بعد افتتاحه.. جولة للجزيرة نت داخل متحف قطر الوطني

Inauguration of National Museum of Qatar- - DOHA, QATAR - MARCH 27 : A view of the National Museum of Qatar following its the inauguration in Doha, Qatar on March 27, 2019.
تبلغ مساحة المتحف 52 ألف متر مربع وتمتد صالات العرض على مسافة نحو كيلومتر ونصف (الأناضول)

عماد مراد-الدوحة

طيلة نحو عشر سنوات ظل القطريون يترقبون افتتاح المتحف الوطني الجديد، فذكريات الطفولة التي ربطت أجيالا مع متحفهم القديم جعلتهم ينتظرون تلك اللحظة بشغف وهم يشاهدون مراحل إنشاء هذا الصرح العملاق على كورنيش الدوحة بشكله المبهر وتعبيراته الحية.

وخلال جولة للجزيرة نت بالمتحف أول أيام افتتاحه، يظهر حجم الجهد والإبداع الذي قام به المصمم الفرنسي جان نوفيل، وكذلك القاعات المتراصة التي استخدمت أحدث أساليب التكنولوجيا في التعبير عن الحقب المختلفة التي مرت بها شبه الجزيرة القطرية.

وتبلغ مساحة المتحف 52 ألف متر مربع وتمتد صالات العرض على مسافة تقدر بنحو كيلومتر ونصف الكيلومتر، وقد قسمت قاعات العرض وفقا لتسلسل زمني ابتداء بالفترة التي سبقت تحول شبه الجزيرة القطرية إلى منطقة مأهولة بالسكان وحتى الوقت الحالي.

يدلف الزائر من المدخل ويمر بسلسلة من قاعات العرض متعددة الأشكال التي يصل في نهايتها إلى قصر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني الذي تم ترميمه بعناية، وأصبح محاطا بتلك الأقراص المتشابكة التي تميز المبنى الجديد ليندمج المبنى القديم مع الجديد مشكلا بعدا تاريخيا للمكان.

وخلال الجولة في أروقة المتحف تستوقفك تلك الأفلام والوسائط المتعددة والمقتنيات الأثرية والتراثية التي تحكي قصة دولة قطر بطريقة تجعل الزائر داخل البيوت القديمة والصحراء، ومشاركا في رحلات الصيد والبحث عن اللؤلؤ، فعلى طول مسار المتحف يتم سرد القصة في أجواء سينمائية مبهرة من خلال ثمانية أفلام أنتجت خصيصا لمتحف قطر الوطني.

مقتنيات خاصة بحياة البر تظهر الصعوبات التي عاشها القطريون قديما(الجزيرة نت)
مقتنيات خاصة بحياة البر تظهر الصعوبات التي عاشها القطريون قديما(الجزيرة نت)

وتمتد هذه العروض السينمائية على تلك الجدران المنحنية بين قاعات العرض المختلفة مع تأثيرات صوتية مناسبة للعروض الموجودة، ومن بين المعروضات الدائمة للمتحف نماذج للقوارب والمباني والمواقع الأثرية والحيوانات البرية المختلفة.

نشأة قطر
قاعة العرض الأولى تركز على نشأة دولة قطر والعمليات الجيولوجية المعقدة التي نتجت عنها شبه الجزيرة القطرية، وتمثل الأحافير المعروضة للنباتات والحيوانات سبع فترات زمنية للدولة في الماضي البعيد، مع مواد فيلمية تعيد الزائر إلى لحظة ميلاد الكون، إلى أن يأتي الوقت الذي تكونت فيه شبه جزيرة قطر نفسها.

وتركز القاعة الثانية على البيئات الطبيعية في قطر وعلى الحاجة إلى الحفاظ على المواطن الطبيعية المتنوعة في البلاد، وتضم نماذج من النباتات والحيوانات الأصلية التي تظهر أشكالا متنوعة منها في قطر حاليا سواء في البر أو البحر مثل المها العربي وقط الرمال.

وتتنقل بين قاعات العرض التي صممت كمسار واحد مع بعض الممرات الصغيرة التي تأخذك من حقبة إلى أخرى، فبعد التعرف على البيئات الطبيعية تنتقل إلى أنماط الحياة البدوية قديما حيث تعرض مجموعة متنوعة من القطع الأثرية أهمها حطام "شيريبون" وهو قارب غرق منذ ألف عام قبالة الساحل الإندونيسي وكان محملا بالبضائع القادمة من الخليج العربي.

وفي قاعة الحياة في البر توحي المقتنيات الموجودة والأفلام المعروضة على الحوائط بالصعوبات الجمة التي كانت تواجه القطري قديما، وتضم صالة العرض خيمة بيت الشعر ورواق المنسوجات ومجموعة من الأشياء اليومية المرتبطة بالطهو وتحضير القهوة وتربية الصقور والملابس التقليدية.

منظر خارجي للمتحف صمم على شكل وردة الصحراء (رويترز)
منظر خارجي للمتحف صمم على شكل وردة الصحراء (رويترز)

أما الحياة على الساحل فتتركز في قاعة أخرى يجد الزائر نفسه فيها أمام مجسم لقلعة الزبارة التي كانت مركزا مهما لصيد اللؤلؤ والتجارة إبان القرنين الـ 18 والـ 19، وتضم القاعة أيضا صندوقا لأحد تجار اللؤلؤ إضافة إلى بعض النصوص الدينية المكتوبة بخط اليد والتي تتحدث عن أهمية الزبارة كمركز للتعليم.

وفي قاعة اللؤلؤ والاحتفالات ترصد نهاية رحلة اللؤلؤ والعودة إلى الشاطئ، كما يُرصد نتاج صناعة اللؤلؤ واتصال دولة قطر بالعالم، وتعد سجادة "بارودا" المصنوعة من اللؤلؤ أهم مقتنيات هذه الصالة، التي صنعت بتكليف من مهراجا ولاية "بارودا" الهندية جاكوار هاندي راو لتكون غطاء لقبر الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وتعرض قاعة تاريخ قطر الحديث الفترة من 1500 إلى 1913 من خلال الوثائق الأرشيفية والخرائط التاريخية والقطع الأثرية، مع تناول شخصيات أثرت في تاريخ البلاد كالشيخ محمد بن ثاني والشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وتتناول القاعة التالية سرد قصة السنوات الصعبة أوائل القرن العشرين عندما انهارت صناعة اللؤلؤ.

وتنتقل من أوائل القرن العشرين إلى الفترة التي نجمت عن صناعة النفط والثروة الكبيرة، وتعرض القاعة توسع الروابط التجارية لقطر والتنمية العمرانية الضخمة، مع نموذج للدوحة من الخشب الداكن يظهر التحولات الحضرية والمعمارية الجديدة في المدينة.

المصدر : الجزيرة