رئيسة قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية بمحافظة جاكوفا الكوسوفية: للمرأة دور محوري في المحافظة على الهوية الإسلامية لشعبنا

فيوليتا سمايلاي إحدى قيادات العمل النسائي بقسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في كوسوفا (مواقع التواصل)

دشن رحيل صربيا عن كوسوفو عام 1999، بعد نحو 86 سنة من الهيمنة على ترابها منذ عام 1913، حقبة جديدة للمجتمع الكوسوفي بشكل عام، ولدور المرأة الكوسوفية المجتمعي بشكل خاص.

فقد مثلت السنوات الثماني التالية مرحلة إعادة الإعمار وتشكيل مؤسسات الدولة الوليدة ووضع دستورها، وهي العملية التي انتفض لها جميع أبناء كوسوفو رجالا ونساء، حتى تم الإعلان عن استقلال البلاد من جانب واحد عن صربيا في 17 فبراير/شباط 2008.

وتحولت كوسوفو من إقليم إلى دولة مستقلة ذات سيادة ولها مؤسساتها ورؤيتها الخاصة. وهذا التغيير السريع طرأ بعد محنة طويلة خاصة مع الانفتاح اللامحدود على العالم -بعد أن ظلت كوسوفو حبيسة صربيا لعقود طويلة متتالية- وقد ترك بصماته على المجتمع والأسرة والمرأة الكوسوفية خاصة.

وحول تطور الدور المجتمعي للمرأة المسلمة في كوسوفو، والتحديات التي مازالت تواجهها، والإنجازات التي حققتها بالفعل، من خلال نموذج وتجربة قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في البلاد، كان للجزيرة نت هذا الحوار مع الدكتورة فيوليتا سمايلاي، رئيسة قسم المرأة التابع للمشيخة الإسلامية بمحافظة جاكوفا (جنوب) والأستاذة بكلية الدراسات الإسلامية في العاصمة بريشتينا.

والدكتورة سمايلاي من مواليد 14 مايو/أيار 1985، في مدينة جاكوفا جنوب دولة كوسوفو. أنهت المدرسة الابتدائية ثم الثانوية المهنية في الطب العام بمدينتها، ومن ثم درست اللغة العربية في جامعة قطر لمدة عامين.

بعد ذلك أتمت دراستها الجامعية بالأردن، وحصلت على الدكتوراه في الجامعة الأردنية بعمان، قسم الفقه وأصوله، عام 2019 بأطروحة عنوانها: النظام المالي للزوجين في قانون الأسرة الكوسوفي: دراسة فقهية مقارنة.

قرأت سمايلاي واقع المرأة الألبانية في كوسوفا مبكرًا، وأدركت أن المرأة والأسرة الكوسوفية في بداية حقبة جديدة ونهضة غير مسبوقة في دورها المجتمعي، فقررت أخذ زمام المبادرة في التوجه للتخصص الإسلامي الشرعي في قضايا المرأة والأسرة، بهدف المساهمة في تصحيح أوضاع سلبية من موروثات تقاليد وعادات قديمة، كانت تحد في الماضي من تطور دور المرأة المسلمة بالمجتمع الكوسوفي.

وعبر قلمها في العديد من المجلات والدوريات، ومحاضراتها في ندوات ثقافية ومؤتمرات علمية، ظلت الدكتور تناصر حقوق المرأة المسلمة وتؤكد على شرعية هذه الحقوق؛ بل وتجزم بأن المجتمع الكوسوفي المعاصر في ظل تحديات بناء دولته الحديثة الوليدة لن ينجح ما لم يفسح الطريق أمام المرأة كي تشارك وتؤدي دورها المجتمع، مع التمسك بالقيم الإسلامية والتقاليد الوطنية العريقة لشعب كوسوفو.

وكان لتأسيس قسم المرأة في المشيخة الإسلامية بكوسوفو في عام 2005 دور محوري في تفعيل دور العديد من الكوادر الإسلامية النسائية في المجتمع بدءا من الدور التوجيهي في مجال التعليم الإسلامي ومرورا بالدور المجتمعي لمعالجة الإشكاليات والتحديات المعاصرة التي تواجه الأسرة والمرأة الكوسوفية.

وعن أبرز نجاح حققته المرأة الكوسوفية، تقول الدكتورة سمايلاي إنه يتمثل في كسر الحاجز الاجتماعي المتعلق بالنمط السائد حول دورها في المجتمع، فقد استطاعت تبوأ العديد من المراكز المتقدمة في مجالات مختلفة ونجحت في توظيف القيم والمبادئ التي تحملها في حيزها الوظيفي ونطاقها المجتمعي لصالحها ولصالح المجتمع بأسره.

رحلة لطالبات كوسوفيات إلى مدينة بريزرن التاريخية جنوب البلاد (الجزيرة)

وفي الوقت ذاته، تشير الدكتورة سمايلاي إلى أن مسلمي كوسوفو لديهم نوع من الخصوصية التي قد تميزهم عن مجتمعات مسلمة أخرى، وبسبب هذه الخصوصية قد يختلفون في الطرح وفي الممارسة بموجب واقعهم الذي يملي عليهم أنهم أوروبيون أصليون في اللغة والثقافة والجغرافيا، وليسوا مهاجرين من بلاد أخرى، لكنهم مسلمون من حيث المعتقد والحضارة والتاريخ. لذا فألبان كوسوفو يجمعون بين حبهم للدين الإسلامي وحبهم للثقافة الأوروبية؛ لأن كلا منهما يعتبر من صميم هويتهم.

  • لقسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في كوسوفو تجربة مميزة حيث إن أقسام المرأة بإدارات إفتاء محافظات البلاد تزخر بالعديد من الأنشطة والفعاليات. كيف حققتم هذا النجاح سواء في العاصمة بريشتينا أو مختلف المدن والمحافظات؟

بشكل عام، أي نجاح يمكن أن يتحقق فقط من خلال العمل الدؤوب المستمر والاحترافية والإبداع في العمل. لذلك فيما يتعلق بالنجاح الملحوظ الذي حققه قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في كوسوفو خلال السنوات الأخيرة، فمرجع ذلك عاملان:

الأول: متعلق بمعلمات قسم المرأة على مستوى المحافظات، متمثلًا في إرادتهن الصلبة بأداء دورهن الدعوي والتعليمي بكوسوفو بأفضل مستوى ممكن وبشكل مبدع للغاية.

والثاني: بفضل التنظيم المؤسسي الجيد بقسم المرأة، سواء من ناحية الهيكل الإداري، أو فيما يتعلق بآليات المتابعة والإشراف وبرامج التدريب المستمرة لكافة معلمات القسم.

وهنا، لابد من الإشارة إلى أن كل معلمة من معلمات قسم المرأة، بالمشيخة، قد اختارت بإرادتها الحرة وبرغبتها الخالصة هذا الدور الدعوي والتعليمي معًا، عندما اختارت دراسة العلوم الإسلامية داخل كوسوفو بكلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا العاصمة، أو خارج البلاد في الجامعات الإسلامية بالدول العربية والإسلامية.

لذلك، طالما اخترنا هذا المجال بحب ورغبة منا، فقد أصبحت مسؤوليتنا الدعوية تحتم علينا تعليم الناس ما تعلمناه، وأن ندعوهم إلى الله على بصيرة وحكمة ورحمة وقدوة حسنة.

  • كيف هو شكل التواصل والتعاون بينكم في العاصمة بريشتينا وبين فروع قسم المرأة في المحافظات الأخرى؟

حرصنا منذ البداية ألا تعمل أي معلمة في أي منطقة بكوسوفو بمعزل عن الباقيات، ومن أجل هذا تم وضع هيكل إداري واضح ودقيق، بحيث هناك مسؤولة عن قسم المرأة في كل محافظة، تشرف على جميع أنشطة المعلمات بمساجد تلك المحافظة.

هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ومن أجل الحصول على أفضل تنسيق بين العاملات في الدعوة في مختلف محافظات كوسوفو وبأعلى درجات الاحتراف، فقد عقدنا عددا من الدورات التدريبية والندوات المتخصصة سواء على الصعيد المركزي، أو على صعيد كل محافظة على حدة.

وبهذا أصبح التواصل والتنسيق بين معلمات كل محافظة على حدة عاليا للغاية، كما أن التواصل والتعاون بين المحافظات وإدارة القسم في العاصمة وثيق ومستمر.

الدكتورة فيوليتا سمايلاي درست العلوم الشرعية في قطر والأردن (الجزيرة)

وبهذه الطريقة، التي جمعت بين نظام إداري سليم وتدريب متخصص احترافي، تمكنا مع جميع المعلمات من التغلب على التحديات التي كانت تواجهنا باستمرار، والتي لم تكن سهلة على الإطلاق في البداية.

ليس هذا فحسب، بل استطعنا في كثير من الأحيان تحويل بعض هذه التحديات إلى فرص فتحت لنا آفاقا واسعة في العمل الدعوي والمجتمعي كذلك. لكن، تبقى تطلعاتنا وآمالنا أعلى بكثير مما تم تحقيقه حتى اليوم، ونحن ممتنون لكل من ساهم في تحقيق النجاح الذي نراه حتى الآن.

وأضيف هنا أننا من حين لآخر نعقد اجتماعات دورية لتقييم أعمالنا بقسم المرأة المركزي في العاصمة بريشتينا، حيث نكشف عن الإنجازات، ونتبادل الأفكار، ونعرض المشاريع المستقبلية.

وفي هذه الاجتماعات المركزية لجميع المعلمات في المحافظات المختلفة، غالبًا ما يحضر مفتي جمهورية كوسوفو بنفسه، أو رئيس الأئمة المسؤول عن الشؤون الدينية، من أجل تحفيز ودعم العمل الذي نقوم به.

وأضرب مثالا على ذلك باجتماع ختام أنشطة قسم المرأة، الذي عقدناه الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول 2022، فقد حضره المفتي ورئيس الأئمة بالمشيخة وعدد كبير من معلمات كوسوفو.

ومن الطبيعي أن يكون أحد أهم مواسم أنشطتنا الدعوية وبرامجنا التعليمية هو موسم شهر رمضان، حيث نعد له العديد من البرامج والفعاليات أكثر كثافة من أي شهر للحصول على أفضل النتائج الممكنة.

  • دار نقاش في كوسوفو حول الصلاة في المسجد أم البيت بالنسبة للنساء، وهناك توجه لتدريب النساء ليكنّ داعيات في المساجد، ويرى بعض الباحثين أن ذلك التوجه تقليد عثماني قديم في البلقان. كيف ترون ذلك؟

الواقع أنه لا جدال عندنا حول ما إذا كان ينبغي للمرأة أن تحضر إلى المساجد للصلاة أم لا، لأنها حرة بهذا الصدد بموجب الحديث الشريف الذي نهى الرجال أن يمنعوا النساء من أداء الصلوات في المساجد، فبعض النساء يشاركن في أداء صلاة التراويح بالمسجد مثل الرجال، في حين أن البعض الآخر يخترن أن يودينها في منازلهن.

أما بالنسبة لتدريب النساء ليكنّ داعيات ومعلمات في المساجد والكتاتيب وأماكن أخرى مخصصة للتعليم، فهي ليست قضية جديدة في بلدنا، فقد كانت هناك داعيات ومعلمات في العصر العثماني أيضا، ولكن بالتأكيد أقل في العدد، على الرغم من وجود العديد من الطلاب المهتمين.

أنا شخصيا أرى دور المرأة في تربية الأجيال الجديدة على تعاليم ديننا ضروريا للغاية، فهي أقدر وأصبر وأحلم من الرجال في هذا الشأن، وهو الشكل الأفضل للحفاظ على القيم الأخلاقية والمجتمعية التي تعزز الإيمان بالله في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

  • في كوسوفو تبدو الهوية الدينية محل نقاش واسع، فهناك إرث عقود من الحكم الشيوعي المتشدد، وغالبية من السكان الألبان المسلمين، وهناك أيضا إرث حرب التسعينيات الدامية. كيف ترين تأثير كل ذلك على المجتمع الكوسوفي المعاصر؟

بشكل عام، الشعب الألباني في دول غرب البلقان، سواء في كوسوفو أو ألبانيا أو مقدونيا وغيرها، مجتمع يحافظ بغيرة على هويته الدينية وهويته الوطنية بشكل لا يفصل بينهما.

ولكن هناك بعض الدوائر ذات الجذور الشيوعية أو المتأثرة بمصالح مختلفة تحاول عمدا الفصل بين الهويتين، وتضع الهوية الوطنية مقابلا للهوية الدينية، ومن ثم يساهمون في تشكيل مفهوم خاطئ تجاه الدين الإسلامي يعزز من اتجاه الإسلاموفوبيا (الكراهية للإسلام) في بلادنا.

وتأثرًا بهذا النهج، نجد بعض مؤسساتنا الوطنية لم تتمكن بعد من تحقيق الحريات الدينية على الشكل المطلوب، لتشكل واقعًا مختلفًا عما هو مكتوب في التشريعات والدستور المحلي، الذي يحمي حق حرية الاعتقاد وحق الممارسة الدينية.

ومن الأمثلة على ذلك منع بعض الفتيات المحجبات من الالتحاق بالمدارس الثانوية بسبب الحجاب، عدم توظيف النساء المؤهلات في المؤسسات العامة بسبب الحجاب أيضا، وهو ما يمثل عائقا أمام مبدأ التساوي في الفرص.

  • نود نبذة تعريفية عن قسم المرأة.. متى تأسس؟ وما المهام التي يقوم بها؟

افتتح قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في كوسوفا لأول مرة في تاريخ هذه المؤسسة عام 2005، بجهود مباركة لنبذة من الناشطات البارزات، على رأسهن الأستاذة الفاضلة بيسا إسماعيلي، وهي موجّه للتعليم الإسلامي للفتيات والنساء في كوسوفو والتنسيق مع مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني حول القضايا ذات الاهتمام المشترك كالعنف الأسري وغيرها.

وقد وافق عام 2015 عودتي لكوسوفو، بعد انتهاء دراستي الجامعية بالأردن، وقد حرصت على تقديم مساهمتي العلمية لنساء وفتيات بلدي.

في البداية شاركت في أنشطة القسم وبرامجه المختلفة بمحاضرات علمية وعروض تقديمية حول أهمية تعزيز الإيمان بالله وضرورة تعلم التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم، وتناولت كذلك القيم التي يتضمنها القرآن، مع التركيز بشكل خاص على الموضوعات المتعلقة بالمرأة والأسرة والمجتمع.

وفي شهر رمضان المبارك 1437هـ/ 2016 م، قررت المشيخة الإسلامية فتح قسم للمرأة في محافظة جاكوفا، جنوب البلاد، بهدف رئيسي واضح وهو: رفع المستوى المعرفي الديني للنساء والفتيات، وكذلك تنظيم الأنشطة الدينية النسائية في المحافظة.

مشاركة سمايلاي ببحث في مؤتمر علمي بكلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم (الجزيرة)
  • السنوات الماضية، تطورت مشاركة المرأة المسلمة في المجتمع الكوسوفي بشكل غير مسبوق.. في مختلف المجالات، برأيكم ما العوامل التي ساهمت وساعدت على هذا النجاح في المشاركة؟

بعد رحيل المحتل الصربي عن كوسوفو عام 1999، وعلى الرغم من التداعيات الأليمة والصعبة لآثار هذه الحرب المدمرة التي شنتها صربيا على بلادنا، فقد بدأت حقبة جديدة للمجتمع الكوسوفي بشكل عام، وبشكل خاص للمرأة الكوسوفية فيما يتعلق بعملية دمجها في المجتمع بقدر أكبر مما كانت عليه في السابق خلال حقبة الاحتلال الصربي، سواء في التعليم أو المؤسسات المهنية في مختلف مجالات العمل.

وعلى الرغم من العقبات التي واجهها المجتمع الكوسوفي في المرحلة الانتقالية، فإن الدعم المؤسسي للمرأة شهد تصاعدا، وعلى مستوى المرأة المسلمة كذلك كان يتزايد الدعم من جانب المشيخة الإسلامية.

هذا الدعم المؤسسي من قبل المشيخة الإسلامية أعطى ثماره، لذلك فإن عدد معلمات وناشطات قسم المرأة اليوم يتجاوز 100 امرأة، وكل واحدة منهن تساهم بكل قدراتها العلمية في تقديم تعليم إسلامي جيد قدر الإمكان للنساء والفتيات في كوسوفا.

كذلك تلعب المعلمات دورًا في حل مشكلات المجتمع وتقليل الظواهر السلبية قدر المستطاع، هذا إلى جانب الدور الدعوي لكي يكون المجتمع أكثر تعلقًا بالله وتوجيهات الإسلام.

  • كيف ترون وتقيمون الدور الحالي للمرأة الكوسوفية؟

دور المرأة الحالي يدعو للأمل، ويشير إلى أن الأوضاع في تحسن مستمر، ولكن مع هذا، لا بد من تضامن الجهود المؤسساتية لتمكين المرأة أكثر في تقديم مساهمتها المجتمعية في الحياة العامة بكوسوفو وفي جميع المجالات. وهذه عملية مستمرة متواصلة لا تتوقف عند حد أو مستوى معين.

  • ما أبرز العقبات أو التحديات التي تواجه المرأة المسلمة أثناء مشاركتها المجتمعية في المجالات المختلفة؟

على الرغم من التغييرات الإيجابية التي تحققت في مجال تعليم وتوظيف المرأة الكوسوفية، وتحريرها من القيود المجتمعية التي تحول بينها وبين أداء دورها المنشود، إلا أن المجتمع الكوسوفي المعاصر فشل حتى اليوم في تمكين المرأة بما يكفي لتقديم مساهمتها في الحياة العامة.

هذا الفشل راجع للعديد من العوامل الاجتماعية والسياسية، وربما لأسباب تتعلق بالتنمية والبطالة والجهل، وبعض التقاليد التي تمس حق المرأة وتجبرها على السكوت عن حقوقها، وكذلك عدم وجود ثقافة تفسح المجال للآخر بالقدر الذي يفسح المجال لنفسه.

بالإضافة إلى كل هذه العقبات، لا تزال النساء والفتيات المسلمات في بعض الأماكن بكوسوفو يواجهن التمييز في التعليم والتوظيف بسبب ارتدائهن الحجاب، على الرغم من الإطار القانوني الذي يضمن الحق في الاعتقاد والممارسة الدينية بحرية.

الدكتورة سمايلاي قدمت بحث "المرأة في مجلة الأخلاق الإسلامية" بمؤتمر علمي نظمته المشيخة الإسلامية (الجزيرة)
  • ما أبرز النجاحات التي حققتها المرأة المسلمة في كوسوفو من خلال مشاركتها المجتمعية؟

أبرز نجاح حققته المرأة الكوسوفية يتمثل في كسر الحاجز الاجتماعي المتعلق بالنمط السائد حول دورها في المجتمع، واستطاعت تبوأ العديد من المراكز المتقدمة في مجالات مختلفة، ونجحت في توظيف القيم والمبادئ التي تحملها في حيزها الوظيفي ونطاقها المجتمعي لصالحها ولصالح المجتمع بأسره.

فالمرأة المسلمة في كوسوفا اليوم نائبة في البرلمان، محامية، شرطية، أستاذة جامعية، مديرة مدرسة، صاحبة أعمال تجارية، إلى غير ذلك من الأعمال. كل هذا يدل على أنه لا ينبغي للمرأة بأي حال من الأحوال الابتعاد عن دورها الاجتماعي الهام وعن الأنشطة التي تصنع فيها كنز الخبرة والمعرفة في صنع القرار والتخطيط الاجتماعي، لأن ذلك يتناقض مع تعاليم القرآن الكريم الذي يحث الجميع على السواء لتقديم العمل الصالح.

  • يُقال إن إحدى الركائز الأساسية لدولة كوسوفو منذ إعلان استقلالها عام 2008 هي العلمانية، لكن هذا المفهوم يخضع للنقاش والحوار والجدل المستمر، كيف ترون ذلك؟

نعم، علمانية الدولة واضحة في دستورها، فجمهورية كوسوفو دولة علمانية، وهي محايدة في شؤون المعتقدات الدينية، وإنما النقاش والجدل المستمر يكون حول ما يتضمن هذا المبدأ وعن أحسن التجارب العلمانية التي تتناسب مع الدور الذي يراه المجتمع الكوسوفي للدين في المجال العام.

فنحن نرفض قمع حرية المرأة في ارتداء الحجاب بحجة علمانية الدولة، فهذا يخرج من نطاق مدلولها المتعلق عموما بمصدر التشريع وفصل السلطات، ويتدخل في معتقدات الناس وممارساتهم الدينية.

  • كيف ينظر المجتمع الكوسوفي لهذه النقاشات حول العلمانية والحرية الدينية؟

النقاشات الدائرة حول العلمانية والحرية الدينية تتعلّق بما إذا كانت العلمانية -بصفتها مبدأ دستوريا- تتكامل مع الحريات الدّينية أم أنها تتعارض معها، بمعنى هل أصبح المبدأ العلماني منافساً للحريات الدينية بدل أن يكون ضامناً لها. فينظر إليه من حيث التأسيس الدستوري والتنظيم القانوني، ومن حيث المحاولات القائمة في التوفيق بين المبدأين على مستوى التطبيق القانوني.

  • هل ترين أن هناك نمطا إسلاميا شرق أوروبي أو بلقانيا مميزا، خاصة وتاريخ هذه المنطقة منذ أواخر الفترة العثمانية وما بعدها وحتى التسعينيات له خصوصية مختلفة عن المجتمعات المسلمة الأخرى؟

قد تكون لدينا خصوصية مختلفة عن المجتمعات المسلمة الأخرى، وبسببها قد نختلف في الطرح وفي الممارسة بموجب واقعنا الذي يملي علينا أننا أوروبيون أصليون في اللغة والثقافة والجغرافيا، ولسنا مهاجرين من بلاد أخرى، مع أننا في الآن ذاته مسلمون من حيث المعتقد والحضارة والتاريخ. لذا فالناس يجمعون بين حبهم للدين الإسلامي وحبهم للثقافة الأوروبية، ويعتبرون كلا منهما من هويتهم.

المصدر : الجزيرة