ماذا تعرف عن ذهب النيجر؟

تواجه النيجر -وهي دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا– مشهدا اقتصاديا معقدا بسبب اعتمادها الكبير على قطاع الثروة الحيوانية والأنشطة الزراعية.

وفي الآونة الأخيرة، واجهت البلاد تحديات اقتصادية، بما في ذلك ما أنتجه الانقلاب في عام 2023، مما أدى إلى فرض عقوبات وتباطؤ النمو الاقتصادي.

يقدم هذا التقرير لمحة شاملة عن اقتصاد النيجر، وتحليل القطاعات الرئيسية والموارد الطبيعية والتحديات والتوقعات المستقبلية.

1- الناتج المحلي الإجمالي للنيجر

تعد النيجر واحدة من أفقر دول العالم، حيث تواجه تحديات مثل الحد الأدنى من الخدمات الحكومية، وعدم كفاية الأموال المخصصة للتنمية، والتعرض للصدمات المناخية المتكررة.

وحسب بيانات البنك الدولي بلغ الناتج المحلي الإجمالي للنيجر في عام 2022  نحو 15.34 مليار دولار. وتحتل النيجر رقم 133 في تصنيف الناتج المحلي الإجمالي للدول الـ196.

وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد 608 دولارات في عام 2022 أي أعلى بـ17 دولارًا عما كان عليه في عام 2021.

وفي ترتيب البلدان حسب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن النيجر تأتي في المركز 186 عالميا. ووفقا لهذا المعيار، فإن سكانها هم من بين أفقر البلدان الـ196 التي تنشر ناتجها المحلي الإجمالي.

 

وتسعى الحكومة جاهدة لتنويع الاقتصاد من خلال زيادة إنتاج النفط ومشاريع التعدين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك معدل النمو السكاني بنسبة 3.6%، وانخفاض الطلب العالمي على اليورانيوم الذي تنتجه البلاد، وتأثير الصدمات المناخية على الرعاة، وهم من أكثر فئات السكان هشاشة.

2- أهم الثروات في النيجر

  • الثروة الحيوانية

تعتبر الثروة الحيوانية حجر الزاوية في اقتصاد النيجر، حيث تولد حوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا وتدعم 29% من السكان.

ومع أهميته، يواجه هذا القطاع تحديات مثل الجفاف والآفات والأمراض، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة خلال فترات الضغوط البيئية. في وقت يمارس فيه ما يزيد عن 87% من السكان أنشطة تربية المواشي. 

وفقًا لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية في البلاد قُدر العدد الإجمالي لأنواع الثروة الحيوانية (باستثناء الدواجن) في عام 2019 بنحو 50.5 مليون رأس تقدر قيمة الثروة الحيوانية في النيجر بأكثر من 4 تريليونات فرنك غرب أفريقيا (FCFA) (نحو 7 مليارات دولار).

  •  الثروة الزراعية

تنتج الزراعة، التي تمثل شريان الحياة لنحو 80% من سكان النيجر البالغ عددهم 17.8 مليون نسمة، 4.5 ملايين طن من المحاصيل سنويا.

ويعد الدخن والذرة الرفيعة والأرز والبصل واللوبيا والفول السوداني والبطاطا الحلوة والقطن من المحاصيل الرئيسية.

ويغطي الدخن، وهو غذاء أساسي، 80% من المساحة الزراعية، في حين يعتبر البصل محصولا نقديا مربحا في البلاد.

3- الموارد الطبيعية بالنيجر

  •  اليورانيوم

النيجر هي رابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم ، ويسهم بأكثر من 70% من صادراتها. وتهيمن الشركات الفرنسية على استخراجه، حيث يحتفظ منجم إيمورارين باحتياطيات كبيرة.

وبلغ إنتاج النيجر من اليورانيوم في عام 2012 حوالي 4821 طنًا وفي 2022 بلغ 2020 طنا من اليورانيوم وهو ما يساوي 5% من الإنتاج العالمي.

ويسهم اليورانيوم بأقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تقارير اقتصادية دولية. ويأتي في المرتبة الثانية في صادرات النيجر بعد الذهب.

واكتشف اليورانيوم في النيجر في منطقة أزيليك في أواخر الخمسينيات من القرن الـ20. وبعد ذلك تم اكتشاف المزيد من اليورانيوم في ماداويلا وإيمورارين وتاسا.

وتفيد المصادر الرسمية في النيجر أن منجم إيمورارين -وهو أكبر منجم- يحتوي على أكثر من 100 مليون طن من المعدن.

وظلت الشركات الفرنسية تحتكر امتياز التعدين في اليورانيوم النيجري، وتعتبر شركة "أورانو" صاحبة الامتياز، وتعمل إلى جانبها شركة "سوريم" وشركة "سوبامين" وفق تقرير لوكالة رويترز.

وإلى جانب الشركات الفرنسية توجد أخرى كندية وأفريقية وصينية.

ومن أشهر مواقع التعدين:

  1. أرليت ويوجد في الشمال الغربي للبلاد وتقع بها العديد من مواقع التعدين المفتوحة قرب المدينة.
  2. منجم أكوتا ويقع جنوب غرب أرليت، قريبا من "أكوكان" وينتج  75 ألف طن متري من اليورانيوم من عام 1978 حتى مارس 2021، عندما أغلق بعد استنفاد احتياطياته من الخام.
  3. منجم إيمورارين: يقع على بعد حوالي 50 ميلا جنوب أرليت على واحدة من أكبر الاحتياطيات في العالم، وفقا لأورانو. وتم منح تصريح تشغيل المنجم في عام 2009، ولكن تم تعليق العمل على تشغيل المنجم في عام 2014 حتى تتحسن أسعار اليورانيوم.
  • الذهب

توجد رواسب الذهب في المنطقة الجنوبية الغربية من النيجر ومؤخرا في المنطقة الشمالية من أغاديز. وبدأ أول تعدين تجاري للذهب في البلاد في عام 2004 في منجم سميرة هيل للذهب الذي تديره شركة التعدين ليبتاكو، وهي مشروع مشترك بين الحكومة وشركتين كنديتين.

وأدى اكتشاف رواسب ذهب أخرى ذات جدوى تجارية في عام 2014 في منطقة أغاديز إلى تعزيز إمكانات النيجر كواحد من منتجي الذهب الرئيسيين في أفريقيا.

ويعتبر منجم سميرة هيل من أهم مناجم الذهب في النيجر، وقد تم افتتاحه في 2004، ويقع في منطقة تيرا ضمن منطقة تيلابيري.

وفي 2014 تم اكتشاف رواسب ذهب جديدة بكميات تجارية، في منطقة "جادو" على بعد 700 كيلومتر من أغاديز، وفي منطقة جبل "إبل" على بعد 360 كيلومترا من أغاديز، ولم يبدأ العمل في هذين الموقعين بعد.

وهناك مناطق محتملة مثل منطقة كوما بانغو التي لديها رواسب الذهب التي تعتبرها الحكومة غير مجدية تجاريًا، ومنطقة إيرماسيف حيث تمتلك GeoAfrica رخصة للتنقيب عن الذهب وفقا لموقع "رير غولد".

وحسب بيانات مجلس الذهب العالمي بلغ إنتاج النيجر 34.5 طنا من الذهب في 2022 .

  • الحديد والفوسفات

تمتلك النيجر احتياطيات كبيرة من:

  1. خام الحديد (9.2 مليارات طن)
  2. الفوسفات (1.225 مليار طن)
  • النفط والغاز الطبيعي

يملك النيجر احتياطيات نفطية هائلة. واكتشف البترول لأول مرة في حقلي تينتوما وأغاديم، وتشير إحصاءات شركة سافنا العالمية للطاقة، إلى أن الحقل يمكن أن يحتوي على ما لا يقل عن مليار برميل من النفط.

وتتم معالجة معظم النفط المستخرج في النيجر في مصفاة سوراز، وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية للنفط في النيجر 20 ألف برميل يوميا، ويتم بيعها بشكل رئيسي محليا مع تصدير بعضها أيضا إلى شمال نيجيريا.

وتقع معظم الاحتياطيات المحددة في النيجر في منطقة أجاديم، التي تزود حاليا حوالي 15 ألف برميل من النفط يوميا إلى مصفاة سوراز.

وتشير تقديرات بعض شركات الطاقة إلى وجود 3754 مليون برميل من احتياطيات النفط و957 مليون برميل من احتياطيات النفط القابلة للاستخراج.

كما تقدر احتياطيات الغاز الحالية بنحو 34 مليار متر مكعب منها احتياطيات قابلة للاستخراج تبلغ 24 مليار متر مكعب وفقا لإحصاءات وزراة المعادن في النيجر.

 3- من المستفيد من ثروات النيجر؟

ظلت فرنسا تحتكر استخراج اليورانيوم في النيجر. وحسب تقارير عديدة فإن النسبة التي كانت تحصل عليها النيجر لم تتجاوز 5% في البداية.

وبعد احتجاجات المواطنين وبعض القوى السياسية أصبح نصيب النيجر 15%.

كما تؤكد التقارير أن فرنسا استخرجت ما مقدراه 110 أطنان بين عامي1971 و2012، ويوفر ذلك نسبة 35% من احتياجات فرنسا في الكهرباء.

وعلى الرغم من الموارد الهائلة التي تملكها البلاد، تصنف تقارير التنمية البشرية الصادرة من الأمم المتحدة النيجر أنها أفقر دولة في العالم، إذ يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي إجمالي 608 دولارات في 2023.

ووفق إحصاءات البنك الدولي فإن 44.5% من سكان النيجر يعيشون في فقر مدقع، كما يبلغ الدين العام 45%، وتقدم حوالي 173 منظمة إنسانية مساعدات طارئة متعددة القطاعات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها، وفقا للأمم المتحدة.

4- اتجاهات الاقتصاد بالنيجر بعد الانقلاب

بعد انقلاب 26 يوليو 2023، واجه اقتصاد النيجر صعوبات كبيرة، بسبب ضعفه ابتداءً، وتداعيات الانقلاب، لعدد من العوامل:

  • عقوبات إيكواس: فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا"إيكواس" عقوبات اقتصادية  قاسية على النيجر في أعقاب الانقلاب. وقد أثرت هذه العقوبات بشكل كبير على قدرة البلاد على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وإجراء المعاملات المصرفية.
  • قطع المساعدات الدولية: قطع الشركاء الرئيسيون مثل الاتحاد الأوروبي دعمهم بعد الانقلاب مباشرة وكان الاتحاد الأوروبي قد خصص 554 مليون دولار لمشروعات التنمية في النيجر بين 2021 و2024، كما قطعت واشنطن أيضًا بتعليق معظم برامج الدعم، بقيمة تقدر بحوالي 500 مليون دولار وبالتالي انخفاض دعم ميزانية أثر على ميزانية البلاد وقدرتها على تنفيذ مشاريع التنمية.

وإجمالا كان المتوقع نمو الناتج الاجمالي المحلي للنيجر بنسبة 11% في 2023، وفق البنك الأفريقي لكن الانقلاب والعقوبات التي تلته توقعت جهات الاختصاص أن لا يتجاوز 2.3%، ومن ثم ستضيف العقوبات ما يقرب من مليون شخص إلى قائمة الفقر المدقع.

5-التوقعات المستقبلية لاقتصاد النيجر

أوقفت السلطات الانتقالية في النيجر تصدير الذهب واليورانيوم إلى فرنسا عقابا لها بعد انقلاب 26 يوليو/تموز 2023، وكانت الشركات الفرنسية تستخرج اليورانيوم النيجري منذ 1970، وأول التغييرات الظاهرة هي الفارق الكبير في سعر اليورانيوم حيث كان سعر الكيلوغرام يساوي 0.8 دولار وبعد إيقاف البيع لفرنسا أصبح 200 دولار.

وحسب تقارير عديدة فإن الشركات الفرنسية كانت تبيعه بـ 200 دولار للكيلو بينما تحصل النيجر على 11 دولار فقط من القيمة.

وحسب التوقعات الاقتصادية العالمية فإن اقتصاد النيجر سيصبح رابع أكثر الاقتصادات العالمية نموا في 2024، وسيحتل المرتبة الأولى في أفريقيا من حيث نسبة النمو.

المصدر : الجزيرة