شعار قسم مدونات

هدية إلى كل زوج

زواج
إذا كنت تريد أن تتقرب إلى خالقك العظيم فعليك أن تجعل معاملتك وأسلوبك في معاملة زوجتك ووسيلة تتقرب بها إليه (غيتي)

الأمانة صفة حميدة، اتصف بها الأنبياء، وكلمة لها مفهوم عام وخاص. وهي مسئولية كل إنسان وكل إليه عمل وحفظ، مهما كانت أهميته، وهي مسئولية أمام رب العالمين.

وكانت أحاديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حول الأمانة تعطينا الحصانة لهذه اللبنة الأساسية في المجتمع وهي الأسرة التي تنشأ مترابطة متحابة مجتمعة على تحقيق أهداف ومعان سامية تجعلها تحقق العبودية لله رب العالمين.

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته". متفق عليه

الرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته والمرأة كذلك، وأهم دعامتين للأسرة الزوج والزوجة. والأسرة سعيدة = زوج يفهم ما له وما عليه + زوجة تعرف دورها على وجه التحديد يشملهم العون الإلهي والرحمات التي تفيض من حبهما لخالق الكون وتحقق رسالة العبودية في معنى الزواج، فالزواج عبادة بكل المقاييس إذا أدى كل منهما ما طلب الشارع منهما فسوف تكون السعادة في الدنيا والآخرة. حياة طيبة في الدنيا وجزاء إلاهي في الآخرة لقوله تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ]النحل:97[.

وأنت أيها الزوج الذي يريد أن يسعد ويعيش هادئ البال نريد أن نتفق معك على مبادئ يبنى بها بيت قوي، فكل الأديان تدعو إلى الحب والتسامح والتضحيات والمثل العليا وما أعظم هذه الأخلاق وهذه المثل بين اثنين ترطبهما رباط شرعي لتحقيق هدف سامي ونبيل، قال صلى الله عليه وسلم عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله". أخرجه الترمذي

إذا كنت تريد أن تتقرب إلى خالقك العظيم فعليك أن تجعل معاملتك وأسلوبك في معاملة زوجتك ووسيلة تتقرب بها إليه (جل وعلا) وعونا على تقواه سبحانه وتعالى، وأن تعاملها كشريكة حياة فهي روح مثلك، وقلب وعاطفة وإحساس وشعور منك

وقال صلى الله عليه وسلم فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فدعوه". أخرجه الترمذي

وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع وأسمى الأمثلة في العلاقة الزوجية وكان رب أسرة عظيمة ربت أولادا صالحين يدينون لأب صالح حنون من أجل كل ما تعلموه من معاملة وتنشئة صالحة وحب ووفاء للزوجة.

عن الحسن قال: سئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان خلقه القرآن " أخرجه أحمد في مسنده

فاستمع إلى ما يدور بخاطر زوجة من وصايا تعينك على تحقيق الأمر الإلهي "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" ]النساء:19 [.

فإذا كنت تريد أن تتقرب إلى خالقك العظيم فعليك أن تجعل معاملتك وأسلوبك في معاملة زوجتك ووسيلة تتقرب بها إليه (جل وعلا) وعونا على تقواه سبحانه وتعالى، وأن تعاملها كشريكة حياة فهي روح مثلك، وقلب وعاطفة وإحساس وشعور منك، وترضى القوامة بمفهومها الصحيح من حسن قيادة وتحمل مسئولية ورعاية وعطف وليس تسلطا وقهرا.

ويجب أن تشعر بالثقة التامة منها وأنها موضع سرك. وأهمس في أذنك بكلمات نسائية وأحاديث تريدها منك لكي تصبح أنت كالعصا السحرية لقلبك الكبير لتحولها إلى كائن يهب أثمن ما يملك وهي أن تهب حياتها لتسعد من حولها. فبيدك أنت أن تصبح زوجتك أكثر عطاء وأشد صلابة وتحملا لما تنوؤ به الجبال.

كما أن مناداتها بأحب الأسماء إليها ومخاطبتها بلطف وعذوبة، وعليك أن تجعل جزءا من وقتك للجلوس معها للتسامر والتحدث والتسلية والمزاح والمداعبة مهما كانت مسئوليتك.

زوجتك أو المرأة بصفة عامة تتصف برقة المشاعر ونعومة الأحاسيس، وهي تحتاج دائمًا لكلمة طيبة ولمسة حانية وبسمة دائمة لكي تمحو بها ما تعاني من تعب وجهد بالغ في مسئولياتها في بيتها ومع أولادها، فالكلمة الطيبة صدقة وتبسمك في وجه أخيك صدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولك خير الجزاء عند الله.

ولا تنسى إبداء الإعجاب بها وامتداح جمالها وهندامها وطعامها في كل مناسبة. فالمرأة هي المرأة في كل زمان ومكان تحتاج إلى الثناء والتقدير على كل ما تقدمه مهما كان صغيرًا. ولا تنسى البشاشة المغمورة بالحب والمشاعر الفياضة عند لقائها بعد غياب. ولا تهمل اصطحابها إلى نزهة أو رحلة أو دعوتها على غداء أو عشاء.

ونذكر بالتعامل بالرفق واللين وجعل طلباتك في صورة مقترحات لا في صورة أوامر. وعليك بالالتزام بحدود اللباقة معها، فالخروج عن اللياقة ليس نوعًا من التباسط، فإن ذلك يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية. ومن الهام تجنب الاندفاع والغضب لأبسط الأمور واجعل انفعالك بالموقف مناسبًا. وأيضًا لا تنتقد زوجتك أمام الغير با استخدم التلميح إذا أمكن.

ويا حبذا أن تقدم اعتذارك إذا ما أيقنت بخطئك وليكن اعتذار بروح متفهم وليس على مضض. كما أن اهتمامك بحياتك الخاصة وأن تجعلها تشعر أنها في بؤرة اهتمامك أمر مطلوب.

ومن الضروري أن تقف بجوارها في أزماتها الصحية ومراعاة حالتها النفسية في أثناء فترة الحيث وفترة الحمل والولادة، وأن تعاملها برقة وحنان وصبر لأنها في ذلك الوقت تعاني من آلام وتغيير في هورمونات الجسم مما يعكر مزاجها وربما يصدر منها تصرفات خارجة عن إرادتها. وتصاب في هذه الفترة باعتلال في المزاج وربما شعور بالاكتئاب وعدم المرح وربما تكون هناك آلام في مواضع مختلفة من جسمها.

يحرص الإسلام على تثقيف الأزواج بكيفية ممارسة الجنس بصورة سليمة، وفي الأحادث النبوية الشريفة خير معين في هذا الجانب في طريقة إتيان المرأة وجماعها

وتذكر دائمًا أنك كلما اتقيت الله في زوجتك، نعم التقوى، سوف تتقي زوجتك الله فيك، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" ]الطلاق:1-3[، وعليك أن تفرد لزوجتك بلقاء ولو اسبوعي تتحدثان فيه عن مشاكلها الشخصية أو مع أولادها وخصوصا إذا كانت تخفي عنك بعض هذه المشاكل تخفيفا عنك فهي قلب كبير وتحمل الكثير وتعطي بلا مقابل.

وأنت بذلك تكون العصا السحرية التي تحول زوجتك إلى كائن يهب أثمن ما يملك وهي حياته ليسعد من حوله أي أنك بيدك أن تصبح زوجتك أكثر عطاء وأشد صلابة فتتحمل ما تنوي به الجبال. وتذكر أن الله سيسألك عنها، ماذا قدمتلها في عشرتك معها هل أديت؟ هل علمت؟ هل حسن من صفاتها إلى الأحسن والأجود،؟ وذلك بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة.

ويساعدك على ذلك وجود برنامج تربوي تعبدي بينكما ولو عشر دقائق يوميا من الأذكار أو صلاة الجماعة أو قيام الليل. ويجب ألا يطلع أي إنسان على علاقة الرجل الخاصة بزوجته (مهما قرب). عن عبد الرحمن بن سعد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سره"، وقال ابن نمير: «إن أعظم» أخرجه مسلم

فالزواج هو الوسيلة الوحيدة لإخراج  الطاقة الجنسية الكافية بصورة طبيعية وصحية ومشروعة. فقد يظن كثيرون أن الحياة الزوجية هي جنس محض، مما يؤدي إلى كثير من المشكلات الزوجية، ولكن إذا فهم كل من الزوجين حقيقة العلاقة الجنسية وطبيعتها ودورها في إطار الحياة الزوجية فتلك العلاقة هي أحد العوامل التي تساعد على التآلف والمودة والحب وتحقيق امتزاج المشاعر والعواطف التي يراعى فيها كل طرب ظروف الآخر، ولكن الجنس وحده لا يمكنه تحقيق كل الأهداف الزوجية التي ينشدها الزوجان، خاصة إذا تحول إلى آلية ميكانيكية بلا مشاعر أو عواطف، فقد يسهم هذا في الجفاء والفتور في العلاقة الزوجية.

ولهذا يحرص الإسلام على تثقيف الأزواج بكيفية ممارسة الجنس بصورة سليمة، وفي الأحادث النبوية الشريفة خير معين في هذا الجانب في طريقة إتيان المرأة وجماعها بحيث يبدأ بمقدمات كمال قال ربنا عز وجل: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ]البقرة: 223[.

إن الزواج ارتباط روحي وقرب قلبي وإن الزوجية لا تؤدي غايتها ولا تحقق الأغراض السامية المقصودة منها إلا إذا ترابط الزوجان وتفاهما أو احترما كل منهما حقوق صاحبه وقام بواجبه نحوه في صدق وإخلاص. فلم يشرع الله الزوجية لتكون شركة جافة لاهم لأصحابها إلا أن يحقق كل واحد منهما مصلحته الخاصة ولو حساب الآخرين. فقال صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم "أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحسَنُهم خلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم"؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ولتعلم أن أي امرأة لها مزايا ولها عيوب، وإن من التمس إمرأة كاملة من جميع النواحي، ففد التمس محالا. وهذه حقيقة من عرفها استراح وأراح.

أعلم أن لكل زوجة مفتاحا تصل منه إلى قلبها وعقلها. وعند حدوث خلاف بينكما وهذا وارد بالطبع لاختلاف ظروف الحياة وضعوط معيشية مختلفة وخصوصا في بداية الزواج لأن الصفات تختلف

ويقول تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" ]النساء:19[، ينسى بعض الأزواج هذه الحقيقة الواقعة فيركز اهتمامه بناحية الضعف في زوجته متناسيا كل المحاسن فيشقيه بذلك ويشقيها. ويظهر ذلك في تصرفاته معها ومعاملاته معها قصدا أو عفوا، فتتألم هي أيضا وتبادله كرها بكره وإيلاما بإيلام.

  • تصرف بلباقة مع المواقف التي تجمع بينها وبين أمك.
  • إكرام أهلها إذا أردت أن تكرم أهلك.
  • احرص على مساعدتها في واجباتها ما سمح وقتك بذلك ولو بالجلوس مع أطفالك الصغار وقت انشغالها.

وتذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإن تركته، لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». وفي رواية: «المرأة كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإن اسْتَمتَعْتَ بها، استمتعت وفيها عوَجٌ" متفق عليه، وإذا غضبت لتقصيرها في واجب من الواجبات فليكن غضبك لله ولتقصيرها مع خالقها. وتذكر أن الله الخالق الأعظم هو الذي يغفر الذنوب ويعفو عن السيئات. فساعدها على معالجة التقصير وكن عونًا لها لا عليها، فهي في حاجة إلى توجيهك إذا أخطأت أو أساءت، ولكن تذكر كلما كان أسلوبك رقيقًا وفهمك لآيات الله وسيرة رسوله فهمًا دقيقًا ونيتك خالصة في دعوتها إلى الخير وإبعادها عن كل ما هو شر كان عونًا على صلاحها واستقامتها.

وأذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «لاَ يَفْرَك مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَة إِنْ كَرِه مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر»، أو قال: «غَيرُه» صحيح-رواه مسلم.

ومما يساعدك في تثقيف الزوجة ونمو قلبها وعقلها وروحها دعوتك لها دائمًا لحضور أماكن يكثر فيها الخير ويقل فيها الشر وهي مجالس الذكر. ومما ينمي ذلك أيضا وجود مكتبة في المنزل عامرة بالكتب التي تمدها بما ينفعها من فنون الحياة وواجباتها كزوجة وكأم وربة منزل.

ومما يشارك في هذا الدعم تذكيرك لها بالصالة على وقتها وإتيان الفرائض عامة والسنن والسلوكيات اليومية، وكذلك التذكير بالنية والغاية والهدف.

كما يجب أن تدفعها إلى القيام بدورها في المجتمع من معاونة الجيران وزيارة الأقارب لتقوية الروابط والدعوة إلى الخير.

وأعلم أن لكل زوجة مفتاحا تصل منه إلى قلبها وعقلها. وعند حدوث خلاف بينكما وهذا وارد بالطبع لاختلاف ظروف الحياة وضعوط معيشية مختلفة وخصوصا في بداية الزواج لأن الصفات تختلف، وقد تحتاج لفترة حتى تتآلف النفوس، نريدها أن تمر دون رياح عاصفة. ويجب ألا يخرج الخلاف عنكما فلا يطلع عليه أحد ولا يكون أمام الأولاد.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في ذلك رغم همومه الكثيرة ومشاغله الكبيرة في نشر الدعوة وإقامة الدين وتأسيس الدولة وحرصه على دوام العبادة بالصيام والقيام والتلاوة والذكر. رغم كل ذلك لم يغفل حق زوجاته عليه ولم ينسه الجانب الرباني والدعوة الجانب الإنساني من تغذية العواطف والمشاعر.

وإذا احتدم النقاش فليتوضا كل منكما ولتصليا ركعتين للحاجة وتدعوان الله فيها بالسداد والتوفيق وإصلاح ذات البين. وعليك تجنب التلفظ بألفاظ تدفعها إلى الغضب وترك المنزل.

ولتتذكر قداسة العلاقة الزوجية (الميثاق الغليظ) ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا" ]النساء:٢١[.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس مع أهله وأرفقهم بزوجاته، فما رؤي متجهما في وجه إحداهن ولا غاضبا غضبا يخرجه عن سكونه ورحمته ولا سبابا ولا فحاشا ولا محتقرا لطعام، ولكن ما رضي عنه أكله وما كرهه تلطف في رده.

وفي سيرته فاستوصوا بالنساء خيرا، أي لا تتكبروا عليهن ولا تصيحوا في وجوهنن ولا تبخلوا ولا تعنفوا، ارحموا النساء فلا تكلفوهن فوق طاقتهن ولا تأمروهن بما ليس في استطاعتهن ولا تنهروهن بما ليس فيهن ولا تهملوا شأنهن ولا شأن أولادهن، وليكن فهمكم للقوامة بمفهومها الصحيح من حسن قيادة وتحمل المسئولية ورعاية وعطف وليس تسلطًا ولا قهرًا. إن النساء أمانات في أيديكم، وإن الله قد استرعاكم هذه الأمانات فصونوها وأحسنوا رعايتها يحسن الله إليكم

وقال الغزالي: "ليس من حسن الخلق مع الزوجة كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوما إلى الليل، عن ‌عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف غضبك ورضاك؟ قالت قلت: وكيف تعرف ذاك يا رسول الله؟ قال: إنك إذا كنت راضية قلت: بلى ورب محمد، وإذا كنت ساخطة قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل، لست أهاجر إلا اسمك." أخرجه البخاري

ومن هذه الآداب أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح معهن ويتحمل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق حتى رؤي أنه كان صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة في الجري، وقال عمر رضي الله عنه مع خشونته: "ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي؛ فإذا التمسوا ما عنده وجد رجلا". وفي شرح الحديث: أن الله يبغض وفي تفسير الخبر المروي "إن الله يبغض الجعظري الجواظ" قيل هو الشديد على أهله المتكبر في نفسه؛ وهو أحد ما قيل في معنى قوله تعالى "عتل" قيل العتل: هو الفظ اللسان الغليظ القلب على أهله (إحياء علوم الدين – آداب النكاح – الباب الثالث)، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في ذلك رغم همومه الكثيرة ومشاغله الكبيرة في نشر الدعوة وإقامة الدين وتأسيس الدولة وحرصه على دوام العبادة بالصيام والقيام والتلاوة والذكر. رغم كل ذلك لم يغفل حق زوجاته عليه ولم ينسه الجانب الرباني والدعوة الجانب الإنساني من تغذية العواطف والمشاعر.

يقول الإمام ابن القيم في بيان هديه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه:

  • كان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب.
  • وكان يتكئ في حجرها ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وربما كانت حائضا.
  • وكان يأمرها وهي حائض فتتزر ثم يباشرها وكان يقبلها وهو صائم.
  • وكان من لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي متكئة على منكبيه.
  • وسابقها في السير على الأقدام مرتين وتدافعا في خروجها من المنزل مرة وكان يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها.لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ولجميع الأزواج والزوجات. فدعواتي لك ولزوجك لفهم الإسلام فهما صحيحا شاملا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.