كنائس "كبادوكيا" التركية.. رحلة إلى عصور المسيحية الأولى

في القرن الأول ميلادي، تم حظر المسيحية وقمعها من قبل الرومان، وكانت كابادوكيا مهمة جدًا للمسيحيين الأوائل، فقد شكلت نقطة إلتقاء لطرق الحرير التاريخية، وتعتبر منطقة سهلة الوصول لكنها تضم الكثير من الوديان الخفية والوعرة.

تجذب الكنائس والأديرة والكنائس الصغيرة المنحوتة في الصخور بمنطقة كابادوكيا التركية (وسط) مئات الآلاف من الزوار المحليين والأجانب كل عام.

وتعد منطقة كابادوكيا، الواقعة بين ولايتي نوشهر وأقسراي، من المراكز السياحية الهامة في البلاد، بل في العالم، لما تتمتع به من مزارات سياحية ذات شهرة عالمية واسعة.

وتشتهر الأديرة والكنائس الصغيرة المنحوتة في الصخور والموجودة في كابادوكيا، بطابعها التاريخي المميز ولوحاتها الجدارية التي بقيت صامدة رغم مرور قرون من الزمن.

ويحتوي "متحف كورمه" بالهواء الطلق في كابادوكيا على العديد من المباني الدينية المدرجة في قائمة التراث الثقافي العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" (UNESCO)، وتعد كنائس "قرانلق" و"النظر" و"توقالي" و"المالي" و"القديسة باربرا" و"سانت باسيل" من بين أكثر الأماكن التي تجذب السياح.

في الكنائس والأديرة المزينة برسوم ترجع للعقود الأولى من انتشار المسيحية في الأناضول، تحافظ اللوحات الجدارية المرسومة على الجدران والسقوف، والتي ترجع لعهد الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، على ألقها وأصالتها رغم مرور قرون طويلة.

إذ تضم الكنائس الموجودة في متحف كورمه مجموعة فريدة من اللوحات الجدارية التي تجسد حكاية المسيحية، وفي مقدمتها لوحات "الولادة" و"المعمودية" و"الدخول إلى القدس".

ويعدّ متحف كورمه من بين أكثر 10 متاحف تجذب الزوار المحليين والأجانب في تركيا، كما تجذب اللوحات الجدارية -التي تعرف باسم "رحلة إلى بيت لحم" و"عبادة المنجمين الثلاثة" و"قيامة عازر" و"العشاء الأخير" و"اليسوع على الصليب" و"كرم النبي إبراهيم"- القسم الأكبر من زوار المنطقة.

وقال المرشد السياحي أوزاي أونور، لوكالة الأناضول، إن الضغوط التي مارسها الرومان دفعت المسيحيين الأوائل للسكن في الوديان الوعرة في كابادوكيا بعد عام 67 ميلادي.

وأضاف أونور أن أماكن العبادة والمؤسسات الدينية التي شيّدها المسيحيون الأوائل في تلك السنوات، تأخذ السياح اليوم في رحلة مهيبة عبر التاريخ.

وأوضح أن المسيحيين في القرن الأول الميلادي كانوا قادرين على إحياء شعائرهم الدينية من خلال التمسك بالحياة في هذه المنطقة.

وتابع "في ذلك الوقت حُظرت المسيحية وقُمعت من قبل الرومان، كانت كابادوكيا مهمة جدا بالنسبة للمسيحيين الأوائل، حيث شكلت نقطة التقاء لطرق الحرير التاريخية، فضلًا عن أنها منطقة سهلة الوصول لكنها تحتوي على الكثير من الوديان الخفية والوعرة التي توفر بدورها فرصة للاختباء".

17 كنيسة مختلفة الأحجام

وذكر أونور أن المنطقة كانت تشكل في الماضي موقعًا إستراتيجيًا لأتباع العقيدة المسيحية، فضلًا عن احتوائها على 17 كنيسة كبيرة وصغيرة، جميعها اليوم توجد داخل متحف كورمه بالهواء الطلق.

وأردف "أفضل تلك الكنائس وأهمها هي كنيسة قرانلق (الظلمة)، لقد اكتُشفت في وقت متأخر وتم مؤخرا الانتهاء من أعمال تنظيفها وترميمها، هذه الكنيسة تعكس ثقافة عميقة وتاريخا من الأصالة في كابادوكيا".

مبان تاريخية

من جهتها، قالت السائحة البنمية جيما لونا إنها زارت الكنائس التاريخية المنحوتة في الصخور، وأعجبت كثيرًا باللوحات الجدارية في منطقة كابادوكيا.

وأضافت للأناضول "هذه منطقة مهمة للغاية، أوصي الجميع بالقدوم إلى هنا، وزيارة النفائس التاريخية التي تزخر بها المنطقة المدرجة في لوائح اليونسكو".

وتابعت "زرت الكنائس الموجودة في متحف كورمه بالهواء الطلق، وشعرت بسعادة كبيرة عندما رأيت لوحات جدارية تجسّد أهم القديسين في الإيمان الكاثوليكي".

أما السائح الروماني ماريوس دالكا فأشار إلى أنه أعجب باللوحات الجدارية المنقوشة التي ترجع إلى العهود الأولى للمسيحية.

وقال "جذبتني الكنائس التي بنيت هنا في قرون مختلفة، لقد سافرت إلى مناطق سياحية في العديد من البلدان حول العالم لكني لم أرَ قط مكانًا فريدًا جدًا مثل كابادوكيا".​​​​

المصدر : وكالة الأناضول