الليبي محمد الأصفر.. أقرأ كتاب الوطن عن بعد

الكاتب الليبي محمد الأصفر
محمد الأصفر: الوطن حرمني من أي سعادة ممكنة في المنفى والهواء الذي أتنفسه بأوروبا أشعر أنه مشبع بالدم والحقد (الجزيرة)

يقول الكاتب الليبي المقيم بألمانيا محمد الأصفر إنه لا يهتم بالسياسة، لكنه لا يجد فكاكا من كتاب الوطن الذي يقرؤه عن بعد، وإن كان لا يفهم ما يجري بالضبط فيه من عراك وتجاذبات سياسية وحرب ضروس.

إلى جانب صفحات الوطن الجريح، يلتفت الأصفر، وهو مؤلف 11 رواية ومجموعتين قصصيتين، 
خلال هذا الشهر إلى التراث في لبوس كثيرة وبنكهات مختلفة، من الشرق والغرب، من الحاضر القريب والماضي البعيد، من الشعر واللغة، من الفلسفة والأدب.

ويكاد الأصفر يجد تلك النكهات وقد اجتمعت في كتب الناقد المغربي عبد كيليطو الذي اختار رفقته هذا الشهر مع ما تحفل به مؤلفاته من متعة في قراءة تراثنا العربي خاصة في البعد السردي والحكائي متمثلا في "المقامات" وفي "ألف ليلة وليلة".

وفيما يلي نص الحوار مع الأصفر ضمن سلسلة حوارية خاصة برمضان عن طقوس القراءة وأجوائها في هذا الشهر الفضيل بما يرافقه من أجواء روحانية وعادات اجتماعية وثقافية.

undefined إلى أي حد تتأثر عاداتكم القرائية بحلول رمضان وطقوسه الخاصة؟ وما حجم البعدين الروحي والتراثي في ما ستقرؤونه خلال هذا الشهر؟

في شهر رمضان أقرأ القرآن الكريم، وأي كتب أخرى تتناول اللغة العربية، حتى وإن كانت مترجمة، أقرأ أيضا الشعر العربي القديم، وأقرأ كتبا لإخوان الصفا والتوحيدي والمعرّي.

يمكنك أن تقول إني أترك الزمن الحاضر والماضي القريب، وأعود بقراءاتي إلى الوراء، وإن رغبت في قراءة أعمال سردية، فأتوجه فورا ناحية الأدب الروسي، غوغول، تشيكوف، غوركي، وكذلك ديستويفسكي.

أشعر في هذه القراءات ببعض الراحة والهدوء، أشعر أنها تضيف إلي كثيرا، أشعر أنها أصول لم تتأثر بغيرها كثيرا، وحتما ستفيدني في مشروع الكتابة.

بالمناسبة في شهر رمضان لا أتفرج على التلفاز، باستثناء المباريات الرياضية المهمة، وكذلك لا أنفق أكثر من ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى البريد الإلكتروني.

undefined

 
undefined ما حجم تأثير وصدى السياسة وشؤون الساعة ببلدك وخارجه في ما تعتزمون قراءته خلال رمضان؟ 

لا أهتم بالسياسة ولا أتابعها عن كثب، رغم أني أتناول مواضيع سياسية في كتاباتي، أتأثر فقط بالمآسي التي تحدث في الوطن وخارجه، وأتعاطى معها  داخليا، أي داخل نفسي فقط. 

كنت في ليبيا وحاولت أن أقدم مساهمة ما في الجانب السياسي، من خلال العمل في أي مؤسسة ثقافية ليبية، خاصة أو عامة، قدمت طلبات لمعظمها، ولكن لم تتم الموافقة، والكل لم يقبل بي، فماذا أفعل يا ربي، وبعد أن صارت حياتي في خطر، تركت لهم الوطن وغادرت إلى المنفى.

في ألمانيا أشارك في أنشطة ثقافية فقط، وأتابع قليلا ما يحدث في وطني من عراك وتجاذبات سياسية وحرب ضروس، لكن لا أتدخل، لا أفهم الوضع بالضبط، أنا أعيش في الخارج حاليا، في كل الأحوال الوطن حرمني من أي سعادة يمكن أن أعيشها في المنفى، حتى الهواء الذي أتنفسه في أوروبا، أشعر أنه مشبع بالغبار والنار والدم والحقد. في شهر رمضان أقرأ كتبا حددت نوعيتها سابقا، وأقرأ كتاب الوطن عن بعد، متمنيا له السلام والهدوء وعودة الحياة الطبيعية لربوعه.
 
undefinedما أبرز الكتب التي ستحظى باهتمامكم خلال رمضان؟ وهل بالإمكان إعطاء فكرة مقتضبة للقارئ عن واحد من أهم تلك الكتب؟ وماذا عن حيثيات اختيار ذلك الكتاب بالتحديد؟

سأقرأ بعض كتب الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطلو منها "لسان آدم"، "العين والإبرة"، "من شرفة ابن رشد"، "الأدب والارتياب"، كتب هذا الناقد بها تحليلات إبداعية شيقة  للتراث العربي، تمنح القارئ أو الكاتب متعة ذهنية وتنشط خياله، وتقوي لغته العربية أكثر.

باختصار لن تخرج خاسرا بعد قراءة أي كتاب لكيليطلو، أضف إلى ذلك أن كل كتبه قليلة الأوراق، وكل ورقة لن تكتفي بقراءتها مرّة واحدة، بل إن بعض السطور أقرؤها عدّة مرات دون ملل.
 
undefined عموما، هل بالإمكان الحديث عن عاداتكم القرائية وحجم وطبيعة منصات القراءة (رقمية أو ورقية)؟ وهل لشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وأخواته) تأثير ما في حجم وطبيعة ما تقرؤون؟
أعيش حاليا في أوروبا، قراءاتي أغلبها عبر المنصة الرقمية، لتوفر كل الكتب بالشراء أو مجانا، ولإمكانية تكبير الخط، وإمكانية القراءة في أي مكان، في السرير، في القطار، في الحديقة.. إلخ.

من عاداتي القرائية أن أقفل أذني بسدادتي إسفنج، لا أحب سماع أي صوت أثناء القراءة، أقصد بأي صوت يتوجه نحوي ويقصدني، إنسان، أو موسيقى، وعادة أقرأ في كل جلسة خمسين صفحة، بعدها أقوم بأي حركة رياضية، ومن ثم أعود فأقرأ خمسين أخرى.

وأرى بعد القراءة نفسي من الداخل لأحس أن القراءة أضافت لي أم أخذت مني، في كلتا الحالتين أكون سعيدا، لكن إن لم أجد أن القراءة لم تأخذ مني شيئا أو تضيف لي شيئا، فأترك الكتاب ولا أواصل قراءته، لا أقول عنه إنه كتاب سيئ، ولكن أقول ذائقتي غير مناسبة له لا أكثر، فالكتب مثل الطيور، هي أيضا على أشكالها تقع.

المصدر : الجزيرة