراطورة كاثرين العظمى على ضم شبه جزيرة القرم بعد زيارته لها وملاحظته استعداد سكانها للخضوع للحكم الروسي. وأعلنت كاثرين رسميا ضمها في 19 أبريل/نيسان 1783م، ولم تواجه مقاومة كبيرة من التتار.

ودمجت شبه جزيرة القرم في الإمبراطورية الروسية باسم منطقة توريدا، واعترفت الإمبراطورية العثمانية بفقدانها للقرم وأراض أخرى لروسيا في وقت لاحق من ذلك العام.

الحرب الروسية التركية (1787-1792): حاولت الإمبراطورية العثمانية دون جدوى استعادة أراض خسرتها ضد روسيا في حرب سابقة. وتصاعد التوتر عندما طالب العثمانيون روسيا بإخلاء شبه جزيرة القرم، ما دفع روسيا لإعلان الحرب. وانتهى الصراع بمعاهدة جاسي في 1792م، مؤكدة ضم روسيا للقرم وتوسيع حدودها الأوروبية إلى نهر دنيستر، بينما بقيت الحدود الآسيوية دون تغيير.

الحرب الروسية السويدية (1788-1790): كانت ذات تأثير محدود، بدأها الملك السويدي لدوافع سياسية داخلية، واعتبرتها كاثرين العظمى مجرد إلهاء، حيث قيّدت قواتها البرية في الحرب ضد تركيا.

أثرت الحرب على الخطط الروسية في البحر الأبيض المتوسط لدعم القوات ضد العثمانيين، مما اضطر روسيا للتركيز على حماية سانت بطرسبرغ. وانتهت الحرب بمعاهدة فارالا في 1790.

الحرب البولندية الروسية عام 1792: نشبت الحرب البولندية الروسية عام 1792 بين الكومنولث البولندي الليتواني من جهة، واتحاد تارغوويكا والإمبراطورية الروسية تحت قيادة كاثرين العظمى من جهة أخرى. ودارت الحرب في مسرحين: الشمال في ليتوانيا والجنوب فيما يعرف الآن بأوكرانيا.

وبعد 3 أشهر دون نصر حاسم، ضمت روسيا وبروسيا أراضي الكومنولث، حيث حصلت روسيا على 250 ألف كيلومتر مربع وبروسيا على 58 ألف كيلومتر مربع، مما أدى إلى تقليل عدد سكان بولندا إلى ثلث ما كانت عليه.

انتفاضة كوسيوسكو: حدثت الانتفاضة عام 1794، وكانت محاولة فاشلة بقيادة تاديوس كوسيوسكو لتحرير الكومنولث البولندي الليتواني من النفوذ الروسي والبروسي بعد التقسيم الثاني لبولندا. وبدأت كرد فعل ضد إنشاء اتحاد تارغويكا، وانتهت بالاحتلال الروسي لوارسو.

الإسكندر الأول إمبراطورا: يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1796، توفيت كاثرين العظمى، وخلفها ابنها بول "الإسكندر الأول" يوم 23 مارس/آذار 1801 وتوّج في 15 سبتمبر/أيلول من العام نفسه.

"نابليون بونابرت".. إمبراطور فرنسي يطلب الخلافة في المشرق العربي
نابليون بونابرت قاد معارك ضد الإمبراطورة الروسية وفاز عليها وألحق بها خسائر فادحة (مواقع التواصل الاجتماعي) 

عصر رد الفعل والحروب النابليونية

حرب التحالف الثالث: كانت حرب التحالف الثالث (1803-1806) نزاعا أوروبيا شهد انتصار فرنسا بقيادة نابليون الأول على تحالف شمال المملكة المتحدة والإمبراطورية الرومانية المقدسة والإمبراطورية الروسية ونابولي وصقلية والسويد، بينما بقيت بروسيا محايدة.

وأبرز انتصارات نابليون كانت في معركة أوسترليتز، حيث هزم جيشا روسيا ونمساويا أكبر بقيادة الإمبراطور ألكسندر الأول والإمبراطور الروماني المقدس فرانسيس الثاني.

الحرب الروسية التركية (1806-1812): ردت الإمبراطورية العثمانية على تحركات روسيا بإعلان الحرب بعد تغييرات سياسية مستلهمة من فرنسا. تصاعد الصراع عندما احتلت روسيا مولدافيا وفالاشيا، فأعلن السلطان العثماني الحرب.

انتهت الحرب بضم روسيا للنصف الشرقي من مولدافيا (بيسارابيا)، معززة بذلك نفوذها في الدانوب السفلى قبل غزو نابليون لروسيا.

معركة فريدلاند (14 يونيو 1807): شهدت انتصارا حاسما لنابليون والفرنسيين على الروس بقيادة الكونت فون بينيجسن. وأدى الانتصار إلى تراجع فوضوي للجيش الروسي، مما فتح الباب أمام مفاوضات سلام بين الإمبراطورين نابليون وألكسندر بدأت في تيلسيت على نهر نيمن.

الحرب الفنلندية (1808-1809): أدت الحرب الفنلندية بين السويد وروسيا إلى إنشاء دوقية فنلندا الكبرى كجزء من الإمبراطورية الروسية. ونتج عن الحرب أيضا تبني السويد دستورا جديدا، وتأسيس آل برنادوت الأسرة الملكية السويدية الحديثة عام 1818م.

الغزو الفرنسي لروسيا: شن نابليون غزوا على روسيا عام 1812 لإعادتها للحصار القاري ضد المملكة المتحدة، حيث عبر بجيشه الكبير محاولا هزيمة الروس الذين استمروا في التراجع.

احتل الفرنسيون موسكو المهجورة، ومن كل القوة الأصلية التي قوامها 615 ألف شخص، عاد 110 آلاف ناج من لدغات الصقيع والجوع إلى فرنسا.

كان الانتصار الروسي على الجيش الفرنسي بمثابة ضربة قوية لطموحات نابليون في الهيمنة الأوروبية، وأضعف جيشه وقوّض طموحاته الأوروبية، وأسهم في توحيد الحلفاء ضده.

حرب القوقاز: شنّت الإمبراطورية الروسية حربا على القوقاز (1817-1864)، ضمت خلالها شمال القوقاز ونفذت تطهيرا عرقيا ضد الشركس، وشملت هذه الحرب معارك ضد شعوب القوقاز الأصلية مثل الشيشان والأديغة.

سيطرت روسيا على الطريق العسكري الجورجي وقسمت الصراع إلى حربين منفصلتين: الشركسية غربا ومريد شرقا، وأدت إلى ضم مناطق أوسع بما في ذلك أجزاء من جورجيا وداغستان وأرمينيا وأذربيجان عبر حروب مع بلاد فارس والعثمانيين.

Portrait of Nicholas I
نيكولاس الأول حاول جند من الجيش الانقلاب عليه فساهم ذلك في توطيد حكمه وتعزيزه (غيتي) 

عصر الإصلاح وصعود القومية

ثورة الديسمبريين: اندلعت في روسيا عام 1825 بعد وفاة الإمبراطور ألكسندر الأول، ورفض وريثه قسطنطين الخلافة. فقرر شقيقه الأصغر نيكولاس تولي السلطة واتخذ لقب الإمبراطور نيكولاس الأول، بانتظار التأكيد الرسمي.

وبينما أقسم بعض الجيش على الولاء لنيكولاس، حاولت قوة قوامها حوالي 3 آلاف جندي الانقلاب عسكريا لصالح قسطنطين، لكنها واجهت القمع بالقوة، وأدت إلى سقوط ضحايا وإعدام ونفي المشاركين. وسلط هذا الحدث الضوء على التوترات الداخلية وأدى إلى تعزيز حكم نيكولاس الأول.

الحرب الروسية الفارسية (1826-1828): شهدت صراعا كبيرا بين الإمبراطورية الروسية وبلاد فارس، وأدت إلى توسع روسيا في القوقاز ونهاية النفوذ الفارسي في المنطقة.

بدأت الحرب بتحريض بريطاني على فتح علي شاه لاستعادة أراض خسرتها فارس. وانتهت بمعاهدة تركمانجاي، التي ضمت إلى روسيا أرمينيا الحديثة وجنوب أذربيجان وإغدير، مما جعل روسيا القوة المسيطرة في القوقاز.

الحرب الروسية التركية (1828–1829): اندلعت بسبب تداعيات حرب الاستقلال اليونانية، وتصاعدت التوترات بعد إغلاق السلطان العثماني محمود الثاني مضيق الدردنيل. استجابة لهذه الأحداث، فرض الروس حصارا على قلاع عثمانية رئيسية واستولوا على فارنا.

وعقب سلسلة من الهزائم، سعى العثمانيون للسلام، مما أدى إلى توقيع معاهدة أدريانوبل التي منحت روسيا مكاسب إقليمية كبيرة بما في ذلك السيطرة على الشاطئ الشرقي للبحر الأسود والاعتراف بالسيادة الروسية على أجزاء من أرمينيا، إضافة إلى حكم ذاتي لصربيا واحتلال روسي لمولدافيا وفالاشيا.

اللعبة الكبرى: كانت صراعا سياسيا ودبلوماسيا بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية حول النفوذ في آسيا الوسطى، خاصة أفغانستان ومملكة التبت، ومناطق مجاورة.

كما جعلت بريطانيا حماية جميع الطرق المؤدية إلى الهند أولوية قصوى. على الرغم من الادعاءات الروسية بعدم وجود نوايا تجاه الهند، وظل التوتر وعدم الثقة قائما.

بدأت "اللعبة الكبرى" عام 1830، مع محاولات بريطانيا لتأسيس أفغانستان محمية واستخدام دول عازلة للحد من التوسع الروسي.

حرب القرم: دارت بين روسيا وتحالف فرنسا مع الإمبراطورية العثمانية والمملكة المتحدة وسردينيا من عام 1853 إلى 1856، حيث خسرت فيها روسيا. ونشبت الحرب بسبب نزاع حول حقوق الأقليات المسيحية في الأراضي المقدسة العثمانية، مع دعم فرنسا للكاثوليك وروسيا للأرثوذكس وعوامل أخرى.

Czar Alexander II (1818-1881), Czar of Russia (1855-1881)
الإمبراطور ألكسندر الثاني أقر عدة إصلاحات ليبرالية في عهده (شترستوك) 

التحرر والتصنيع

إصلاح التحرر: أقر الإمبراطور ألكسندر الثاني الإصلاح التحرري عام 1861، ونشط بشكل فعال في الإمبراطورية الروسية. ويعد هذا الإصلاح من أول وأهم الإصلاحات الليبرالية في عهده.

الفتح الروسي لآسيا الوسطى: في النصف الثاني من القرن الـ19، غزت روسيا آسيا الوسطى، مما أدى إلى تشكيل تركستان الروسية ولاحقا آسيا الوسطى السوفياتية.

تنقسم الأراضي التي تم غزوها بين كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان ووتركمانستان. وسميت المنطقة بتركستان نظرا للغة التركية التي يتحدثها معظم سكانها، باستثناء طاجيكستان حيث تستخدم لغة إيرانية.

شراء آلاسكا: استحوذت الولايات المتحدة الأميركية على ولاية ألاسكا من روسيا يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 1867، بعد موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على معاهدة الشراء. وبدأت روسيا في النظر في بيع ألاسكا بعد حرب القرم، معتبرة أنه سيكون من الصعب الدفاع عنها في حالة حرب مستقبلية، خاصة ضد المملكة المتحدة.

دخل وزير الخارجية الأميركي ويليام سيوارد في مفاوضات مع الوزير الروسي للشراء، ووقعا على المعاهدة يوم 30 مارس/آذار 1867، التي أضافت نحو مليونا ونصف مليون كيلومتر مربع إلى الولايات المتحدة بتكلفة 7.2 ملايين دولار.

الحرب الروسية التركية (1877-1878): دارت بين الإمبراطورية العثمانية وتحالف شرقي أرثوذكسي بقيادة روسيا وضم بلغاريا ورومانيا وصربيا والجبل الأسود.

اندلعت الحرب في البلقان والقوقاز، مدفوعة بالقومية البلقانية ورغبة روسيا في استرداد خسائرها من حرب القرم وإعادة تأسيس نفوذها في البحر الأسود ودعم دول البلقان للخروج من الحكم العثماني.

اغتيال الإسكندر الثاني ملك روسيا: اغتيل القيصر ألكسندر الثاني في سانت بطرسبرغ يوم 13 مارس/آذار 1881، أثناء عودته إلى قصر الشتاء، مما جعله ضحية لـ"الحركة العدمية الروسية" التي كانت تسعى لإحداث تغييرات اجتماعية وسياسية. نجا الإسكندر سابقا من عدة محاولات اغتيال، تشمل محاولات ديمتري كاراكوزوف وألكسندر سولوفييف، إضافة إلى محاولات تفجير.

التصنيع في الإمبراطورية الروسية: تطور التصنيع في الإمبراطورية الروسية ردا على أوروبا الغربية، مع تسريع الصناعات الثقيلة وتضاعف عدد العمال في نهاية القرن الـ19.

بدءا من عام 1893، أدت جهود الحكومة إلى ازدهار صناعي كبير، تحت إدارة سرجيوس ويت، الذي جذب الاستثمار الأجنبي، خصوصا من فرنسا، لتحديث الاقتصاد الروسي.

"A Celebration of the 300th anniversary of the Romanov royal family in Kostroma." Illustration from "Niva" magazine, publishing house A.F. Marx, St. Petersburg, Russia, 1913; Shutterstock ID 96105362; purchase_order: ajanet; job: ; client: ; other:
مع مقتل عائلة رومانوف سقطت الإمبراطورية الروسية وصعد الاتحاد السوفياتي (شترستوك) 

مقدمة للثورة ونهاية الإمبراطورية

المؤتمر الأول لحزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي: عقد المؤتمر الأول سرا في مينسك (بيلاروسيا الآن) بين يومي 13 و15 مارس/آذار 1898، في منزل عامل سكة حديد يدعى روميانتسيف.

اتخذ المؤتمرون غطاء احتفال العامل بعيد ميلاد زوجته للتمويه، مع استعدادهم لإحراق الأوراق السرية في حال الضرورة. وهرب فلاديمير لينين الذي تم اختياره لزعامة الحزب مشروع برنامج الحزب.

تأسيس الحزب الاشتراكي الثوري: تأسس في روسيا عام 1902 جامعا جماعات اشتراكية ثورية متنوعة من التسعينيات، بما في ذلك حزب العمال للتحرير السياسي.

حصل الحزب على دعم كبير من الفلاحين بفضل برنامجه لتأميم الأراضي، الذي اقترح توزيع الأراضي على الفلاحين بدلا من تجميعها تحت إدارة الدولة.

الحرب الروسية اليابانية: اندلعت الحرب الروسية اليابانية بين عامي 1904 و1905 بسبب التنافس الإمبراطوري في منشوريا وكوريا، مع تركيز العمليات العسكرية في شبه جزيرة لياودونغ، موكدن جنوب منشوريا، والمياه المحيطة بكوريا واليابان والبحر الأصفر.

الثورة الروسية عام 1905: شكّلت الثورة موجة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية والجماهيرية، ضد الحكومة الروسية، متأثرة بالهزيمة في الحرب الروسية اليابانية. شملت إضرابات العمال وتمردات الفلاحين، وانتفاضات عسكرية، مما أدى إلى إصلاحات دستورية بما في ذلك إنشاء مجلس الدوما وتأسيس نظام تعددية حزبية.

تعتبر هذه الثورة بمثابة البروفة لثورات عام 1917، ومهدت لظهور البلشفية كقوة سياسية رئيسية في روسيا، وكانت الخطوة الأولى نحو نجاح ثورة أكتوبر/تشرين الأول.

معركة تسوشيما: شهدت هذه المعركة -التي وقعت خلال الحرب الروسية اليابانية- استخدام أساطيل البوارج الفولاذية الحديثة في مواجهة بحرية حاسمة، وتميزت بكونها أول معركة استعمل فيها التلغراف اللاسلكي (الراديو) بشكل فعال.

تعتبر هذه المعركة نقطة تحول في تاريخ الحروب البحرية، إذ مثلت نهاية عهد وبداية آخر في الإستراتيجيات والتكتيكات البحرية.

الحرب العالمية الأولى: دخلت الإمبراطورية الروسية الحرب العالمية الأولى بعد إعلان النمسا والمجر الحرب على صربيا، حليفة روسيا، في 28 يوليو/تموز 1914. وردت روسيا بإرسال إنذار نهائي إلى فيينا، محذرة من مهاجمة صربيا وبدأت في حشد جيشها.

عندما طالبت ألمانيا بسحب القوات الروسية دون استجابة، أعلنت الحرب على روسيا في الأول من أغسطس/آب. لكن ألمانيا تجاهلت روسيا مبدئيا، متحركة ضد فرنسا ومعلنة الحرب بعد يومين وأرسلت جيوشها عبر بلجيكا لمحاصرة باريس.

دفع تهديد بلجيكا بريطانيا لإعلانها الحرب على ألمانيا في 4 أغسطس/آب، وسرعان ما انضمت الإمبراطورية العثمانية إلى القوى المركزية، موسعة الصراع بمحاربة روسيا.

الثورة الروسية عام 1917: أطاحت الثورة بالإمبراطورية، وأنهت سيطرة عائلة رومانوف، وتأسست الحكومة البلشفية التي أخرجت روسيا من الحرب العالمية الأولى عبر معاهدة بريست ليتوفسك عام 1918، مما أدى لهزيمة روسيا. وانتهت الثورة عام 1923 بتأسيس الاتحاد السوفياتي، مما مهد الطريق لحكم البلاشفة.

إعدام عائلة رومانوف وسقوط الإمبراطورية: تم إطلاق النار على عائلة رومانوف الإمبراطورية الروسية (الإمبراطور نيكولاس الثاني، وزوجته الإمبراطورة ألكسندرا وأطفالهم الخمسة: أولغا وتاتيانا وماريا وأناستازيا وأليكسي) على يد الثوار البلشفيين تحت قيادة ياكوف يوروفسكي بأوامر من الاتحاد السوفياتي الإقليمي في الأورال في يكاترينبورغ ليلة 16-17 يوليو/تموز 1918.

المصدر : الجزيرة + ويكيبيديا