اليمن.. ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية تعكر صفو الطقوس الرمضانية

تفيد إحصاءات برنامج الغذاء أن نصف سكان اليمن يعانون من الجوع الحاد.

تشهد الأسواق اليمنية ارتفاعا في المواد الغذائية (الجزيرة)

ازدادت الأزمة الاقتصادية في اليمن توحشا مع الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية وشح المشتقات النفطية التي تضاعف سعرها إلى ما يقارب 300%، مما زاد من معاناة اليمنيين قبل قدوم شهر رمضان المبارك.

وتشهد الأسواق اليمنية ارتفاعا في المواد الغذائية، حيث ارتفع سعر كيس القمح من 17 ألف ريال يمني (قرابة 30 دولارا) إلى 24 ألف ريال (40 دولارا)، كما زادت أسعار زيوت الطبخ بنسبة 50%، فيما ارتفعت أسعار بعض البقوليات مثل الفاصوليا إلى قرابة 100%، وهذا الارتفاع النسبي شمل كافة المواد الغذائية.

وتشهد العاصمة صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي شحا للمشتقات النفطية، ومادة الغاز المنزلي، وارتفعت قيمة الـ20 لترا من البترول من 9 آلاف ريال إلى 30 ألفا في السوق السوداء، بنسبة تتجاوز 300%.

وحين تتجول في أسواق صنعاء تجد عملية البيع والشراء تمضي ببطء على غير العادة، وهو ما أرجعه تجار إلى ضعف القوة الشرائية للناس.

في المقابل، يلاحظ انتشار السوق السوداء في أرصفة الشوارع لبيع المشتقات النفطية، عبر أسطوانات وعلب بلاستيكية صغيرة تناسب قدرة الناس الشرائية بسبب ارتفاع سعرها، حيث قاربت قيمة اللتر الواحد من البترول 1500 ريال.

وساهمت أزمة المشتقات النفطية في ارتفاع تعريفة الكهرباء، حيث زادت قيمة وحدة الوات الكهربائية من 320 ريالا إلى 560 ريالا، فيما ارتفعت قيمة خزانات المياه من 9 آلاف ريال إلى 15 ألف ريال.

كما دفع انعدام مادة الغاز المنزلي من الأسواق السكان المحليين إلى استخدام الحطب في عملية إيقاد تنور المطابخ بالطريقة التقليدية.

المشتقات والجمارك أشعلت الأسواق

ويقول تجار التقتهم الجزيرة نت إن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية انعكس سلبا على أسعار المواد الغذائية بسبب ارتفاع أجور النقل.

ووفق عمر الوصابي -وهو تاجر جملة- فإن أجور نقل البضائع ازدادت بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وانقطاع الطرقات الرئيسية، ما يجعل شاحنات نقل البضائع تمر في طرق وعرة خطيرة وبعيدة.

ويتحدث الوصابي للجزيرة نت عن الإتاوات التي تأخذها النقاط العسكرية، إضافة إلى اضطرار التجار لدفع رسوم الجمارك للبضائع المستوردة مرتين لدى سلطة الحكومة الشرعية، وسلطة الحوثيين، الأمر الذي يزيد من قيمة المواد الغذائية والاستهلاكية.

وتأتي هذه الأزمة الاقتصادية في ظل تفشي رقعة الفقر، ووقوف قرابة 5 ملايين شخص على شفا المجاعة، وفي ظل تزايد حدة الصراع والانھیار الاقتصادي وانعدام الأمن الغذائي، وتوسع سوء التغذية وفق برنامج الغذاء العالمي.

العاصمة صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي تشهد شحا في المشتقات النفطية (الجزيرة)

نصف السكان يعانون من الجوع

تفيد إحصاءات برنامج الغذاء العالمي أن نصف سكان اليمن (16.2 مليون شخص) يعانون من الجوع الحاد، ونصف الأطفال دون سن الخامسة (2.3 مليون) معرضون لخطر سوء التغذية.

وأمام هذا الوضع البائس يكافح المواطن سعد العفري من خلال عمله الحر في أعمال البناء، من أجل توفير مستلزمات حياة أسرته المكونة من 8 أشخاص.

يقول سعد للجزيرة نت إنه لا مجال أمامه إلا البحث عن فرص العمل الشحيحة لتوفير الشيء اليسير ولو بالأجر القليل من متطلبات الحياة، خصوصا احتياجات شهر رمضان.

ويشكو سعد من تعكير هذه الأزمة المضافة إلى مأسي الحرب والوضع الإنساني لاستقبال الأسر لشهر رمضان المبارك في ظل الضائقة المالية التي ترهق غالبية اليمنيين.

ويشيد سعد بروح التكافل المجتمعية في شهر رمضان التي تسهم في التقليل من وطأة الظروف القاسية، مراهنا على قدرتها في المساهمة في حفظ الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي خلال الشهر الفضيل.

ويرجع حسن المراني هذه الأزمة إلى آثار الحرب والحصار المفروض على اليمن، مشيرا إلى أن كثير من اليمنيين سيضطرون للتخلي عن بعض الأصناف التي تتميز بها المائدة الرمضانية.

ووفق المراني فإن الارتفاع الكبير في الأسعار شمل الخضروات والفواكه التي تأثرت بارتفاع أسعار المشتقات النفطية سواء بسبب ارتفاع قيمة النقل، أو عملية الري التي تحتاج لمادة الديزل.

يلاحظ انتشار السوق السوداء في أرصفة الشوارع لبيع المشتقات النفطية (الجزيرة)

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية

في السياق ذاته يربط مختصون بين ارتفاع أسعار القمح وزيوت الطبخ والحرب الروسية على أوكرانيا، بسبب استيراد اليمن ما يزيد على 30% من هاتين السلعتين من روسيا وأوكرانيا.

ورغم امتلاك اليمن مخزونا احتياطيا لـ4 أشهر من مادة القمح على الأقل حسب تقديرات حكومية، إلا أن التجار بدؤوا برفع أسعار القمح بذريعة نشوب الحرب.

ويتوقع تقرير حديث لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وزع على وسائل الإعلام نشوب أزمة مستقبلية بسبب شحة المعروض العالمي من القمح، ما سيؤدي الى ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية.

ووفق التقرير، فإن الاحتياج الفعلي لليمن من مادة القمح والدقيق يقدر بـ3.8 ملايين طن سنويا يتم استيراد 95% منه من خارج اليمن، حيث تستورد اليمن ما نسبته 34% تقريبا من احتياجها من القمح من روسيا وأوكرانيا.

مبادرات للتخفيف

أمام هذا الوضع الاقتصادي الهش الذي يهدد المواطنين واستقرار حياتهم في شهر الله الفضيل، بدأت بعض المبادرات المجتمعية من مغتربين وتجار وميسورين من أجل توفير سلال غذائية ومعونات مالية لمساندة الأسر المحتاجة ومواجهة موجة الغلاء المرتفعة، وتخصصت بعضها في توفير خزانات الماء للأسر المحتاجة في الأحياء.

ويقاوم اليمنيون من أجل التمسك بالطقوس الروحانية لهذا الشهر الكريم رغم تعكير الأزمة الاقتصادية حياتهم، متسلحين بروح التكافل الاجتماعي ومعاني الصبر الذي يجسدها الصوم في هذا الشهر الفضيل.

المصدر : الجزيرة