"بيروت لم تعد تشبهنا".. مثقفو العاصمة اللبنانية وخيبات ما بعد دمار حاضنتهم الثقافية

تقفز التساؤلات عن التحولات الطارئة على دور المدينة، من حاضنة إلى طاردة، ليس لمن لجؤوا إليها فحسب، بل أيضا لمن ولدوا وصنعوا تجاربهم فيها، بعد أن كانت "الحقل" والمنبر الوحيدين لمبدعيها.

المسرحي هاشم عدنان (يمين)، والروائي حسن داوود، والرسامة ريم الجندي (الجزيرة + وكالات)

لعقود طويلة، كانت بيروت منارة العالم العربي وفضاء حرياته وإبداعه ومختبر ثقافاته، فقد جذبت إليها المفكرين والروائيين والشعراء والمسرحيين والفنانين التشكيليين وكتابا وصحافيين عربا.

وصارت بيروت بتنوعها ورحابتها رئة العالم العربي وبقعة ضوئه، وملجأ أولئك الهاربين من اضطهاد أنظمتهم وقمعها، فاكتسبت فرادتها كمدينة منتجة للرؤى والأفكار والتصورات الحداثية، لتمتد ارتداداتها الثقافية إلى خارج حدود لبنان.

لكن بيروت لم تعد كما عهدها الحالمون بها. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تشهد على تحولات دراماتيكية كبرى، مع انهيار مقومات الدولة واستباحة البلاد في صراعات إقليمية، إلى أن تسارع إيقاع الانهيار منذ خريف 2019 الذي شهد على انتفاضة شعبية خفتت بعد أشهر، ثم وقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، كضربة قاضية لمعالم المدينة وتراثها.

وهكذا، يعيش مثقفو بيروت خيبة غير معهودة عندهم، وكأن عصف الانهيار ودمار بيروت التهم ما بنوه من إنجازات وأحلام، ولسان حال البعض: "بيروت لم تعد تشبهنا".

لذا، تقفز التساؤلات عن التحولات الطارئة على دور المدينة، من حاضنة إلى طاردة، ليس لمن لجؤوا إليها فحسب، بل أيضا لمن ولدوا وصنعوا تجاربهم فيها، بعد أن كانت "الحقل" والمنبر الوحيدين لمبدعيها.

وهنا، تحاور الجزيرة نت 3 شخصيات ثقافية من حقول مختلفة، بحثا في تجاربهم الفردية الممزوجة بما هو عام، عن وتيرة تلك التحولات التي مست هوية بيروت الثقافية، فبدت الحرب الأهلية (1975-1989)، مع ما سبقها وتبعها، خطا زمنيا ناظما لكل ما عاصروه واختبروه في عاصمة لبنان.

وضيوفنا: الكاتب والروائي حسن داوود، والرسامة التشكيلية ريم الجندي، والفنان المسرحي هاشم عدنان.

داوود: بيروت غائبة في الحاضر

داخل مكتبه المنزلي، يمضي الروائي حسن داوود (71 عاما) يومياته بين كتبه. يقرأ نصوصا ويكتب أخرى، وكأنه في عزلة طوعية عن محيطه، "لأن بيروت التي أعرفها، غائبة في الحاضر، وحاضرة في الماضي".

حسن داوود يتحدث عن بيروت الغائبة في الحاضر الصعب (الجزيرة)

يقلب داوود في ذاكرته عقودا من سيرة بيروت التي اختبرها كاتبا روائيا، أصدر فيها أكثر من 14 عملا سرديا، كان آخرها رواية "نساء وفواكه وآراء". وصحفيا عمل في الصحافة الأدبية في جريدة "السفير" التي أدار ملحقها الأسبوعي، وفي "الحياة" (1988-1999)، وفي "المستقبل" التي رأس تحرير ملحقها الثقافي "نوافذ" (1999-2012).

يدرك داوود أن حيوية المؤسسات الصحافية ساهمت في إثراء بيروت ثقافيا، ومع ذلك، كان يرى نفسه روائيا أكثر من ناظم جريدة، رغم شغفه بالأخيرة. ولا يفصل الروائي إنتاجه الأدبي والصحفي عن علاقته بالمدينة، "كواحد عاش وألف ووثق المعاني المتكررة لبيروت، وتعريفاتها وأزماتها والأفكار التي تنتج منها"، وفق تعبيره.

يعيدنا حسن داوود إلى ستينيات القرن الماضي، حين "كانت بيروت لسنوات قليلة مركزا جاذبا للثقافة العربية، واكتسبت دورا استثنائيا لصلتها الوطيدة بالثقافة الغربية، بعد أن كانت القاهرة مصدر الثقافات في العالم العربي، على مستوى دور النشر والسينما والمسرح ومختلف الفنون الثقافية".

وفي خضم الحرب الأهلية، يرى داوود أن العاصمة اللبنانية بقيت ساحة ثقافية حاضنة، جذبت الكتاب والمفكرين الفلسطينيين والمصريين والسوريين والعراقيين، "إلى أن اجتاح الاحتلال الإسرائيلي بيروت عام 1982، وما تبعه من طرد للفلسطينيين من لبنان، (عندها) بدأ يتراجع حضور المثقفين العرب تدريجيا".

وتزامنا مع الاجتياح الإسرائيلي أيضا، برز الجانب الطارد للحرب الأهلية، وفق داوود، "فتراجع نشاط دور النشر، بعد أن دأبت الدول العربية، في بلاد الشام والمغرب العربي، على افتتاح دور نشرها الخاصة".

ولأن الثقافة العربية بالنسبة للغرب مرتبطة بالحدث والحرب، تبدل مشهد الاهتمام ببيروت مع اندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وسوريا وغيرها، منذ 2010، وفق داوود، و"أصبح الإنتاج الثقافي لهذه البلاد يحظى بالاحتفاء الغربي، خصوصا أن العرب تعودوا ربط إنتاج الثقافة على القواعد التي أرساها الغرب، وبقيت الثقافة اللبنانية تستمد قوتها من الاعتراف بها في الخارج، وهنا أزمة أخرى".

يفتش داوود أوراقه مستذكرا حين كان صدور الكتاب في بيروت يحظى باهتمام واسع، وعقد حلقات نقاش حوله بالأروقة الثقافية ومقاهي المدينة. لكن الثقافة تهاوت من دون التقاط تلك اللحظة المفصلية، وفقه، بعد أن "أصبح المجتمع اللبناني متعسكرا، وتحول من مجتمع متنوع إلى مجتمع مواجهة وأحزاب وطوائف".

ينتاب داوود حنين إلى "بيروت الماضي"، ثم يتذكر يوميات طفولته في مدينة عاصرت مختلف الأطوار، وقد نشأ في أحد أبنيتها المختلطة، وكان يجلس في الفرن قرب بيته "لأرى الأجانب يعبرون في أحيائنا".

هذه المشهدية، يشعر داوود بخسارتها، "غابت عنا بيروت المستقبلة، والمتنوعة، والغنية بعمرانها الجميل ومفكريها ونجومها".

وتبدو الخسائر التي تكبدتها المدينة -بحسب الروائي- ليست ابنة ساعتها، و"إنما امتداد زمني للحرب الأهلية، بعد أن انقسمت بيروت بين مسلميها ومسيحييها، واجتاحتها العصبيات السياسية والاجتماعية، وأثرت على الاقتصاد والثقافة، وصار مثلا شراء الكتب نوعا من الترف".

لكن تسارع الانهيار في العامين الأخيرين (منذ 2019) قضى على المبادرة السلوكية والاجتماعية التي سبق أن صنعت الثقافة، بحسب داوود، "بعد أن أخذ أركان الحكم بيروت مثلما أخذوا حياة الناس وأموالهم، و(باتوا) يتصرفون بها كالديكتاتوريات المتعسفين والمتسلطين".

لذا، لم يكن انفجار المرفأ مجرد علامة استثنائية بالنسبة لداوود، بل يشعر أنه وقع في سياق حقبة من الانهيار المتواصل، وجسّد واحدة من أعلى درجات التدهور.

ولعل تداعي بيروت الثقافية، بالنسبة للروائي، "ليس سقوطا لبنانيا فحسب، بل سقوطا عربيا تكثف مع ضرب تشارك الثقافات وتبادلها".

الجندي: بيروت الكوزموبوليتية صارت محلية

تعيش الرسامة التشكيلية ريم الجندي (56 عاما) داخل منزلها الكائن في بيروت، عزلات متعددة: عن كورونا، عن مشهد الدمار الذي خلفه انفجار المرفأ، وعن الشوارع والمقاهي التي لم تعد تشبه نفسها، وفقها.

ريم الجندي تطلعنا في مشغلها المنزلي على لوحة تعمل عليها (الجزيرة)

لا تخفي الجندي ابتسامة وهدوءا معهودين، "تسليما لعالم صار أكثر ميلا للعزلة"، وتشعر أن النجاة الوحيدة في بيروت هي باللجوء إلى "القوقعة"، لحماية الذات مع المقربين، "بعد أن خسرنا شعورنا بالأمان".

تأخذنا الجندي إلى عالمها الخاص (بيتها)، في الغرفة التي تقضي فيها يومياتها، وسط عشرات اللوحات، والريش والألوان. تقلب وجوها رسمتها، كمذكرات بصرية تروي الحكايات عن المدينة وناسها، ولغة عيشها الصاخبة، نهارا وليلا.

ثمة ترابط عميق بين تجربة الجندي التشكيلية وحياتها الشخصية في بيروت. تلقائيا، تسترجع طفولتها المطبوعة بذكريات سجن والدها في سوريا والعراق، ومحاولة اغتياله أيضا بعد أن جاء إلى بيروت في خمسينيات القرن الماضي، وتزوج والدتها اللبنانية، ولم تحصل على الجنسية اللبنانية إلا عند زواجها من الكاتب اللبناني يوسف بزي عام 1991، "في بلد ما زال يحرم نساءه حق منح الجنسية لأطفالهم"، وفقها.

لا مدينة للجندي في العالم سوى بيروت. حتى حين فكرت بالهجرة قبل سنوات، تراجعت لأسباب تخفي حبا قدريا لمدينتها الوحيدة.

اختبرت الجندي معاني الحرية في بيروت، رغم أنها من جيل الحرب الأهلية التي صنعت هويتها، وشغفها بالرسم التشكيلي. وهي تقسم رحلتها التشكيلية إلى 3 محطات:

الأولى، بعد تخرجها من كلية الفنون الجميلة في الجامعة الأميركية ببيروت، حين "كنت أفجر عنف الحرب الأهلية على لوحاتي، ثم أرمي بعضها وأترك أخرى، لأمارس النقد الذاتي، لأنني لم أر في الرسم علاجا، وإنما خليطا من كل شيء".

الثانية، تربطها بفترة مرضها الذي أدخلها الغيبوبة، عند بلوغها 35 عاما، وصارت ترفض أن تستجدي العواطف للنساء في لوحاتها، بل "تعبر عن حزنها بقوة، كفعل يوازن بين العقل والمشاعر".

والمحطة الثالثة، تعيدها الجندي إلى دراستها المعمقة لفن الأيقونات الشرقية (2004-2007)، والتي شكلت منعطفا جديدا في وعيها، إذ "نبشت في ذاكرتي تاريخ المنطقة بالفن التشكيلي".

أما الإيقاع الناظم لرحلتها، فهي "بيروت نفسها التي صنعتني وألهمتني"، فقد شاركت الجندي في نحو 10 معارض جماعية، وأطلقت 10 معارض فردية، من بينها معرض "أشياء بسيطة" و"طريق المطار" و"رجال" و"قيامة" و"صديقي باخوس".

وبموازاة عملها التشكيلي، كانت تسعى الجندي لاختراع حياة تشبهها بالمدينة، بدءا من رأس بيروت الذي شكل مكانها الأول للسهر والفن والتعلم ونسج العلاقات، "فكان أشبه بالخلاط الذي يجبل الناس ببعضها".

ثم توضح أن بيروت في نظرها هي "بيروتات"، وتشعر بإنكار لبيروت الراهنة، "لأنها لا تشبه أيا من تلك التي عرفتها". وحين تذهب إلى شارع الحمرا مثلا، تفتش عن أصدقاء المقاهي فلا تجدهم، و"كأن معنى المكان انتهى".

تدرك الجندي أن الحرب الأهلية لم تخمد، مقابل تبدل أدواتها، و"ما الانهيار الثقافي لبيروت إلا تراكم لأشياء كثيرة".

ورغم أن الثقافة والفن لا يموتان، وفق الجندي، صارت بيروت طاردة لمبدعيها، عربا ولبنانيين، وهي تشعر أن طلابها في معهد الفنون، يحاولون معالجة عقدة ما في لوحاتهم، أو "لنواجه معا، كأجيال متعاقبة، حقائق الخيبات والحرب والدمار".

تتهرب الجندي من البوح بمشاعرها حيال انفجار المرفأ، "لأنه مجزرة تاريخية خارج قدرتي على استيعابها، ولو بالتعبير عنها في لوحاتي".

لذا، تركز في قصص رسوماتها الأخيرة على "الوقت"، وصارت تشك بعضها بالخرز، كما تفعل السجينات اللواتي ينتظرن الخروج إلى الضوء.

وترى الجندي أن بيروت التي كانت أشبه بمدينة "كوزموبوليتانية" حاضنة للعالم، صارت مدينة "محلية" معزولة عن عالمها، و"كأننا نعيش داخل سجن كبير، مضى عليه زمن من الانكسارات والآمال وشتى التناقضات".

عدنان: بيروت حاضنة وطاردة

يعيدنا هاشم عدنان (36 عاما) -وهو ممثل ومخرج مسرحي مقيم في بيروت- إلى أيام دراسته للمسرح في الجامعة اللبنانية، حين كان يراها مدينة تتخطى القيود والحواجز الطائفية والطبقية والثقافية والسياسية التي يصطدم بها الأفراد في ضواحي المدينة وأطرافها.

هاشم عدنان ممثل ومخرج مسرحي مقيم في بيروت (الجزيرة)

يؤمن عدنان أن المسرح هو فضاء لصياغة الواقع عبر تحدي النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهيمنة.

هذا الشاب، كان عضوا في فرقة زقاق المسرحية (2007-2017)، وشارك بعدد كبير من الأعمال المسرحية، تمثيلا وإخراجا، ومن بينها "مشرح وطني" و"حكاية الرجل الذي يسكن ظله" و"يا ويلي النهاية" التي سبقت انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وبدت كاستشراف لمرحلة مقبلة برأيه، وآخر عروضه المسرحية "الثقب الأسود"، بالتعاون مع المفكرة القانونية، وكان بمثابة مرافعة مسرحية في وجه نظام الكفالة للعاملات الأجنبيات في لبنان.

ومن شارع "الحمرا" الذي كان مساهما وشاهدا على صناعة "بيروت الثقافية"، يحدثنا عدنان عن تجربته المعجونة بالتناقضات، "لأن بيروت تكون حاضنة تارة، وطاردة طورا آخر لمن يؤمن بالمسرح السياسي الذي يتناول مواضيع مرتبطة بالمجتمع وشكله وتاريخه".

لذا، سعى عدنان للمساهمة بكسر نمطية العمل المسرحي، عبر إنتاج عروض على سطوح بيروت وفي الأطراف والأحياء وداخل البيوت، "ترسيخا لقدرة المسرح على التأثير اللامحدود جغرافيا وفئويا".

اختبر عدنان في مسارح بيروت محطات من معاني الطرد والاحتضان المتواصلين، و"كان العمل المسرحي فيها نضالا متواصلا بوجه التحولات المستمرة التي تشهدها المدينة، إلى جانب تحديات الرقابة والبدل الباهظ لإيجار المسارح، وكيفية استقطاب الجمهور".

ويربط عدنان اضطراب القطاع المسرحي في بيروت بحقبة الحرب الأهلية أيضا، وكأنها موضوع المسرحيين الوحيد، وفقه، رغم الحاجة لتفكيك آثارها الممتدة زمنيا ومكانيا.

وعليه، تكمن الحاجة -برأي عدنان- في إيجاد علاقة مسرحية مع الراهن، والسؤال: ماذا يحدث بنا الآن؟

بعد حراك 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عمل عدنان مع مجموعة من المسرحيين والأدباء والسينمائيين والتشكيليين على إنشاء "تجمع العاملين والعاملات في مجال الفن والثقافة"، وهو تجربة سياسية تهدف إلى تلاقي القطاعات الفنية والثقافية لإنتاج واقع سياسي جديد من وحي الانتفاضة.

وبدأ عدنان يشعر أن فكرة العصر الذهبي لبيروت الثقافية كما الاقتصاد، كانت مرتبطة بالنظام المبني على الأوهام والهشاشة. وهكذا، "أصبحت فكرة الفنون المرافقة للأوهام، تابعة للنظام نفسه، خصوصا على مستوى التمويل الذي احتكره أركان النظام، من دون أن تحقق القطاعات الثقافية والفنية استقلاليتها".

تبدو المسارح كأمكنة مهددة في وجودها، بحسب عدنان، وهي تسعى فقط للاستمرار، كمسرح "المدينة"، و"دوار الشمس" و"استديو زقاق" و"ميترو المدينة" و"مينو".. وجميعها تعاني من غياب تام للسياسة الثقافية الوطنية، بينما السياسة القائمة تهمش المسرح، وتضعه في مرتبة ثانوية، "لأن السلطة تحاول السيطرة عليه كمكان سياسي تخشى منه، بدل اتباع أساليب ذكية تخدم المصلحة الوطنية".

يدرك عدنان أن انفجار المرفأ شكل صفعة مدوية لبيروت، ولم تنج منه القطاعات الثقافية والفنية، ماديا ومعنويا ووجوديا، فابتلع عصفه دور بيروت كمدينة حاضنة لمبدعيها، وصار حلم المئات منهم، هو "هجر المدينة، مرغمين، من دون رجعة".

وقال: "يشعر المسرحيون والمثقفون أنهم متروكون ووحيدون في مدينتهم".

وأخيرا، يشدد على ضرورة أن تتحول الثقافة والفنون إلى حالة عامة، وجزءا لا يتجزأ من الحيز العام، كي تسلك بيروت -كما كل لبنان- طريق الخلاص والنجاة. وهذا الأمر، لن يحصل، وفق عدنان، إلا باسترداد المسارح والأمكنة العامة، وتحدي كل الجهات التي تريد إقصاء الفنون ودورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية.

المصدر : الجزيرة