قمة العشرين

مجموعة العشرين، منبر لعشرين عضو يمثلون أكبر الاقتصادات في العالم، تأسست عام 1999، عقب الأزمات الاقتصادية نهاية التسعينيات، مع 20 عضوا يمثلون نحو 60٪ من سكان العالم، وما يقدر بـ85٪ من إجمالي اقتصاده.

يعقد اجتماع سنوي تستضيفه إحدى دول الأعضاء، وتناقش فيه القضايا الراهنة، وتقترح المجموعة حلولا في الجوانب المالية والجيوسياسية وغيرها من القضايا التي تشغل العالم.

النشأة والتأسيس

قبل ظهور مجموعة العشرين عرف العالم مجموعتين أنشئتا بمبادرة من مجموعة السبع الصناعية، وهما مجموعة 22 ومجموعة 33، وكانت الأولى قد اجتمعت عام 1988، بهدف إشراك الدول غير الأعضاء بمجموعة السبع في اتخاذ قرارات عالمية تتعلق بالأزمات المالية، ذات التأثير في أسواق الاقتصادات الناشئة.

وفي عام 1999، عقدت مجموعة الـ33 اجتماعا لبحث سبل إصلاح الاقتصاد الدولي والنظام المالي الدولي، وجعل الاقتصاد العالمي أقل عرضة للأزمات.

ومجموعة الـ33 هي تجمع دولي ظهر لفترة وجيزة عام 1999، ويضم ثلاثة وثلاثين اقتصادا وطنيا رائدا في العالم، وقد حلت محل مجموعة الـ 22 أوائل عام 1999، ثم حلت محلها مجموعة العشرين في وقت لاحق من العام نفسه، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الصناعية والنامية.

وتم تأسيسها رسميا في اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع في 26 سبتمبر/أيلول 1999، وعقد الاجتماع الافتتاحي يومي 15 و16 من ديسمبر/كانون الأول 1999، في العاصمة الألمانية برلين.

ويعد إنشاء مجموعة العشرين رد فعل على الأزمات المالية (منها أزمتي البيز المكسيكية والمالية الآسيوية)، خاصة تلك التي كانت في المكسيك وشرق آسيا نهاية التسعينيات، كما تعد اعترافا بأن الاقتصادات الناشئة لم تُضم لصميم الحوارات الاقتصادية العالمية بشكل مناسب.

وقد أثرت تلك الأزمات على الولايات المتحدة الأميركية، ورأى بول مارتن الذي اختير أول رئيس للمجموعة أن مجموعة السبع والثماني ونظام بريتون وودز لن تتمكن من توفير الاستقرار المالي، فتصوروا مجموعة جديدة أوسع نطاقا تضم الاقتصادات العالمية الكبرى.

وضمّت مجموعة العشرين الاقتصادات الناشئة مع معظم الاقتصادات الكبرى في العالم حينها، وأصبحت تعقد اجتماعات منتظمة بين أعضائها.

وكانت المجموعة تعقد اجتماعات فنية بين الوزراء قبل الأزمة المالية عام 2008، إذ رفعت القمة بعدها إلى مستوى القادة والرؤساء، للحد من انهيار النظام المالي العالمي.

كيف اختيرت الدول الأعضاء؟

صرّح وزير مالية كندا حينها بول مارتن "كنا نريد الاقتصادات الناشئة حيث تنشأ المشاكل المحتملة، بالإضافة للدول الأكبر حجما، ودول أخرى اختيرت بسبب قدرتها الإقليمية".

ثم جاء في بيان صحفي أعلن فيه عن إنشاء مجموعة العشرين معرفة بأنها "منتدى للحوار غير الرسمي بين مجموعة من البلدان التي تمثل الاقتصادات المتقدمة والناشئة على السواء من كل منطقة من مناطق العالم… وستشمل العضوية جميع مجموعة السبع".

وكان الحجم الاقتصادي والأهمية الإقليمية عاملين مهمين، لكن بسبب بعض التداعيات السياسية والتعقيدات الدبلوماسية كانت هناك قوائم مختلفة للأعضاء المحتملين.

أعضاء مجموعة العشرين

ضمت مجموعة العشرين 19 بلدا هي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وبمشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة الاتحاد الأوروبي (فرنسا) ورئيسي اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (IMFC) ولجنة التنمية (DC).

ويمثل منتسبو مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم، أي بما يقدر بـ85٪ من إجمالي الناتج المحلي.

ولا تعد المجموعة منظمة دولية، وليست لها هياكل إدارية خاصة بها، ولا أمانة دائمة لأعضائها، بل تتم رئاستها بالتناوب سنويا، وتدعى عدة دول ضيفة للانضمام إلى الاجتماعات، من أبرزها دولة إسبانيا المدعوة دائما.

آلية العمل

تبحث قمة العشرين سنويا السياسات المالية والاقتصادية في اجتماعها، بالإضافة إلى تقديم مقترحات أو قرارات لمعالجة القضايا الراهنة، سواء الأزمات الجيوسياسية أو التغير المناخي. وقد تعقد المجموعة اجتماعات طارئة.

وذلك لارتباط القضايا العالمية ذات الأهمية ارتباطا وثيقا بالاقتصاد، مثل سياسات التنمية والتوظيف، وقضايا اللاجئين، وغيرها مما يناقش في الاجتماعات الوزارية، وفي القمة السنوية.

وتلتزم الدول الأعضاء بالقرارات التزاما طوعيا، إذ لا تعد القرارات ملزمة للأعضاء قانونيا، بالنظر إلى أن الإجماع على قرارات معينة يبقى صعبا، في ظل وجود متنافسين جيوسياسيين مثل الولايات المتحدة والصين.

أهداف المجموعة

تركز النقاشات في الاجتماعات المنعقدة بشكل أساسي على القضايا المتعلقة بالاقتصاد العالمي، والتجارة الدولية، وتنظيم الأسواق المالية، بالإضافة إلى السعي المستمر لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام وشامل، وتعزيز فرص عمل.

تسعى المجموعة بشكل خاص إلى تعزيز النظام المالي العالمي وتحسين الرقابة والتنظيم لمختلف المشاركين في السوق المالية، بما في ذلك ما يعرف بنظام الظل المصرفي.

وهدف ذلك ضمان عدم بقاء أي سوق مالي أو مشارك في السوق المالية أو منتج مالي دون إشراف، إذ لا ينبغي أن يضطر دافعو الضرائب لدفع الفاتورة مرة أخرى لإنقاذ المشاركين في السوق المالية.

أبرز المحطات

أصبحت مجموعة العشرين بعد الأزمة المالية عام 2008 تعقد بحضور رؤساء الدول الأعضاء، وتتولى الرئاسة الدولة المنظمة للاستضافة.

عقد اجتماع طارئ عام 2008، لمناقشة ظروف السوق الصعبة في ذلك الوقت، واجتماع عام 2015، الذي عقد بفرنسا بعد الهجمات الإرهابية في باريس.

وقال ستيوارت باتريك، زميل سابق في مجلس العلاقات الخارجية، إن المجموعة "أنقذت نظاما ماليا عالميا كان في حالة سقوط حر".

وفي عامي 2008 و2009، وافقت دول مجموعة العشرين على إجراءات إنفاق بقيمة 4 تريليون دولار لإنعاش اقتصاداتها، ورفضت الحواجز التجارية، ونفذت إصلاحات بعيدة المدى للنظام المالي.

وخصص اجتماع مجموعة العشرين بفرنسا 2015 لمناقشة الإرهاب، وأزمة اللاجئين المستمرة، وقضايا أخرى مثل الفساد وعدم المساواة والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.

وتنظم اجتماعات إضافية في القمة، حول قضايا سياسية ومالية، بحضور وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لكل دولة.

كما تناولت أيضا قضايا كبرى شغلت العالم، منها الحرب الأهلية السورية، وجائحة كوفيد 19، والبرنامج النووي الإيراني.

ورغم استجابة مجموعة العشرين القوية للأزمة المالية عام 2008، إلا أن تماسكها اهتز فيما بعد، وانتقد المحللون استجابتها "الباهتة" لجائحة كوفيد 19.

وفي عام 2021، دعا رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركية ريتشارد ناثان هاس وزميلة تشارلز كوبشان، إلى تحالف جديد، معتبرين أن قمم مجموعة العشرين "المتنقلة للداخل والخارج" غالبا ما تتعثر بسبب "المساومات حول البيانات التفصيلية".

في سانت بطرسبرغ بروسيا عام 2013، أحرز تقدم كبير في مكافحة التهرب الضريبي، واتفقت مجموعة العشرين على إنشاء خطة للإشراف على أنشطة الشركات متعددة الجنسيات التي كانت تمارس التهرب الضريبي عن طريق التقليل من الأرباح ونقل الأرباح إلى خارج الدول حيث الأنشطة المشتقة منها.

وفي 1 سبتمبر/أيلول 2016 قبل عقد قمة العشرين في الصين يومي 4 و5 سبتمبر/أيلول؛ نشر مجلس الاستقرار المالي (FSB) تقريرا حول "تنفيذ وتأثيرات الإصلاحات التنظيمية المالية لمجموعة العشرين"، يتناول التقارب المحاسبي الدولي، خاصة فيما يتعلق بمخصصات خسائر القروض المتوقعة.

جائحة كورونا

شكل التعامل مع جائحة كوفيد-19 اختبارا كبيرا للمجموعة، ومع ذلك وافقت دول مجموعة العشرين على تعليق مدفوعات الديون المستحقة لها على بعض أفقر دول العالم، مما وفر مليارات الدولارات من المساعدات.

وقدمت مجموعة العشرين إطارا مشتركا لمعالجة الديون قبل قمتها عام 2020، لكن أربع دول فقط -تشاد وإثيوبيا وغانا وزامبيا- طلبت تخفيف عبء الديون بموجب اتفاق باريس. إطار العمل، ويلقي الخبراء اللوم على الانقسامات بين الدول المقرضة.

وانعقدت القمة الخامسة عشرة لمجموعة العشرين تحت شعار "اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين من أجل التنمية"، وكانت هذه أول قمة افتراضية على الإطلاق في تاريخ مجموعة العشرين.

وبمبادرة من رئيس الوزراء مودي، عقدت الرئاسة السعودية أيضا اجتماعا في قمة افتراضية استثنائية لقادة مجموعة العشرين في 25 مارس/آذار 2020، لمناقشة التحديات التي فرضها تفشي كوفيد-19، وصياغة استجابة عالمية منسقة.

وأصدر القادة بيانا بشأن الجائحة أعربوا فيه عن التزامهم بمكافحة الوباء، وحماية الاقتصاد العالمي، ومعالجة اضطرابات التجارة الدولية وتعزيز التجارة العالمية والتعاون لمواجهة تأثير الوباء.

على الرغم من أن تغير المناخ كان محور تركيز مؤتمرات القمة الأخيرة، إلا أن الاجتماعات لم تسفر سوى عن القليل من الالتزامات الملموسة بشأن هذه القضية.

وفي قمة روما عام 2021، وافقت الدول على الحد من انبعاثات غاز الميثان وإنهاء التمويل العام لمعظم محطات توليد الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم في الخارج، ولم تذكر شيئا عن الحد من استخدام الفحم محليا.

وسمحت الصين، أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، بعدد أكبر من محطات توليد الطاقة المحلية التي تعمل بالفحم في عام 2022 مقارنة بأي عام آخر منذ عام 2015.

وفي اجتماع 2022، وافقت إندونيسيا على إغلاق محطات توليد الطاقة بالفحم مقابل تمويل بقيمة 20 مليار دولار من الدول ذات الدخل المرتفع، بما في ذلك الولايات المتحدة.

انضمام الاتحاد الأفريقي

في قمة مجموعة العشرين المعقودة عام 2022، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن دعم بلاده لانضمام الاتحاد الأفريقي عضوا في المجموعة.

وأعرب أعضاء آخرون من بينهم الصين وفرنسا عن دعمهم لذلك القرار سابقا، وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن عضوية الاتحاد الأفريقي ستكون على جدول أعمال قمة 2023. وبذلك صار الاتحاد الأفريقي أول عضو جديد في المجموعة منذ إنشائها.

وعقدت قمة مجموعة العشرين 2023، في العاصمة الهندية نيودلهي. بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2023.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن قمة مجموعة العشرين في نيودلهي توصلت إلى توافق حول الإعلان الختامي لزعمائها، وذلك رغم الخلافات الرئيسية فيما بينهم والتي تتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وأوضح مودي أنه "نتيجة العمل الشاق الذي قام به فريقنا، وبدعمكم، توصلنا إلى توافق في الآراء حول الإعلان الختامي لقمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي"، مضيفا "أنا أعلن اعتماده".

وجاء هذا الإعلان بعد أن توصل مفاوضون من أقوى 20 دولة في العالم إلى توافق بشأن اللغة التي يمكن استخدامها للإشارة إلى الحرب في أوكرانيا، وفق ما ذكرت وكالة رويترز في وقت سابق.

وواجهت المجموعة انقسامات شديدة بشأن الحرب في أوكرانيا؛ إذ تسعى بلدان الغرب إلى تنديد قوي بحرب روسيا في الإعلان الذي سيصدر في ختام القمة، بينما تطالب بلدان أخرى المجموعة بالتركيز على القضايا الاقتصادية الأوسع نطاقا.

صور أرشيفية لقمة العشرين في اليابان 2019
قمة العشرين في اليابان عام 2019 (وكالات)

القمم

  • واشنطن، الولايات المتحدة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2008.
  • لندن، المملكة المتحدة، في أبريل/نيسان 2009.
  • بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، الولايات المتحدة، في سبتمبر/أيلول 2009.
  • تورنتو، كندا، في يونيو/حزيران 2010.
  • سول، كوريا الجنوبية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2010.
  • كان، فرنسا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
  • لوس كابوس، المكسيك، عام 2012.
  • سان بطرسبورغ، روسيا، عام 2013.
  • بريسبان، أستراليا، عام 2014.
  • أنطاليا، تركيا، عام 2015.
  • هانغتشو، الصين، عام 2016.
  • هامبورغ، ألمانيا، عام 2017.
  • بوينس آيرس، الأرجنتين، عام 2018.
  • أوساكا، اليابان، عام 2019.
  • الرياض، السعودية، عام 2020.
  • روما، إيطاليا، عام 2021.
  • بالي، إندونيسيا، نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
  • نيودلهي، الهند، سبتمبر/أيلول 2023.
المصدر : الموسوعة البريطانية + مواقع إلكترونية + وكالات