"إعادة اكتشاف التراث الإسلامي الكلاسيكي" لأحمد الشمسي.. كيف ساهم المحررون وثقافة الطباعة بتحويل التراث فكريا؟

يلقي كتاب البروفيسور أحمد الشمسي المعنون بـ"إعادة اكتشاف التراث الإسلامي الكلاسيكي.. كيف ساهم المحررون وثقافة الطباعة بتحويل التراث فكريا؟" الضوء على حقبة تمتد من أوائل القرن الـ19 عندما كانت ثقافة الكتاب العربي الإسلامي لا تزال تنتقل بشكل كبير عبر المخطوطات المنسوخة يدويا، لكن واقع المخطوطات التراثية الكلاسيكية المتوفرة يعاني التهميش والنسيان وندرة مخطوطاته، كما سعيت لتسليط الضوء لمعرفة أسباب التدهور الدراماتيكي للمكتبات التراثية وأثر جامعي الكتب العربية على المشهد الثقافي في تلك الحقبة، بحسب مؤلفه

البروفيسور أحمد الشمسي: أحد أسباب تأخر وجود المطابع في العالم الإسلامي كان مرتبطا أساسا بندرة المخطوطات وكذلك تشبع سوق النشر حيث كان سوق الكتب صغيرا (الجزيرة)

لطالما كانت الطباعة عملية أساسية في تحريك عجلة النهضة والإصلاح والتطور، ففضل مطبعة غوتنبرغ على النهضة الأوروبية بازغ لا يمكن إنكاره، إلا أن السياق العربي الإسلامي شهد تأخرا في عملية تبني الطباعة كصناعة، لكن هذا التبني كان له أثر مهم على تشكيل الفكر الحديث إسلاميا.

لكن بفضل تبني المطبعة وظهور حرف جديدة مثل المصحح والمحقق وكذلك تضافر جهود محبي الكتب عربيا في زمن المطبعة تم إنقاذ النصوص التراثية الكلاسيكية المؤسسة للتراث، مثل مقدمة ابن خلدون وكتب الشافعي وغيرها، هذا الأمر شديد الأهمية هو ما درسه البروفيسور أحمد الشمسي الأستاذ المشارك في جامعة شيكاغو عبر كتابه "إعادة اكتشاف التراث الإسلامي الكلاسيكي.. كيف ساهم المحررون وثقافة الطباعة بتحويل التراث فكريا؟" (Rediscovering the Islamic Classics: How Editors and Print Culture Transformed an Intellectual Tradition) الصادر عن مطبعة جامعة برينستون العريقة سنة 2020، والذي يسعى من خلاله إلى توضيح كيف استخدم المحررون والمفكرون العرب في القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 المطبعة لإنقاذ نصوص التراث من غياهب النسيان والاندثار.

ومع هذا الحوار الذي خص به البروفيسور أحمد الشمسي الجزيرة نت.

  • كيف بدأت فكرة الكتاب؟ وكيف تطورت؟

في الحقيقة، في يوم كنت فيه مجهدا بسبب اشتغالي في مراجعة بعض المخطوطات بدار الكتب في مصر -والتي كانت موجودة في ذلك الوقت في منطقة بولاق بالقاهرة- اكتشفت عملا مهما في الفقه الإسلامي يرجع إلى ما قبل 1200 عام كتبه مصري يدعى أبو يعقوب البويطي، ورغم التعب الشديد كنت أتصفح المخطوطة على الميكروفيلم، كانت المخطوطة تعنى بمجالات رئيسية في الفقه الإسلامي شملت مناقشة منهجية حول كيفية قراءة وتفسير القرآن الكريم.

ومما كتبته في دفتر ملاحظاتي كان اسم الناسخ الذي هو عبد الرؤوف من قازان، وهي مدينة على نهر الفولغا، كما أن العام الذي نسخت فيه المخطوطة هو 1325.

كتاب "إعادة اكتشاف التراث الإسلامي الكلاسيكي" صدر عن مطبعة برينستون سنة 2020 (الجزيرة)

وهو ما يصادف الفترة المملوكية، حيث كانت مصر والشام مركز العالم الإسلامي ثقافيا، لكنني تساءلت: لماذا كتبت 1325 الإشارة إلى ما يقابلها هجريا رغم الفروق بين التقويم الهجري ونظيره الغريغوري (الميلادي)؟ إلا أني اكتشفت بعد عودتي للمخطوط مجددا أن 1325 كانت بالتقويم الهجري، وهذا يعني أن مخطوطة البويطي نسخت مؤخرا في عام 1907 ميلادي، ومن ثم فإن الذي حركني لإنجاز الكتاب هو سؤال: لماذا يتم نسخ عمل مهم مثل هذا يدويا في القرن الـ20؟ لماذا انتهى العمل المؤلَف أصلا في مصر؟ وكيف وجدت نسخته طريقها إلى القاهرة؟

عندما نفكر في النصوص التراثية الإسلامية اليوم فإننا نتجه مباشرة إلى أعمال المؤسسين، سواء كان الأمر مرتبطا بالعقيدة أو الفقه وأصوله أو الفلسفة والتشريع أو النحو أو التاريخ، مثل كتب الشافعي في الأصول، وأعمال ابن خلدون في علم الاجتماع والتاريخ، والطبري في التفسير وغيرهم الكثير، لكن هذه الأدبيات التراثية لم تكن حاضرة بنفس الشكل إلى حدود مطلع القرن الـ20، حيث كانت هذه النصوص التراثية المهمة نادرة ويصعب العثور عليها، فلم يتم نسخ معظمها فحسب، بل حتى التي نسخت لم تنسخ بالشكل الكافي، وبدلا من ذلك فإن النصوص التراثية الموجودة بوفرة كانت كتب الشروحات.

هذا الوضع الذي يجسد شح المخطوطات التراثية هو ما دفع العلماء ورجال الفكر إلى الشروع في البحث وجمع الأعمال التأسيسية الأولى التي كانت منسية إلى حد كبير مثلما فعل المحامي المصري أحمد الحسيني بك (توفي عام 1918) في المذهب الشافعي الذي التزم به، هذا ما جعله يكثف البحث عن مخطوطات كتب الشافعي ويعمل على تحقيقها وتجميعها إلى أن أخرج لنا كتاب "الأم" للشافعي الذي يعد عمدة في مجاله، وهو ما جعل الكتاب يقدم للمطابع بين عامي 1903 و1908، هذا الجهد -رغم تأخره- هو ما ساهم في تحريك عجلة البحث عند المستشرقين.

غيّر ما قام به الحسيني الطريقة التي أنظر بها إلى "النصوص التراثية التأسيسية" وأدركت أنني كنت مخطئا في افتراض أن الكتب التراثية التأسيسية كانت مطبوعة، وأن ما تم اكتشافه من مخطوطات متأخرة كانت تهدف فقط إلى تجويد كتب مطبوعة سلفا، وهو أمر لم يكن محققا، فرغم أهمية الإلمام بما قدمه الإمام الشافعي في كتابه "الأم" مثلا -التي لا غنى عنه لأي دارس للفقه الإسلامي- فإن وصف الحسيني المعرفة في عصره أوضح أنه منذ القرون المتأخرة لم يكن الشافعية  يرون ضرورة الرجوع لقراءة كتب الشافعي، وكانوا يكتفون بالشروحات، فطباعة الكتب تستوجب توفر موارد لغوية وتنظيمية ومالية مهمة، وهو ما يكلف كذلك وقتا.

وكتابي هذا يسعى لفهم هذا المشهد والإجابة عن التساؤلات عن سبب غياب المطابع، وأثر ذلك على النصوص التراثية، وكذلك كيف تم تجميع هذه المخطوطات وتحقيقها ثم طباعتها.

هدفي من الكتاب هو رسم خريطة للتحول في طباعة المخطوطات التراثية التأسيسية، وكذلك كيف تم تبني الطباعة في الشرق الأوسط، وإلقاء الضوء على قصص الأفراد الذين أحدثوا هذا التحول من خلال جمعهم المخطوطات وتنقيحها ونشرها.

  • ما هي الأطروحة التي يحملها الكتاب بين طياته؟

يروي هذا الكتاب قصص الأشخاص الذين سخروا الإمكانات متعددة الاتجاهات للطباعة لتعزيز أجنداتهم المتنوعة، ويصف كيفية طباعة الأعمال التراثية الكلاسيكية التي أعيد اكتشافها، في سياق تأكيد أهمية اللغة العربية كلغة بحث ونشر، وكذلك تأسيس المكتبات الحديثة التي ساهمت بتغيير مشهد الفكر الإسلامي في القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20.

يلقي الكتاب الضوء على حقبة تمتد من أوائل القرن الـ19 عندما كانت ثقافة الكتاب العربي الإسلامي لا تزال تنتقل بشكل كبير عبر المخطوطات المنسوخة يدويا، لكن واقع المخطوطات التراثية الكلاسيكية المتوفرة يعاني التهميش والنسيان وندرة مخطوطاته، كما سعيت إلى تسليط الضوء لمعرفة أسباب التدهور الدراماتيكي للمكتبات التراثية وأثر جامعي الكتب العربية على المشهد الثقافي في تلك الحقبة.

  • على عكس ما هو شائع بخصوص تأخر تبني المطبعة إسلاميا وربط ذلك بوجود فتاوى من علماء عثمانيين، الكتاب يرى أن السبب وراء التأخر اقتصادي واجتماعي بالأساس، كيف ذلك؟

أحد أسباب تأخر وجود المطابع في العالم الإسلامي كان مرتبطا أساسا بندرة المخطوطات، وكذلك تشبع سوق النشر، حيث كان سوق الكتب صغيرا، وبسبب هذا فإن نسخ الكتب يدويا أقل تكلفة اقتصاديا، لأن الطلب المحدود سيتطلب بيع الكتب المطبوعة بسعر أعلى للسماح للطابعة بتعويض تكلفة الإنتاج المرتفعة.

ومن أجل أن تتمكن المطابع من أن تستمر في طباعة الكتب كانت تحتاج لوجود سوق يستهلك ما يطبع، وهو أمر تعذر وجوده لأسباب عديدة، من بينها أن مركز ثقل الحضارة الإسلامية متمركز حينها عند العثمانيين والصفويين والمغول، وكلهم غير ناطقين بالعربية، كما أدى ضعف المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي إلى ضعف المعرفة الدينية المحلية، بالإضافة إلى انتشار الأمية، وهو ما أدى إلى تجفيف منابع سوق الكتب العربية والإسلامية، فبلد مثل مصر حينها كان عدد القراء فيه لا يتجاوز عشرات الآلاف من القراء، كل هذا أخر عمليا تبني المطبعة والاكتفاء بالنسخ اليدوي، لأنه يلبي احتياجات سوق الكتب المحدودة.

عندما بدأت طباعة الكتب باللغة العربية أخيرا في القرن الـ18 تم استخدام هذه التقنية في البداية من قبل غير المسلمين، ولطباعة نصوص غير إسلامية، واستمرت طباعة نصوص التراث الإسلامي يدويا في القرن الـ19، وبالتوازي مع ظهور جمهور جديد من القراء بدأت المطابع تقوم بطبع مؤلفات من الأدب الإسلامي، وكان مركز هذا التحول هو مصر.

  • دخول المطبعة لأول مرة عربيا كان بفضل وجود الاحتلال الفرنسي في حقبة نابليون، لماذا حرص الاحتلال الفرنسي على استعمال الطباعة في تلك الحقبة؟

جلبت القوات الفرنسية التي غزت مصر عام 1798 تحت قيادة نابليون أدوات تحديث الدولة، وكانت إحداها المطبعة التي وظفت بداية لأجل توجيه الدعاية باللغة العربية إلى الشعب المصري عن القوات الفرنسية، وبمجرد أن سيطر الفرنسيون على مصر بدأت الصحافة الفرنسية بنشر الصحف والمجلات الفرنسية داخل مصر، وهو ما مهد لاحقا لتأسيس الصحافة في مصر، إلا أن المستشرقين الذين عملوا في هذه الصحف -مثل جامع الكتب جان جوزيف مارسيل- رأوا في المطبعة وسيلة لإعادة تشكيل الثقافة المكتوبة باللغة العربية من خلال ضرورة طباعة مجموعة من الكتب بالعربية.

  • أشرت في الكتاب إلى فكرة مهمة وهي أن المطبعة لم تشهد وجودا في العالم العربي سوى عن طريق محمد علي الذي سعى لتوسل كل الأدوات الممكنة من أجل تدعيم أجهزة دولته البيروقراطية، كيف ذلك؟

بعد الانسحاب الفرنسي من مصر عام 1801 نجح محمد علي (الضابط الألباني في الجيش العثماني) في ترسيخ حكمه لمصر، وشرع في بناء الدولة الحديثة على النموذج الأوروبي في مصر.

ولأجل نجاح مشروعه احتاج إلى نخبة من الضباط والأطباء والمهندسين العسكريين لبناء دولته، أي تشكيل بيروقراطية قوية ومدربة في مصر، وهو الأمر الذي تطلب وجود مطابع لنشر الكتب المدرسية، ووفقا لهذا أرسل محمد علي في عام 1815 السوري نيقولا مسابيكي (توفي عام 1830) إلى إيطاليا لتعلم حرفة الطباعة، وهو ما ساهم في تأسيس أول مطبعة وهي مطبعة بولاق، لتنشر هذه المطبعة عام 1822 قاموسا إيطاليا عربيا، وفي غضون الـ20 عاما التالية نشرت هذه المطبعة ما لا يقل عن 300 كتاب.

الكتب التي كانت تطبع حينها تندرج إلى حد كبير في فئات العلوم العسكرية والطب والرياضيات وغيرها من المواضيع التقنية المماثلة، بغية تدريب بيروقراطية دولة محمد علي، وبالإضافة إلى ذلك تم إطلاق جريدة حكومية في عام 1828 تحت عنوان "الوقائع المصرية"، لم تحظَ النصوص التراثية بأولوية في النشر حينها، حيث نشرت أعمال قليلة، من بينها أجزاء مختارة من القرآن الكريم التي طبعت في عام 1833، حيث طغت في تلك الحقبة كتب والنحو وقواعد اللغة، مثل "متن الأجرومية" الذي طبع عام 1826 مع طبعة ثانية عام 1837 وغيرها من كتب النحو والقواعد.

لكن وإن كانت المطبعة لا تعنى بنصوص التراث الإسلامي المبكرة إلا أن حقبة محمد علي كرست وجود المطبعة في مصر، وهو ما سيمهد مستقبلا الطريق نحو توظيفها من أجل إحياء نصوص التراث الكلاسيكية وطباعتها.

  • تحدثت عن عملية الطباعة ودور كل من المصحح ثم المحقق لاحقا في عملية طباعة النصوص التراثية الكلاسيكية، كيف كان عمل المصحح والمحقق؟

صحيح، لعب المصححون دورا أساسيا في إنتاج النسخ المطبوعة من الكتب الإسلامية والعربية في المراحل الأولى من تاريخ الطباعة إسلاميا، فمنذ خمسينيات القرن الـ19 إلى حدود ثلاثينيات القرن الماضي كان أسماء مصححي الكتب غير معروفة كثيرا، حتى بين المتخصصين لم تظهر أسماؤهم عادة في بداية الكتب التي قاموا بتصحيحها، ولكن هناك بعض الاستثناءات على هذا الوضع مثل طبعة عام 1905 لمجموعة فتاوى ابن تيمية، والتي تورد اسم المحقق -الذي كان هو الباحث السوري محمد بدر الدين النعساني (1881-1943)- في صفحة العنوان، وأحد أسباب عدم إيراد أسمائهم أنهم لم يكتبوا عادة مقدمات للأعمال التي قاموا بتصحيحها.

أما حينما يرتبط الأمر بنسخها يدويا فالناسخ يخط اسمه وتاريخ نسخه للعمل، وأحيانا معلومات تتعلق بالمخطوطة التي استخدمها.

تذكر بيانات النسخ الخاصة بالمصححين في الأعمال المطبوعة بشكل عام اسم المصحح والمطبعة والتاريخ، كما قد تتضمن أيضا اسم الحاكم واسم رئيس المطبعة، ونثرا يثني بفضائل العمل، وشعرا مؤلفا من قبل المصحح يحتفي بإكمال تصحيحه، وعادة لا تحتوي هذه النسخ على أي معلومات عن المخطوطات المستخدمة للطباعة أو تقوم بشرح سياق العمل في المخطوطة المنسوخة.

من المهم أن نشير إلى أن المصححين في عصر الطباعة الأولى لم يكونوا علماء متخصصين، بل كانوا موظفين في قطاع الصحافة يقومون بنفس الخطوات اللازمة من أجل طباعة أي كتاب مهما اختلف تخصصه، كما كانت مهمة المصحح في المقام الأول هي التدقيق اللغوي.

  •  الكتاب سلط الضوء على أمر مهم مفاده مساهمة مجموعة من الإصلاحيين في إنقاذ نصوص التراث وتجويد المناخ النقدي من أجل كبح الأصولية، كيف ذلك؟

في الحقيقة، الذي ساهم في إحياء نصوص التراث الكلاسيكية وجود نخبة من محبي الكتب مثل عبد الحميد نافع وأحمد تيمور الذي أبدى حماسه مثلا للأدب الكلاسيكي، وكذلك امتلاكه رصيدا اجتماعيا من الوصول إلى الموارد المالية التي وظفت لإعادة اكتشاف الأعمال التراثية الكلاسيكية المفقودة.

فمع اكتساب نشر النصوص التراثية الزخم المطلوب، وفي ظل وجود تحديات مرتبطة بإعادة معالم المخطوطات التي كان تتلف تم إحداث وظيفة جديدة وهي المحرر، ومن المحررين والناشرين نجد كذلك الطاهر الجزائري ومحمد عبده باعتبارهما يؤمنان بقوة ببلاغة اللغة وأهمية الأدب الأخلاقي في مشروع التنوير.

كما شكل إصلاحيون آخرون أقل شهرة -مثل جمال الدين القاسمي ومحمود شكري الألوسي- شبكة عابرة للحدود من الأفراد ذوي التفكير الإصلاحي، بغية إنقاذ النصوص التراثية الكلاسيكية من غياهب النسيان، الأمر الذي عكس انتخابهم للأعمال وبرمجتها لنشر هدف إصلاحي متمثل في تحدي الأصولية العلمية التي تحتمي بالشروح.

إسهاماتهم جوّدت الطرح النقدي المبثوث حول النصوص التراثية، كما لا يمكن إغفال جدل علماء اللغة مثل محمد شاكر وأحمد شاكر مع قضايا التراث والاستشراق في ظل الهيمنة السياسية والاقتصادية الأوروبية.

المصدر : الجزيرة