قصر الثعلب.. الروائي إبراهيم سبتي يناقش خيبات العراقي في الحلم الأميركي

الروائي اختار الممثل الأميركي كلِينت إيستوود أحد شخصيات روايته، بوصفه أنموذجا للثقافة والحلم الأميركيين اللذين لطالما دغدغا خيال الكثير من الناس الذين عاشوا تحت ظروف الظلم والفقر.

سبتي جعل بطل روايته يحلم بالذهاب إلى أميركا عبر دعوة من الممثل العالمي كلينت إيستوود (الجزيرة)

كربلاء- يقارب الروائي العراقي إبراهيم سبتي في روايته "قصر الثعلب" القوة الأميركية ويشبهها بالثعلب، ليناقش ما تسبّب به الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 وما تلاه من أعمال فوضى وعنف طائفي، مثلما يناقش مغامرة الغربة والهجرة، ويجعل من شخصية محورية في الرواية معادلا موضوعيا يمثل الفرد العراقي الجديد المتأثر بكل المتغيرات.

وذكرت الرواية ممثلا أميركيا معروفا، وهو كلينت إيستوود الذي يوجّه دعوة لهذه الشخصية لزيارة قصره، ليتم هناك اكتشاف الحقيقة، مثلما يتم الكشف عن الخيبات والغرق في المجهول المتواصل للعراقي.

سبتي: الرواية واقعية بطريقة الفانتازيا وقد اقتحمت عوالم نعرفها وتعرفنا (الجزيرة)

الحلم وشروط الواقع

إبراهيم سبتي المولود عام 1960 في مدينة الناصرية جنوبي العاصمة العراقية بغداد، والحاصل على شهادة البكالوريوس من كلية التربية، صدرت له من قبل الروايات: "جنة العتاد" عام 2009، و"نخلة الغريب" عام 2002، و"سفرجل" عام 2017، إضافة إلى رواية "سليل الخيال" عام 2021، ورواية "الوديعة" عام 202‪2‬.‬

يقول سبتي عن روايته إنها تتحدّث عن "محمد الناصري، المدرس الذي يعيش في قرية جنوبية، ويحلم بالذهاب إلى الولايات المتحدة عن طريق دعوة يوجهها الممثل الأميركي كلِينت إيستُوود ليقلّده درع المعجب الذهبي"، ويمضي سبتي بقوله إن الناصري يسافر "بطائرة الممثل الخاصة التي تأتي خصيصا لتأخذه إلى أميركا".

لكن الانعطاف يحدث بعد الوصول، إذ يكتشف إيستوود أن محمد الناصري ليس هو المقصود بل هو شقيقه أحمد، حيث كانت بينهما مراسلات وصور امتدت 20 عاما، ويعرف أن له شامة (خال)، "حيث يستغل محمد الناصري مقتل شقيقه بانفجار سيارة ملغمة في مدينته، فينتحل شخصيته مستغلا قوة الشبه بينهما".

يضع النجم الأميركي شرطين أمام الناصري: إما "تسليمه إلى الشرطة باعتباره مهاجرا غير شرعي، أو العمل خادما"، لكنه يرفض الشرطين ويفكّر بالهرب بمساعدة مترجم سوداني يعمل في قصر النجم الأميركي الذي نصب تمثال ثعلب على بوابته الكبيرة، ويخطّط لهروبه من خلال الاختباء داخل سيارة قمامة تذهب به إلى مكب للنفايات، ليصل إلى الميناء ويختبئ مع شاب مصري جاء بنفس أسلوب الناصري إلى أميركا.

وعن اختياره للمثل الأميركي المعروف، قال إنه "بطل أفلام رعاة البقر (الكاوبوي)، وكان يعد أنموذجا للثقافة والحلم الأميركيين اللذين لطالما دغدغا خيال الكثير من الناس الذين عاشوا تحت ظروف الظلم والفقر ومصادرة الحياة في بلد يمتلك من الخيرات الكثير".

الكناني يرى أن الكاتب تناول الواقع الحياتي عبر رؤية غير مألوفة (الجزيرة)

فنتازيا الواقع

ويقول الناقد طارق الكناني إن "الرواية تنتمي لروايات الفنتازيا، كونها انعكاس حقيقي لتجربة حياتية عاشها الكاتب في سلسلة أحداث مرّت على البلد وجاءت بسياق الفلاش باك"، ويرى أن الكاتب تناول الواقع الحياتي "من رؤية غير مألوفة جاءت ضمن سياق استجابة الممثل الأميركي، حيث يكتشف أن الشخص الذي جاء ليس هو نفس المعجب الذي راسله"، وقد جعل الروائي موت الشخصية الرئيسية "معادلا موضوعيا للواقع العراقي بتردي الأمن فيه، والذي خلفته عملية غزو العراق".

ويرى أن ذات الموقف وبطريقة الانزياح الدلالي، قد "انسحب على الشخصية المصرية التي كانت هي الأخرى معجبة بنفس الممثل الذي دعاها للتكريم، حيث تقمّص شخصية شقيقه أيضا"، وهو ما يعني -بحسب الكناني- أن الروائي أراد أن يعكس "حالة الغش والتزوير المتفشية في مجتمعاتنا، ليبرّرها بعد ذلك بعدة عوامل يسلط الضوء عليها في الرواية".

ثمة قصص لسبتي أعدت تمثيليات وأعمالا تلفزيونية، منها: "وجوه في ذاكرة اللي"، و"الطريد"، و"مباغتة جبل"، كما أن  بعض نتاجه حوّل إلى مسلسلات إذاعية، وترجمت بعض قصصه إلى اللغات الإنجليزية والألمانية، ونشرت ضمن دراسات عن القصة العراقية الحديثة.

هاشم: الأطروحة الأساسية في الرواية تتمحور في شقاء الإنسان داخل المجتمع (الجزيرة)

ويتحدث الناقد عقيل هاشم عن الرواية بالقول إنها "تأتي ضمن ما يصطلح عليها في الأدبيات النقدية السردية برواية الأطروحة، تلك التي تدافع من خلال نسق أسلوبي متميز ومتنامٍ عن فكرة أو رسالة إنسانية".

ويرى هاشم أن الحراك في الرواية "يكرّس نمطا من الخطاب الحجاجي الذي يسعى إلى خلخلة البنى الفكرية، والتي تبرز بحدة من خطر تمزّق ثقافي وحروب طائفية، وتهدّم أركان حضارة".

ويؤكد أن "الأطروحة الأساسية داخل هذا العمل تتمحور حول شقاء الإنسان داخل المجتمع، في خلفية اجتماعية ونفسية شديدة الارتباط بظروف مجتمع يعاني من آثار الغزو، حيث التمزق النفسي والاجتماعي".

وعن أسلوب السرد، يقول الناقد إنه يقوم "على تكنيك الحكي المخاتل بين الحلم والواقع المتخيّل، كون الرواية تقوم على استعادة مخاتِلة".

المصدر : الجزيرة