في ظل تعثر إقرار قانون الدين العام في الكويت.. ما بدائل الحكومة؟

مجلس الأمة الكويتي
اللجنة المالية البرلمانية رفضت قبل أيام مشروع إقرار قانون الدين العام (الجزيرة)

في أكتوبر/تشرين الأول 2017 انتهت صلاحية قانون الدين العام في الكويت، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف الشد والجذب بين مجلس الأمة والحكومة التي أكدت مرارا وتكرارا ضرورة إقرار قانون جديد يتيح لها الاقتراض عبر اللجوء إلى إصدار سندات دولية.

وفي وقت تعاني الكويت على غرار جاراتها النفطية في الخليج من تداعيات انخفاض أسعار "الذهب الأسود" منذ أكثر من ست سنوات، مما أدى إلى تسجيلها عجزا ماليا ضخما تجاوز 125 مليار دولار، جاءت جائحة كورونا لتزيد مصاعب الاقتصاد المحلي أكثر لاسيما بعد تعهد الحكومة بدعم القطاعات الاقتصادية المتضررة.

رفض نيابي

وبينما الأوساط الحكومية والمالية تشدد على أهمية إقرار قانون الدين العام من أجل تخفيف الضغط عن صندوق الاحتياطي العام الذي تقترب أمواله من النفاد، رفضت اللجنة المالية البرلمانية قبل أيام مشروع هذا القانون.

وقالت رئيسة اللجنة النائب صفاء الهاشم إن رفض القانون، الذي تقدمت به الحكومة من أجل السماح لها باقتراض مبلغ 20 مليار دينار (65 مليار دولار) على مدى 30 عاما، جاء لأسباب عدة أهمها عدم وجود خطة إصلاح حكومية واضحة لتنويع إيرادات الدولة.

وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور سعود الثاقب عضو هيئة التدريس في قسم التمويل بجامعة الكويت أن "قانون الدين العام شر لا بد منه، إذ إن الحكومة ومجلس الأمة أمام مسؤولية تاريخية لمعالجة الأزمة الراهنة، ولكن في المقابل يجب ألا يمر قانون الدين من دون ضوابط وشروط تحكم الإنفاق وتعالج أوجه الهدر والفساد".

وأكد الثاقب -في تصريح خاص للجزيرة نت- أن مسؤولية المجلس الحالية ليست رفض القانون وإنما العمل مع الحكومة على وضع لائحة إصلاحات حقيقية على هيكل الميزانية، وبالتالي فإن المسؤولية مشتركة على الجانبين للحفاظ على وضع الدولة المالي.

ومن أبرز هذه الإجراءات -بحسب ما يرى الثاقب- إصلاح مشكلة سوق العمل، وتنويع الميزانية والاقتصاد، ووقف الهدر والفساد، بالإضافة إلى البحث عن هوية اقتصادية جديدة والعمل على تطبيقها.

A general view of Kuwait City
الإصلاحات المالية يجب أن تكون مرتبطة بالهوية الاقتصادية بعيدة المدى بالتوازي مع دعم المؤسسات الفكرية (رويترز)

سياسة شاملة

قال الثاقب إن الإصلاحات المالية يجب أن تكون مرتبطة بهوية الدولة الاقتصادية بعيدة المدى، بالتوازي مع دعم المؤسسات الفكرية والبحثية التي تركز على السياسات الاجتماعية، والإستراتيجيات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والتكنولوجية، والثقافية، وغيرها.

كما شدد على ضرورة الاهتمام بالإصلاحات الهيكلية للسياسة المالية والاقتصادية، وعدم الاعتماد فقط على الحلول قصيرة المدى كاللجوء إلى إصدار السندات وزيادة الديون، ولفت إلى أن أكثر من 80% من الميزانية غير مرنة أي أنها تنفق على الدعم والرواتب في ظل الاعتماد الكلي على النفط كمصدر وحيد للدخل.

واعتبر الثاقب أن الدولة تقف اليوم أمام منعطف تاريخي يمثل جرس إنذار أخير لمراجعة السياسات الاقتصادية القائمة، إذ ينبغي العودة للأساسيات وصياغة هوية اقتصادية جديدة وليس القيام بإصلاحات ثانوية على غرار فرض الضرائب أو تغيير طريقة تقديم الدعم، وإنما مراجعة وتصميم إستراتيجيات جديدة للاستثمارات الحكومية، وسياسات الإنفاق، والأراضي، وأملاك الدولة، والعمالة، والتعليم، ورأس المال البشري، وغيرها.

أسباب مقنعة

من ناحيته، أبدى المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان اقتناعه بأسباب رفض اللجنة المالية البرلمانية مشروع قانون الدين العام، لافتا إلى أن سياسة ترك الصرف والاستدانة بدون سقف وبدون شروط، بالتزامن مع عدم استغلال إنفاق الأموال بالشكل المطلوب، أمر غير صحي.

وأوضح رمضان -في تصريح خاص للجزيرة نت- أن قانون الدين قد يمر ولكن بعد معالجة بعض الأخطاء الواردة فيه، ومنها فوائد الدين العام التي لا يتم احتسابها من ضمن الميزانية العامة بل تسديدها مباشرة من الاحتياطي العام الذي يعاني أساسا، مشيرا إلى أن فوائد الدين العام خلال العام المالي 2014/2015 أي خلال سنوات تحقيق الفوائض كانت حوالي 20 مليون دينار (65 مليون دولار) في حين قفز هذا الرقم خلال السنة المالية الماضية إلى 200 مليون دينار (650 مليون دولار).

بنك الكويت المركزي: في حال عدم تقديم "البدون" لبطاقة سارية تغلق حساباتهم ويستلمون أموالهم إذا طلبوها
من الحلول المتاحة إثر تعثر قانون الدين العام إمكانية إعادة طرحه بصيغة مختلفة تضمن حماية الأموال وعدم الإفراط بالإنفاق (الجزيرة)

 

الحلول المتاحة

قال رمضان إن هناك العديد من الحلول المتاحة أمام الحكومة في حال وصول المفاوضات مع مجلس الأمة إلى طريق مسدود، وتعثر إقرار قانون الدين العام، ومنها على سبيل المثال مبادلة الأصول أي أن يقوم صندوق الاحتياطي العام ببيع أصوله إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، على أن يقوم الثاني بتزويد الأول "بالكاش" وهو ما لا يحتاج إلى قانون وسبق أن تم اللجوء إلى هذا الخيار عام 2008.

ومن ضمن الحلول المتاحة أيضا إمكانية إعادة طرح القانون بصيغة مختلفة تضمن حماية الأموال وعدم الإفراط بالإنفاق، وقد تتضمن كذلك قصر عمليات الاقتراض على السوق المحلي أي بالدينار، وليس اللجوء إلى الأسواق العالمية والعملات الأجنبية، وهو ما من شأنه تقليل المخاطر.

المصدر : الجزيرة