الهنود والمصريون الأكثر تأثرا.. قانون مرتقب لتعديل التركيبة السكانية في الكويت

الهنود والمصريون الأكثر تأثرا.. قانون مرتقب لتعديل التركيبة السكانية في الكويت
عمال بإحدى مناطق البناء في الكويت (الأوروبية)

يعمل الهندي منير حسين بإحدى الشركات المختصة في تقديم الخدمات اللوجستية في الكويت. ويعيش على قدر يسير من راتبه الذي لا يتعدى 75 دينارا (نحو 250 دولارا)، ويذهب ما يتبقى منه إلى الهند حيث أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أبناء ووالدته وبعض إخوته.

لكن القلق اليوم بدأ يساور منير (36 عاما) على مستقبله المهني، بصورة لم يعهدها طيلة 17 عاما قضاها على أرض الكويت، بعد أن صار يتهدده خطر المغادرة ضمن 800 ألف من أبناء جلدته.

بدأت الحكاية مع تفشي جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19″، إذ طفت على السطح أزمة تمثلت في وجود عشرات الآلاف من مخالفي قانون الإقامة، لترتفع معها حدة المطالبات بتعديل التركيبة السكانية.

ويبلغ تعداد سكان الكويت 4.8 ملايين، يشكل الكويتيون منهم مليونا و450 ألف مواطن، مقابل 3 ملايين و350 ألف وافد، وهو ما تراه الحكومة خللا ينبغي تصويبه إلى وضع مثالي يشكل فيه الكويتيون 70%، مقابل 30% من الوافدين.

وقبل أيام، صادقت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية على اقتراح بقانون خاص بتعديل التركيبة السكانية وفقا لنظام الحصة أو "الكوتا" لكل جنسية، على ألا يتعدى تعداد أي جالية ثلث الكويتيين كحد أقصى.

وتمت إحالة المقترح إلى لجنة تنمية الموارد البشرية المختصة، بغية دراسته قبل إحالته إلى مجلس الأمة للتصويت عليه.

وفي حال الموافقة على القانون وإقراره، سيتم ترحيل مئات الآلاف من الوافدين، وستكون الجالية الهندية الأكثر تأثرا، تليها الجالية المصرية.

النائب بدر الملا: القانون سيحدد نسبة لكل جنسية بما يعدل التركيبة السكانية على مدى 5-10 سنوات (مجلس الأمة)
بدر الملا: القانون سيحدد نسبة لكل جنسية بما يعدل التركيبة السكانية على مدى 5 إلى 10 سنوات (مجلس الأمة)

وكان عضو مجلس الأمة الكويتي الدكتور بدر الملا ضمن خمسة نواب تقدموا بمشروع القانون، انطلاقا من ضرورة أن يكون هناك وزن لكل جالية بحيث لا يشكل أبناؤها أغلبية.

ويضرب الملا -ضمن حديثه للجزيرة نت- مثلا بالجالية الهندية التي يقدر تعدادها 1.5مليون، مقابل 1.4 مليون كويتي، وهو أمر يقول إنه يشكل خطرا أمنيا واجتماعيا.

ويبيّن الملا أن مشروع القانون المقترح سينظم التوزيع لكل جنسية بنسب معينة، بما يعدل التركيبة السكانية على مدى 5 إلى 10 سنوات.

ويشرح الملا أنه في حال إقرار القانون ستقل أعداد الوافدين، سواء عبر المغادرة الطوعية أو بالإبعاد أو إنهاء العقود، وهو ما سيدفع إلى تخفيض نسبة هذه الجنسيات، مقابل ارتفاع في أعداد الكويتيين، وصولا إلى تحقيق التوازن بينهما.

وبحسب الملا، سيتضمن القانون حظرا على الجهات الحكومية، بحيث لا يمكنها استقدام شخص من أي دولة تجاوزت النسبة المنصوص عليها.

من جهة أخرى، لن تكون العمالة المنزلية مشمولة ضمن "الكوتا" التي سيفرضها القانون، إلى جانب من يتم الاستعانة بهم في العقود الخاصة بالمشاريع الحكومية، لكن مع وجود ضوابط تمنع تجديد إقاماتهم أو تحويلها إلى جهات أخرى بعد انتهاء المشروع، في حين سيفتح القانون الباب أمام جلب العمالة من دول أخرى.

بوخضور: المعيار يحب أن يكون الكفاءة لا "الكوتا" وفقا للجنسية (الجزيرة)
بوخضور أقر بوجود خلل في القوى العاملة داخل الكويت (مواقع تواصل)

في السياق، يرى المحلل الاقتصادي الدكتور حجاج بو خضور في مشروع القانون مجانبة للصواب، لأنه اعتمد معيار "الكوتا" وفقا للجنسية، في حين أن المعيار من وجهة نظره يجب أن يكون الكفاءة.

وأوضح أن "رأس المال المعرفي" هو الأساس في قوة العمل، وبالتالي هو من يساهم في إنجاح المشاريع التي تريد الكويت إنجازها ضمن رؤيتها المستقبلية خلال الأعوام الثلاثين المقبلة.

ويقر بو خضور، في حديثه للجزيرة نت، بوجود خلل في القوى العاملة داخل الكويت، فالوافدون لا يجري اختيارهم وفق الكفاءة والحاجة، وبالتالي غلب الكم على النوع، وباتت المشاريع التي تحتاج في إنجازها لـ 100 شخص، يقوم بإنجازها ألفان من جنسية معينة، وهذا خلق رأس مال معرفيا ضعيفا وغير منتج من جهة، وأثر سلبا على التركيبة السكانية من جهة أخرى.

واعتبر بو خضور أن التجربة العُمانية هي الأنجح خليجيا، إذ حققت نقلة نوعية لأنها اعتمدت سياسة جلب العمالة الكفؤة من دول بعينها.

وفي المقابل أرسلت العمانيين إلى تلك الدول لاكتساب الخبرات، وهذا أثرى مختلف القطاعات في عُمان بعد أن عاد العمانيون محملين بتجارب جديدة، وهو ما عكسه النجاح الباهر رغم الموارد المحدودة للسلطنة، قياسا بالدول الخليجية الأخرى.

من جهته، يرى المحلل الاقتصادي محمد رمضان أن "الكوتا" في مشروع القانون أمر جيد وسليم، لكن من دون أن يتم ترحيل أي وافد، ومن وجهة نظره، فإن الأسلوب الأمثل يكمن في إيقاف دخول أبناء الجاليات ذات التعداد الكبير، بحيث تنخفض نسبتهم تدريجيا.

وبيّن رمضان، في حديثه للجزيرة نت، أن أغلب من تعتزم الحكومة ترحيلهم في حال إقرار القانون هم من العاملين في القطاع الخاص لا الحكومي، مشيرا إلى عدم كفاية أعداد الكويتيين لشغل الفراغ الذي سيخلفه هؤلاء بعد ترحيلهم ضمن سياسة التوطين.

وهنا شدد رمضان على ضرورة إعداد كوادر وطنية لتحل محل الوافدين قبل التوجه إلى تخفيض أعدادهم، ضاربا مثلا بمهنة التمريض التي يشح وجود كويتيين من الجنسين ضمن المشتغلين بها.

وأيد رمضان فكرة تقليل أعداد جنسيات بعينها داخل الكويت لتصبح في الحد المقبول، مضيفا "هذا أمر طبيعي ومسألة أمنية بالدرجة الأولى لا خلاف عليها".

الهنود والمصريون الأكثر تأثرا.. قانون مرتقب لتعديل التركيبة السكانية في الكويت
هاجس المغادرة بات يهدد نحو 800 ألف من الهنود في الكويت (الأوروبية)

ويرى رمضان أن الوافدين هم ركيزة النمو الاقتصادي في الدولة، لأنهم هم من يقدم الإنتاجية ويكونون سببا في الدخول التي تجنيها الشركات، وبالتالي هم السبب الرئيس في دوران عجلة النمو الاقتصادي الذي تحتاجه أي دولة، وبالتالي فإن تقليل العمالة الوافدة سيؤثر سلبا على الاقتصاد.

وأكد رمضان أنه لا بد من خطوات كثيرة تسبق قرار تقليل أعداد الوافدين، وفي مقدمتها تحسين مخرجات التعليم في شتى المجالات، حتى يستطيع الكويتي أن يحل محل الوافد، فضلا عن ضرورة تغيير الثقافة السائدة التي تمنع الكويتيين من الاشتغال بكثير من الأعمال التي يقوم بها الوافدون.

واعتبر رمضان أن الكويت تختلف عن سائر الدول التي استطاعت أن توطن وظائفها كالسعودية وعُمان، عازيا السبب في ذلك إلى شح الوظائف والدخل المنخفض في الدولتين قياسا مع الكويت.

وأشار إلى أنه كلما اتسع الفارق بين أجور العمالة الوافدة والوطنية أصبحت المشكلة أصعب كما هي الحال في الكويت.

المصدر : الجزيرة