في رمضان.. ارتفاع أسعار الغذاء يحدث أزمة اقتصادية في العالم العربي

سوق الخضر والفواكه بالعاصمة الرباط
الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية (الجزيرة)

أصبح شهر رمضان الفضيل بالنسبة للكثيرين هذا العام بمثابة مواجهة مع الواقع الاقتصادي المؤلم، فقد ارتفعت تكاليف الأغذية عالميا بأكثر من 50% من منتصف عام 2020 إلى رقم قياسي، وتحاول الأسر في جميع أنحاء العالم التعامل مع الضغوط الواقعة على ميزانياتها.

وفي مقال نشره موقع "بلومبيرغ" (Bloomberg) للكاتبين طارق الطبلاوي وسهيل كرم، أشار إلى أن الحكومات في مصر والمغرب وتونس، التي تضم أعدادا كبيرة من السكان في المناطق الحضرية وتفتقر إلى الثروة النفطية، تكافح للحفاظ على دعم الغذاء والوقود من أجل كبح جماح السخط الشعبي.

وفي شمالي أفريقيا، أصبح التحدي أكثر حدة بسبب ميراث من سوء الإدارة الاقتصادية والجفاف والاضطرابات الاجتماعية التي تجبر الحكومات على السير على حبل سياسي مشدود في وقت محفوف بالمخاطر.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن مستوردي الغذاء والطاقة الصافيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضون بشكل خاص للصدمات التي تتعرض لها أسواق السلع الأساسية وسلاسل التوريد الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا.

مصر

بحسب مقال بلومبيرغ، فقد حذر برنامج الأغذية العالمي من أن قدرة الناس على الصمود وصلت إلى "نقطة الانهيار"، في حين تحركت الإمارات لمساعدة حليفتها مصر -أكبر مشتر للقمح في العالم- على تعزيز أمنها الغذائي ودرء عدم الاستقرار المحتمل، وتسعى القاهرة أيضا للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي.

وحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المضي قدما في الإصلاحات لإنعاش الاقتصاد منذ وصوله إلى السلطة في عام 2014 دون تأجيج الإحباط الشعبي.

وقبل أسابيع مضت، سارع المسؤولون المصريون إلى التباهي بحقيقة أن اقتصاد أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان قد نجا من تداعيات الوباء وسجل نموا قويا، وكان التضخم أيضا تحت السيطرة.

لكن ذلك تغيّر بعد الحرب الروسية على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، فقد سحب المستثمرون مليارات الدولارات من سوق الديون في البلاد وانخفضت العملة بنسبة 15%، وحظرت مصر صادرات المواد الغذائية الرئيسية بما في ذلك الدقيق والعدس والقمح.

وبحلول أوائل مارس/آذار الماضي، أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار دقيق القمح بنسبة 19% والزيوت النباتية بنسبة 10%، حسبما ذكرت الحكومة المصرية، في بلد يبلغ فيه متوسط دخل الأسرة حوالي 5 آلاف جنيه (نحو 272 دولارا) شهريا، يتم إنفاق حوالي 31% منه على القوت، وفقا لوكالة الإحصاء التي تديرها الدولة، يضيف موقع بلومبيرغ.

تونس

يعتقد مقال بلومبيرغ أن الوضع أسوأ في تونس، تلك الدولة التي أشعلت شرارة ثورات الربيع العربي، والتي كانت غارقة في الاضطرابات السياسية منذ ذلك الحين.

ويقول الكاتبان إن الضربة التي تلقاها الاقتصاد التونسي نتيجة للصراع الداخلي بين المسؤولين، تتضخم آثارها الآن بفضل كوفيد-19 وحرب روسيا على أوكرانيا.

وقد حذر البنك المركزي من أنه يجب اتخاذ تدابير قوية لإصلاح الاقتصاد، لكن مثل هذه الجهود تمت عرقلتها مرارا وتكرارا من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل ذي النفوذ القوي، في وقت تتجه فيه تونس أيضا إلى صندوق النقد الدولي وسط تحذيرات من خطر التخلف عن سداد ديونها.

وبالكاد -يقول الكاتبان- أحدثت المساعدة الحكومية لتعويض الانخفاض في الأعمال التجارية أثرا كبيرا، وبالكاد تستطيع تغطية فواتير الخدمات.

المغرب

أما في المغرب -يضيف مقال بلومبيرغ- فمن المتوقع أن ينخفض النمو إلى 0.7% هذا العام، أي حوالي عُشر مستواه في عام 2021، ويتوقع البنك المركزي أن يبلغ التضخم 4.7%، وهو معدل متواضع نسبيا مقارنة حتى بأجزاء من أوروبا، على الرغم من أنه لا يزال الأعلى منذ الأزمة المالية لعام 2008.

وقال محافظ البنك المركزي في المغرب عبد اللطيف الجواهري إن إدارة "الصدمة الخارجية" للحرب قد تجبر المغرب على البحث عن خط سيولة احترازي من صندوق النقد الدولي. وأضاف أن المغرب يواجه "وضعا غير مسبوق".

إن الحرب في أوكرانيا تهدد بتأجيج الغضب الشعبي بشأن الأسعار وإيصال احتياجات الدولة التمويلية إلى مستويات تاريخية مرتفعة.

المصدر : بلومبيرغ