كيف يؤثر طرح 20 شركة حكومية في البورصة على الاقتصاد المصري؟

خلال مؤتمر صحفي اليوم: رئيس الوزراء يستعرض نموذج الرخصة الذهبية التي تم إصدارها لـ 9 مشروعات.. والموافقة اليوم على 4 رخص جديدة المصدر: رئاسة مجلس الوزراء المصري
رئيس الوزراء المصري لم يكشف أسماء الشركات العشرين المطروحة في البورصة لأول مرة (رئاسة مجلس الوزراء المصري)

القاهرة- تقترب مصر من تفعيل برنامج الطروحات في عدة قطاعات اقتصادية والذي يمثل الجانب التنفيذي لوثيقة سياسة ملكية الدولة التي أُطلقت مؤخرا، لتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتهيئة المناخ الجاذب والداعم للاستثمار، ومن ثم رفع معدلات النمو الاقتصادي، وفقا للحكومة المصرية.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، كشف قبل أيام عن اعتزام حكومته طرح أكثر من 20 شركة في البورصة على مدار عام كامل، "وستطرح هذه الشركات كطرح أولي، لتوسيع قاعدة مشاركة المواطنين في ملكية هذه المؤسسات العامة، وأيضا للطرح لمستثمرين رئيسيين".

وترى الحكومة المصرية أن هذه الخطوة ضرورية وستساعد الاقتصاد المصري في التعافي من خلال إعادة هيكلة الشركات وزيادة رأس مالها ونشاطها والتوسع في خطوط إنتاج جديدة، ومن ثم إضافة فرص عمل وتوسعة عملية الإنتاج.

ولم يكشف مدبولي أسماء الشركات العشرين المطروحة لأول مرة، لكنه أشار إلى أن بعضها سيكون جاهزًا خلال فترة تصل إلى 3 أشهر، فيما سيحتاج البعض الآخر فترة تصل إلى 5 أشهر، على أن يُطرح البعض بنهاية العام، مشيرا إلى أن الطرح سيكون بنسب متفاوتة طبقا لطبيعة كل شركة ونشاطها.

الشركات المطروحة للبيع

ويبلغ حجم الفجوة التمويلية في مصر حوالي 17 مليار دولار على مدى الأشهر الـ46 المقبلة، سيسهم قرض صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليارات دولار على سدها، ما من شأنه أن يحفز تمويلا إضافيا بقيمة 14 مليار دولار من الشركاء الدوليين والإقليميين من خلال طرح حصص في أصول الدولة للبيع.

لكن مواقع اقتصادية محلية رشحت أن يشمل برنامج الطروحات شركات عاملة في مجال البترول والطاقة وصناعة الكيماويات والبتروكيماويات والأسمدة والأدوية، وأخرى في مجال التطوير العقاري والتأمينات مثل شركة مصر للتأمين، وبنوكًا حكومية مثل بنك القاهرة، وبعض الشركات المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة مثل الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) والشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي).

برنامج وطني أم شرط دولي؟

يشترط البرنامج بين مصر وصندوق النقد الدولي القيام بإصلاحات مالية واقتصادية، بهدف تعزيز مرونتها في مواجهة الصدمات الخارجية، واستعادة احتياطي العملة الأجنبية، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وإجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص دور الدولة في الاقتصاد (بما فيها القوات المسلحة)، وهو ما تكفلت به وثيقة سياسة ملكية الدولة.

إلا أن رئيس الوزراء المصري نفى أن يكون برنامج الطروحات له علاقة بشروط صندوق النقد الدولي، وأكد أن "برنامج الطروحات هو برنامج وطني بالكامل، تم إعلانه قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والخطة التي يتم إعلانها في إطار هذا البرنامج هي خطة وطنية أيضا، وضعتها الحكومة المصرية، وتم عرضها على صندوق النقد الدولي أثناء التفاوض معه كجزء من خطط وبرامج الدولة خلال الفترة المقبلة".

ضمان استرداد أموال الدائنين وصندوق النقد

خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس ربط بين مدة برنامج صندوق النقد الدولي وبرنامج الطروحات البالغ 46 شهرا، والذي ينتهي في 2026، قائلا "ببساطة برنامج بيع أصول الدولة لمستثمرين أجانب وطرحها في البورصة هو من أجل ضمان استرداد أموال الدائنين (الضامنين للبرنامج)، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، وحصيلة البيع ستنتهي مع انتهاء مدة البرنامجين".

وأضاف في حديثه لـ "الجزيرة نت"، أن "الحكومة المصرية لم تكن لتبيع أصولها لولا تدهور الأوضاع الاقتصادية، ولا تملك خيارًا آخر سوى البيع من أجل الحصول على باقي المبالغ المعلنة من قبل الصندوق لسد الفجوة التمويلية، لن يكون هناك قروض جديدة بل أصول مقابل أموال، وبالتالي فإن التمويل الإضافي من شركاء إقليميين والبالغ 14 مليار دولار إلى جانب قرض الصندوق البالغ 3 مليارات دولار هم حصيلة بيع أصول الدولة خلال تلك الفترة".

لكن السؤال الرئيسي، بحسب النحاس، هو "ماذا ستفعل الحكومة المصرية بعد بيع أصول بقيمة 40 مليار دولار في نهاية السنوات الأربع المقبلة لسداد باقي الالتزامات الجديدة والمتبقية من الالتزامات القديمة بعد بيع الأصول؟"، مشيرا إلى أن الأزمة هنا تكمن ليس في بيع الأصول فقط ولكن في الاستغناء عن إيرادات تلك الأصول.

تحصين عقود الحكومة

وكانت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" حذرتا الأسبوع الماضي، من بعض البنود في اتفاق القرض الجديد الذي أبرمه "صندوق النقد الدولي" مع مصر مثل التقشف وبيع أصول الدولة.

وذكرا، في بيان مشترك، أن "تركيز البرنامج الشديد على بيع الأصول الحكومية قد يؤدي إلى خطر الفساد الذي يصب في مصلحة البلدان ذات السجلات الحقوقية التعسفية، فثمة تاريخ طويل من استخدام عمليات البيع مثل هذه لإثراء النخبة السياسية".

وكانت المحكمة الدستورية العليا في مصر، قررت منتصف الشهر الماضي رفض دعوى عدم دستورية قانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، الذي يقصر حق الطعن في صحة عقود الدولة بالتصرف في الممتلكات العامة أمام المحاكم على طرفي العقد فقط دون غيرهما.

أين ستذهب حصيلة بيع شركات الدولة؟

تكمن المشكلة في برنامج الطروحات، بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، في "أن إيرادات بيع الأصول الاستثمارية في قطاعات الطاقة والكيماويات والأسمدة والتمويل والإسكان ستذهب لسداد فوائد الديون ومن الصعب تعويضها أو تكرارها".

وتوقع في حديث مع "الجزيرة نت"، أن تتراوح نسب بيع حصص الدولة في الأصول ما بين 5% و20% من أسهم الشركات المطروحة للبيع، لافتا إلى أن البيع سيتركز في قطاع الطاقة وشركات هذا القطاع ذات طبيعة استثمارية جاذبة، لأنها حيوية من جهة ومربحة من جهة أخرى.

فيما يرى رئيس هيئة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري فخري الفقي، أن ما يجري هو جزء من برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي للخروج من الأزمة الاقتصادية، وعودة عجلة الإنتاج إلى مسارها الطبيعي.

وأكد، في تصريحات متلفزة، أن خطة الدولة للتخارج من بعض القطاعات وفق وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي وضعتها الحكومة، سوف تتيح الفرصة للقطاع الخاص في لعب دور مهم في تنمية الاقتصاد المصري وزيادة استثمار الأجانب في المشروعات بالعديد من القطاعات الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة