يو إس إس كول.. المدمرة الأميركية التي كادت تغرقها "القاعدة"

السودان.. اتفاق تسوية مع أسر ضحايا تفجير المدمرة "كول"
المدمرة الأميركية كول دخلت الخدمة العسكرية سنة 1996 (الجزيرة)

السفينة الأميركية "يو إس إس كول" (USS Cole) هي مدمرة حربية بدأت شركة "نورثروب غرومان"، أكبر بان للقطع البحرية الأميركية في صناعتها سنة 1991 وانتهت منها عام 1994، لكنها لم تدخل الخدمة العسكرية إلا في 8 يونيو/حزيران 1996.

أصل التسمية

تعود تسمية "يو إس إس كول" إلى الرقيب صامويل داريل كول (1920 – 1945) عضو مشاة البحرية الأميركية، الذي مُنح وسام جوقة الشرف في الكونغرس بعد وفاته، تكريما لشجاعته أثناء غزو جزيرة إيو جيما (Iwo Jima) اليابانية سنة 1945، و"يو إس إس كول" هي أول سفينة حربية تحمل هذا الاسم.

البناء والتأسيس

بدأ العمل في بناء المدمرة كول سنة 1991، من قبل أحواض بناء السفن "إينغلس شيبياردس" (Ingalls Shipyards)، وهو قسم بناء السفن في شركة "نورثروب غرومان" (Northrop Grumman).

وشركة "نورثروب غرومان" هي ثالث أكبر شركة للمعدات الدفاعية للجيش الأميركي وأكبر بان للقطع البحرية، وهي التي أنتجت كل حاملات الطائرات الأميركية وعددا من الغواصات النووية.

انتهت غرومان من بناء المدمرة كول سنة 1994، قبل أن تدخل الخدمة في 8 يونيو/حزيران 1996، ثم ألحقت بالسرب المدمر 22، الذي يوجد مقره في مدينة نورفولك (Norfolk)، في فيرجينيا.

المواصفات

الطول: حوالي 154 مترا.

العرض: 20.4 مترا.

السرعة: 55.5 كيلومترا/ الساعة (30 عقدة بحرية).

الوزن: 8300 طن.

التكلفة عند دخول الخدمة: أكثر من 789 مليون دولار.

الخصائص

تتميز كول -التي يوجد منها عشرات النسخ- بمنصتين مخصصتين لإطلاق صواريخ على مدى بعيد، ومثال ذلك صاروخ "توماهوك" المجنح، وصواريخ أخرى مضادة لأهداف بحرية يبلغ عيارها 127 مليمترا، بالإضافة إلى توفرها على مدفعين ورشاشين للتعامل مع الأهداف القريبة وباقي الطائرات والصواريخ المعادية والمضادة.

وعلى مستوى التسليح تتوفر المدمرة على صواريخ موجهة ومدفع عيار 127 مليمترا ومدفعين عيار 25 مليمترا و4 مدافع رشاشة عيار 12.7 مليمترا ومنظومتي "فالانكس" عيار 20 مليمترا وتوربيدات "إم كيه- 32" ومروحية "سيكورسكي إس إتش- 60".

أبرز المحطات

في عام 2000، تم دمج المدمرة كول، في المجموعة القتالية لحاملة الطائرات "يو إس إس جورج واشنطن" (USS George Washington).

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000، بينما كانت كول ترسو في ميناء عدن باليمن للتزود بالوقود بشكل روتيني، وهي في طريقها من البحر الأحمر إلى ميناء في البحرين، تعرضت لهجوم حربي عنيف بعدما انفجر زورق مفخخ يقوده "الانتحاريان" حسان الخامري وإبراهيم الثور، ما أحدث ثقبًا كبيرًا في هيكل المدمرة، حيث قتل 17 بحارا وجرح 37 آخرون، وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم.

الإجراءات السريعة التي اتخذها طاقم السفينة لعزل الأنظمة الكهربائية التالفة واحتواء تصدعات زيت الوقود حالت دون اندلاع حرائق كارثية كان من الممكن أن تغرق السفينة وتودي بحياة كثيرين.

قضى طاقم السفينة أكثر من 96 ساعة من أجل احتواء الأضرار الكبيرة التي لحقت بها في ظروف مناخية صعبة، بسبب الضغط المرتفع ودرجة الحرارة الشديدة.

وتم سحب المدمرة كول من ميناء عدن في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2000 إلى المياه العميقة بواسطة أسطول المحيط التابع لقيادة النقل البحري العسكرية (USNS Cataba T-ATF 168).

تطلبت عملية تحميل كول على متن سفينة النقل بلو مارلين (Blue Marlin) عمق مياه لا يقل عن 75 قدمًا، لأن عملية السحب كانت تتطلب غمر بلو مارلين جزئيا تحت الماء، ومناورة كول في موضعها فوق سطح السفينة، ثم رفع سفينة النقل، ورفع كول على متنها لحماية مراوحها وقبة الرادار الخاصة بها.

بعد إصلاح الأضرار التي لحقت بالمدمرة، تمت إعادتها إلى الخدمة في الولايات المتحدة في 13 ديسمبر/كانون الأول 2001، مع إضافة مجموعة من التحسينات التي تضمنت استبدال أكثر من 550 طنا من الفولاذ على الطلاء الخارجي والتحديثات الرئيسية، والتي جعلتها أقرب إلى باقي المدمرات الحربية المنتمية إلى فئة "أرليه بوركي" (Arleigh Burke) أو أكثر حداثة منها.

في 19 أبريل/نيسان 2002، غادرت السفينة كول مدينة باسكاجولا بمقاطعة جاكسون التابعة لولاية مسيسيبي جنوبي الولايات المتحدة وعادت إلى ميناء نورفولك، بولاية فيرجينيا الواقعة في الجنوب الشرقي.

منفذو الهجوم

أما بشأن منفذي الهجوم فقد ألقت السلطات اليمنية القبض على جمال البدوي وفهد القصع لدورهما في الهجوم، وقالت السلطات الأميركية واليمنية إن المواطن السعودي عبد الرحيم الناشري لعب دورا محوريا في الهجوم، وهو ما يزال معتقلا في معسكر غوانتانامو الأميركي في كوبا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، قتل عضو القاعدة سالم سنان الحارثي (أبو علي الحارثي) في غارة جوية بواسطة طائرة أميركية مسيرة إلى جانب 5 أشخاص كانوا برفقته على بُعد 160 كيلومترا شرق العاصمة اليمنية صنعاء. ويعتقد أن الحارثي هو من قام بالتخطيط للهجوم على المدمرة كول.

وفي عام 2004، عقدت في اليمن أولى جلسات محاكمة المتهمين بتدبير الهجوم، وهم جمال البدوي وفهد القصع ومأمون سعيد وعلي المرفدي ومراد سليم وعبد الرحيم الناشري.

إحدى المحاكم اليمنية أصدرت أحكامها على المتهمين الستة وتراوحت بين الإعدام (الناشري والبدوي) والسجن لمدد متفاوتة تراوحت ما بين 5 إلى 10 سنوات، وتم تخفيف حكم الإعدام بحق البدوي إلى السجن المؤبد لاحقا.

وفي عام 2006، فرّ البدوي من السجن وظل متواريا إلى أن أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مقتله في غارة جوية أميركية في اليمن أوائل عام 2019.

في 31 مارس/آذار 2021، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن السودان دفع مبلغ 335 مليون دولار تعويضا لعائلات أميركية من ضحايا هجمات شنها تنظيم "القاعدة" على سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998 وأيضا لأسر ضحايا الهجوم الذي نفذته القاعدة ضد المدمرة كول.

وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية إن المبلغ المذكور آنفًا يضاف إلى مبلغ 72.5 مليون دولار سبق أن دفعه السودان لأسر ضحايا المدمرة كول في إطار تسوية مالية.

الإنجازات

في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، تم دمج المدمرة كول في القوة الدائمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في البحر الأبيض المتوسط، حيث نفذت 4 عمليات اعتراض بحرية لدعم الحرب الأميركية على "الإرهاب" التي تسمى أيضا "الحرب العالمية على الإرهاب"، فيما يطلق عليها البعض تسمية "الحرب الطويلة".

في عام 2004، شاركت المدمرة كول في واحدة من كبرى مناورات الناتو في التاريخ بجانب 37 سفينة وغواصة من 6 دول هي ألمانيا وإيطاليا وتركيا واليونان والمملكة المتحدة وفرنسا.

تضمنت المناورات تمرينا أطلق عليه "دوغ فيش" (Dogfish)، وهو مناورة حرب ضد الغواصات.

وفي أواخر يوليو/تموز 2007، شاركت المدمرة كول في تمرين فرقة العمل المشتركة "جيتفكس" (JTFEX)، التي شارك فيها طراد الصواريخ الموجهة (USS Anzio CG 68)، ومدمرة الصواريخ الموجهة (USS Ramage DDG 61) وفرقاطة الصواريخ الموجهة (USS Kauffman FFG 69) والغواصة الهجومية السريعة (USS Boise SSN 764).

وفي عام 2008، أبحرت المدمرة كول من سواحل مالطا نحو الشواطئ اللبنانية محملة بصواريخ "توماهوك"، وحسب تصريحات مسؤولين أميركيين آنذاك فإن الهدف من وجود كول في البحر الأبيض المتوسط كان دعم الاستقرار في المنطقة.

وقتها أشار مراقبون إلى أن تحرك واشنطن تزامن مع الانتخابات اللبنانية وفشل التوصل إلى رئيس توافقي وتدخل سوريا في لبنان وموقفها الداعم لحزب الله، ما دفع الولايات المتحدة إلى أن تبعث برسالة إلى دمشق عبر المدمرة كول، كما تزامن أيضا مع تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل، وهو ما نفته واشنطن، مؤكدة أن الإجراء لا يحمل رسالة لأحد ولا يرتبط بشكل مباشر بالوضع السياسي في لبنان، لكنه يأتي في سياق طبيعي يرتبط بأهمية منطقة شرق المتوسط لأميركا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية