جداريات وفعاليات فنية.. صيف الرباط على إيقاع الاحتفاء بثقافة أفريقيا

تحتفي الرباط بالثقافة الافريقية ضمن كل الفعاليات _ من مهرجان راب افريقيا__
مهرجان "راب أفريكا" ضمن فعاليات الرباط للاحتفاء بالثقافة الأفريقية (الجزيرة)

الرباط- مبتهجة وفرحة كانت هدى (26 عاما) -رفقة ابنتها- تسرع الخطى وسط الجموع، لتحظى بمكان قريب من منصة العروض يسمح لها برؤية فنانها المفضل بعد أن وصلت بصعوبة ضفة أبي رقراق، بسبب الازدحام في الطرق المؤدية إليه، في حين اختار عدد هائل من الجمهور البقاء على رمال شاطئ سلا بالضفة الأخرى والاستمتاع بما يصل لهم من صوت الموسيقى الذي عم الأرجاء ليالي أغسطس/آب.

تحت شعار "احتفالات، موسيقى وفرح"، تتواصل بالعاصمة المغربية الرباط فعاليات مهرجان الشواطئ "راب أفريكا"، واحد من نحو 100 فعالية ثقافية ضمن الاحتفاء بالرباط أول عاصمة للثقافة الأفريقية، الذي تمتد أطواره من الأول من يونيو/حزيران الماضي إلى نهاية مايو/أيار 2023.

Document de Mariam Taidi(1) تحتفي الرباط بالثقافة الافريقية ضمن كل الفعاليات _ من مهرجان راب افريقيا__
جانب من المشاركين في مهرجان "راب أفريكا" (الجزيرة)

مسرح مفتوح

حسب وزير الشباب والثقافة المغربي محمد بنسعيد، فإن برنامج الاحتفالات بالرباط عاصمة للثقافة الأفريقية يشمل مجالات الأدب والشعر والفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والسينما وفنون الشارع والرقص والفنون الرقمية وعروض الأزياء والتصوير الفوتوغرافي والفنون الشعبية وفن الحكي وفنون السيرك، إضافة إلى منتديات ولقاءات فكرية وغيرها.

وتوالت الفعاليات المختلفة تباعا، وغدت المدينة المحيطية مسرحا كبيرا، حيث فتحت ساحاتها العمومية وشوارعها ومؤسساتها وقاعات العروض بمختلف الأحياء والأماكن التاريخية لتنساب الأنشطة الفنية والترفيهية والتراثية متزامنة ومتتالية، وغدا صيف العاصمة محفلا موشحا بألوان أفريقيا.

وكانت لجنة عواصم الثقافة الأفريقية أعلنت رسميا، فبراير/شباط 2020، اختيار مدينة الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية 2022-2023. يشار إلى أنه على رأس كل 3 سنوات تعين مدينة أفريقية عاصمة للثقافة الأفريقية، تبرمج 12 شهرا من التظاهرات المحددة والهيكلية.

صورة خاصة _واحدة من الجداريات التسعة الجديدة من ابداع الفنانة المغربية تيما_
واحدة من الجداريات التسعة الجديدة من إبداع الفنانة المغربية تيما (الجزيرة)

برنامج متنوع

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول محمد بن يعقوب -المندوب العام للرباط عاصمة الثقافة الأفريقية ومدير الفنون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة- "سطرنا لهذه التظاهرة برنامجا متنوعا يضم نحو 100 نشاط فني وفكري وثقافي، وحرصنا على أن تشمل الأنشطة المنظمة جميع مجالات الإبداع".

وانطلق البرنامج السنوي بمعرض الكتاب الذي احتفى بالثقافة والأدب الأفريقي، ثم الاحتفاء باليوم الدولي للموسيقى الذي شهد تنظيم حوالي 12 حفلا فنيا في الشوارع والفضاءات العمومية، وموكبا فنيا لفنون الشارع والاستعراض.

وأضاف بن يعقوب أن "من أهداف التظاهرة الخروج عند الجمهور والذهاب إليه".

ويوضح بن يعقوب أن الأنشطة المنظمة تشمل 3 أنواع: أنشطة خاصة بالمناسبة ويفوق عددها 50، وحوالي 15 نشاط بين-أفريقي، في حين يهتم نوع ثالث بالأنشطة الدورية الخاصة بمدينة الرباط التي تم اعتمادها، وتكييف موضوعها مع طبيعة الفعالية وتِيمتها.

إشعاع ثقافي وجذب سياحي

وتحظى الاحتفالية برعاية ملكية، وقد خصصت لها موازنة خاصة، وتنظمها وزارة الشباب والثقافة وولاية الرباط سلا القنيطرة، وجماعة الرباط ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا.

وتقول أسماء اغلالو عمدة مدينة الرباط، في تصريح للجزيرة نت، إن مدينة الرباط تزخر بتراث ثقافي مادي ولا مادي، يجعل الاهتمام به على رأس الأولويات، ليكون آلية لإشعاع وترويج الثقافة المغربية.

وتجزم اغلالو بأن احتفالية الرباط العاصمة الأفريقية للثقافة تعد إعادة اكتشاف لعاصمة الأنوار وتمكينها من حدث ثقافي دولي متميز، سيسهم في إحياء الأنشطة الثقافية في عاصمة المملكة، خصوصا بعد شبه توقف خلال السنتين الماضيتين بسبب جائحة كوفيد-19.

وتؤكد عمدة العاصمة أن هذه الدينامية الثقافية ستجعل عاصمة المملكة المغربية وجهة للسياحة الثقافية حتى بعد انتهاء هذه الاحتفالات.

وحسب موقع التظاهرة، تتوفر الرباط على الموارد الضرورية لاستقبال هذا المشروع، فهي مدينة فنية وتاريخية بامتياز، تتيح بنيات تحتية كبيرة وتتميز بتنوعها الثقافي والإنساني، وتنظيمها لتظاهرات دولية.

جدارية عملاقة بحي الفتح الرباط في إطار الاحتفال بالرباط عاصمة الثقافة الافريقية _ صورة خاصة_
جدارية عملاقة بحي الفتح الرباط في إطار الاحتفال بالرباط عاصمة الثقافة الأفريقية (الجزيرة)

صيف بألوان أفريقيا

وعن أنشطة الصيف، يقول بن يعقوب "فضلنا تنظيم أنشطة مواكبة للفترة متلائمة معها، خاصة السهرات الغنائية على مستوى شاطئ الرباط، وتنشيط ثقافي بالمسبح الكبير وكورنيش الرباط".

وضمن احتفالية الرباط عاصمة الثقافة الأفريقية، يعقد مهرجان الصيف -الذي يمتد طيلة أغسطس/آب- عبر قرى ترفيهية في 3 مواقع صيفية، تشمل أنشطة للأطفال خلال النهار وتنظيم بطولات رياضية، ومنطقة للألعاب التقليدية والحرف والتذوق.

كما يعرف صيف الرباط -حسب برنامج التظاهرة- تنظيم مهرجان سينما الشاطئ لعرض أفلام أفريقية، وحفل كبير بواحدة من أكبر ساحات العرض بالرباط (فضاء السويسي)، بالإضافة إلى مهرجان القراصنة الذي يشمل عروض السيرك وفنون الشارع، والذي سينظم بِفضاءات عمومية.

وفي 9 أماكن مختلفة من العاصمة، أبدع 12 فنانا من 7 بلدان 9 جداريات عملاقة بألوان أفريقيا، حيث نظمت "جدار-مهرجان فن الشارع" دورتها السابعة التي تشتمل على إقامات فنية وورش عمل ومعارض.

وعبّر الكثير ممن التقت بهم الجزيرة نت عن إعجابهم بالدينامية الثقافية التي خلقتها التظاهرة، معتبرين أن الرباط مدينة جميلة وأن هذه الأنشطة تزيدها إشعاعا وتخلق بها متنفسا، خصوصا في موسم الإجازات.

وقالت هدى "تتيح لنا هذه الفعاليات الفرجة، وتمكننا من قضاء ليالي الصيف رفقة العائلة والأصدقاء بنكهة مختلفة عن المعتاد".

المصدر : الجزيرة