خلافات متفاقمة حول ميزانية إسرائيل 2024 لتمويل مخصصات احتياطي الجيش

وتيرة الخلافات داخل حكومة نتنياهو تتصاعد بشأن ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي (رويترز)

القدس المحتلة– حمل الإعلان المشترك لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الدفاع يوآف غالانت، بإطلاق برنامج "التجنيد للاحتياط"، في طياته خلافات داخل الحكومة، حيال مصادر تمويل هذا البرنامج ضمن موازنة 2024.

وبرنامج التمويل للاحتياط المخصص لدفع تعويضات، وتوفير هبات ومساعدات، وغطاء مالي لجنود الاحتياط وعائلاتهم، والشركات المتضررة جراء الحرب على قطاع غزة.

يأتي الإعلان عن البرنامج وسط استمرار جيش إسرائيل بتسريح المزيد من قوات الاحتياط، وذلك بغية إعادتهم إلى سوق العمل وتحريك عجلة الاقتصاد الذي تضرر بفعل الحرب جراء تغيب قرابة 350 ألفا تم استدعاؤهم لخدمة الاحتياط لأكثر من شهرين ونصف الشهر.

ويستدل من البرنامج المخصص لدفع تعويضات لقوات الاحتياط بتكلفة إجمالية تبلغ 9 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار)، أنه لا يوجد توافق بشأن مصدر التمويل للبرنامج الذي من المفروض إقراره ضمن قانون الموازنة للعام 2024.

وبحسب البرنامج، الذي ستناقشه الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية الأحد المقبل، ستدفع تعويضات بقيمة تصل إلى 30 ألف شيكل (8333 دولارا)، لكن جندي احتياط مقابل الخدمة خلال فترة الحرب، بينما سيتم تعويض جنود الاحتياط أصحاب الشركات والمصالح التجارية، بحسب المعايير العامة التي حددت مقابل التعويض عن الخسائر للمصالح التجارية والشركات في البلاد.

مناقشات وتعديلات

وفي ظل غياب مصادر واضحة لتمويل برنامج تعويض الاحتياط والشركات المتضررة، تتصاعد وتيرة الخلافات داخل حكومة بنيامين نتنياهو، بشأن تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي لتغطية جزء من نفقات الحرب على غزة.

وخلال المناقشات حول التعديلات المطلوبة لموازنة 2024، اقترح الطاقم المهني في وزارة المالية إغلاق 10 مكاتب وزارية غير ضرورية، لكن دون أن يبدي أيا من الوزراء المدرجة، فيما أبدى سموتريتش معارضته للمقترح.

بالإضافة إلى ذلك، جددت كتلة المعارضة المطلب الداعي إلى تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي المدرجة ضمن موازنة 2024، لتغطية نفقات الحرب، وضمنها إقامة صندوق خاص بكلفة 10 مليارات شيكل (2.75 مليار دولار) لتعويض قوات الاحتياط، وهو ما اقترحه رئيس المعارضة يائير لبيد.

وفي ظل الحرب على غزة وتأزم الاقتصاد والركود بسوق العمل، تواجه حكومة إسرائيل الـ37 المؤلفة من 31 وزارة الكثير من التحديات الداخلية سواء الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية، وتتكون الحكومة الائتلافية من 6 أحزاب هي: الليكود و"يهودية التوراة"، و"شاس"، و"الصهيونية الدينية"، و"عظمة يهودية" و"نوعم".

خلافات وفوضى

ويعتقد الصحفي الاستقصائي في موقع "شومريم"، شوكي سديه، أن المناقشات بشأن موازنة للعام 2024، ستظهر عمق الخلافات بإسرائيل بكل ما يتعلق في إقرار الموازنة، وكذلك رصد المزيد من الميزانيات لتغطية نفقات الحرب أو زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن وكذلك برنامج تعويض الاحتياط.

وأوضح سديه أنه دون إلغاء المكاتب والوزارات الحكومية غير الضرورية "والتي لم تقم بأداء أي وظيفة خلال الحرب"، فإن العجز سيتفاقم بالموازنة حتى لو تم توسيع إطار الميزانية لتبلغ 600 مليار شيكل (165 مليار دولار)، قائلا إن "ذلك يفرض ثمنا باهظا على المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي.

وأشار إلى أن "وجود الوزارات غير الضرورية فقط من أجل الحفاظ على الائتلاف الحكومي تعكس الفوضى الإدارية التي رافقت الحكومة خلال الحرب، وذلك عبر الاستيلاء على الموارد المالية للجمهور وتخصيصها لفئات وقطاعات مشاركة بالحكم، من خلال سياسات تافهة، منفصلة عن المصالح الوطنية".

في الموازنة المعدلة لعام 2023، والتي صادق عليها الكنيست، بلغت تكلفة المكاتب الوزارية غير الضرورية ما لا يقل عن 1.35 مليار شيكل (375 مليون دولار)، وبالنسبة لموازنة 2024 والتي لم يتم اعتمادها بعد يتوقع سديه أن تزداد ميزانية المكاتب غير الضرورية.

وبعد نشر قرار بنك إسرائيل خفض الفائدة، وعلى خلفية انتقادات المحافظ أمير يارون للحكومة بشأن سياساتها المتعلقة بالموازنة في ظل الحرب والخطوات التي لم يتم اتخاذها بعد لخفض العجز، رفض سموتريتش توصيات يارون التي تدعو إلى إلغاء المكاتب الوزارية غير الضرورية ورفع الضرائب، بحسب ما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت.

ونقلت الصحيفة عن سموتريتش قوله إن "مصدر تمويل ودفع التعويضات لقوات الاحتياط سيكون من الميزانية المخصصة لوزارة الأمن وستكون على حساب شراء الذخيرة والمعدات"، بيد أن نتنياهو صرح بأن وزارة الأمن ستحصل على ميزانية إضافية بقيمة 20 مليار شيكل (5.5 مليارات دولار)، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لا تشمل برنامج "التجنيد للاحتياط".

سموتريتش (يمين) يرى مصدر تمويل تعويضات الاحتياط سيكون من الميزانية المخصصة لوزارة الأمن (رويترز)

العصا والجزرة

ويعتقد مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة يديعوت أحرونوت غاد ليؤور، أن محافظ بنك إسرائيل بقراره خفض الضريبة بهذه الظروف لجأ إلى اعتماد "العصا والجزرة"، مع الحكومة، لكن يقول: "ربما لن يفهم نتنياهو وسموتريتش التلميح هذه المرة أيضا بشأن السياسات الاقتصادية التي يجب اعتمادها بظل الحرب وضرورة إجراء تعديلات على الموازنة".

واعتبر أن الحكومة ومن أجل الحفاظ على الائتلاف تتصرف بشكل غير مسؤول، وقد يُصنف بـ"السلوك الطفولي" للوزراء.

وتتصرف حكومة نتنياهو -حسب ليئور- وكأن الأمر لا يعنيها، وليس لديها توجه لإجراء تعديلات على الموازنة أو المساس بميزانيات الائتلاف، مما سيدفع نحو عجز هائل بالموازنة ويشكل تهديدا لاستقرار اقتصاد إسرائيل.

رواتب وتعويضات

عندما تنظر إلى النماذج الاقتصادية التي تفسر أضرار الحرب، يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "كلكليست" شلومو تيتلبوم إن "من الواضح أن أحد المصادر الرئيسية لتراجع النشاط الاقتصادي هو التعبئة الواسعة للاحتياط. وإن دفع الرواتب والتعويضات لجنود الاحتياط هو التكلفة الصغيرة نسبيا، بيد أن الثمن الباهظ يرجع إلى حقيقة أن هؤلاء الاحتياط لا يعملون".

وبحسب بيانات وزارة المالية، فقد غاب 140 ألف عامل عن الاقتصاد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بسبب الخدمة العسكرية، علما أن تجنيد 100 ألف جندي احتياطي يكلف حوالي 100 مليون شيكل (28 مليون دولار)، يوميا، ويضاف إلى ذلك التكلفة غير المباشرة للإنتاج المفقود البالغة 100 مليون شيكل أخرى يوميا.

من الواضح للجميع حتى في هذه اللحظة – يضيف المحلل- أنه "في خضم القتال، هناك العديد من الجنود الذين يمكن إعادتهم إلى سوق العمل، وإلى اليوم هناك عدد كبير جدا من جنود الاحتياط في المقرات وفي العديد من الأماكن الأخرى، وإذا لم يتم تسريحهم، فسندفع ثمنا باهظا يستنزف الاقتصاد".

المصدر : الجزيرة