انحاز لشعبه ضد نظام الأسد وعاش حياة اللجوء.. الفنان السوري جهاد عبدو باع البيتزا والزهور وتمكن من ولوج هوليود

رغم رصيده الفني المحترم في بلاده وفي الوطن العربي، اختار الفنان السوري جهاد عبدو الانحياز للشعب في مواجهة نظام بشار الأسد خلال الثورة السورية، واضطر ليعيش لاجئا في أميركا، حيث عانى قسوة اللجوء قبل أن يتمكن من ولوج عالم هوليود.

وبسبب مواقفه المعارضة للنظام، اضطر الفنان السوري أن يفر من سوريا بجواز سفر لاجئ، لكن هجرته إلى الولايات المتحدة لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت رحلة صعبة جدا عليه، إذ وجد نفسه مجرد رقم من الأرقام، ليبدأ حياته من الصفر.

ووضع تاريخه الفني الطويل وراء ظهره، وراح يبحث عن حياة أخرى في أميركا، بدأها بالبحث عن عمل من أجل توفير المال لأنه خسر كل مدخراته المالية في سوريا، فاشتغل في خدمة توصيل الزهور والبيتزا، وعمل سائقا في شركة "أوبر".

غير أن الفنان السوري استطاع أن يحقق حلمه ويلج عالم هوليود عندما جاءته الفرصة مع المخرج السينمائي الألماني فرنر هوتزوغ، الذي كان يبحث عن شخص من بلاد الشام يتكلم اللغة العربية، فمنحه الدور مع الممثلة الأميركية المعروفة نيكول كيدمان في فيلم "ملكة الصحراء".

وتوالت الفرص الأميركية على عبدو، وشارك في 3 أفلام قصيرة وصلت لسباق الأوسكار، منها فيلم مع الممثل توم هانكس وفيلم "باتجاه القبلة"، وهو فيلم مهم جدا يدور حول قصة حقيقية للاجئ سوري في الأردن تشخّص زوجته بمرض السرطان فتأخذ العائلة كلها إلى سويسرا، وبعد أن تموت الزوجة ويريد الزوج اللاجئ أن يدفنها على الطريقة الإسلامية، تبدأ معاناته مع المنظومة الأوروبية التي لا تقبل الإنسان المختلف.

واستغل الممثل السوري وجوده في الولايات المتحدة لينقل معاناة السوريين، وكتب فيلمين عن الإنسان المهاجر الذي يضطر إلى ترك بلده، وكتب قصة إنسانية عن حياته لها علاقة بسوريا وأميركا ورومانيا.

"التغريبة السورية"

ورغم ما حققه من نجاح في هوليود، بقي الفنان والممثل السوري مسكونا بوجع بلاده، حيث شدد -عندما حل ضيفا على برنامج "المقابلة"- على ضرورة إنتاج "تغريبة سورية" على شاكلة "التغريبة الفلسطينية"، من أجل نقل معاناة السوريين في المخيمات ومناطق اللجوء.

ولكن الممثل السوري -الذي درس الهندسة المدنية في رومانيا قبل تحوله إلى مجال الفن والتمثيل- أشار إلى أن غياب التمويل يقف عائقا أمام إنتاج "التغريبة السورية"، وإنتاج الأعمال الجادة التي تحكي معاناة الطفل السوري الذي يقف على الثلج حافي القدمين وثيابه ممزقة، ومع ذلك يبتسم للكاميرا عندما تقوم بتصويره.

ويلوم عبدو الشعب السوري والشعوب العربية لأنها لا تؤمن بقوة السينما، في حين أن أميركا غزت العالم بهوليود. كما أن مثقفي وصانعي القرار في العالم العربي لا يدركون أن السينما والصورة لهما تأثير أقوى من الخطب والمناظرات، وقد يتمكن فيلم من تغيير قرار دولة.

وكما يحمل وجع بلده وشعبه، يملك الفنان السوري رؤية خاصة للخروج من الأزمة الراهنة في سوريا، إذ قال إن نظام بشار وصل إلى طريق مسدود، ولكن هناك مجالا للتراجع ومنح الحريات الحقيقية للناس"، ولو توفرت الحريات سيرجع السوريون إلى بلدهم ولو بعد 20 سنة وسينهار جزء من النظام".

ويكمن الحل أيضا في الاستماع لمطالب السوريين وجعلهم يشعرون بالأمان وبحريتهم في كل شيء؛ في الاعتقاد، والتنقل، والدراسة والتفكير. وقال عبدو إن السوريين أينما ذهبوا يأخذون شرطيا صغيرا داخلهم، لأن النظام زرعه فيهم، ويجب أن يتخلوا عنه وينطلقوا حتى يصبحوا أحرارا في تفكيرهم.

المصدر : الجزيرة