مونتيفيديو عاصمة الأوروغواي وأكبر مدنها

مونتيفيديو عاصمة الأوروغواي وأكبر مدنها وإحدى أجمل مدن أميركا اللاتينية، تمتاز بتنوع ثقافي وديني، يسكنها أوروبيون من المسلمين والبروتستانت واليهود، وترتبط بها كرة القدم ارتباطا وثيقا، إذ أقيمت بها أول بطولة لكأس العالم، و"كلاسيكو الأوروغواي"؛ أقدم منافسة كروية. وتشتهر مونتيفيديو بكرنفالها الأطول في العالم، والذي يستمر 40 يوما كل عام.

تاريخ التأسيس

في 24 ديسمبر/كانون الأول عام 1726 أسست مونتيفيديو عاصمة الأوروغواي وأكبر مدنها، على يد "برونو موريسيو دي زابالا" الذي كان حاكما لبوينس آيرس عاصمة الأرجنتين حاليا، لمواجهة التقدم البرتغالي إلى المنطقة من البرازيل.

وكانت حينئذ ثكنة عسكرية، وسرعان ما تطور ميناؤها الطبيعي إلى منطقة تجارية في نهاية الحقبة الاستعمارية، ولعب التجار آنذاك دورا مهما في تأمين استقلالها.

وقعت تحت الاحتلال في 1807بالتناوب من قبل القوات البريطانية والإسبانية والأرجنتينية والبرتغالية والبرازيلية، واستقلت عام 1830.

ثم حوصرت عام 1843 من قبل جيش الأرجنتين ودام الحصار 8 سنوات، وفي تلك المرحلة عرفت ازدهارا تجاريا غير متوقع، بسبب إنشاء البريطانيين خطوط سكك حديدية ربطتها بالمناطق المحيطة بها.

وفي القرن الـ18 جذبت ظروفها المناخية ووفرة ثرواتها الحيوانية المهاجرين من أوروبا، وفي القرن الـ19 أصبحت عاصمة رسمية للأوروغواي.

وتعد مونتيفيديو المركز الثقافي والسياسي للأوروغواي، وهي موطن لمليون و300 ألف نسمة، وتشتهر بكونها إحدى المدن التي ما زالت تحتفظ بطرازها القديم في هندسة عمارتها.

وتعدّ المدينة أيضا مهد احتراف كرة القدم في القارة الجنوبية، وهي أبرز ما تشتهر به البلاد خارج حدودها.

التسمية والموقع

يتفق معظم المؤرخين على أن تسمية عاصمة الأوروغواي بمونتيفيديو أو منتفيدو تعود إلى إشارة كلمة "مونتي" إلى التل الواقع في خليج المدينة، والمعروف باسم "سيرو دي مونتيفيديو".

ويرى بعضهم أن معناها "رأيت الجبل"، فـ"مونتي" بالإسبانية تعني الجبل، و"فديو" تعني "رأيت"، وهذا المعنى هو الأكثر انتشارا. ويتناقل السكان المحليون أسطورة حول التسمية، تقول إن أحد البحارة رأى الجبل يهبط أمامه وصرخ "Monte vide eu!" (أرى تلّا).

وتقع المدينة الأكثر تنوعا عرقيا في أقصى جنوب أميركا اللاتينية على ضفاف نهر "دي لابلاتا" (النهر الفضي)، ويطلق عليه البريطانيون "الصفيحة النهرية"، وتحدّها الأرجنتين من جهة الغرب، والبرازيل والمحيط الأطلسي من جهة الشرق، كما تحدها الباراغواي من جهة الشمال.

السكان واللغة والدين

تمثل مونتيفيديو قلب الدولة التجاري والسياسي والثقافي، ويعيش فيها ثلث إجمالي سكان البلد اللاتيني البالغ تعداده 3.5 ملايين نسمة، ومعظمهم من أصول أوروبية (إسبان وإيطاليون وفرنسيون).

وكانت قد وصلت حشود كبيرة منهم إلى البلد في أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، وفيها أقليات من المسلمين والبروتستانت واليهود، وتتمتع جميع الطوائف الدينية فيها بحرية المعتقد، ولا تتبنّى الدولة أي ديانة.

تبلغ مساحة مونتيفيديو نحو 200 كيلومتر مربع، ويغطي الريف أكثر من 60% من أراضيها، واللغة الرسمية لسكانها هي الإسبانية، وتغلب عليها النبرة الإيطالية.

ويتكلم أغلب السكان لغة ثانية (إنجليزية أو فرنسية أو إيطالية)، وينتشر الحديث باللغة البرتغالية في المناطق التي تقترب من حدود الدولة مع البرازيل. وينتمي معظم سكان هذه المدينة اللاتينية إلى الطبقة الوسطى، ويعمل أكثرهم في وظائف حكومية أو مهنية أو في الصناعة أو الأعمال الحرة.

وتمثل مونتيفيديو بوابة القلعة "بويرتا دي لا سيوداديلا"، الجزء الوحيد الصامد من جدار كان يحيط في الماضي بكل المدينة، ويعد الآن مدخلا لـ"سيوداد فيجا"، أقدم الأحياء المجاورة لها.

عاصمة كرة القدم

في ثمانينيات القرن الـ19 عرف شعب الأوروغواي كرة القدم عن طريق البحارة البريطانيين، وأقيمت أول مباراة عام 1881 بين نادي مونتيفيديو للتجديف المؤسَّس عام 1874 ونادي مونتيفيديو للكريكيت المؤسَّس عام 1861.

وفي عام 1882 أُسّس نادي "ألبيون"، أول ناد متخصص بكرة القدم فقط، على يد الإنجليزي وليام بول. وحصل على المركز الثاني في أول دوري وطني نظم عام 1900، على يد الاتحاد الوطني لكرة القدم في أوروغواي، الذي أُسّس في العام نفسه.

وأسهمت جولات الأندية الإنجليزية في أميركا الجنوبية بانتشار وتطوير اللعبة في البلاد خلال السنوات الأولى من القرن الـ20. وكانت الفرق البريطانية تعدّ الأفضل في العالم آنذاك، وكان بعضها مصدر إلهام لتأسيس أندية كرة القدم في الأوروغواي والأرجنتين، بمساعدة المواطنين البريطانيين الذين وصلوا للعمل لدى الشركات البريطانية في بناء السكك الحديد في مونتيفيديو.

ومونتيفيديو تلقب بـ"عاصمة كرة القدم" في العالم، إذ كانت مكانا لأقدم منافسة كروية تسمى "كلاسيكو الأورغواي"، وهو أطول "ديربي" يتنافس به فريقان عريقان هما "بينارول" الذي أُسّس عام 1891، و"ناسيونال" الذي أُسّس عام 1899.

وكان ظهور هذين الناديين مشجعا على حب كرة القدم في جميع أنحاء البلاد، وتشكلت أندية أخرى معظمها من مونتيفيديو التي تتميز بتمركز كبير لفرق كرة القدم.

معالم رياضية

تهيمن المدينة على حياة كرة القدم في الأوروغواي، حيث يهتم 90% من سكانها بهذه اللعبة بطريقة أو بأخرى. ويلعب 14 من أصل 16 ناديا بها في الدوري الممتاز، وبها نحو 13 ملعبا لكرة القدم.

وأقدم هذه الملاعب "غران باركي المركزي"، المشيّد عام 1900، وأكبرها ملعب "سينتيناريو" ويعني بالإسبانية "مئوية"، أنشئ بين عامي 1929 و1930 لاستضافة أول بطولة لكأس العالم في كرة القدم، وللاحتفال بالذكرى المئوية لأول دستور للأوروغواي.

وأقيمت كل مباريات البطولة في مدينة مونتيفيديو لأول مرة في تاريخ كأس العالم. وجرت على 3 ملاعب هي "بوسيتوس" و"بارك سنترال"، والملعب الرئيس في البطولة "سينتيناريو"، الذي احتضن 10 مباريات من أصل 18.

وفي عام 1983 أعلن ملعب "سينتيناريو" معلما تاريخيا لكرة القدم العالمية، ويضم بين أروقته متحفا يجمع ألقاب وتراث منتخب الأوروغواي، وفي 2020 أعلن تراثا وطنيا للبلاد.

وتعد مونتيفيديو من الوجهات السياحية المهمة لمحبي الرياضة، وتضم متحفا لكرة القدم (ميوزيو دل فوتبول)، يتكون من طابقين ويمتد على مساحة 3 آلاف متر مربع.
وتتوزع على تلك المساحة مئات المعروضات التي تحتفظ باللحظات الأعظم في تاريخ كرة القدم بالأوروغواي.

سياسة وفن ورياضة

لا تقتصر ملاعب مونتيفيديو على أنشطة كرة القدم فقط، بل على مدار تاريخها كانت مسرحا لكثير من الأحداث الفنية والأحداث المأساوية. وكان ملعب "سنترال بارك" مسرحا لحادث انتحار اللاعب عبدون بورتي عام 1918، حيث أطلق النار على رأسه في 5 مارس/آذار 1918، لخسارته شارة الكابتن في النادي الذي يعشقه.

وعلى أرض الملعب نفسه، الذي أعيد افتتاحه في 25 مايو/أيار 1990، أجريت أول مباراة في تاريخ بطولات المونديال عام 1930. واحتضنت المدينة أول مباراة رسمية في تاريخ بطولة "كوبا أميركا" في 30 سبتمبر/أيلول 1917، وشهدت أول نهائي لبطولة كأس "ليبرتادورس" في الرابع من يونيو/حزيران 1961، وانطلاق أول بطولة لكأس القارات الخاصة بالأندية في الثالث من يوليو/تموز 1960.

وعلى الصعيد السياسي، عرفت المدينة عام 1920 حادث قتل الرئيس الأسبق "خوسيه باتييه أي أوردونييث" الذي تولى رئاسة البلاد في مناسبتين، وقد قتل رميا بالرصاص.

كرنفال مونتيفيديو

تشتهر مونتيفيديو بكرنفالها الأكثر شعبية، والذي يقام بين شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من كل عام، ويستمر طوال 40 يوما. ويقام الاحتفال بـ"أطول كرنفال في العالم" منذ الحقبة الاستعمارية، وتكون أيامه أيام إجازة رسمية.

وتحتل الموسيقى والألبسة التقليدية جزءا مهما من تراث المدينة، وتتحول شوارعها إلى مواكب وعروض فخمة، وتجمع آلاف المواطنين المحليين والسياح الأجانب بين مشاركين ومتفرجين.

وفي يوم السبت الأخير من سبتمبر/أيلول أو الأول من أكتوبر/تشرين الأول، تفتتح جميع المتاحف والمواقع التاريخية حول ساحة الاستقلال للجمهور مجانا، وهذه فعالية حديثة في تقويم الأوروغواي عقدت لأول مرة في 1995.

معالم تراثية

• مبنى البرلمان، أنشئ عام 1904 وصممه معماريون إيطاليون.
• ساحة الاستقلال، صممت في عام 1937.
• قلعة "بويرتا دي لا سيوداديلا".
• قصر "سالفو"، بني في عشرينيات القرن الماضي.
• نصب "غاوتشو"، أنشئ عام 1927 وهو رمز المستوطنين الأوائل.
• "سيوداد فيجا" المدينة القديمة، بنيت في القرن الـ18 وأوائل القرن الـ19.
• مسرح "سوليس"، بني عام 1856.
• المتحف التاريخي الوطني.
• جامعة "مونتيفيديو"، أُسّست عام 1849 وتضم أكثر من 10 كليات.
• "بالاسيو سالفو" أعلى مبنى في ساحة الاستقلال، يبلغ ارتفاعه 105 أمتار.
• تل "سيرو مونتيفيديو"، الذي رآه البحارة وسميت باسمه المدينة، وعليه قلعة بناها الإسبان عام 1811.
• المتحف الوطني للتاريخ، أسس عام 1900.
• ميناء مونتيفيديو (يسهم بـ90% من إجمالي حجم التجارة).