نماذج الأعمال والاستثمار بعد كورونا.. أفكار تجارية جديدة وحلول رقمية لخدمة العملاء

الدوحة- تسببت جائحة كورونا في تغيير وتيرة الحياة اليومية والعادات والسلوكيات الاجتماعية حول العالم، لكنها حملت في ثناياها فوائد، وأسهمت في خلق إيجابيات وسلوكيات جديدة لم تكن لتطرأ لولا ظهور هذا الفيروس، وقد ظهر ذلك جليا في التحولات الجذرية لقطاعات مثل التكنولوجيا وتجارة التجزئة، فضلا عن تسريع الابتكار بوتيرة قياسية في العديد من الصناعات، وتبني الشركات حلولا رقمية إبداعية من أجل التواصل مع بعضها بعضا وخدمة عملائها والبقاء مربحة.

ورغم قتامة الوضع بسبب تداعيات الجائحة، فإن هذه الأزمة الإنسانية أبرزت جوانب إيجابية متعددة، وأسهمت في خلق بدائل ناجحة في مختلف القطاعات، وهو ما استكشفته جلسة بعنوان "إعادة تصور نماذج الأعمال في عصر ما بعد الجائحة" على هامش أعمال النسخة الـ20 من منتدى الدوحة، الذي يعقد هذا العام تحت شعار "التحول إلى عصر جديد".

ومع عودة بعض القطاعات تدريجيا إلى النماذج الشخصية، ناقشت الجلسة أبرز التغييرات الهيكلية في مختلف القطاعات، وكيفية تكيف الشركات في أجزاء مختلفة من العالم مع التبني السريع للرقمنة، فضلا عن التطرق إلى الآثار المترتبة على اتجاهات الاستثمار المستقبلية على الصعيد العالمي.

الاستثمار الناجح

واعتبر مدير مكتب جهاز قطر للاستثمار في أميركا محمد السويدي أن الجائحة أثرت على اقتصادات العالم، ومن ثم على الاستثمارات المختلفة، وهو الأمر الذي بات في حاجة ملحة إلى نماذج بمعايير خاصة بالأمن والمصداقية لجذب رأس المال والمستثمرين.

وأوضح السويدي أن هيئة قطر للاستثمار تحرص في عملها على أن تكون ذات مصداقية وقادرة على التنبؤ بمسارات رأس المال، فضلا عن أنها تنتقي الكيانات أو الأشخاص الذين تعمل معهم بوصفهم شركاء أو مستثمرين، وهو الأمر الذي منحها القوة والوصول إلى مستوى عال من القدرة على التغير بعد الجائحة عبر العمل من قبل الكثير من رواد الأعمال المميزين.

والشراكة في رأس المال موجودة، ولابد أن يكون هناك رواد أعمال حول العالم، خاصة وأن هناك نماذج عمل تتغير مع مرور الزمن، وهذا الدور هو الذي تقوم به هيئة قطر للاستثمار بوصفها صندوقا سياديا، إذ تركز على الاستثمار طويل المدى، وتتابع نماذج العمل مع تطوراتها، وفقا السويدي.

وشدد السويدي على أن الهيئة تعمل على تمكين نماذج الشركات وتحفيزها وتطوير خبراتها الداخلية، فضلا عن دعم المساهمين، وتقدم النصح والمشورة لهم، بالإضافة إلى الاستثمار في بعض المجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم.

ورأى أن نموذج الاستثمار الناجح في إطلاق الأعمال يجب أن يقوم على الشغف بالفكرة، والثقة في مسارات تطبيقها، وعدم التأثر بالتعثر، ومحاولة ضم شركاء يقتنعون بالقدرة على إنجاز الفكرة وتحمل العواقب، بالإضافة إلى تطبيق النظام المناسب.

أما المدير التنفيذي لشركة "ربل فودز" الهندية جايدب بارمان فرأى أن نموذج أعمال تجارة المطاعم لم يتغير منذ أكثر من 500 عام، إذ استمر العمل بالطريقة نفسها، وهو الحصول على مواقع مهمة في الأماكن المزدحمة أو الأماكن الجميلة، ولكن هذا النموذج تغيّر تماما في الـ20 عاما الأخيرة، موضحا أن التغير الرئيسي حدث بعد الجائحة.

وقال بارمان للجزيرة نت إنه خلال الجائحة حدث تغير كبير في نموذج أعمال تجارة المطاعم، إذ بدأ الكثيرون يعملون عبر الإنترنت مستخدمين وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تتميز برخصها وسرعتها، وهو ما جعلنا كشركة نطلق نماذج جديدة على أرض الواقع.

وخلال الجائحة وصلت نسبة التسوق العالمي عبر الإنترنت إلى 85%، مقابل 15% يذهبون إلى مواقع التسوق، وهو ما قامت الشركة بالبناء عليه خلال نماذج أعمالها المختلفة.

ورأى بارمان أن نموذج أعمال تجارة المطاعم عبر الإنترنت ما بعد الجائحة سيحظى بنسبة أكبر من السابق، إذ قد تصل إلى 20%، وذلك في ظل العودة من جديد للذهاب إلى المطاعم بعد تلاشي تداعيات الجائحة.

بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لشركة "إيرتيل أفريكا" (Airtel Africa) سيغون أوغونسانيا أن جائحة كورونا عززت التكنولوجيا الرقمية في قارة أفريقيا، حيث حرصت الشركة على خلق نوع جديد من الصناعات في مجال التكنولوجيا، وخاصة في دول نيجيريا وكينبا وأوعندا.

وأوضح أن هذه الصناعات أثرت على قطاعات مختلفة مثل الغذاء وغيرها من القطاعات الأخرى، والتي تسمح بتعزيز الروابط بين المستثمرين والمستهلكين في مختلف الصناعات، إذ تم وضع أساس لبناء هذه الآلية.

وقال أوغونسانيا إنه شركته "عملت على مساعدة الأشخاص في الخروج من الفقر وتعليم الأطفال والنساء، والرعاية الطبية، وكان هدفها ليس الحصول على الأموال، ولكن تخفيف حدة الفقر وتقديم العمل الاجتماعي للمحتاجين وخدمة شريحة كبيرة من المجتمع وخلق نموذج متقدم يتمتع بالرفاهية".

أفكار تجارية جديدة

ورأت المشاركة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة رواد الأعمال هاند جيلينجير أنه بعد الجائحة ظهرت الكثير من نمادج الأعمال والأفكار التجارية الجديدة لرواد الأعمال المرتبطة باستخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي.

وقالت جيلينجير للجزيرة نت إنه بعد الجائحة وخلالها ظهرت 3 مشاهد روّج لها رواد الأعمال، وهي العلامات التجارية بالطريقة التي تؤثر في العملاء، والعمل عن بعد، فضلا عن أهمية هذا الأمر في الحياة.

خلال جائحة كورونا وصلت نسبة التسوق العالمي عبر الإنترنت إلى 85% مقابل 15% يذهبون إلى مواقع التسوق

ووفق لجيلينجير فقد زاد استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي بنسبة 58% بعد الجائحة، خاصة في ظل اختيار أكثر من 60 أو 70 من الخوارزميات المرتبطة برغبة المستهلكين وسلوكياتهم في التصرف في الشراء والأسعار التي تناسبهم ورغباتهم.

واعتبرت أن نماذج الأعمال بعد الجائحة ستتجه أكثر إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي القادرين على تعزيز الاتصالات الآمنة وتزويد العملاء بمنصات وبرامج واتصالات خالية من المخاطر، خاصة وأن البيانات المطلوبة من العملاء غير شخصية وإنما تفاعلية.

كما أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "بيجولز" بيجو رافيندران أن تجربته تقوم على تقديم نموذج أعمال حول التعليم بعد الجائحة، إذ رأى أن الجائحة لو حدثت قبل عشرات السنين لانقطع العالم عن التعليم، إلا أن الأمور تغيّرت اليوم وتحرك الجميع إلى التعليم عن بعد.

وشدد على أن النموذج الخاص بشركته بدأ في التطوير ومواكبة التغيير في السنوات الأخيرة، إذ عمل على زرع عزيمة التعلم لدى الطلاب، وصنع 5 آلاف فيديو لجعل العملية التعليمية تفاعلية مع الطلبة عن طريق الأفلام والألعاب بدلا من الكتب.