نبات الجوجوبا في صحارى العراق.. ما قيمته الاقتصادية؟ وكيف يدعم القطاع الزراعي؟

نبات الجوجوبا - مواقع التواصل
نبات الجوجوبا يسهم في استصلاح المناطق الصحراوية ومنع تعرية التربة (مواقع التواصل)

بغداد- قبل 100 عام كان العراق يسمى "أرض السواد" لخضرة أرضه الكبيرة الناتجة عن زراعة العديد من المحاصيل والفواكه والخضر والحبوب وغيرها، أما اليوم فتعاني البلاد من تراجع كبير في المساحات الزراعية.

ورغم أن البلاد تعاني من الجفاف، إلا أن البساط الأخضر عاد مرة أخرى ليغطي بعض المناطق سيما في الجنوب، حيث بدأت تنتعش زراعة نبات الجوجوبا في مناطق كثيرة، فما هذه النبتة؟ وما فائدتها؟ وكيف تستثمرها الحكومة؟

نبات الجوجوبا 1 - مواقع التواصل
طول شجرة الجوجوبا يختلف بحسب نوع التربة وطريقة الري ويتراوح بين 1-4 أمتار (مواقع التواصل)

الزراعة في أرقام

اعتمد العراق خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي برامج وسياسات تنموية لقطاع الزراعة، إلا أنها لم تحقق أهدافها كاملة نتيجة الأوضاع غير الطبيعية التي مرت بها البلاد، من حروب عديدة ثم حصار دولي امتد بين عامي 1991 و2003، وهو ما انعكس سلبا على الزراعة والموارد الطبيعية، وخاصة المياه.

ونتيجة لذلك، فإن أرقاما حصل عليها مراسل الجزيرة نت من مصادر حكومية أكدت أن مساهمة القطاع الزراعي بالإنتاج المحلي الإجمالي لعام 2022 تُقدر بين 2.5% و3.5% نتيجة شح المياه وقلة الدعم الحكومي من الأسمدة والبذور، إلا أن الجهود الحكومية الآن باتت تتجه لنبات "الجوجوبا" الذي يحول الصحراء القاحلة إلى بساط أخضر.

الدكتور عادل الياسري - الجزيرة نت
عادل الياسري كشف عن البدء بزراعة 500 ألف من نبات الجوجوبا في بادية محافظة المثنى (الجزيرة)

ما الجوجوبا؟

ووفق المهندس الزراعي علي القره غولي، فإن من مميزات التربة في العراق أنها تحتضن زراعة أي نبات كان، ومن بين ذلك نبات الجوجوبا الذي يعد من ذوات الفلقتين، مضيفا "الجوجوبا له شبكة جذور قوية تتكون من جذر وتدي عميق يصل طوله لأكثر من 10 أمتار وتتفرع منه مجموعة جذور جانبية غير سطحية، كما يمتاز بأن شبكة جذوره قد يصل طولها لأكثر من 10 أضعاف طول الجزء الظاهر من النبتة فوق الأرض، وذلك بحسب نوعية التربة وقدرة الجذور على النفاذ فيها".

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح القره غولي أن نبتة الجوجوبا تعتبر وحيدة جنسها، وتتميز بعدة سيقان تكوّن في مجموعها شجيرة دائرية الشكل يتراوح ارتفاعها من متر إلى 4 أمتار، وذلك باختلاف معدل سقوط الأمطار أو ماء الري، في حين تشبه أوراقها إلى حد بعيد أوراق شجرة الزيتون إلا أنها سميكة وملمسها يشبه ملمس الجلد.

أما عن أزهار النبات، فإنها عديمة الرائحة ولها ألوان غير جاذبة للحشرات، بحسب القره غولي الذي أوضح أنه ونتيجة لذلك، فإن عملية التلقيح تتم بواسطة الرياح، حيث تساعد خفة وزن حبوب اللقاح وشكلها القرصي على انتقالها عن طريق الريح لمسافات قد تزيد على ألف متر.

أما ثمار الجوجوبا فهي من نوع "العلبة" وتحمل على جانبيها الأفرع الحديثة، وقد تكون فردية وفي أحيان أخرى زوجية أو في عناقيد يتراوح عدد ثمارها من ثمرتين إلى 10 ثمرات وفقا لعوامل عديدة تتحكم بذلك، بحسب القره غولي.

نبات الجوجوبا في محافظة المثنى - الجزيرة نت
هيئة استثمار المثنى تطمح لزراعة مليون دونم من نبات الجوجوبا (الجزيرة)

الفوائد والاستثمار

يعد نبات الجوبوبا نوعا من المكسرات ويستخدم زيته المستخلص في مستحضرات سوائل الغسول والصابون والاستعمالات والمراهم الطبية، وفقا لما قال للجزيرة عميد كلية علوم الهندسة الزراعية بجامعة بغداد الدكتور كاظم ديلي حسن.

وعن فوائد هذا النبات، يضيف الدكتور حسن أن الزيت يشكل 50% من محتوى بذرة الجوجوبا، حيث يصنف من الزيوت الشمعية الآمنة الحابسة للرطوبة، والتي تمنع الجفاف، وتساهم بصناعة مستحضرات العناية بالبشرة والجسم والتجميل.

وأضاف الأكاديمي الزراعي أن "الزيت الشمعي للجوجوبا يستعمل أيضا في طلاء الأثاث والأرضيات وصناعة الشموع عالية الجودة بطيئة الاحتراق، كما يستخدم في الوقود الحيوي".

وتعد محافظة المثنى (جنوبا) الأولى على مستوى البلاد التي بدأت بشكل فعلي باستثمار نبات الجوجوبا من خلال استغلال المناطق الصحراوية المنتشرة فيها.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول مدير عام هيئة استثمار محافظة المثنى عادل الياسري "إن الهيئة اتجهت لاستغلال بادية المثنى من خلال الاستثمار الزراعي، حيث تم البدء فعليًا بزراعة 500 ألف من نبات الجوجوبا".

وكشف الياسري عن خطة هيئة الاستثمار للوصول لزراعة مليون دونم من هذه النبتة خلال العام الحالي، إضافة إلى مطالبة أصحاب المشاريع الإستراتيجية المستثمرة بالمحافظة بتخصيص 10% من مساحة المشروع لزراعة نباتات الجوجوبا أو أشجار النخيل، بحسبه.

وأكد أن خطة هيئة استثمار المثنى تقضي بتحويل بادية المحافظة الجنوبية إلى سلة غذائية واقتصادية متكاملة للعديد من المحاصيل الإستراتيجية والغذائية التي تسهم بشكل فاعل في تنمية الواقع الاقتصادي للمحافظة خصوصا والعراق عمومًا، بحسب تعبيره.

الدكتور كاظم ديلي حسن - الجزيرة نت
كاظم حسين عدد فوائد زيت الجوجوبا في إنتاج مستحضرات التجميل والاستعمالات والمراهم الطبية (الجزيرة)

ضعف الثقافة الزراعية

وعلى الرغم من الآمال الكبيرة، إلا أن الخبير الزراعي تحسين الموسوي يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن ثقافة زراعة نباتات الجوجوبا بالعراق ضعيفة، وكذلك الرسائل الإرشادية من خلال البحوث والمؤسسات ذات العلاقة.

وأوضح الموسوي أن الذهاب نحو زراعة الجوجوبا سيساهم باستصلاح المناطق الصحراوية وتثبيت التربة ومنع تعريتها، معللا ذلك بالقول "عُمر النبتة الواحدة قد يصل إلى 200 عام وربما أكثر، إذ يتحمل هذا النبات العطش والملوحة ودرجات الحرارة التي تصل لأكثر من 45 مئوية، فضلا عن إمكانية زراعة الجوجوبا في جميع أنواع التربة، حتى في الصخرية منها".

ويقول الخبير الزراعي إن زراعة الجوجوبا بحاجة لمشروع وطني تتبناه مؤسسات الدولة، مع دعم حكومي للاستفادة من تجربة مصر التي نجحت في استثمار الجوجوبا لتنشيط اقتصادها الأخضر، بحسبه.

المصدر : الجزيرة