بالفيديو.. اكتشاف أقدم المدارس التاريخية بحرّان جنوبي تركيا

أعمال الحفر والتنقيب أظهرت وجود بقايا لمدرسة ترجع للعصر الزنكي (دولة تركية حكمت منطقة الهلال الخصيب ما بين 1127 و1250) وتمكن آثاريون أتراك من إماطة اللثام عن الكثير من بقايا جامعة حرّان، التي قد تكون أول جامعة في العالم الإسلامي.

اكتشف مجموعة من علماء الآثار الأتراك بقايا مدرسة تعود للعصر الزنكي والقرن الـ12، وذلك في أطلال مدينة "حرّان" جنوبي تركيا والتي تعد واحدة من أقدم المستوطنات في العالم.

واحتضن قضاء حران بولاية شانلي أورفة مجموعةً كبيرة من الحضارات القديمة التي ظهرت في المنطقة. ويحتوي على ما يوصف بأنها بقايا أول جامعة إسلامية، ومرصدا فلكيا أثريا، إضافة إلى المسجد الكبير الذي يرجع تاريخ بنائه للعهد الأموي، وغيرها من المعالم التي تأخذ السياح في جولة إلى الحقب التاريخية.

مستوطنة بشرية قديمة

وقال رئيس فريق الآثاريين الأتراك ورئيس قسم الآثار بجامعة حران الأستاذ الدكتور محمد أونال إن فريق التنقيب ينفذ حفريات في المنطقة منذ حوالي 8 سنوات، بتمويل من وزارة الثقافة والسياحة، وتنسيق من محافظة شانلي أورفة ومديرية متحف أورفة، وبدعم من الجمعية التاريخية التركية وجامعة وبلدية حرّان.

وذكر أونال أن حران هي واحدة من أقدم المستوطنات التي سكنها البشر في العالم، وقد ورد ذكرها كثيرًا في كتب التاريخ، إضافة إلى أن باطنها يغص بالآثار التي لم يتم الكشف عنها بعد.

يحتوي الموقع على بقايا جامعة إسلامية ومرصدا فلكيا أثريا ومسجدا كبيرا يرجع تاريخ بنائه للعهد الأموي (الأناضول)

ولفت إلى أنه خلال أعمال التنقيب هذا العام، تم اكتشاف بقايا مهمة لشارع وبوابة ضخمة ومدرسة، وأضاف أونال "حران أنجبت للحضارة الإنسانية أكثر من 300 عالم في مقدمتهم محمد بن جابر بن سنان البتاني، وثابت بن قري، وهما من الأسماء المهمة في عصرهم،. كما أنها تشتهر بقائمة من الأثريات في مقدمتها الجامع الكبير (أموي) وحمام السوق الذي يروى أن صلاح الدين الأيوبي قد استحم فيه".

وأكد أونال أن فريق الآثاريين، ومن خلال أعمال الحفر والتنقيب، تمكن من إماطة اللثام عن الكثير من بقايا جامعة حرّان، التي تعد أول جامعة في العالم الإسلامي، بحسب المؤرخ التركي.

وأوضح أن أعمال الحفر والتنقيب أظهرت وجود بقايا لمدرسة تشير البيانات إلى أنها ترجع إلى العصر الزنكي (دولة تركية حكمت منطقة الهلال الخصيب ما بين 1127 و1250).

وتابع "في السابق، عرفنا من كتب التاريخ والروايات المتواترة أن حران تحتوي على 5 مدارس. لقد أمطنا اللثام عن إحدى هذه المدارس التي ذُكرت في كتب التاريخ. لقد حددنا موقع 24 غرفة تتبع للمدرسة.. وفي الوقت الحالي، أمطنا اللثام بالكامل عن بوابة المدرسة الضخمة و5 غرف أخرى والرواق، إضافة إلى مطبخ كبير كان موجودًا بجوار الغرف الخمس".

وأضاف "اللقى الآثارية التي تم العثور عليها في هذا المطبخ تشير إلى أنه كان يقدم خدمات الطعام لعدد كبير من الأشخاص. كما احتوى المطبخ على موقد كبير، عثرنا في داخله على عظام أغنام، وهذا يدل على أن سكان المكان تركوه فجأة هائمين على وجوههم، تاركين الطعام على الموقد دون أن يؤكل، وذلك إبان الغزو المغولي للمنطقة".

وأشار أونال إلى أن تاريخ تأسيس المدرسة المكتشفة يعود للقرن الـ12، وأن فريق علماء الآثار يعمل حاليا من أجل الوصول إلى المزيد من المعلومات حول المدرسة.

"أول جامعة في العالم"

وقال قائمقام قضاء حرّان جهاد قوج إنهم لا يذخرون جهدًا من أجل الكشف عن التاريخ العريق الذي يشتهر به قضاء حرّان، ويعملون ما في وسعهم من أجل إماطة اللثام عن هذا الماضي العريق ونقله إلى المستقبل.

وذكر قوج أن حرّان اشتهرت بالعلم والعلماء، وأن تاريخ الحركة العلمية في المنطقة يعود إلى 3 آلاف عام قبل الميلاد، حيث شهد القضاء ولادة ثلة كبيرة من العلماء الذين أثروا الحضارة الإنسانية في العديد من المجالات، على رأسها الفلك والرياضيات والفلسفة واللاهوت.

وأردف أن العمل سوف يتواصل من أجل الوصول إلى جميع المدارس المذكورة في النصوص التاريخية وكتب الرحالة الذين مروا بالمنطقة التي تعد من أقدم المستوطنات التاريخية المعروفة.

منطقة حرّان العريقة اتخذها الآشوريون عاصمة لدولتهم في مرحلة من حكمهم (الأناضول)

وقال أحمد أصلان أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة حران بشانلي أورفة، للجزيرة نت في تقرير سابق، ان مدينة شانلي أورفة تقع في منطقة ديار مضر (الجزيرة الفراتية في أعالي بلاد ما بين النهرين) "حيث فتحتها جيوش المسلمين بقيادة عياض بن غانم في عهد الخليفة الأموي مروان بن محمد بدعم من أخواله القيسيين، وأصبحت لاحقا منطلقا عسكريا لفتح منطقتي الأناضول والقوقاز".

وأوضح المؤرخ أصلان أن أورفة ازدهرت في عصر الحضارة العباسية، وفي عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد تقدمت في العلوم والفن والتجارة إلى جانب بغداد ودمشق والموصل وديار بكر وماردين.

ولفت إلى أن منطقة حران التاريخية في أورفة كانت مركزا للعلوم ومدرسة للفلسفة في العصور الإسلامية، إذ تُرجمت فيها الأعمال اليونانية والسريانية إلى العربية، وما زالت العديد من المباني شاهدة على تلك الحقبة.

المصدر : الجزيرة + الأناضول