كيف خسرت المكسيك أكثر من نصف أراضيها لأميركا؟

Omran Abdullah - الحدود الأمريكية المكسيكية 1847، مكتبة الكونجرس - كيف أدى نزاع حول نهر إلى خسارة المكسيك لأكثر من نصف أراضيها لصالح أمريكا قبل أكثر من قرن ونصف
النزاع حول نهر نوايسيس أدى لخسارة المكسيك أكثر من نصف أراضيها لصالح أميركا قبل أكثر من قرن ونصف (مكتبة الكونغرس)

بين عامي 1846 إلى 1848 غزت الولايات المتحدة الأميركية الناشئة أراضي جارتها المكسيك، وتبع ذلك ضم أميركا لولاية تكساس عام 1845، رغم أن المكسيك لم تعترف بذلك.

بدأ كل شيء شمال نهر نوايسيس قبل أكثر من 170 عاما، عندما نشبت الحرب بين الولايات المتحدة والمكسيك واحتلت أميركا العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، وبموجب معاهدة غوادالوبي حصلت على أراضي أقاليم كاليفورنيا ونيفادا ويوتا ومعظم أريزونا ونيومكسيكو وأجزاء من كولورادو وويومينج ودفعت الولايات المتحدة مبلغا من المال لجارتها الجنوبية.

وفي المقابل، خسرت المكسيك أكثر من نصف الأراضي الشاسعة التي كانت تمتلكها قبل عام 1836، عندما أخفقت الحكومة المكسيكية في احتواء انتفاضة انفصالية في تكساس.

هكذا تصاعدت الأحداث

كان لدى المكسيك ما يقرب من أربعة ملايين كيلومتر مربع من المقاطعات والأقاليم بعد استقلالها عام 1821.

وفي بداية الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، في تلك المنطقة المحاطة جنوبا بنهر نوايسيس، لم يكن هناك سوى مكسيكي واحد من كل عشرة أشخاص، وهي حقيقة ديمغرافية شعرت بها الحكومة المكسيكية.

انتفاضة تكساس وجمهوريتها المستقلة

قدمت المكسيك تنازلات سخية للمستوطنين الأجانب في المنطقة وتزايد أعداد المهاجرين إليها، بينما تقلصت سيطرة الحكومة المكسيكية أكثر وصارت غير موجودة عمليا، وعندما بدأت الحكومة المكسيكية بالشعور بأن هذه الأراضي قد تضيع، كان الوقت قد فات تماما.

واندلعت انتفاضة في تكساس عام 1835، وأسس الانفصاليون جمهورية تكساس عام 1836 التي رفضتها المكسيك محذرة الولايات المتحدة من اندلاع الحرب إذا ضمت تكساس إليها.

ولم تكتفِ تكساس المستقلة بما جرى، فأعلنت أن حدودها ليست نهر نوايسيس، لكنهم حددوا خط 200 كلم إلى الجنوب، وكانت الولايات المتحدة تنتظر هذه اللحظة لدمج تكساس في الاتحاد الأميركي، وأرادوا من المكسيك أن تعترف طوعا باستقلال تكساس لتجنب الحرب.

لكن سرعان ما انتخب رئيس جديد للولايات المتحدة في عام 1844، وهو جيمس بوك الذي أعلن نيته ضم تكساس، وبالفعل أعلن عام 1845 أن تكساس ولاية أميركية، واكتفت المكسيك بقطع العلاقة مع جارتها الشمالية التي كانت تستعد لضم المزيد من الأراضي مدفوعة بمشاعر وطنية متزايدة، وبضعف الحكم المكسيكي في أراضيها الشمالية وقلة السكان المكسيكيين هناك الذين كانوا مستائين من الحكومة المكسيكية.

ولم تعترف المكسيك باستقلال تكساس أبدا، وبدلا من ذلك أطلق الرئيس المكسيكي أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا (1833-1847) حملة فاشلة لاستعادة الإقليم.

 لماذا انفصلت تكساس؟

احتل الإسبان المكسيك عام 1521، ولكن بعد مئتي عام بدأت حكومة الحكم الذاتي في إسبانيا الجديدة جهودها لتسوية أوضاع السكان في تلك المنطقة من إمبراطوريتها الكبيرة.

وعندما نالت المكسيك استقلالها (1821)، سمحت الحكومة الجديدة لعشرين ألف أميركي بالاستقرار في تكساس، ودخل عدد كبير من الأميركيين الأنجلوساكسونيين تكساس في عشرينيات القرن التاسع عشر لاجئين من الكساد في عام 1819.

وفي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حاول رجال الأعمال الاستفادة من توافر الأراضي الرخيصة، بحسب المؤرخ رودولفو أكونيا في كتابه "أميركا المحتلة".

وكان لديهم قوة عاملة مكونة من مئات العبيد الذين يعملون بشكل رئيسي في المنشآت الحيوانية والزراعة، مما أعطاهم ميزة إضافية بالنسبة للمكسيكيين الذين حظروا العبودية عام 1829، وهو أمر لم يكن الأميركيون مستعدين للالتزام به.

و في عام 1832، عقد مؤتمر للمستوطنين الأنجلوساكسونيين في تكساس، وحددوا هدفهم بأن يتم إعلان الإقليم دولة مستقلة، ولعدم الحصول على رد إيجابي من مكسيكو سيتي نشأت فكرة الاستقلال بالوسائل المسلحة.

اندلعت معارك بين الجيش المكسيكي بقيادة سانتا آنا وقوات تكساس الانفصالية المدعومة من الولايات المتحدة، من سبتمبر/أيلول 1835 إلى أبريل/نيسان 1836.

وكانت لحظة الانفصاليين الفارقة هي وقت أن تم أسر الرئيس المكسيكي الذي وقع -في مقابل حريته- على معاهدات فيلاسكو التي أدت لاستقلال تكساس، لكن الكونغرس المكسيكي لم يعترف بالمعاهدة ولا الاستقلال، واستمر النزاع المسلح في المنطقة الحدودية، وحسم أخيرا بالقوة العسكرية.

وعن طريق قوة تفوق بكثير قوة المكسيك، غزت الولايات المتحدة المنطقة عام 1846 ولم تنسحب حتى عام 1848، بعد أن وقعت سانتا آنا معاهدة غوادالوب هيدالغو التي كتبها الأميركيون أنفسهم.

وفي 2 فبراير/شباط 1848، كان لدى الولايات المتحدة الأميركية أكثر من مليوني كيلومتر مربع تحت سيطرتها، وتقلصت الأراضي المكسيكية بنسبة 55%.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الإسبانية