إسلاموفوبيا ويمين متطرف يستهدفهم.. تحديات تواجه المسلمين في الغرب وأوروبا خصوصا

رغم الوزن المؤثر للمسلمين داخل المجتمعات الغربية، فإنهم يواجهون جملة من التحديات؛ يأتي في مقدمتها التمييز والعنصرية. وقد كشف استطلاع للرأي أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية أن قرابة 92% من المسلمين عانوا من التمييز العنصري بأشكاله المختلفة، 53% منهم بسبب أسمائهم، في حين تعرضت 94% من النساء لمضايقات عنصرية بسبب الحجاب.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، كشف بحث لجامعة "رايس" أن المسلمين في أميركا أكثر عرضة بواقع 5 مرات لمضايقات الشرطة بسبب دينهم مقارنة بالديانات الأخرى.

ويعتقد رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات أنس التكريتي أن المسلمين في الدول الغربية يقعون ضمن إطار الإشكالية العنصرية وخاصة ضمن الإسلاموفوبيا، وينظر للمسلم والعربي في المجتمعات الغربية على أنه عنصر غريب والبعض يعتبره خطرا عليهم، مبرزا أن مرحلة الحرب على الإرهاب جعلت العربي والمسلم "معرض إشكال وشبهة، تستخدمه الحكومات الغربية للتغطية على فشلها الاقتصادي والسياسي".

ويُرجع التحديات التي تواجه المسلمين والعرب إلى أزمة الهوية التي تعيشها المجتمعات الغربية وحالة التصارع الداخلي، إذ نتج عن ذلك صعود اليمين واليمين المتطرف وأحيانا أدى ذلك الوضع إلى ظهور حكومات فاشية في أوروبا.

وحول أزمة المرجعيات الدينية التي تعتبر أبرز مشكلة يواجهها المسلمون في الغرب، يؤكد نهاد عوض المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، أن هذه المشكلة غير موجودة في أميركا، لأن المسلمين هناك يمتازون بالفكر الوسطي وبالتجانس، بالإضافة إلى أن عملة فصل الدين عن الدولة في الولايات المتحدة الأميركية يجعل الدولة تحمي حرية الاعتقاد بما فيها المعتقدات الإسلامية، ما أعطى فرصة كبيرة للمسلمين لممارسة شعائرهم الدينية، وأعطاهم استقلالية لبناء مساجدهم ومراكزهم وإدارتها بطريقتهم الخاصة، وهذا الوضع يختلف نسبيا عن أوروبا.

تسييس المرجعيات الدينية في أوروبا

ويرى أن مستوى التعليم بين المسلمين الأميركيين وثقافتهم العالية ساعداهم على إيجاد مراجع موحدة تعتمد على المصالح والبيئة التي يعيشون فيها، رغم أنهم يواجهون تحديات بسيطة مقارنة بأوروبا تتعلق بفكر مستورد وأفكار فقهية قديمة تحاول تعكير صفاء المسلم الأميركي. بينما الوضع في أوروبا يختلف تماما، فهناك تأثير للعديد من الدول -خصوصا دول شمال أفريقيا- في سياساتها الخارجية اتجاه المرجعيات المحلية في المجتمعات المسلمة الأوروبية.

ويُرجع غالب بن الشيخ رئيس مؤسسة "إسلام فرنسا" في مداخلته ضمن برنامج "موازين" عدم وجود مرجعية موحدة للمسلمين في فرنسا وأوروبا إلى تشرذم المسلمين وإلى كون الكثير من الهيئات والجمعيات الإسلامية تخضع لتعاليم تأتي من بعض الأنظمة في دول خارجة عن الحيز الثقافي والفكري والسياسي الغربي، وأصبح هذا الإسلام امتدادا لسياسات جلها استخباراتية وتعمل لصالح هذه الأنظمة.

ويعتقد المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية أن تسييس المرجعيات في أوروبا يضعف إمكانية تطوير الأداء السياسي للمسلمين، مشيرا إلى وجود تأثير كبير لقنصليات عربية وشراء الذمم وتعيين الأئمة في بعض الدول الأوروبية، منتقدا في السياق ذاته سعي دول أوروبية على غرار فرنسا إلى خلق إسلام خاص بها.

ومن جهة أخرى، يعتبر عوض أن أبرز التحديات والمشاكل التي تواجه المسلمين في الولايات المتحدة تتعلق بحركة الإسلاموفوبيا وشرعنة بعض القوانين والممارسات التي تحاول تهميش المسلمين الأميركيين، مؤكدا أنهم يحاولون في منظمة "كير" تحويل التحديات إلى فرص من خلال حماية إنجازات ومصالح المسلمين، وبأنهم أقلية ويجب أن يتعايشوا مع هذا الواقع.

وعن مستقبل المسلمين في أميركا وأوروبا في ظل الضغوط الحالية، يؤكد عوض أن المسلمين قوة ناشئة كبيرة في الولايات المتحدة، والإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في أميركا وأوروبا، ومن حيث الكثافة والنمو السكاني لا خوف عليهم، ولكن الخوف يكون في حال غابت بعض القيادات الإستراتيجية في توجيه بوصلة المسلمين في أميركا وأوروبا حول كيفية التعاطي مع تحديات صعود اليمين المتطرف وبناء تحالفات مع القوى الليبرالية وتأجيل بعض الملفات الساخنة وتقديم الأهم على المهم.

المصدر : الجزيرة