30 مليار دولار.. هكذا تعمل السعودية على زيادة الاستثمار في الصناعات الغذائية

السعودية تعمل على جذب استثمارات بـ 20 مليار دولار في الصناعات الغذائية (الصحافة السعودية)
السعودية تسعى لتوطين 85% من الصناعات الغذائية بحلول 2030 (الصحافة السعودية)

تسعى المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة إلى زيادة وتعزيز حجم استثماراتها في قطاع الصناعات الغذائية، إذ يشكل هذا القطاع جزءا هاما من الاقتصاد السعودي نظرا لدوره المهم في توفير الغذاء وفرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

ويعد قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات الرئيسية المستهدفة في الإستراتيجية الوطنية للصناعة في السعودية لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز التنوع الاقتصادي، وتلبية الطلب المحلي، وزيادة الصادرات للأسواق الإقليمية والعالمية.

وتستهدف السعودية توطين 85% من الصناعات الغذائية بحلول 2030، بعدما بلغت تكلفة واردات هذه الصناعات بالمملكة 70 مليار ريال سعودي (18.6 مليار دولار) سنويا.

وتولي "رؤية السعودية 2030" قطاع الصناعات الغذائية اهتماما كبيرا من خلال توفير البيئة الاستثمارية والتطويرية المناسبة، حيث من المتوقع أن يتوسع القطاع خلال الفترة المقبلة بما يعزز سياسة التنويع الاقتصادي وزيادة الصادرات السعودية في الأسواق العالمية، وبالتالي زيادة مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي بأكثر من 12%.

وفي هذا الصدد، أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية مطلع الشهر الجاري أن حجم الاستثمار في صناعة المنتجات الغذائية في المملكة يبلغ أكثر من 110 مليارات ريال (30 مليار دولار).

نمو ملحوظ

وأشارت الوزارة إلى أن الاستثمارات تشكل 7.6% من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي، كما أن مصانع المنتجات الغذائية توفر 155 ألفا و898 وظيفة.

وأوضحت أن القطاع الصناعي يتمتع بقدرات متميزة في العديد من الأنشطة، ولا سيما في مجال صناعة المنتجات الغذائية، ومن أهمها قطاع الألبان والدواجن والزيوت والتمور والمخبوزات وغيرها.

وقالت الوزارة إنها تولي أهمية خاصة لقطاع الأغذية، حيث يعد من القطاعات المهمة التي سجلت نموا ملحوظا منذ بداية العام الجاري، مما يؤكد أهمية المضي قدما في زيادة معدل الاستثمار في هذا القطاع لتحقيق الأمن الغذائي للمملكة، وتوفير احتياجات المواطنين والمقيمين.

وتستهدف السعودية جذب مشروعات استثمارية بقيمة 20 مليار دولار في قطاع الصناعات الغذائية بحلول عام 2035، بحسب ما أعلن الاثنين الماضي وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر بن إبراهيم الخريف.

ويؤكد الخريف، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء السعودية، أن هذه الاستثمارات تستهدف مشروعات في قطاعات الدواجن والألبان ومشتقاته من أجبان وغيرها، وقطاع المخبوزات والحلويات، وقطاع المشروبات والعصائر.

Close up shot of woman holding a bottle of organic fresh milk in supermarket
السعودية تسعى لجذب مشروعات استثمارية بقيمة 20 مليار دولار في قطاع الصناعات الغذائية بحلول عام 2035 (غيتي)

ويشير الوزير السعودي إلى أن المملكة تسعى لزيادة قيمة صادراتها من المنتجات الغذائية إلى 10.9 مليارات دولار في 2035، وفقا لمستهدفات الإستراتيجية الوطنية للصناعة.

وتأتي هذه الخطوة كجزء من جهود المملكة لتنويع اقتصادها، والاستثمار في الصناعات غير النفطية، وتحقيق نمو مستدام في قطاع الصناعات الغذائية، وزيادة العوائد الاقتصادية للمملكة.

ووفقا لتوقعات وزارة الصناعة السعودية، فإن سوق الصناعات الغذائية في المملكة من المتوقع أن ينمو من 41 مليار دولار في عام 2019 إلى 57 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ3%، بدعم من زيادة إنفاق المستهلكين على المأكولات والمشروبات بنسبة 1.4%، والنمو السكاني بنسبة 1.73%، مما ستؤدي إلى تحقيق نمو ثابت في مجموعة السلع الصناعية كلها بحلول عام 2030.

توطين صناعة الغذاء

وفي إطار الخطوات السعودية لتوسيع حجم الاستثمارات في قطاع الغذاء، وقعت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية السعودية "مدن" عددا من العقود والاتفاقيات لتوطين صناعة الأغذية والمشروبات بالمملكة بإجمالي استثمارات يبلغ 1.07 مليار ريال (290 مليون دولار).

كما كشفت الهيئة في فبراير/شباط الماضي عن ارتفاع أعداد المصانع الغذائية إلى 1171 مصنعا، بإجمالي مساحات تقارب 10 ملايين متر مربع بحلول نهاية العام 2022.

وتعليقا على هذا التوجه السعودي بشأن زيادة الاستثمارات في قطاع الصناعات الغذائية، يقول الخبير الاقتصادي السعودي خالد الأنصاري إن المملكة تعمل على توطين صناعة الأغذية من خلال تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار في المملكة، وتوفير المزيد من فرص العمل للسعوديين في هذا المجال.

ويوضح الأنصاري، في حديث للجزيرة نت، أن قطاع الصناعات الغذائية في السعودية يشهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، بفضل الاستثمارات الكبيرة والتقنيات المتطورة التي تم تبنيها في هذا القطاع، وكذلك بفضل الدعم والتشجيع الحكومي لهذا القطاع.

وأوضح أن الحكومة السعودية تسعى إلى تعزيز القدرات الوطنية في هذا القطاع، وزيادة نسبة المنتجات المحلية في الأسواق المحلية والعالمية، مشيرا في هذا الصدد إلى إطلاق المملكة مجموعة من المبادرات الحكومية والخاصة مثل مبادرة "توطين صناعة الأغذية"، التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية والجودة في هذا القطاع وتعزيز الإنتاج المحلي.

العساف يقول إن الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية لا يتناسب مع حجم اقتصاد السعودية المصدر: صفحه العساف على تويتر
العساف: الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية لا يتناسب مع حجم اقتصاد السعودية (مواقع التواصل الاجتماعي)

مزيد من الاستثمارات

كما لفت إلى أن المملكة تعمل على تحسين البنية التحتية للصناعات الغذائية من خلال توفير الخدمات اللوجيستية والنقل والتوزيع والتخزين والتبريد، إلى جانب وجود عشرات المطارات الجوية والموانئ البحرية، حيث تسهم هذه الخدمات في تحسين إنتاجية الصناعات الغذائية، وتحسين جودة المنتجات، وتقليل التكاليف.

وفي إشارة إلى حجم سوق الغذاء بالسعودية، أوضح الأنصاري أن حجم سوق المأكولات والمشروبات في السوق السعودية يقدر بـ168.8 مليار ريال (45 مليار دولار)، متوقعا مزيدا من الاستثمار في هذا القطاع خلال الفترات القادمة.

من جهته، يقول المستشار الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية سليمان العساف إن قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات الواعدة والنامية، لكن للأسف لا يسير بوتيرة الاستثمارات الأخرى نفسها مثل قطاع النفط والبتروكيماويات وتقنية المعلومات وغيرها.

وأرجع العساف، في حديث للجزيرة نت، هذا البطء إلى تراكمات سابقة منذ عقود، مشيرا إلى أن المملكة بدأت الاهتمام بهذا القطاع وإنْ كان حجم الاستثمارات في القطاع الغذائي لا يزال أقل من المأمول بشكل كبير ولا يتساوى مع حجم اقتصاد المملكة، حيث يقارب نحو 30 مليار دولار.

ويتوقع الخبير الاقتصادي السعودي أن يبلغ حجم الاستثمارات في قطاع الغذاء خلال العقد القادم 100 مليار دولار، كما لفت إلى المساعي السعودية من أجل إعادة تفعيل مبادرة الأمن الغذائي، ومحاولة جذب الاستثمارات.

المصدر : الجزيرة + الصحافة السعودية