"مناول" مشروع سعودي لتشجيع القراءة عبر إعارة الكتب وإعادتها آليا

الجهود السعودية متواصلة لتكوين مجتمعٍ معلوماتي مشارك في بناء اقتصاد المعرفة(الصحافة السعودية)
مشروع "مناول" يهدف لتعزيز القراءة والمعرفة كأساس للتنمية المستدامة (الصحافة السعودية)

في إطار التحول الرقمي والتكنولوجي الذي تعيشه السعودية في مختلف المجالات، أطلقت مؤخرا مبادرة تهدف إلى تشجيع القراءة وتعزيز المعرفة بين أفراد المجتمع من خلال توفير وصول مجاني وسهل للكتب.

المبادرة الجديدة التي أطلق عليها "مناول" تأتي استجابة لرؤية "السعودية 2030″ التي تهدف إلى تعزيز القراءة والمعرفة كأساس للتنمية المستدامة.

و"مناول" مشروع أعلنت عنه هيئة المكتبات السعودية، وهو عبارة عن جهاز يتيح للمستخدمين استعارة الكتب مجانا وإرجاعها إلى الجهاز نفسه آليا، وذلك بتوفير جهاز يعمل باللمس يتصل بخادم إلكتروني يحتوي على آلاف الكتب المتنوعة.

ويأتي إطلاق "مناول" كمبادرة هامة لتعزيز القراءة وتحويلها إلى نمط حياة في المملكة، من خلال التشجيع على الإقبال عليها وجعلها أكثر إمكانية وسهولة للأشخاص، وتوفير الوصول السهل والمجاني للكتب في مختلف المجالات.

تعزيز الثقافة والمعرفة

وتم استلهام اسم المشروع من "المناول" وهي إحدى وظائف العاملين بمكتبة بيت الحكمة التي أُنشئت عام 170 هـ كأحد أكبر المراكز العلمية في العالم، والتي كان لها دور كبير في نشر العلم والمعرفة بالعالمين العربي والإسلامي.

وتعتبر "مناول" خطوة مبتكرة في عالم القراءة، حيث تندرج ضمن التحول الرقمي الذي تشهده المملكة الوقت الحالي. ونظرا لتوفيرها لمواد قرائية متنوعة ومتجددة باستمرار، فإنها تشكل فرصة مثالية لتعزيز الثقافة والمعرفة في المجتمع السعودي.

ويتم استخدام المشروع من خلال تحميل تطبيق "مناوِل" على الهواتف الذكية، ومن خلاله تتم الاستعارة والإرجاع الآلي للكتب. ويتم تحديد فترة الاستعارة حسب رغبة المستخدم، وإرجاع الكتب بطريقة آلية عند وضعها في الجهاز المخصص.

ويحتوي المشروع على مجموعة واسعة من الكتب المتنوعة في مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب والتاريخ والعلوم والتقنية والدين والفنون والأعمال والتنمية البشرية، والكثير من المجالات الأخرى. وتتوفر الكتب بالعربية والإنجليزية، ويتم تحديث المكتبة بشكل دوري لتوفير أحدث الإصدارات والمؤلفات.

وإلى جانب ذلك تتيح خدمة "مناول" وصولا سهلا وسريعا إلى الكتب والمواد القرائية الأخرى عبر الإنترنت، بالإضافة إلى توفير الاشتراكات الشهرية أو السنوية للحصول على وصول غير محدود إلى تلك المواد.

وتم تصميم الخدمة لتلبية احتياجات القراء بالمملكة، وتوفير الدعم والتوجيه لهم للوصول إلى المحتوى الذي يهمهم، وذلك من خلال توفير خدمات دعم العملاء والتوصية بالكتب والمواد القرائية.

ويأمل المسؤولون على المشروع أن تكون هذه الخدمة بمثابة عامل محفز للقراءة والتعلم، ويشجع الجميع على الاستفادة من الكتب والمؤلفات المتاحة بطريقة سهلة وميسرة، خاصة في ظل التحول الكبير الذي يشهده العالم نحو الرقمنة والتقنية.

وتعمل هيئة المكتبات السعودية على توفير المزيد من الأجهزة في مختلف المناطق والمدن، وذلك لتوفير الوصول السهل للجميع، وتعزيز الثقافة والمعرفة بالمجتمع السعودي.

فرصة للمؤلفين والمبدعين

وعقب إطلاق المشروع، أشاد الكثيرون بالفكرة ورحبوا بها كإضافة مهمة لتعزيز الثقافة والمعرفة في المجتمع. ولاقى "مناول" انتشارا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي وتداوله العديد من المغردين والناشطين الإلكترونيين.

تقول أستاذ البلاغة بجامعة نجران الدكتورة سحر المعنا إن "مناول" يعد مثالا مهما على دعم الثقافة والمعرفة بالمجتمع السعودي، مؤكدة أهمية هذا النوع من المبادرات الثقافية لدعم التعليم وتنمية المجتمعات، وتحقيق التنمية المستدامة والمستقبل المزدهر.

وتضيف المعنا، في تصريح للجزيرة نت، أن هذا المشروع يأتي ضمن الجهود السعودية الرامية إلى تحفيز القراءة والاطلاع وتعزيز الوعي الثقافي والفكري في المملكة، مشيرة إلى أنه يمثل فرصة لتحقيق هذا الهدف النبيل وتعزيز الثقافة والإبداع في المجتمع.

وترى أن "مناول" من شأنه الإسهام في تنمية الأفراد والمجتمع من خلال توفير الكتب، وتشجيع القراءة والاطلاع، مما يعمل على تطوير الحركة الثقافية والأدبية بالمملكة، بالإضافة إلى أن المشروع يعد فرصة للمؤلفين والمبدعين لنشر إنتاجهم الأدبي والثقافي على نطاق واسع.

وتؤكد المعنا أن خدمة "مناول" لا تهدف إلى إنهاء دور المكتبات، وإنما تسعى إلى تحسين دورها وتسهيل وصول المستخدمين للمواد القرائية والتعليمية بكل سهولة ويسر، معربة عن ثقتها بأن هذه الخدمة ستحظى بترحيب واستحسان لاسيما لدى الشباب، وستساهم في تحقيق الأهداف الثقافية والتعليمية للمجتمع.

الإنسان العربي والكتاب

من جهته، اعتبر الباحث السعودي والمهتم بعلوم اللغات نواف البيضاني أن مشروع "مناول" فكرة خلاقة من هيئة المكتبات السعودية، تستدعي الماضي الثقافي المجيد للعرب، وتدمجه بالإبداع التقني المعاصر، مستعملة أحدث ما توصلت إليه العقول البشرية والذكاء الاصطناعي.

ويضيف البيضاني في حديث للجزيرة نت "نعيش عصرا كثرت فيه الملهيات والمشغلات عن الكتب والمطالعة، وخاصة هذا الجيل الناشئ. ونحن نرى أن مثل هذه المبادرات المبدعة تسهم في ردم الهوة ما بين المجتمع عامة والكتاب".

ويقول الباحث السعودي "هذه الثورة الرقمية التي نعيشها أحدثت جفوة بين الإنسان العربي والكتاب، نجزم أنها جفوة ضارة بنا كعرب ثقافيا، وحضاريا. ولذا نفرح كثيرا بمثل هذه المشاريع التي ستشجع الجميع على العودة الحميدة للكتاب. ولاستعارة الكتب لذة يعلمها عشاق المطالعة. لعلها أن تجذب العامة إلى حدائق الكتب الغناء".

تجدر الإشارة إلى أن هيئة المكتبات السعودية تعمل على استكمال خطة توفير "المكتبات الذاتية" بأماكن التجمّعات، لتحقيق أهداف المشروع المرتبط ارتباطا مباشرا بإحدى المبادرات الإستراتيجية للهيئة، التي تتمثّل في تقديم خدمات المكتبات في أماكن التجمعات العامة، ويتوافق المشروع مع رؤية الهيئة في تكوين مجتمع معلوماتي مشارك في بناء اقتصاد المعرفة، ومُساهم في إثراء المشهد الثقافي بالمملكة.

المصدر : الجزيرة