شعار قسم مدونات

أصوات غزة.. إنشاء الحقائق على الأرض ضد العقل الصهيوني

السلطات المحلية في غزة ومنظمات حقوقية تطالب بلجنة تحقيق دولية مستقلة في شبهات سرقة جيش الاحتلال أعضاء من جثث الشهداء -رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
لا تزال المجازر والإبادات مستمرة يوما بعد يوم في قطاع غزة والعالم كله يتفرج (الجزيرة)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في تعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى".

حين تصبح المعاناة العامة هي المعاناة الخاصة، بحيث تندمجان معا، روحا وكيانا، وجسدا وفكرا، لتحقق حياة أمة عربية واحدة، وهي وحدة الأمة الإسلامية، حينها فقط تتخلص الشعوب من عبوديتها وتغسل عار الذل والتبعية والهوان.

سأحاول أن أنقل للقارئ بعض التصريحات الشبابية الفلسطينية الخاصة بالمشهد العربي لأحداث قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر لعام 2023، ولعل المتتبع للأحداث، يدرك يقينيا بأن الواقع أشد وأقوى من الذي يتداول بين المنصات والصفحات، ومع هذا؛ سأحاول إيصال الرسالة الحقيقية لما يشهده سكان قطاع غزة حقيقة لا مجازا.

ما أصعب أن تخرج من منزلك ثم تعود إليه، لتجده كومة من الحجارة! ما أصعب أن تفقد البيت الذي جمعك أنت وعائلتك، وقد بنيت فيه كل أحلامك، ووضعت فيه كل أهدافك وخططك!

نشر الشاب الفلسطيني "صالح الجعفراوي" الذي اشتهر عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "الإنستغرام" بيانا حول الحياة الكارثية في قطاع غزة، حيث قال: "لم أكن أعلم أن يوم 7 أكتوبر سيكون آخر يوم لي في هذا المنزل، لم أكن أعلم أنني سأخرج منه دونما عودة. لم أكن أعلم أنها ستكون آخر مرة أرى فيها أمي، وأبي، وإخوتي، آخر مرة أقبل فيها يدي أمي وأبي، آخر مرة أنظر فيها لعيني أختي الجميلتين، أفتقدهم بشدة.

أفتقد حضن أمي الدافئ، وصوت أبي الحنون، أفتقد حنان أختي ومشاغبة أخي الصغير. أفتقد كل زاوية من زوايا بيتي، أفتقد سريري، كتبي، ملابسي، أفتقد ذكرياتي مع أسرتي.

ما أصعب أن تخرج من منزلك ثم تعود إليه، لتجده كومة من الحجارة! ما أصعب أن تفقد البيت الذي جمعك أنت وعائلتك، وقد بنيت فيه كل أحلامك، ووضعت فيه كل أهدافك وخططك! ما أصعب أن تفقد كل ذلك في ثوان معدودة.

أسئلة كثيرة تختلج صدري ولا أجد إجابة لها، هل يا ترى مازال أهلي أحياء؟! هل مازال لهم أو لي وقت في هذه الدنيا لأراهم مرة أخرى؟! هل سأركض على حضن أمي وأبي بين ذراعيهما كالطفل الصغير؟! هل سأجلس مع أبي وأروي له كل ما حدث معي في هذه الحرب؟! هل يا ترى عندما تنتهي هذه الحرب وأعود لركام بيتي، هل سأحظى ولو بقطعة من ملابسي المحترقة؟! هل سأحظى بتلك اللعبة التي احتفظت بها منذ أن كنت صغيرا؟! هل سأجد أي شيء من ذكريات بيتي لأحتفظ بها؟!

يا ليت باستطاعة أحدهم أن يجيبني عن كل هذه الأسئلة، أو حتى على واحد منها.

أمي، وأبي، وإخوتي، أتمنى أن تكونوا أحياء، أتمنى أن أراكم مرة أخرى، أتمنى أن أقبلكم جميعا، منزلي الجميل، تشرفت بالسكن فيك كل تلك السنين، وعهدا عليّ سوف أعيدك مرة أخرى وأعود إليك مرات ومرات، ولن أتركك!".

الشاب "سامي طباق" راح يردد عبر حسابه الرسمي على إنستغرام: هناك العالم، وهنا غزة. رقعة تحمل ثقل ما لم تحمله كرة أرضية برمتها، ومليونين يعانون ما لم تعانيه بشرية بأسرها.

أما الصحفية الفلسطينية "دعاء محمد"، فقد نشرت عبر موقعها الرسمي على منصة "إنستغرام" رسالتها الأخيرة، فقالت: "رسالتي الأخيرة:

نلفظ أنفاسنا الأخيرة، جميعنا شهداء، لكن على قائمة الانتظار، ننتظر مسك الختام؛ لن نسامح كل من خذلنا، وشاهدنا نُقتل ونشرد وننزح ونجوع، ونفقد أعز أحبابنا وعائلتنا وأطفالنا، أمام أعيننا ونحن لا نستطيع أن نفعل أي شيء سوى البكاء؛ فقدنا شغفنا وأملنا بالنجاة، لن نسامح كل من كان بإمكانه مد يد العون لنا وتخلى عنا، خوفا من جبروت الاحتلال، وسلام الله على شهداء غزة ومدينتي الجميلة حتى اللقاء".

ومن ناحية أخرى، ارتقى الشهيد الفلسطيني "محمد معين عياش" لجوار ربه، وترك آخر رسالة منه يقول فيها: "هنا غزة، لسنا بخير، لا تصدقونا، لكننا بالرغم عن قلوبنا اعتدنا كل شيء، اعتدنا التخاذل، اعتدنا رائحة الموت، ووجع الأمهات والوداعات الأخيرة، ودموع صغارنا، وخوف كبارنا، نرش الورد في جنازات أفلاذنا، ونملأ السماء بالزغاريد، هي غزة العنقاء في زمن الهزائم والانكسارات. تحيا غزة مقاومة، عنيدة، حرة".

أما الشاب "سامي طباق" راح يردد عبر حسابه الرسمي على إنستغرام: "هناك العالم، وهنا غزة. رقعة تحمل ثقل ما لم تحمله كرة أرضية برمتها، ومليونين يعانون ما لم تعانيه بشرية بأسرها. هناك العالم، وهنا غزة. وهذه ما يسمونها بالمعايير المزدوجة".

في حين ردد الفلسطيني "أحمد سنونو" تغريدة مفادها: "إن لم يكتب لنا أن نستمر بالعيش، فاحفظوا فعلنا وأسماءنا وصورنا، واكتبوا على قبورنا بخط آزر: هنا يرقد من أحبوا الحياة، وما استطاعوا إليها سبيلا".

لا تزال المجازر والإبادات مستمرة يوما بعد يوم في قطاع غزة، والعالم كله يتفرج، والأمة العربية تسير في دهاليز مظلمة، تتخبط تخبط الممسوس الذي لا حول له ولا قوة، وتتوالى المأساة الإنسانية التي تدمي القلب، ويبقى المسلسل مستمرا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.