نورماندي.. الذكرى الثمانون لإنزال الحلفاء تنعش "سياحة الذاكرة" في فرنسا

American reinforcements, arrive on the beaches of Normandy from a Coast Guard landing barge into the surf on the French coast on June 23, 1944 during World War II. They will reinforce fighting units that secured the Norman beachhead and spread north toward Cherbourg. (AP Photo/U.S. COAST GUARD)
تعزيزات أميركية تنزل إلى شواطئ نورماندي من بارجة إنزال تابعة لخفر السواحل في الأمواج على الساحل الفرنسي منتصف 1944 خلال الحرب العالمية الثانية (أسوشيتد برس)

تستقطب السياحة المرتبطة بأحداث تاريخية في فرنسا ملايين الزوار سنويا، وتنبع من الحاجة إلى الغوص بالماضي والعودة إلى الجذور، ويُتوقع أن تشهد انتعاشا عام 2024 بمناسبة الذكرى الـ80 لإنزال الحلفاء في منطقة نورماندي.

عام 2022، أتى 11,4 مليون زائر في إطار هذا النوع من السياحة إلى فرنسا أي بارتفاع نسبته 44% مقارنة بعام 2021، حسب ما ذكرت وزارة الجيوش الفرنسية المكلفة خصوصا بإدارة مواقع الذكرى والأضرحة. ومن بين هؤلاء الزوار 2.7 مليون أتوا من الخارج.

وتفيد ألكسندرا ديرفو رئيسة قسم سياحة الذاكرة في الوزارة -الذي يشارك في المعرض الدولي للسياحة المقام في باريس حتى الأحد- بأن "السنوات التي تتضمن ذكرى رئيسية تسلط الضوء" على سياحة الذاكرة، مثل "مئوية الحرب العالمية الأولى. وعام 2024، لدينا فعاليات رئيسية عدة" بمناسبة الذكرى الـ80 لإنزال الحلفاء.

Captain Bob Slyter (center, with bars on helmet), battalion commander of an infantry division, briefs the tense group of men clustering about him on a transport. The fighting men have just drawn boat assignments, prior to landing on the beaches of Southern France on August 22, 1944. (AP Photo/Sherlan Montrose)
فرقة مشاة للحلفاء تستعد للهبوط على شواطئ جنوب فرنسا (أسوشيتد برس)

يقول مارك (58 عاما)، وهو متقاعد من سلاح البحرية الفرنسية وفضل عدم الكشف عن اسمه كاملا، "نستعد للاحتفاء بالذكرى الـ80 للإنزال مع أحد قدامى المحاربين الأميركيين".

وتوضح زوجته كورين (60 عاما) "أنا وطنية جدا. وزيارة هذه الأماكن وتذكّرها أمر مهم".

وترى بريجيت بيار (70 عاما) أنه "من المهم أن تبقى الذكرى بينما نرى حروبا جديدة عند حدودنا". وقد أتت برفقة زوجها فيليب (72 عاما) الذي لا يحتفظ "بذكرى طيبة" لخدمته العسكرية بسبب إصابة خطرة تعرض لها.

Memorial on Omaha Beach in Normandy, France commemorating the D-Day battle in World War II
نصب تذكاري على شاطئ أوماها في نورماندي بفرنسا لإحياء ذكرى معركة الحرب العالمية الثانية (غيتي)

عام 2022، زار مواقع معركة نورماندي 5.52 ملايين شخص مع إيرادات قدرها 25.2 مليون يورو، وفقا لدراسة أجرتها منطقة نورماندي. في 2019، بلغ عدد الزوار 6.1 ملايين بسبب الذكرى الـ75 للإنزال.

وأشارت الدراسة إلى أن زوار هذه المواقع "يطغى عليهم طابع دولي" أكثر من زوار المنطقة بحد ذاتها، وهم أكثر تقدما بالسن مع متوسط أعمار يبلغ 53 عاما.

سياحة الحروب

ويفيد ديدييه أرينو -مدير مكتب الاستشارات السياحية "بروتوريسم"- وكالة الصحافة الفرنسية بأن هذا النوع من السياحة "يتميز بأنه مرتبط جدا بالحروب"، موضحا "مع وفاة المحاربين القدامى الواحد تلو الآخر، يتراجع الاهتمام في صفوف الفرنسيين، لكن ثمة إقبالا من زبائن أستراليين وأميركيين وكنديين. والإقبال مرتبط بشكل وثيق بمناسبة أو ذكرى أو محطات لها رمزية".

ويضيف "لكن إذا وسعنا التعريف، تبرز سياحة أخرى، وهي ذاكرة المحاربين القدامى، مع اهتمام بثقافة معينة وممارسات وشهادات وكل ما يُروى في هذا الإطار… وهذا يتلاقى مع الحاجة إلى الغوص مجددا في الماضي والعودة إلى الجذور".

U.S. reinforcements wade through the surf from a landing craft in the days following D-Day and the Allied invasion of Nazi-occupied France at Normandy in June 1944 during World War II. (AP Photo/Bert Brandt)
تعزيزات أميركية تستعد للنزول في نورماندي التي احتلها النازيون خلال إنزال الحلفاء (أسوشيتد برس)

في معرض السياحة العالمي، رفع جناح مونبيليار الواقعة في شرق فرنسا شعارات من قبيل "الماضي والمستقبل" و"منظر يحوي قصصا".

وتوضح الدليلة السياحية أناييس بارونا أن "لمونبيليار تاريخا خاصا في منطقة فرانش-كونتيه. وثمة حاجة لدى الناس لفهم هذا التاريخ الخاص".

Gun emplacement at Omaha Beach. Bomb shelter with german long-range artillery gun from world war 2 in Longues-sur-Mer in Normandy. France
مدفعية ألمانية بعيدة المدى استخدمها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية في نورماندي (شترستوك)

وتضيف فانيسا لو لاي مديرة هيئة السياحة في مونبيليار أن "لدينا الكثير من القصص نرويها وهذا يجذب كثيرين".

في الجناح المقابل، اختارت هيئة السياحة في منطقة غران بواتييه (وسط غربي البلاد) التركيز في ملصقاتها على مدينة شوفينييه العائدة إلى القرون الوسطى.

American soldiers and supplies arrive on the shore of the French coast of German-occupied Normandy during the Allied D-Day invasion on June 6, 1944 in World War II. (AP Photo)
وصول جنود وإمدادات أميركية إلى الساحل الفرنسي لنورماندي التي كانت تحتلها ألمانيا خلال يوم الإنزال (أسوشيتد برس)

وتقول أنييس أوبير التي تعمل في هيئة السياحة "خلال الصيف، ننظم عروضا مع نسور وجوارح"، مشيرة إلى إضفاء "طابع مسل" متزايد على النشاطات السياحية.

وتوضح "يمكن تمرير التراث الآن من خلال ألعاب (مسلية)".

ويؤكد ديدييه أرينو أن "ثمة حاجة إلى الغوص في الجذور، وإلى الاستمتاع مع رواية مسلية للأحداث في الوقت عينه".

المصدر : الفرنسية