تراجع العمالة المصرية بالخارج.. من المسؤول؟

العمالة المصرية في السعودية
أزمات الخليج والتوترات في المنطقة أدت إلى تراجع الطلب على العمالة المصرية (الصحافة الأميركية)

محمد عبد الله-القاهرة

انتقلت قضية تراجع الطلب على العمالة المصرية وتأخر ترتيبها عالميا إلى أروقة البرلمان بعد أن ظلت مصر لعقود طويلة تحتكر تصدير العمالة للأسواق العربية، التي تغيرت خارطتها بعد خروج دول مثل العراق وليبيا من السوق بسب الاضطرابات السياسية، فضلا عن تراجع الاقتصاد الخليجي.

عضوة مجلس النواب عن المصريين في الخارج منى الشبراوي وجهت سؤالا برلمانيا إلى كل من رئيس الوزراء ووزير القوى العاملة عن الأسباب الرئيسية لتراجع الطلب على العمالة المصرية في الخارج، مشيرة إلى أن مصر تراجعت للمركز السادس بعدما كانت في المركز الرابع لتصدير العمالة للخارج عالميا. 

وحذرت الشبراوي من أن "تراجع الطلب على العمالة المصرية في الخارج له تبعات سلبية على معدلات البطالة، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج من الأموال، مما يؤثر على الاقتصاد المصري، خاصة أن تلك التحويلات تعد إحدى ركائز الدخل القومي بالنسبة لمصر".

وحمّلت النائبة المصرية وزارة القوى العاملة المسؤولية بسبب "تراجع دورها كثيرا، فبعد أن كانت تقوم بدورات مكثفة للإعداد وتأهيل العمالة، غاب دورها تماما، ومن ثم تراجع الطلب على العمالة".

‪تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج يثير قلق المصريين والحكومة معا‬ (الجزيرة)
‪تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج يثير قلق المصريين والحكومة معا‬ (الجزيرة)

أزمات الخليج
وفق إحصاءات وزارة الخارجية المصرية حتى نهاية عام 2017، بلغ عدد المصريين بالخارج أكثر من 10 ملايين و274 ألف مصري، معظمهم في الدول العربية بنسبة 68.4%، وتستحوذ السعودية على نسبة 49.9%، ثم الأردن 17.8%.

تعود بداية تراجع الطلب على العمالة المصرية بالخارج إلى الحرب السعودية الإماراتية في اليمن التي بدأت في 2015، حيث تراجعت العمالة المصرية إلى 70%، وفق رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج بالغرفة التجارية بالقاهرة حمدي إمام.

إمام أوضح في تصريحات صحفية، أن مصر تراجعت للمركز السادس في تصدير العمالة بعد أن كانت تحتل المركز الرابع عالميا، ووصلت إلى أقل من 5 ملايين عامل، وعزا ذلك إلى خسارة مصر أسواقا كبيرة للعمالة المصرية بالخارج. 

ورغم تراجع الطلب على العمالة المصرية، تشير الأرقام الحكومية الرسمية إلى زيادة نسبة تحويلات المصريين بالخارج، حيث بلغت خلال أول خمسة أشهر من العام المالي الحالي 11.1 مليار دولار، مقابل 9.9 مليارات في الفترة المقابلة من العام المالي الماضي، بزيادة 1.2 مليار، مسجلة ارتفاعا بنسبة 12.1%، وفق البنك المركزي.

‪شبح البطالة يطارد الشباب بمصر وسط تراجع الطلب الخارجي على العمالة المصرية‬ (الجزيرة)
‪شبح البطالة يطارد الشباب بمصر وسط تراجع الطلب الخارجي على العمالة المصرية‬ (الجزيرة)

هذا التناقض بين تراجع العمالة بالخارج وزيادة التحويلات، فسّره عبد الرحيم المرسي نائب رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج بأنه "نتيجة ارتفاع تكاليف إقامات المرافقين مع الوافد في دولة مثل السعودية، حيث أعاد عدد كبير منهم أسرهم إلى مصر بهدف تخفيف النفقات، وبالتالي ما كان ينفقه هناك أصبح يرسله إلى مصر، وعليه زادت التحويلات".

وأوضح المرسي في حديثه للجزيرة نت، أن العمالة التي تم الاستغناء عنها خلال السنوات القليلة الماضية معظمها من العمالة الفائضة والمؤقتة وغير المؤثرة في الأسواق، في حين احتفظت العمالة الفاعلة بمواقعها، وبات المطلوب هو عمالة بمواصفات خاصة، ترتفع أجورها أضعاف العمالة العادية التي تراجع الطلب عليها.

وشدد على أن انخفاض سعر البترول أثر على مشروعات التنمية في دول الخليج، وبالتالي تراجع الطلب على العمالة، إضافة إلى أن نوعية الطلب أصبحت تركّز على الفنيين وليس الحرفيين، مشيرا إلى أن التراجع بدأ منذ عام 2016 وبنسبة 60% إلى 70%، وهو رقم كبير يجب التحذير منه فعلا في البرلمان. 

مسؤولية الحكومة
وأرجع الناشط العمالي سيد حماد تراجع الطلب على العمالة المصرية إلى "الأوضاع الصعبة التي تمر بها دولة مثل ليبيا، حيث كانت سوقا كبيرا للعمالة المصرية، ولكنها تحولت إلى سوق طارد لها، فضاعف من أزمة تراجع العمالة، إضافة إلى تأثير الحرب والتداخلات الإقليمية فيها".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح حماد أن بين الأسباب أيضا تراجع مهارة العمالة المدربة، في وقت باتت فيه الأسواق تبحث عن عمالة غير عادية، إضافة إلى أن أوضاع العمال في مصر ليست على خير ما يرام، ولا تتوفر فيها معايير التطوير والتدريب والتأهيل.

وعدّد أسباب التراجع مثل لجوء دول الخليج للأسواق الآسيوية الأكثر رخصا، والحصار على دولة قطر التي كانت تعد سوقا مهما للعمالة المصرية.

بدوره حمل عضو لجنة القوى العاملة بمجلس الشورى السابق طارق مرسي الحكومة المصرية المسؤولية عن التراجع، قائلا إن "غياب دور وزارة القوى العاملة المتمثل في تدريب وتأهيل الأيدي العاملة للأسواق المختلفة حول العالم، أدى إلى تراجع الطلب عليها".

وحذر مرسي في حديثه للجزيرة نت من أن تأثير التراجع ربما يؤثر لاحقا على تحويلات المصريين بالخارج، مضيفا أنه للأسف سفارات دول مثل الفلبين والهند وغيرها ترعى مواطنيها وتحفظ حقوقهم، في الوقت الذي لا يجد فيه المغترب المصري أي دور أو حماية. 

وانتقد النائب السابق تعليق شماعة التراجع على الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها منطقة الخليج، مطالبا في الوقت ذاته بطرق أبواب أسواق أخرى أكثر استقرارا لحماية العمالة وبالتالي المجتمع المصري.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة