تراجع الأرباح رغم زيادة الأصول وصافي إيرادات النشاط.. خبراء يفسرون أداء البنوك المصرية

حرصت البنوك العامة على نشر قوائمها المالية السنوية على صفحتين بالصحف اليومية، مما يعطي انطباعا لدى القارئ بتحقيق "أداء متميز" لتلك البنوك رغم أن الواقع "عكس ذلك تماما"

البنك الأهلي المصري
البنك الأهلي صاحب أكبر نسبة تراجع في الأرباح نظرا لأنه أكبر البنوك في مصر (الجزيرة)

القاهرة ـ كشفت بيانات قطاع الرقابة والإشراف في البنك المركزي المصري عن تراجع أرباح البنوك الكبرى بالبلاد للعام الثاني على التوالي بنسب تراجع بلغت 18.7%.

وأشارت البيانات إلى تحقيق البنوك العاملة في مصر نحو 29.991 مليار جنيه (الدولار نحو 15.70 جنيها) صافي أرباح خلال الربع الأول من العام الجاري، مقابل 36.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من 2020.

ويأتي ذلك التراجع رغم ارتفاع صافي إيرادات نشاط البنوك بنسبة 6% خلال الربع الأول من العام الجاري، ليصل إلى 117.296 مليار جنيه مقابل 110.7 مليارات خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

كذلك قفزت أصول القطاع المصرفي المصري بخلاف البنك المركزي نهاية مارس/آذار 2021 إلى 7.554 تريليونات جنيه مقابل 7.022 تريليونات في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، بارتفاع 7.5%.

أيضا، سجل صافي الدخل من العائد للبنوك المصرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري نحو 94.4 مليار جنيه مقابل 90.5 مليارا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2020، بارتفاع نسبته 4.3%.

 ضجة مصرفية

وتعمل في مصر 38 بنكا، أكبرها بنكا الأهلي ومصر الحكوميان، إضافة إلى بنكين بتشريعات خاصة، ليصل إجمالي البنوك العاملة 40 بنكا.

ولفت الكاتب والمحلل الاقتصادي ممدوح الولي إلى أن التغطية على ذلك التراجع جرت وسط "ضجة إعلانية مصرفية" في وسائل الإعلام، موضحا حرص البنوك العامة على نشر قوائمها المالية السنوية على صفحتين بالصحف اليومية، مما يعطي انطباعا لدى القارئ بتحقيق "أداء متميز" لتلك البنوك رغم أن الواقع "عكس ذلك تماما"، برأيه.

وأشار الولي -وهو رئيس مؤسسة الأهرام الصحفية ونقيب الصحفيين سابقا- إلى قيام البنك الأهلي المصري (أكبر البنوك المصرية من حيث الأصول) بنشر قوائمه المالية للنصف الثاني من عام 2020 على صفحتين في صحف يومية، مشيرا إلى معدلات النمو التي حققها في أكثر من قطاع، لكنه لم يذكر أن أرباحه قد تراجعت بنسبة 48.5% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

والأمر نفسه تكرر حين نشر البنك الأهلي مسبقا قوائمه المالية للعام المالي 2020/2019 على صفحتين مدعمة بالرسوم البيانية، لكنه لم يشر إلى أن أرباحه قد تراجعت بنسبة 35% مقارنة بالعام المالي السابق.

وكرر بنك مصر (ثاني أكبر البنوك) الأمر بالتوسع بالنشر الإعلاني لقوائمه المالية للنصف الثاني من عام 2020، لكنه لم يذكر أن أرباحه قد تراجعت بنسبة 43% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

انخفاض الفائدة وتصاعد كورونا

وأرجع الولي السبب الرئيسي لتراجع الأرباح إلى قيام البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة بنسبة 4% خلال العام 2020.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن معظم توظيفات أموال البنوك تأثرت بذلك الانخفاض، ففي نهاية عام 2019 كانت نسبة 33.5% من أصول البنوك قد تم توظيفها في اقتناء أذون وسندات الخزانة للحكومة المصرية.

وبحسب الولي، فقد مضت مسيرة الانخفاض كالتالي:

أولا: انخفضت فائدة الأذون لمدة 3 و6 أشهر من 15% بنهاية عام 2019 إلى أقل من 13% بنهاية عام 2020، وكانت نسبة 32% من أصول البنوك بنهاية 2019 قد تم توظيفها بالقروض.

وانخفض متوسط الفائدة على القروض من 14.4% آخر عام 2019 إلى 9.7% بنهاية عام 2020، فيما كانت نسبة 19.5% من أصول البنوك موجودة كأرصدة لدى البنوك الأخرى بمصر، وتأثرت عوائد تلك الأرصدة بانخفاض سعر الفائدة.

وكانت نسبة 4.8% من أصول البنوك بنهاية 2019 مودعة لدى بنوك بالخارج، والمعروف أن نسبة الفائدة على اليورو 0%، وعلى الدولار تقترب من الصفر.

وهكذا تأثرت نحو 90% من أصول البنوك بانخفاض سعر الفائدة كما شرح الولي، إلى جانب عوامل أخرى، منها زيادة البنوك للمخصصات لمواجهة حالات التعثر للشركات الناجمة عن تداعيات كورونا عليها، وتراجع القدرة الشرائية لدى الجمهور، مما قلل قروض التجزئة المصرفية واستمرار حالة الكساد بالأسواق.

بدوره، عزا الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب تراجع أرباح البنوك العاملة في مصر إلى ظروف عالمية ضربت الاقتصاد العالمي لم تستثن القطاع المصرفي المصري، إذ تسبب كورونا في مرور العالم بفترة صعبة على كافة المستويات.

وساهم ذلك -برأيه- في تفضيل المودعين الاستثمار في الذهب والعملات الرقمية وغيرهما، وهو اتجاه عالمي.

ورأى عبد المطلب أنه من الصعب توقع متى تستعيد المؤسسات المصرفية تعافيها ضمن قطاعات الصناعة والزراعة.

المصدر : الجزيرة