ماذا تعني القوة الشرائية؟

A vendor at a women's clothing stall at a traditional market waits for customers in Jakarta, Indonesia June 6, 2015. The Muslim fasting month is traditionally a time of plenty in Indonesia: shoppers throng Jakarta's markets snapping up gifts to exchange at extravagant fast-breaking celebrations. But this year, Ramadan - which runs from mid-June - will be a more abstemious affair because widespread job losses, a spike in inflation and lower earnings from commodities that Indonesia sells to the world have crimped consumers' purchasing power. REUTERS/Nyimas Laula
حينما ترتفع الأجور بمعدل أكبر مقارنة بارتفاع الأسعار، ينتج عن ذلك تحسن في القوة الشرائية (رويترز)

القوة الشرائية هي كمية السلع والخدمات التي يكون بمقدور فرد ما أن يشتريها بواسطة دخله المُتاح خلال مدة زمنية محددة (شهرأوسنة)، ويعبر هذا المفهوم عن قدرة الأفراد على الاستهلاك وإشباع احتياجاتهم، وينبئ عن مستوى معيشتهم ورفاهيتهم.

القياس والمحددات
تُقاس القدرة الشرائية بشكل عام من خلال نصيب الفرد من إجمالي الدخل المُتاح الحقيقي (المصحح من التضخم) داخل البلد، إلا أن بعض الدول تعمد إلى تعديل هذا المؤشر من أجل دمج الخدمات التي يستفيد منها المواطنون مجانا (التعليم والصحة نموذجا) في الدخل المتاح.

ويتعلق الأمر بمؤشر متوسط ولا يعبر بالضرورة عن حالة كل المواطنين بسبب التفاوت الحاصل في الأجور وبقية أصناف الدخل، ويعطي تطوره صورة عامة عن اتجاهات تطور القوة الشرائية داخل البلد، غير أن هذه الصورة يمكن أن تكون مضللة في بعض الأحيان إذا تركزت ثمار النمو في أيدي أقلية ولم توزع بشكل عادل بين السكان.

وترتبط القوة الشرائية لأي فرد بمحددين أساسيين هما:

– مستوى الدخل المُتاح للفرد: وتدخل فيه جميع الموارد الممكنة مثل الأجور والتعويضات العائلية والاجتماعية وعائدات الملكية (فوائد، أرباح، إيجارات وغيرها)، ثم تُخصم من إجمالي هذه الموارد الضرائب المدفوعة للدولة والاقتطاعات الإجبارية (التأمين على المرض والمساهمة في صناديق التقاعد).

-المستوى العام للأسعار: ويُقاس من خلال مؤشر أسعار المستهلك.

التضخم
إن تطور القوة الشرائية هي محصلة الفرق بين تطور الدخل وتطور الأسعار، وبناء عليه يمكن القول إنه توجد علاقة عكسية واضحة بين القوة الشرائية من جهة والتضخم من جهة أخرى، فتطورهما يسير في اتجاهين متباينين.

فإذا حصل ارتفاع في الأسعار مثلا بينما بقيت الأجور ثابتة أو ارتفعت الأجور بمعدل أقل من معدل التضخم، فإن القوة الشرائية للمواطنين تكون حينها قد تآكلت وانخفضت القيمة الحقيقية لأجورهم.

وبالمقابل فإنه حينما ترتفع الأجور بمعدل أكبر مقارنة بارتفاع الأسعار، ينتج عن ذلك تحسن في القوة الشرائية.

إن التضخم هو عدو للقوة الشرائية وباب من أبواب إفقار الناس، وهذا من الأسباب التي تفسر جزئيا (بمعنى أن هناك أسبابا أخرى) حرص السلطات النقدية -المستقلة عن الحكومات- في عدد كبير من بلدان العالم على محاربة التضخم وسعيها الحثيث وراء التحكم في الأسعار وضمان استقرارها.

مصر نموذجا
يعكس الواقع الاقتصادي الذي تعرفه مصر علاقة التضخم بتدهور القوة الشرائية للمواطنين، وتقدم الحالة المصرية نموذجا عمليا راهنا بخصوص العواقب السلبية للفشل الحكومي في التحكم بالأسعار.

وقد شهدت مصر موجة تضخم لمجموعة من الأسباب، يتعلق جزء منها بالسياسات الحكومية.

وأحد أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار يكمن في التدهور المستمر لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي وباقي العملات الدولية، بسبب تراجع الاحتياطي النقدي الموجود في حوزة المصرف المركزي، إذ تراجع هذا الأخير من 36 مليار دولارعام 2011 إلى أقل من 16 مليار دولار صيف 2016، وهو ما يكفي بالكاد لتغطية ثلاثة أشهر من واردات البلاد.

وينعكس تراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية سلبا على الأسعار في السوق المحلية، حيث يؤدي ذلك إلى غلاء أسعار السلع المستوردة بشكل مباشر، كما ترتفع أسعار السلع المصنعة محليا التي تستعمل مدخلات مستوردة في إنتاجها (مواد أولية، سلع وسيطة، تجهيزات وغيرها).

كما ساهم القرار الحكومي المصري بشأن رفع تعرفة الكهرباء في تسريع وتيرة التضخم، حيث عرفت أسعار الكهرباء ارتفاعات بنسب متفاوتة حسب المناطق وتراوحت بين 17% و46%.

وتعد الطاقة الكهربائية أحد مدخلات الإنتاج الرئيسية والضرورية في صناعة العديد من السلع، وتؤثر تكلفتها بشكل واضح في السعر النهائي لهذه السلع، كما يؤثر قرار الحكومة المصرية القاضي بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة خلال السنة المالية 2016-2017 في أسعار السلع المستهلكة، باستثناء تلك التي أُعفيت من هذه الضريبة.

ولم تتحسن أجور غالبية المصريين (باستثناء العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية)، فضلا عن تفشي البطالة.

المصدر : الجزيرة