شعار قسم مدونات

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (4)

مهاتير محمد: لهذه الأسباب كرهت الإنجليز وهكذا تآمروا ضد ماليزيا
رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد (الجزيرة)
  • مهاتير محمد يعلنها: لا للعلمانية في ماليزيا

سبق إيراد عدد من الشواهد على موقف مهاتير محمد السلبي من النموذج العلماني، أما تأكيده الصريح على ذلك فقد ورد في الحوار الذي أجرته معه صحيفة الرياض (السعودية) في 29/1/2009م حين سئل: "هل ترى بأن العلمانية كفكر غربي سياسي واجتماعي هو نظام صالح للاستهلاك في العالم الإسلامي؟".

فأجاب: "لا، نحن لا نعتقد حقيقة بأن هنالك علمانية في الإسلام. لقد بدأت هذه الحركة (العلمانية) في أوروبا لأن الكنيسة قاومت الملك حيث كان الأخير يرى بأنه يجب ألا تكون للكنيسة سلطة على الحكومة ولإزاحة الكنيسة عن الطريق قالوا بأنه يجب ألا تخضع الحكومة لسطوة الكنيسة. في حالة الإسلام كل شيء نفعله في هذه الحياة لا بد أن يكون كل شيء خاضعا للدين. حياتنا كلها محكومة بديننا الإسلام، كذلك طريقة إدارتنا للدولة محكومة بالدين ولهذا لا يمكن أن نقول هذه الدولة مسلمة ولكنها علمانية. لا يوجد شيء كهذا فالدولة المسلمة تظل مسلمة ولا مجال لتطبيق المبادئ العلمانية. بالطبع الكمال لله ليست هنالك دولة إسلامية مبرأة من العيوب. لا توجد دولة إسلامية تروج لأشياء معادية للإسلام".

يؤمن مهاتير بتضمن الإسلام نظاما حياتيا شاملا للمجالات جميعها، فالإسلام كما يردد كثير من المسلمين "طريقة حياة".

ولقد بلغ الأمر بمهاتير أن يعد حتى مفهوم الديمقراطية والليبرالية في الغرب (وخص بالذكر أميركا) غير مناسب لمجتمعاتنا (خص ماليزيا بالذكر هنا)، فجوابا عن سؤال حول اتهامات له بأن بقاءه لمدة 22 عاما في السلطة قوض الديمقراطية قال: نتفق معهم في أننا لسنا ديمقراطيين ليبراليين مثل أميركا.. فالديمقراطية عندنا تعني حق الشعب في اختيار قادته وحقه في رفضهم".

إذن يؤمن مهاتير بتضمن الإسلام نظاما حياتيا شاملا للمجالات جميعها، فالإسلام كما يردد كثير من المسلمين "طريقة حياة". إنه دليل لطريقة المسلم وليس "معتقدا" فقط. وعندما يعيش المرء وفقا لما أمر به الإسلام سيلقى نعيما في الآخرة كما وعد القرآن الكريم و"طريقة الحياة" هذه تشمل كل شيء يقوم به، وليس أداء الشعائر فقط".

وفي إطار هذا الشمول للإسلام يولي مهاتير محمد مجال التعليم اهتماما خاصا، إذ يخصص في مذكراته فصلا مستقلا للتعليم، فتحت هذا العنوان يذهب محمد إلى أن الإسلام يسعى لبناء شخصية المسلم من جميع النواحي، دون أن يقتصر على تأدية الشعائر الدينية فحسب، وذلك مأخذه -في واقع الأمر- على واضعي المنهاج الدراسي، حين كان وزيرا للتربية والتعليم بعد أحداث 1969م، وتنامي الوعي الديني، ومستوى الالتزام بالشعائر الإسلامية، وأهمها صلاة الجمعة، لتصبح التربية الدينية جزءا من المقررات الدراسية على المسلمين، بعد أن لم يكن الأمر كذلك  إبان خضوع ماليزيا للاستعمار البريطاني، حيث لم تتمكن من استقلالها عنه إلا في 1957.

وفي هذا السياق يقول أيضا: "لسوء الحظ أهمل المنهاج الدراسي المعتمد تعليم طريقة الحياة الإسلامية وقيمها التي تبني الشخصية، وجرى التشديد بدرجة كبيرة بالمقابل على أداء العبادات بالشكل الصحيح. كان الإسلام يدرس كدين يشمل شعائر وواجبات ومنهيات ومستلزمات مجردة ومحظورات، لا كدين يقوم على مسؤولية إنسانية وأخلاقية بالغة الأثر، ولا كطريقة حياة".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.